حماس ما بعد الحرب على غزة
طه يونس
صحيح أن الحرب على غزة قد وضعت أوزارها، بعد أن هدأ هدير المدافع، وأزيز الطائرات، وتوقفت حمم القنابل والصواريخ، إلا أن مرحلة ما بعد الحرب لا تقل أهمية عن الحرب ذاتها.
فالمقاومة الفلسطينية اليوم وعلى رأسها حماس، تنتظر موسم قطف الثمار، بالتزامن مع الميلاد الجديد للحركة في كانون الأول/ديسمبر المقبل، والذي لا يمكن فصله بطبيعة الحال عن التحديات القادمة.
ولا يخفى على أحد بأن جهات عديدة كانت تعول على كسر شوكة حماس وإرادتها من خلال العدوان الأخير على القطاع، إلا أن آمال هذه الجهات باتت تتراجع يوما بعد يوم مع مفاجآت رجال المقاومة في الميدان، حتى دفنت أحلامها بعد أن خرجت قيادة حماس من الحرب تُكمل مسيرة العسكر في السياسة.
لكن حماس تواجه اليوم، استحقاقات كبيرة وملفات ضخمة، تزيد من مسؤولياتها، وتجعلها دائماً تحت الأنظار، ولعل أبرز هذه الملفات:
ترتيب البيت الداخلي
لقد قطعت حماس رأس الفتنة، وأعادت اللحمة إلى الشارع الفلسطيني من خلال الضغط على الزناد باتجاه صدر المحتل، فالرصاص في غزة استطاع أن يعزف سيمفونية وطنية متجانسة اتفق عليها مختلف الفرقاء ولو لفترة زمنية معينة.
وبحسب مصدر قيادي رفيع في حماس فإن ملف المصالحة الوطنية لا يزال يتصدر أولويات الحركة للمرحلة المقبلة، بالإضافة إلى إعادة إعمار غزة واحتضان شعبها، وخوض الانتخابات، وتعزيز مبدأ الديمقراطية في الساحة الفلسطينية.
وهنا يقول المصدر "إن الحركة لن تقبل بإهمال واستثناء الشريحة الأوسع في الشعب الفلسطيني تحت حجج واهية بأن العالم يريد أو لا يريد ذلك".
تتويج الانتصار
لم تخرج حركة حماس من العدوان الأخير على القطاع فارغة اليدين، فقد تمكن رجال القسام أسر عدد من الجنود الصهاينة، وهنا تفرض حماس قواعد جديدة للعبة.
القواعد التي فرضتها حماس تقول بأن أي معلومة عن أي أسير في قبضتها تحتاج من نتنياهو ورفاقه أن يدفعوا الثمن مسبقاً من خلال خلخلة مفاتيح زنازينهم أمام أسرانا الأبطال. ولا تزال حماس تحتفظ بسرية المعلومات حول الأسرى الذين وقعوا بحوزة رجال القسام، وهو ما يجعل المفاوض الاسرائيلي حائراً أمام سياسة اللعب على المعنويات تلك، وصلابة الموقف الفلسطيني.
ويرى مراقبون بأن زهو الانتصار سيتوج بصفقة أخرى لتبادل الأسرى، بعد أن أحسنت حماس إدارة هذا الملف في تجربة شاليط، وهو ما قد يمكنها هذه المرة من وضع خنجرها في خاصرة الكنيست الاسرائيلي وقوانينه، بعد أن صوّت على عدم السماح بخروج الأسرى الفلسطينيين ضمن أي صفقة مع المقاومة.
وتبقى قضية المعابر والمطار والميناء رهن المفاوضات غير المباشرة، والتي لا تلبث قيادات حماس أن تلوح مراراً بإعادة إطلاق الصواريخ إذا ما فشلت المساعي السلمية لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.
تعزيز المقاومة
لقد التحم الشعب بمقاومته خلال العدوان، حتى أصبح الشعب كله يضع صور القسام التي لم تعد تقتصر رمزيتها على مؤيدي حركة حماس، وبالتالي فإن حماس فرضت نفسها كقيادة مسؤولة عن كافة الفلسطينيين.
ولهذا فإن الفرصة سانحة اليوم أمامها لقيادة مشروع التحرر الوطني من خلال طرح مشروعها المقاوم، كبديل أساس عن استراتيجيات التنازل والخنوع التي أفضت إليها منظمة التحرير. والمقاومة ستكون في المرحلة القادمة للجميع، فهي الخيار الاستراتيجي الذي أثبت جدواه "كي يكون الفلسطيني ندا للاحتلال عليه دوما أن يقاوم".
وفي سياق مواز فإن الأطر القيادية في حماس تقول إن تطوير سلاح المقاومة لا يزال على رأس أولويات الحركة للمرحلة المقبلة، وحماس متجهة نحو تعزيز النهج المقاوم والإعداد المكثف للمواجهة القادمة.
ويكشف المصدر القيادي بأن الحركة بصدد تشكيل استراتيجية لتعزيز المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية على قاعدة المقاومة بكافة أشكالها الشعبية والمسلحة، والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية الممنهجة ضد مدينة القدس والمقدسيين.
وأخيراً فإن المقاومة مثل الحصبة تُعدي وتنتشر، وهذا ما حصل عندما التقى الفلسطينيون جميعاً خلف خيار حماس في مواجهة العدوان وتحقيق الانتصار، وكما كان يقول أهل فلسطين القدامى "إن الحصبة عندما تصيب الطفل يعني أنه بدأ العيش".
تلك السنة الحمساوية القادمة، لن تكون سهلة على كافة الصعد، ولن تتنفس الحركة الصعداء قبل أن تضع النقاط على الحروف، وتجبر الاحتلال على وقف اعتداءاته على الفلسطينيين أينما وجدوا.
طه يونس
صحيح أن الحرب على غزة قد وضعت أوزارها، بعد أن هدأ هدير المدافع، وأزيز الطائرات، وتوقفت حمم القنابل والصواريخ، إلا أن مرحلة ما بعد الحرب لا تقل أهمية عن الحرب ذاتها.
فالمقاومة الفلسطينية اليوم وعلى رأسها حماس، تنتظر موسم قطف الثمار، بالتزامن مع الميلاد الجديد للحركة في كانون الأول/ديسمبر المقبل، والذي لا يمكن فصله بطبيعة الحال عن التحديات القادمة.
ولا يخفى على أحد بأن جهات عديدة كانت تعول على كسر شوكة حماس وإرادتها من خلال العدوان الأخير على القطاع، إلا أن آمال هذه الجهات باتت تتراجع يوما بعد يوم مع مفاجآت رجال المقاومة في الميدان، حتى دفنت أحلامها بعد أن خرجت قيادة حماس من الحرب تُكمل مسيرة العسكر في السياسة.
لكن حماس تواجه اليوم، استحقاقات كبيرة وملفات ضخمة، تزيد من مسؤولياتها، وتجعلها دائماً تحت الأنظار، ولعل أبرز هذه الملفات:
ترتيب البيت الداخلي
لقد قطعت حماس رأس الفتنة، وأعادت اللحمة إلى الشارع الفلسطيني من خلال الضغط على الزناد باتجاه صدر المحتل، فالرصاص في غزة استطاع أن يعزف سيمفونية وطنية متجانسة اتفق عليها مختلف الفرقاء ولو لفترة زمنية معينة.
وبحسب مصدر قيادي رفيع في حماس فإن ملف المصالحة الوطنية لا يزال يتصدر أولويات الحركة للمرحلة المقبلة، بالإضافة إلى إعادة إعمار غزة واحتضان شعبها، وخوض الانتخابات، وتعزيز مبدأ الديمقراطية في الساحة الفلسطينية.
وهنا يقول المصدر "إن الحركة لن تقبل بإهمال واستثناء الشريحة الأوسع في الشعب الفلسطيني تحت حجج واهية بأن العالم يريد أو لا يريد ذلك".
تتويج الانتصار
لم تخرج حركة حماس من العدوان الأخير على القطاع فارغة اليدين، فقد تمكن رجال القسام أسر عدد من الجنود الصهاينة، وهنا تفرض حماس قواعد جديدة للعبة.
القواعد التي فرضتها حماس تقول بأن أي معلومة عن أي أسير في قبضتها تحتاج من نتنياهو ورفاقه أن يدفعوا الثمن مسبقاً من خلال خلخلة مفاتيح زنازينهم أمام أسرانا الأبطال. ولا تزال حماس تحتفظ بسرية المعلومات حول الأسرى الذين وقعوا بحوزة رجال القسام، وهو ما يجعل المفاوض الاسرائيلي حائراً أمام سياسة اللعب على المعنويات تلك، وصلابة الموقف الفلسطيني.
ويرى مراقبون بأن زهو الانتصار سيتوج بصفقة أخرى لتبادل الأسرى، بعد أن أحسنت حماس إدارة هذا الملف في تجربة شاليط، وهو ما قد يمكنها هذه المرة من وضع خنجرها في خاصرة الكنيست الاسرائيلي وقوانينه، بعد أن صوّت على عدم السماح بخروج الأسرى الفلسطينيين ضمن أي صفقة مع المقاومة.
وتبقى قضية المعابر والمطار والميناء رهن المفاوضات غير المباشرة، والتي لا تلبث قيادات حماس أن تلوح مراراً بإعادة إطلاق الصواريخ إذا ما فشلت المساعي السلمية لتحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.
تعزيز المقاومة
لقد التحم الشعب بمقاومته خلال العدوان، حتى أصبح الشعب كله يضع صور القسام التي لم تعد تقتصر رمزيتها على مؤيدي حركة حماس، وبالتالي فإن حماس فرضت نفسها كقيادة مسؤولة عن كافة الفلسطينيين.
ولهذا فإن الفرصة سانحة اليوم أمامها لقيادة مشروع التحرر الوطني من خلال طرح مشروعها المقاوم، كبديل أساس عن استراتيجيات التنازل والخنوع التي أفضت إليها منظمة التحرير. والمقاومة ستكون في المرحلة القادمة للجميع، فهي الخيار الاستراتيجي الذي أثبت جدواه "كي يكون الفلسطيني ندا للاحتلال عليه دوما أن يقاوم".
وفي سياق مواز فإن الأطر القيادية في حماس تقول إن تطوير سلاح المقاومة لا يزال على رأس أولويات الحركة للمرحلة المقبلة، وحماس متجهة نحو تعزيز النهج المقاوم والإعداد المكثف للمواجهة القادمة.
ويكشف المصدر القيادي بأن الحركة بصدد تشكيل استراتيجية لتعزيز المواجهة مع الاحتلال في الضفة الغربية على قاعدة المقاومة بكافة أشكالها الشعبية والمسلحة، والتصدي للاعتداءات الاسرائيلية الممنهجة ضد مدينة القدس والمقدسيين.
وأخيراً فإن المقاومة مثل الحصبة تُعدي وتنتشر، وهذا ما حصل عندما التقى الفلسطينيون جميعاً خلف خيار حماس في مواجهة العدوان وتحقيق الانتصار، وكما كان يقول أهل فلسطين القدامى "إن الحصبة عندما تصيب الطفل يعني أنه بدأ العيش".
تلك السنة الحمساوية القادمة، لن تكون سهلة على كافة الصعد، ولن تتنفس الحركة الصعداء قبل أن تضع النقاط على الحروف، وتجبر الاحتلال على وقف اعتداءاته على الفلسطينيين أينما وجدوا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية