حماس بين رام الله وطهران!
ساري عرابي
ختم حازم الأمين مقالته المنشورة في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠١٤، تحت عنوان: "حماس مجدداً إلى طهران... بدلاً من رام الله"، بقوله: "لكن المؤكد أن الثمن الذي ستدفعه الجماعة الفلسطينية نتيجة إقامتها في طهران سيكون أكبر مما لو استخدمت الهزائم الاخوانية فرصةً للتوجه إلى رام الله بدل طهران."، وهذا القول الذي يقترح على "الجماعة الإخوانية الفلسطينية" هزيمة بثمن أقل مما لو توجهت إلى طهران، يتماهى مع الجهد الدولي والإقليمي المبذول لإخضاع حماس وتجريدها من سلاحها وإدخالها حظيرة التسوية.
بيد أنه لا معنى في الحقيقة لجعل طهران في مقابل رام الله، لا سياسيًا ولا جغرافيًا، وإن كان الكاتب بالتأكيد يقصد المعنى السياسي، أي يقصد استكمال تكريس وصاية التوجه السياسي الذي يقود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، على القضية الفلسطينية وقواها المعارضة لهذا التوجه، وإلا فإن أي معارضة لهذا التوجه، ستفسر على أنها "تلبية الحاجة الاسرائيلية الى غياب الشريك" كما يصف الأمين وظيفة قطاع غزة! متجاهلاً أن قيادة حركة فتح ومنذ توقيع اتفاق أوسلو قبل أكثر من عشرين عامًا وحتى العام ٢٠٠٦، لم يزاحمها أحد في قيادة الحركة الوطنية، وبالتالي لم يتوفر للاحتلال ما يصدّق ادعاءه عن غياب الشريك، بل إن حماس كانت في موقع الحركة المحظورة من طرف السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها وحتى انتفاضة الأقصى، ثم تجددت سياسة السلطة هذه ضد حماس في الضفة من بعد ما عرف بالانقسام الفلسطيني، وهي طبعًا كانت ولا تزال محظورة لدى العدو.
فالمشكلة لم تكن أبدًا في غياب الشريك الفلسطيني، أو في وجود طرف فلسطيني معطّل، أو في وجود أداة فلسطينية تستغلها إيران تفاوضيًا، وإنما كانت المشكلة دائمًا وأبدًا عند الاحتلال الذي تنازلت له قيادة خيار التسوية بما يفوق قدرة الضمير الفلسطيني على الاحتمال، مستفردة بالقرار الفلسطيني لعقود طويلة! ولكن ثمة من يريدنا أن نتجرد من كل عناصر قوتنا، والتي منها المقاومة في غزة، هكذا، وليس لأي سبب واضح! فحكاية "تلبية الحاجة الإسرائيلية إلى غياب الشريك" حكاية ساقطة تاريخيًا وموضوعيًا، ومازوخية وهي تدعونا إلى ترك أصل المشكلة، والذي هو الاحتلال، والتفرغ لجلد أنفسنا على ذنب لم نقترفه!
هل التوجه إلى رام الله، أو المصالحة معها، يعني بالضرورة تخليًا عن المقاومة وتخلصًا من سلاحها؟! على الأقل، الأمر كذلك بالنسبة لقيادة السلطة في رام الله، التي اشترطت لإتمام المصالحة؛ توحيد السلاح الفلسطيني في سلاح السلطة الرسمي، ما يعني في النهاية القضاء على بنى المقاومة، والتي اعتبرها مرسوم رسمي، من بعد الانقسام "ميليشيات محظورة" دون أن يستثني منها تشكيلاً واحدًا، وإذا جرى إتمام المصالحة على أساس من هذا الشرط، فإن شعبنا بالتأكيد سيكون قد خسر واحدًا من أهم عناصر قوته، مجانًا، بلا أي ثمن يدفعه العدو في المقابل!
لكن هنا؛ لا بد من التنويه على حقيقة أساسية في هذا النقاش كله، وهي وفضلاً عن كون رام الله من مواطن حماس الأصيلة، كما غزة ورفح وخانيوس، فيها تأسست ونشأت ومارست النضال وقدمت التضحيات، فإن قيادة حركة فتح ليست بأولى من حماس برام الله سياسيًا، فحماس التي حسمت مقاعد دائرة رام الله لصالحها في آخر انتخابات تشريعية، كانت نتائجها في رام الله أحسن منها في غزة، وهو الأمر الذي يوجب أخذه بعين الاعتبار، بما يؤكد أن لا وصاية لقيادة خيار التسوية على الشعب الفلسطيني، وأنها ليست الأصل الثابت الذي على حماس وغيرها أن يؤول إليه، ولكن توازن القوى الشعبي بين الفصيلين الأساسيين، ووصول خيار التسوية إلى نهايات مأساوية، ووجود شركاء عرب للكيان الصهيوني يقر بشراكتهم وتحالفهم معه ولا يعطيهم شيئًا في المقابل لصالح الفلسطينيين، يفرض على كل معني بالموضوع الفلسطيني أن يراعي هذه الحقائق بعيدًا عن الاعتساف، ومتحررًا من أهوائه وانطباعاته الجاهزة.
فلا يمكن أن توضع طهران في مقابل رام الله، ولا حتى في سياق تفسير الظرف الحالي الذي تعيشه حماس، مع تشديد الحصار على قطاع غزة، وعرقلة إعماره من بعد الحرب الأخيرة، وانتفاش الثورة المضادة "أو نكبة الإخوان المسلمين وهزائمهم بحسب الأمين"، خاصة وأن حماس، وقبل استئناف العلاقات مع طهران، قد وقّعت اتفاق الشاطئ مع سلطة رام الله والذي تنازلت بموجبه لسلطة رام الله عن حقوقها التي اكتسبتها بفوزها في آخر انتخابات تشريعية، ولم تعد سلطة حاكمة في قطاع غزة، وبقي تنفيذ هذا الاتفاق مرهونًا بإرادة السلطة في رام الله.
ولا شك أن حماس، وهي تعيد علاقاتها مع طهران تعلم يقينًا أنها "ليست من صلب المادة التي تؤلف نواة الحلم الامبراطوري"، لكنها فوق ذلك، وبخلاف ما يتصور الأمين، تعلم أنها ليست ذراعًا مستعارة، وأن إيران لم تكن يومًا حضنها الأول، كما أن العلاقة بإيران لن تتحول إلى أداة ضبط لقطاع غزة بحكم موقع إيران التفاوضي مع الولايات المتحدة، وأن هذه العلاقة لن تزيد سلطة رام الله وهنًا، لأن وهن هذه السلطة ذاتي ويزداد مع استمرارها في خياراتها السياسية الخاطئة، وأما تحفظ حماس على الحديث عن مصادر تمويلها فلا علاقة له باللغة الرائجة لدى الجماعات التابعة للمحور الإيراني، وإنما هي ضرورات المقاومة البدهية الناجمة عن الصراع مع الاحتلال.
لقد تأسست حماس بإرادة ذاتية مستقلة خارج مشروع الثورة الإيرانية، ولم تقف في أي يوم في موضع الدعاية للمشروع الإيراني، كما هو حال حزب الله أو بعض الفصائل الفلسطينية، وقد تأسست علاقاتها مع إيران في فترة متأخرة عن كل الفصائل الفلسطينية، وهي والحال كذلك، قد سعت إلى تجذير علاقاتها داخل الأوساط الشعبية العربية والإسلامية، كما سعت إلى بناء علاقات إيجابية مع جميع الدول العربية بما فيها دول الصلح مع الكيان الصهيوني، أو دول الخليج "المعتدلة"، أو الدول ذات التاريخ العدائي مع الإخوان المسلمين، بل وامتنعت عن التشهير بالدول العربية التي تناصبها العداء وتضيق عليها وتستهدف كوادرها وعناصرها.
وذلك كله على قاعدة عدم التدخل في شؤون الدول العربية، وحشد الأمة على قضية فلسطين الجامعة، والاستفادة من أي هامش متاح لصالح مشروع المقاومة والتحرير، وضرورة تحييد الخصوم قدر الإمكان، وأن موقع حماس داخل الأمة يتمثل في مواجهتها لعدو الأمة المشترك، وأن تناقضها الرئيسي مع العدو الصهيوني، وفي هذا السياق فقط جاءت علاقة حماس بإيران، وفي هذا السياق تجري استعادة هذه العلاقة، وإن كان للظرف الراهن بالتأكيد دوره الكبير في الدفع نحو استعادة هذه العلاقة.
وبالضرورة فإن حركة تبني سياساتها على هذه القواعد، فإنها ستجد نفسها في نقطة تتعرض للضغط من اتجاهات التناقض المتعددة في الإقليم، وهذا الضغط الحاضر دائمًا قد يصل إلى مرحلة تعجز فيها حماس عن احتوائه ومعالجته بأخف الأضرار ودون ارتكاب الكثير من الأخطاء، خاصة وأن القواعد التي تبني عليها حماس سياساتها لا تملك قوة ذاتية كافية لمواجهة كل التحولات الممكنة، كما وأن حماس وإن كانت عنصرًا فاعلاً مهمًا في الإقليم من خلال مقاومته داخل فلسطين، فإنها عنصر فاعل من بين عناصر أخرى أقوى وأكبر وأكثر فاعلية وقدرة ونفوذًا، وإن موازين القوى لن تتيح لحماس دائمًا الإعلان عن مواقفها بما يلبي أماني كل أصحاب القضايا العادلة، أو بما يلبي أماني كل محبيها وكل من يعتقد أن له سهمًا فيها، فهي أولاً وأخيرًا حركة مقاومة لا تستند إلى محاور راسخة وحلفاء دائمين بقدر ما تستند إلى مقارباتها المحكومة بإرادة الحفاظ على مهمتها الجهادية داخل فلسطين، وأداء هذه المهمة على أحسن وجه ممكن، في إطار وعيها بموازين القوى والظروف المحيطة.
ساري عرابي
ختم حازم الأمين مقالته المنشورة في صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ ٢١ كانون أول/ديسمبر ٢٠١٤، تحت عنوان: "حماس مجدداً إلى طهران... بدلاً من رام الله"، بقوله: "لكن المؤكد أن الثمن الذي ستدفعه الجماعة الفلسطينية نتيجة إقامتها في طهران سيكون أكبر مما لو استخدمت الهزائم الاخوانية فرصةً للتوجه إلى رام الله بدل طهران."، وهذا القول الذي يقترح على "الجماعة الإخوانية الفلسطينية" هزيمة بثمن أقل مما لو توجهت إلى طهران، يتماهى مع الجهد الدولي والإقليمي المبذول لإخضاع حماس وتجريدها من سلاحها وإدخالها حظيرة التسوية.
بيد أنه لا معنى في الحقيقة لجعل طهران في مقابل رام الله، لا سياسيًا ولا جغرافيًا، وإن كان الكاتب بالتأكيد يقصد المعنى السياسي، أي يقصد استكمال تكريس وصاية التوجه السياسي الذي يقود السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، على القضية الفلسطينية وقواها المعارضة لهذا التوجه، وإلا فإن أي معارضة لهذا التوجه، ستفسر على أنها "تلبية الحاجة الاسرائيلية الى غياب الشريك" كما يصف الأمين وظيفة قطاع غزة! متجاهلاً أن قيادة حركة فتح ومنذ توقيع اتفاق أوسلو قبل أكثر من عشرين عامًا وحتى العام ٢٠٠٦، لم يزاحمها أحد في قيادة الحركة الوطنية، وبالتالي لم يتوفر للاحتلال ما يصدّق ادعاءه عن غياب الشريك، بل إن حماس كانت في موقع الحركة المحظورة من طرف السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها وحتى انتفاضة الأقصى، ثم تجددت سياسة السلطة هذه ضد حماس في الضفة من بعد ما عرف بالانقسام الفلسطيني، وهي طبعًا كانت ولا تزال محظورة لدى العدو.
فالمشكلة لم تكن أبدًا في غياب الشريك الفلسطيني، أو في وجود طرف فلسطيني معطّل، أو في وجود أداة فلسطينية تستغلها إيران تفاوضيًا، وإنما كانت المشكلة دائمًا وأبدًا عند الاحتلال الذي تنازلت له قيادة خيار التسوية بما يفوق قدرة الضمير الفلسطيني على الاحتمال، مستفردة بالقرار الفلسطيني لعقود طويلة! ولكن ثمة من يريدنا أن نتجرد من كل عناصر قوتنا، والتي منها المقاومة في غزة، هكذا، وليس لأي سبب واضح! فحكاية "تلبية الحاجة الإسرائيلية إلى غياب الشريك" حكاية ساقطة تاريخيًا وموضوعيًا، ومازوخية وهي تدعونا إلى ترك أصل المشكلة، والذي هو الاحتلال، والتفرغ لجلد أنفسنا على ذنب لم نقترفه!
هل التوجه إلى رام الله، أو المصالحة معها، يعني بالضرورة تخليًا عن المقاومة وتخلصًا من سلاحها؟! على الأقل، الأمر كذلك بالنسبة لقيادة السلطة في رام الله، التي اشترطت لإتمام المصالحة؛ توحيد السلاح الفلسطيني في سلاح السلطة الرسمي، ما يعني في النهاية القضاء على بنى المقاومة، والتي اعتبرها مرسوم رسمي، من بعد الانقسام "ميليشيات محظورة" دون أن يستثني منها تشكيلاً واحدًا، وإذا جرى إتمام المصالحة على أساس من هذا الشرط، فإن شعبنا بالتأكيد سيكون قد خسر واحدًا من أهم عناصر قوته، مجانًا، بلا أي ثمن يدفعه العدو في المقابل!
لكن هنا؛ لا بد من التنويه على حقيقة أساسية في هذا النقاش كله، وهي وفضلاً عن كون رام الله من مواطن حماس الأصيلة، كما غزة ورفح وخانيوس، فيها تأسست ونشأت ومارست النضال وقدمت التضحيات، فإن قيادة حركة فتح ليست بأولى من حماس برام الله سياسيًا، فحماس التي حسمت مقاعد دائرة رام الله لصالحها في آخر انتخابات تشريعية، كانت نتائجها في رام الله أحسن منها في غزة، وهو الأمر الذي يوجب أخذه بعين الاعتبار، بما يؤكد أن لا وصاية لقيادة خيار التسوية على الشعب الفلسطيني، وأنها ليست الأصل الثابت الذي على حماس وغيرها أن يؤول إليه، ولكن توازن القوى الشعبي بين الفصيلين الأساسيين، ووصول خيار التسوية إلى نهايات مأساوية، ووجود شركاء عرب للكيان الصهيوني يقر بشراكتهم وتحالفهم معه ولا يعطيهم شيئًا في المقابل لصالح الفلسطينيين، يفرض على كل معني بالموضوع الفلسطيني أن يراعي هذه الحقائق بعيدًا عن الاعتساف، ومتحررًا من أهوائه وانطباعاته الجاهزة.
فلا يمكن أن توضع طهران في مقابل رام الله، ولا حتى في سياق تفسير الظرف الحالي الذي تعيشه حماس، مع تشديد الحصار على قطاع غزة، وعرقلة إعماره من بعد الحرب الأخيرة، وانتفاش الثورة المضادة "أو نكبة الإخوان المسلمين وهزائمهم بحسب الأمين"، خاصة وأن حماس، وقبل استئناف العلاقات مع طهران، قد وقّعت اتفاق الشاطئ مع سلطة رام الله والذي تنازلت بموجبه لسلطة رام الله عن حقوقها التي اكتسبتها بفوزها في آخر انتخابات تشريعية، ولم تعد سلطة حاكمة في قطاع غزة، وبقي تنفيذ هذا الاتفاق مرهونًا بإرادة السلطة في رام الله.
ولا شك أن حماس، وهي تعيد علاقاتها مع طهران تعلم يقينًا أنها "ليست من صلب المادة التي تؤلف نواة الحلم الامبراطوري"، لكنها فوق ذلك، وبخلاف ما يتصور الأمين، تعلم أنها ليست ذراعًا مستعارة، وأن إيران لم تكن يومًا حضنها الأول، كما أن العلاقة بإيران لن تتحول إلى أداة ضبط لقطاع غزة بحكم موقع إيران التفاوضي مع الولايات المتحدة، وأن هذه العلاقة لن تزيد سلطة رام الله وهنًا، لأن وهن هذه السلطة ذاتي ويزداد مع استمرارها في خياراتها السياسية الخاطئة، وأما تحفظ حماس على الحديث عن مصادر تمويلها فلا علاقة له باللغة الرائجة لدى الجماعات التابعة للمحور الإيراني، وإنما هي ضرورات المقاومة البدهية الناجمة عن الصراع مع الاحتلال.
لقد تأسست حماس بإرادة ذاتية مستقلة خارج مشروع الثورة الإيرانية، ولم تقف في أي يوم في موضع الدعاية للمشروع الإيراني، كما هو حال حزب الله أو بعض الفصائل الفلسطينية، وقد تأسست علاقاتها مع إيران في فترة متأخرة عن كل الفصائل الفلسطينية، وهي والحال كذلك، قد سعت إلى تجذير علاقاتها داخل الأوساط الشعبية العربية والإسلامية، كما سعت إلى بناء علاقات إيجابية مع جميع الدول العربية بما فيها دول الصلح مع الكيان الصهيوني، أو دول الخليج "المعتدلة"، أو الدول ذات التاريخ العدائي مع الإخوان المسلمين، بل وامتنعت عن التشهير بالدول العربية التي تناصبها العداء وتضيق عليها وتستهدف كوادرها وعناصرها.
وذلك كله على قاعدة عدم التدخل في شؤون الدول العربية، وحشد الأمة على قضية فلسطين الجامعة، والاستفادة من أي هامش متاح لصالح مشروع المقاومة والتحرير، وضرورة تحييد الخصوم قدر الإمكان، وأن موقع حماس داخل الأمة يتمثل في مواجهتها لعدو الأمة المشترك، وأن تناقضها الرئيسي مع العدو الصهيوني، وفي هذا السياق فقط جاءت علاقة حماس بإيران، وفي هذا السياق تجري استعادة هذه العلاقة، وإن كان للظرف الراهن بالتأكيد دوره الكبير في الدفع نحو استعادة هذه العلاقة.
وبالضرورة فإن حركة تبني سياساتها على هذه القواعد، فإنها ستجد نفسها في نقطة تتعرض للضغط من اتجاهات التناقض المتعددة في الإقليم، وهذا الضغط الحاضر دائمًا قد يصل إلى مرحلة تعجز فيها حماس عن احتوائه ومعالجته بأخف الأضرار ودون ارتكاب الكثير من الأخطاء، خاصة وأن القواعد التي تبني عليها حماس سياساتها لا تملك قوة ذاتية كافية لمواجهة كل التحولات الممكنة، كما وأن حماس وإن كانت عنصرًا فاعلاً مهمًا في الإقليم من خلال مقاومته داخل فلسطين، فإنها عنصر فاعل من بين عناصر أخرى أقوى وأكبر وأكثر فاعلية وقدرة ونفوذًا، وإن موازين القوى لن تتيح لحماس دائمًا الإعلان عن مواقفها بما يلبي أماني كل أصحاب القضايا العادلة، أو بما يلبي أماني كل محبيها وكل من يعتقد أن له سهمًا فيها، فهي أولاً وأخيرًا حركة مقاومة لا تستند إلى محاور راسخة وحلفاء دائمين بقدر ما تستند إلى مقارباتها المحكومة بإرادة الحفاظ على مهمتها الجهادية داخل فلسطين، وأداء هذه المهمة على أحسن وجه ممكن، في إطار وعيها بموازين القوى والظروف المحيطة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية