حماس(26)...بين تعقيدات الواقع وارتباكات الإقليم
سري سمّور
في العام الماضي وفي مثل هذه الأيام كتبت سلسلة مقالات بعنوان «ربع قرن على تأسيس حماس...ماذا بعد؟!» وقبل بضعة شهور كتبت «مأزق حماس وحدها أم مأزق فلسطيني عام؟» وما بين هذا المقال والمقالين من وقت أحداث كثيرة ومتغيرات متسارعة، وهكذا هي الدنيا، وخاصة الشأن السياسي؛ حيث حركة مستمرة وتغيرات متلاحقة، ومن الوهم الظن بدوام الحال...في مادتي المذكورة في ذكرى حماس (25) أسهبت في الحديث عن أحداث ماضية وتتبع مسيرة حماس وتسليط الضوء على محطات تاريخية مهمة أو مفصلية في مسيرتها منذ البدايات الأولى.
الآن وبعد سنة مثقلة بالأحداث، لن أسهب في الاستعراض التاريخي حتى القصير منه، ولقد رأيت في مقال د.أحمد يوسف قبل أيام ما يكفي وزيادة، فسأكون مباشرا وصريحا –بعون الله تعالى- و أعلم أن الناس تمل وتضجر من الإطالة، ولعل مقدمتي هذه تعتبر طويلة، في زمن التغريدات القصيرة، ولكن الموضوع لا يعالج بتغريدة أو منشور فيسبوكي قصير، فأخذت بأوسط الحلول.
وطبعا أحتاج إلى تكرار مقولتي الثابتة أن شأن حماس وفتح يخص الكل الفلسطيني، من هو معهما ومن هو ضدهما، لأن حالهما ينعكس على حالتنا وقضيتنا، فالقضية الفلسطينية لها جناحان تطير بهما هما فتح وحماس، بغض النظر عن التحفظات على كل منهما.
(1)الحكم والفساد واجتراح الحلول
واقع معقد تحياه حماس، وهي فيزيائيا تحكم قطاع غزة منفردة منذ سنوات، ولا تشرك معها في الحكم حتى من هم من نتاجها أو حلفائها أو المتماهين معها(حركة الأحرار مثال صارخ)، ومؤخرا طرحت حماس الشراكة، ولكن الأمر تأخر وجاء في ظروف صعبة ففسر على أنه ضعف، ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، ويجب الخروج من ثنائية بديل حماس هو فتح أو العكس في كل شأن حتى لو كنا نتحدث عن ناد رياضي أو مؤسسة خدماتية أو شركة كهرباء...هذا أمر بات يسبب الضجر، لا سيما وأن عجلة المصالحة متوقفة وبات الشارع يائسا من حدوث انفراج في هذه المصالحة التي طال الحديث عنها بلا نتيجة، وعادت المناكفات الإعلامية وكأن الأزمة في بدايتها!!...وبصراحة يمكن لحماس أن تنتهج نهج حزب الله في الحكم، وألا تبقى في الصورة بطريقة تسبب العناء لنحو مليوني مواطن في قطاع غزة، وإذا كانت حماس تكرر أنها في السلطة لحماية المقاومة، فلتقم بإيجاد صيغة تطبق بها هذا الطرح؛ لأن الناس تحملوا الحصار والتضييق حينما كان شاليط في قبضة المقاومة، وهذا طبيعي ففي سبيل حرية الأسرى فليسقط الشهداء، وليصبر الناس على الحصار؛ أما الآن فإن معاناة الناس بسبب موقف حماس السياسي، وليس مطلوبا منها أن تغيره، ولا أن تسلم رقبتها وترمي سلاحها، ولكن لتتعلم من حزب الله، وطبعا أنوه أن تقليد أو محاكاة حزب الله في هذا الشأن لا تعني موافقته وتقليده في شؤون أخرى معلومة.
ولم نسمع بأن حماس تعاملت مع أي ملف فساد في إدارتها، ولا يمكن الركون إلى نفي حماس المتكرر وجود فساد؛ فالمال يغير النفوس، وحتى في خير القرون كان هناك حالات فساد، فكيف في القرن الخامس عشر الهجري؟ ***اذا تترك حماس نفسها نهبا لأحاديث الإنترنت والوشوشات التي بالتأكيد لا تخلو من مبالغات وقصص تشبه أفلام جيمس بوند، وتكون صريحة وتعلن عن كشفها لملفات فساد ومحاسبة المتجاوزين، سواء أكانوا من الإداريين أو رجال الأمن؟ الجواب برأيي أن حماس ما زالت تتصرف بعقلية التنظيم التي تتعاطى مع هذه الأمور بالسرية والتكتم، وقد يكون العقاب شديدا وقاسيا، ولكن لم يشهده الناس، لأن حماس تخشى أن يستغل من خصومها السياسيين ويوظف ضدها، وهذا خطأ؛ ففي قضايا التنظيم لتتبع حماس ما تشاء من أساليب الحساب والعقاب، ولكن يجب أن يرى الناس ضابط الأمن المسيء يعاقب، أو من اختلس مالا من مؤسسة تعنى بشؤون الناس يشهر به ويحاسب...فهل سنرى مثل هذا خلال العام القادم؟!
(2)محيط عربي مرتبك ومتقلب
أحسنت حماس حينما خرجت من سورية على مستوى القيادة، ومن يعيب عليها ذلك فهو مخطئ أو مغرض؛ فلو بقيت القيادة هناك لتعرضت للتصفيات الجسدية، وتبادل الاتهامات بين النظام والمعارضة بالمسئولية...وعلى كل حال فإن دور سورية الإقليمي لم يعد كما كان، والأزمة السورية قد تطول لسنوات، وأصبحت ذات طابع دولي وإقليمي...ولكن بعض إعلاميي وقادة حماس يخطئون حينما يتحدثون عن الأزمة السورية، وكان خطأ رفع علم الثورة السورية على منصة الاحتفالات في العام الماضي، ليس حبا في نظام يبيد شعبه، ولكن من باب التأكيد على أن البوصلة نحو القدس، والنأي بالنفس ولو حتى بالمظهر عن الصراعات الأخرى في المنطقة.
أما إيران *** يتبين بعد تفصيلات اتفاقها مع الدول الكبرى وانعكاساته على الملف الفلسطيني وعلى حماس، وثمة ارتباك في طبيعة العلاقة بين طهران وحماس، ما بين تصريحات عن عودة العلاقة والدعم، وبين ما يتسرب عن رفض إيراني بسبب موقف حماس من سورية، وهذا أمر لن يطول كثيرا، ولكن يجب اتباع الصراحة والشفافية، أو الصمت والتكتم.
أما مصر فإن دورها الإقليمي متوقف حتى إشعار آخر، وأزمتها قد تستمر شهورا أو بضع سنين، ولكن ليس من المعقول أن يستمر إغلاق معبر رفح مثلا حتى تحل أزمة مصر الداخلية، وما يرافق الحالة العدائية من هجوم عدة وسائل إعلام مصرية على حماس، وإن كان هذا الهجوم يدفع في كثير من جوانبه إلى الضحك، فهو يؤكد أن مصر غير المستقرة تسعى إلى مضايقة حماس، ليس فقط لأنها إخوان مسلمين، بل لحسابات إقليمية ودولية...ولنتخيل مشهد اندلاع حرب جديدة على قطاع غزة في هذا الظرف، فقد رأينا قبل خمس سنوات مشهد أحمد أبو الغيط المقزز مع تسيبي لفني، ومع ذلك فإن مبارك لم يغلق الأنفاق ولم يوقف- عبر المخابرات- الاتصالات السياسية؛ وعليه لا تطمعي يا حماس بأي حال بحالة التعاطف لدرجة وصول رئيس وزراء مصر السابق هشام قنديل إلى غزة إبان حرب حجارة السجيل، ولا حتى بحالة أحمد أبو الغيط المقززة، فالمأزق صعب، وتجنب الحرب أو تأجيلها أصعب، وهو المحور الختامي لمقالي.
(3)لا مفر من حرب جديدة!
لم يتنبه العالم كله وعلى رأسه الإسلامي والعربي إلى حالة الشعب الفلسطيني قبل انتفاضة الحجارة التي نعيش أيضا ذكراها، وكذلك الحال قبل انتفاضة الأقصى، وبعد الحربين علىى قطاع غزة أصبح القطاع أيقونة ورمزا يتمسح به حتى من يخالف حماس أيديولوجيا، وباتت غزة محجا وقبلة لكثير من شعوب الأرض، فيما يتعلق بالصمود والتضحية والمقاومة...إلخ.
إن اتفاق التهدئة ينص على وقف الأعمال العدائية، أوليس الحصار والتضييق عملا عدائيا؟ وما الحجة الآن وشاليط قد أغلق ملفه؟وحديث الجيش الإسرائيلي عن تدريبات لاجتياح واسع لقطاع غزة يجب أن ينبه حماس ألا تتصرف مثل تصرف صدام حسين الذي ترك 33 دولة تجتمع وتحشد وتبادره بالقصف والتدمير، بل إن الرأي هو رأي نابليون:خير وسيلة للدفاع الهجوم، وقبله قول علي-كرم الله وجهه- في خطبته المشهورة:ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا!!
وإذا كان شعار حماس في ذكراها الـ(26) هو:اليوم نغزوهم ولا يغزونا، فليكن الشعار فعلا لا تصميما فنيا فوتوغرافيا وخطبا تنطلق من الحناجر وحسب...فهذه معركة قادمة لا محالة وتأجيلها لا يصب البتة في صالح حماس ولا الجهاد ولا أي فصيل مقاوم، حتى لو كانت الحجة الاستعداد والتأهب...ومن يخرق التهدئة هو الاحتلال بحصاره واعتداءاته.
أما النظام الدولي المجرم المنافق، والنظام العربي الرسمي المدموغ بدمغة«يسارعون فيهم!!» فسيسرع إلى التوسل والمداهنة مع المقاومة حينما يرى القصف يطال تل أبيب، ومناطق أخرى، ومعلوم أن الثمن سيكون أرواحا وشهداء وتدمير، ولكن هذا التدمير يجري اليوم مجانا عبر الحصار بلا ألم في الطرف المقابل، فلتكتب المعادلة بطريقة جديدة...عندها فقط ستستطيع المقاومة أن تطلب رفع الحصار تماما ومعها أوراق ضغط قوية، وستطهر بعض التكلسات التي سببها الوضع الراهن على جسدها...إما هذا وإما انتظار سيطول كثيرا لتغيرات إقليمية في مصر أو سورية ورهانات على واقع محكوم بمكر دولي كبير، وقد كان الفلسطيني دوما هو كاتب الصفحات الأبرز في تاريخ المنطقة الحديث، فليعد كذلك عبر تفجيره الحرب المضطر لها!
سري سمّور
في العام الماضي وفي مثل هذه الأيام كتبت سلسلة مقالات بعنوان «ربع قرن على تأسيس حماس...ماذا بعد؟!» وقبل بضعة شهور كتبت «مأزق حماس وحدها أم مأزق فلسطيني عام؟» وما بين هذا المقال والمقالين من وقت أحداث كثيرة ومتغيرات متسارعة، وهكذا هي الدنيا، وخاصة الشأن السياسي؛ حيث حركة مستمرة وتغيرات متلاحقة، ومن الوهم الظن بدوام الحال...في مادتي المذكورة في ذكرى حماس (25) أسهبت في الحديث عن أحداث ماضية وتتبع مسيرة حماس وتسليط الضوء على محطات تاريخية مهمة أو مفصلية في مسيرتها منذ البدايات الأولى.
الآن وبعد سنة مثقلة بالأحداث، لن أسهب في الاستعراض التاريخي حتى القصير منه، ولقد رأيت في مقال د.أحمد يوسف قبل أيام ما يكفي وزيادة، فسأكون مباشرا وصريحا –بعون الله تعالى- و أعلم أن الناس تمل وتضجر من الإطالة، ولعل مقدمتي هذه تعتبر طويلة، في زمن التغريدات القصيرة، ولكن الموضوع لا يعالج بتغريدة أو منشور فيسبوكي قصير، فأخذت بأوسط الحلول.
وطبعا أحتاج إلى تكرار مقولتي الثابتة أن شأن حماس وفتح يخص الكل الفلسطيني، من هو معهما ومن هو ضدهما، لأن حالهما ينعكس على حالتنا وقضيتنا، فالقضية الفلسطينية لها جناحان تطير بهما هما فتح وحماس، بغض النظر عن التحفظات على كل منهما.
(1)الحكم والفساد واجتراح الحلول
واقع معقد تحياه حماس، وهي فيزيائيا تحكم قطاع غزة منفردة منذ سنوات، ولا تشرك معها في الحكم حتى من هم من نتاجها أو حلفائها أو المتماهين معها(حركة الأحرار مثال صارخ)، ومؤخرا طرحت حماس الشراكة، ولكن الأمر تأخر وجاء في ظروف صعبة ففسر على أنه ضعف، ولكن أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، ويجب الخروج من ثنائية بديل حماس هو فتح أو العكس في كل شأن حتى لو كنا نتحدث عن ناد رياضي أو مؤسسة خدماتية أو شركة كهرباء...هذا أمر بات يسبب الضجر، لا سيما وأن عجلة المصالحة متوقفة وبات الشارع يائسا من حدوث انفراج في هذه المصالحة التي طال الحديث عنها بلا نتيجة، وعادت المناكفات الإعلامية وكأن الأزمة في بدايتها!!...وبصراحة يمكن لحماس أن تنتهج نهج حزب الله في الحكم، وألا تبقى في الصورة بطريقة تسبب العناء لنحو مليوني مواطن في قطاع غزة، وإذا كانت حماس تكرر أنها في السلطة لحماية المقاومة، فلتقم بإيجاد صيغة تطبق بها هذا الطرح؛ لأن الناس تحملوا الحصار والتضييق حينما كان شاليط في قبضة المقاومة، وهذا طبيعي ففي سبيل حرية الأسرى فليسقط الشهداء، وليصبر الناس على الحصار؛ أما الآن فإن معاناة الناس بسبب موقف حماس السياسي، وليس مطلوبا منها أن تغيره، ولا أن تسلم رقبتها وترمي سلاحها، ولكن لتتعلم من حزب الله، وطبعا أنوه أن تقليد أو محاكاة حزب الله في هذا الشأن لا تعني موافقته وتقليده في شؤون أخرى معلومة.
ولم نسمع بأن حماس تعاملت مع أي ملف فساد في إدارتها، ولا يمكن الركون إلى نفي حماس المتكرر وجود فساد؛ فالمال يغير النفوس، وحتى في خير القرون كان هناك حالات فساد، فكيف في القرن الخامس عشر الهجري؟ ***اذا تترك حماس نفسها نهبا لأحاديث الإنترنت والوشوشات التي بالتأكيد لا تخلو من مبالغات وقصص تشبه أفلام جيمس بوند، وتكون صريحة وتعلن عن كشفها لملفات فساد ومحاسبة المتجاوزين، سواء أكانوا من الإداريين أو رجال الأمن؟ الجواب برأيي أن حماس ما زالت تتصرف بعقلية التنظيم التي تتعاطى مع هذه الأمور بالسرية والتكتم، وقد يكون العقاب شديدا وقاسيا، ولكن لم يشهده الناس، لأن حماس تخشى أن يستغل من خصومها السياسيين ويوظف ضدها، وهذا خطأ؛ ففي قضايا التنظيم لتتبع حماس ما تشاء من أساليب الحساب والعقاب، ولكن يجب أن يرى الناس ضابط الأمن المسيء يعاقب، أو من اختلس مالا من مؤسسة تعنى بشؤون الناس يشهر به ويحاسب...فهل سنرى مثل هذا خلال العام القادم؟!
(2)محيط عربي مرتبك ومتقلب
أحسنت حماس حينما خرجت من سورية على مستوى القيادة، ومن يعيب عليها ذلك فهو مخطئ أو مغرض؛ فلو بقيت القيادة هناك لتعرضت للتصفيات الجسدية، وتبادل الاتهامات بين النظام والمعارضة بالمسئولية...وعلى كل حال فإن دور سورية الإقليمي لم يعد كما كان، والأزمة السورية قد تطول لسنوات، وأصبحت ذات طابع دولي وإقليمي...ولكن بعض إعلاميي وقادة حماس يخطئون حينما يتحدثون عن الأزمة السورية، وكان خطأ رفع علم الثورة السورية على منصة الاحتفالات في العام الماضي، ليس حبا في نظام يبيد شعبه، ولكن من باب التأكيد على أن البوصلة نحو القدس، والنأي بالنفس ولو حتى بالمظهر عن الصراعات الأخرى في المنطقة.
أما إيران *** يتبين بعد تفصيلات اتفاقها مع الدول الكبرى وانعكاساته على الملف الفلسطيني وعلى حماس، وثمة ارتباك في طبيعة العلاقة بين طهران وحماس، ما بين تصريحات عن عودة العلاقة والدعم، وبين ما يتسرب عن رفض إيراني بسبب موقف حماس من سورية، وهذا أمر لن يطول كثيرا، ولكن يجب اتباع الصراحة والشفافية، أو الصمت والتكتم.
أما مصر فإن دورها الإقليمي متوقف حتى إشعار آخر، وأزمتها قد تستمر شهورا أو بضع سنين، ولكن ليس من المعقول أن يستمر إغلاق معبر رفح مثلا حتى تحل أزمة مصر الداخلية، وما يرافق الحالة العدائية من هجوم عدة وسائل إعلام مصرية على حماس، وإن كان هذا الهجوم يدفع في كثير من جوانبه إلى الضحك، فهو يؤكد أن مصر غير المستقرة تسعى إلى مضايقة حماس، ليس فقط لأنها إخوان مسلمين، بل لحسابات إقليمية ودولية...ولنتخيل مشهد اندلاع حرب جديدة على قطاع غزة في هذا الظرف، فقد رأينا قبل خمس سنوات مشهد أحمد أبو الغيط المقزز مع تسيبي لفني، ومع ذلك فإن مبارك لم يغلق الأنفاق ولم يوقف- عبر المخابرات- الاتصالات السياسية؛ وعليه لا تطمعي يا حماس بأي حال بحالة التعاطف لدرجة وصول رئيس وزراء مصر السابق هشام قنديل إلى غزة إبان حرب حجارة السجيل، ولا حتى بحالة أحمد أبو الغيط المقززة، فالمأزق صعب، وتجنب الحرب أو تأجيلها أصعب، وهو المحور الختامي لمقالي.
(3)لا مفر من حرب جديدة!
لم يتنبه العالم كله وعلى رأسه الإسلامي والعربي إلى حالة الشعب الفلسطيني قبل انتفاضة الحجارة التي نعيش أيضا ذكراها، وكذلك الحال قبل انتفاضة الأقصى، وبعد الحربين علىى قطاع غزة أصبح القطاع أيقونة ورمزا يتمسح به حتى من يخالف حماس أيديولوجيا، وباتت غزة محجا وقبلة لكثير من شعوب الأرض، فيما يتعلق بالصمود والتضحية والمقاومة...إلخ.
إن اتفاق التهدئة ينص على وقف الأعمال العدائية، أوليس الحصار والتضييق عملا عدائيا؟ وما الحجة الآن وشاليط قد أغلق ملفه؟وحديث الجيش الإسرائيلي عن تدريبات لاجتياح واسع لقطاع غزة يجب أن ينبه حماس ألا تتصرف مثل تصرف صدام حسين الذي ترك 33 دولة تجتمع وتحشد وتبادره بالقصف والتدمير، بل إن الرأي هو رأي نابليون:خير وسيلة للدفاع الهجوم، وقبله قول علي-كرم الله وجهه- في خطبته المشهورة:ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا!!
وإذا كان شعار حماس في ذكراها الـ(26) هو:اليوم نغزوهم ولا يغزونا، فليكن الشعار فعلا لا تصميما فنيا فوتوغرافيا وخطبا تنطلق من الحناجر وحسب...فهذه معركة قادمة لا محالة وتأجيلها لا يصب البتة في صالح حماس ولا الجهاد ولا أي فصيل مقاوم، حتى لو كانت الحجة الاستعداد والتأهب...ومن يخرق التهدئة هو الاحتلال بحصاره واعتداءاته.
أما النظام الدولي المجرم المنافق، والنظام العربي الرسمي المدموغ بدمغة«يسارعون فيهم!!» فسيسرع إلى التوسل والمداهنة مع المقاومة حينما يرى القصف يطال تل أبيب، ومناطق أخرى، ومعلوم أن الثمن سيكون أرواحا وشهداء وتدمير، ولكن هذا التدمير يجري اليوم مجانا عبر الحصار بلا ألم في الطرف المقابل، فلتكتب المعادلة بطريقة جديدة...عندها فقط ستستطيع المقاومة أن تطلب رفع الحصار تماما ومعها أوراق ضغط قوية، وستطهر بعض التكلسات التي سببها الوضع الراهن على جسدها...إما هذا وإما انتظار سيطول كثيرا لتغيرات إقليمية في مصر أو سورية ورهانات على واقع محكوم بمكر دولي كبير، وقد كان الفلسطيني دوما هو كاتب الصفحات الأبرز في تاريخ المنطقة الحديث، فليعد كذلك عبر تفجيره الحرب المضطر لها!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية