حملة (مش فارقة معي).. لماذا الآن؟!
لمى خاطر
لم تكن هي الحملة الأولى التي أطلقها ناشطون وأصحاب رأي فلسطينيون، ومجموعات شبابية ضد العربدة الأمنية في الضفة الغربية، فقد سبقتها حملات عدة موزعة على الشطر الأخير من سنوات الانفلات الأمني والقانوني الست، التي شهدت إيغالاً في استباحة الحريات وفي العدوان على مفاصل مشروع المقاومة، فكراً وممارسة.
لكن حملة (مش فارقة معي) الهادفة لتعزيز ثقافة الجرأة في إطلاق الكلمة الحرة، وفي مواجهة إجراءات أعدائها، تنطلق ويتعزز مفهومها بين قطاع الشباب وقد انكسر حاجز الخوف، ولم تعد السطوة الأمنية قادرة على تكميم الأفواه، أو إلزام الناس بالرقابة على سلوكهم وتكييفه لموافقة مقاس قانون (الفلسطيني الجديد)، ممسوخ الهوية وخالي الوفاض من همّ التحرير وواجب المقاومة!
من جهة أخرى، فقد كانت تجارب مواجهة الاعتقالات والاستدعاءات السياسية الجائرة كافية للتوصل إلى نتيجة مفادها بأن المستهدفين بالاعتقال والاستدعاء هم الفئة الأهم التي تملك تغيير واقعها، من خلال التمرد على حالة العربدة ومصادرة الحقوق بشكل تعسفي، خصوصا أن قضية الاعتقال السياسي غير مرتبطة بالخلاف بين فتح وحماس، بل بالتزامات السلطة الأمنية للاحتلال، وبالتالي فإنهاؤها لا يبدأ من المباحثات السياسية بل من ميدان مقاومتها ورفض الخضوع لها. خصوصاً أننا نتحدث عن استدعاءات غير قانونية، تستهدف الناشطين ضد الاحتلال، أو ذوي الأفكار الجريئة في نقد سلطة الضفة وقادتها وأجهزتها الأمنية وسياساتها المختلفة. ثم حين تكون موجبات الاعتقال لدى الاحتلال هي ذاتها موجبات الاعتقال لدى السلطة ينبغي التيقّن بأن الخلاص من نير هذه الحالة لا يكون بانتظار بركات الوفاق السياسي، بل بالمبادرة الذاتية، والتي تبدأ من مربع إزالة حاجز الخوف من إطلاق الكلمة ومن تسجيل الموقف.
ولطالما أثبتت التجارب الميدانية الحية أن أظافر الاعتقال السياسي تتقلّم حين يحمل ضحاياه وذووهم لواء مواجهته، ابتداء برفض المثول للاستدعاءات، ومروراً بالإضرابات المفتوحة عن الطعام داخل السجون، وليس انتهاءً بالحراك الميداني لذوي الأسرى.
قبل نحو عام، قرر شباب الخليل الأربعة الذين كانوا معتقلين في سجن العار (أريحا) قرع جدار الخزان وإعلان إضرابهم المفتوح عن الطعام، وهم الذين كانوا مهددين بالتأبيد في سجون السلطة وباعتقال فوري لدى الاحتلال إن تحرروا!
المهم أن عائلات الشباب الأربعة: عثمان القواسمة، ومحمد أبو حديد، ومحمد الأطرش، ومعتصم النتشة، أخذت على عاتقها إسنادهم ميدانيا، ونفّذت سلسلة فعاليات ضخمة وجريئة منها المسيرة في رام الله والاعتصام أمام مقرّ عباس في المقاطعة إضافة إلى الفعاليات اليومية في مدينة الخليل، وتوّجتها بالاعتصام المفتوح أمام سجن بيت لحم (حيث نقل الشباب وقتها) والذي استمرّ 12 ساعة متواصلة، اضطرت الأجهزة بعدها للتوصل إلى تسوية مع المعتصمين والشباب المضربين، تقضي بالإفراج عنهم جميعا في غضون أسبوع!
العبرة هنا؛ أن ما كان يبدو مستحيلا (وهو الإفراج عنهم) تحقق ببعض الجهد والتحشيد الجيد والاهتمام بالقضية والإصرار على هدفها.. وذوو أي معتقل يمكنهم فعل الكثير لأجله، ومعهم المتضامنون والمهتمون بقضية الحريات، أما من يستسلم للواقع فعليه أن ينتظر بقاءه رهينة الاستهداف والملاحقة والاستجواب حتى لو لم يفعل شيئا!
ولو أن شعار الحملة (مش فارقة معي) كان لسان حال غالبية من طالهم الاستهداف، أو نصفهم، أو حتى القليل منهم، لما بلغت عربدة الأجهزة الأمنية حدّ هيمنتها على مشاعر الناس وفرض وصاية ذاتية على سلوكهم وتفكيرهم، ولما تمادت في تسويق انتهاكاتها و(شرعنتها) حتى وهي تنتهك القانون الذي تحتكم إليه!
لمى خاطر
لم تكن هي الحملة الأولى التي أطلقها ناشطون وأصحاب رأي فلسطينيون، ومجموعات شبابية ضد العربدة الأمنية في الضفة الغربية، فقد سبقتها حملات عدة موزعة على الشطر الأخير من سنوات الانفلات الأمني والقانوني الست، التي شهدت إيغالاً في استباحة الحريات وفي العدوان على مفاصل مشروع المقاومة، فكراً وممارسة.
لكن حملة (مش فارقة معي) الهادفة لتعزيز ثقافة الجرأة في إطلاق الكلمة الحرة، وفي مواجهة إجراءات أعدائها، تنطلق ويتعزز مفهومها بين قطاع الشباب وقد انكسر حاجز الخوف، ولم تعد السطوة الأمنية قادرة على تكميم الأفواه، أو إلزام الناس بالرقابة على سلوكهم وتكييفه لموافقة مقاس قانون (الفلسطيني الجديد)، ممسوخ الهوية وخالي الوفاض من همّ التحرير وواجب المقاومة!
من جهة أخرى، فقد كانت تجارب مواجهة الاعتقالات والاستدعاءات السياسية الجائرة كافية للتوصل إلى نتيجة مفادها بأن المستهدفين بالاعتقال والاستدعاء هم الفئة الأهم التي تملك تغيير واقعها، من خلال التمرد على حالة العربدة ومصادرة الحقوق بشكل تعسفي، خصوصا أن قضية الاعتقال السياسي غير مرتبطة بالخلاف بين فتح وحماس، بل بالتزامات السلطة الأمنية للاحتلال، وبالتالي فإنهاؤها لا يبدأ من المباحثات السياسية بل من ميدان مقاومتها ورفض الخضوع لها. خصوصاً أننا نتحدث عن استدعاءات غير قانونية، تستهدف الناشطين ضد الاحتلال، أو ذوي الأفكار الجريئة في نقد سلطة الضفة وقادتها وأجهزتها الأمنية وسياساتها المختلفة. ثم حين تكون موجبات الاعتقال لدى الاحتلال هي ذاتها موجبات الاعتقال لدى السلطة ينبغي التيقّن بأن الخلاص من نير هذه الحالة لا يكون بانتظار بركات الوفاق السياسي، بل بالمبادرة الذاتية، والتي تبدأ من مربع إزالة حاجز الخوف من إطلاق الكلمة ومن تسجيل الموقف.
ولطالما أثبتت التجارب الميدانية الحية أن أظافر الاعتقال السياسي تتقلّم حين يحمل ضحاياه وذووهم لواء مواجهته، ابتداء برفض المثول للاستدعاءات، ومروراً بالإضرابات المفتوحة عن الطعام داخل السجون، وليس انتهاءً بالحراك الميداني لذوي الأسرى.
قبل نحو عام، قرر شباب الخليل الأربعة الذين كانوا معتقلين في سجن العار (أريحا) قرع جدار الخزان وإعلان إضرابهم المفتوح عن الطعام، وهم الذين كانوا مهددين بالتأبيد في سجون السلطة وباعتقال فوري لدى الاحتلال إن تحرروا!
المهم أن عائلات الشباب الأربعة: عثمان القواسمة، ومحمد أبو حديد، ومحمد الأطرش، ومعتصم النتشة، أخذت على عاتقها إسنادهم ميدانيا، ونفّذت سلسلة فعاليات ضخمة وجريئة منها المسيرة في رام الله والاعتصام أمام مقرّ عباس في المقاطعة إضافة إلى الفعاليات اليومية في مدينة الخليل، وتوّجتها بالاعتصام المفتوح أمام سجن بيت لحم (حيث نقل الشباب وقتها) والذي استمرّ 12 ساعة متواصلة، اضطرت الأجهزة بعدها للتوصل إلى تسوية مع المعتصمين والشباب المضربين، تقضي بالإفراج عنهم جميعا في غضون أسبوع!
العبرة هنا؛ أن ما كان يبدو مستحيلا (وهو الإفراج عنهم) تحقق ببعض الجهد والتحشيد الجيد والاهتمام بالقضية والإصرار على هدفها.. وذوو أي معتقل يمكنهم فعل الكثير لأجله، ومعهم المتضامنون والمهتمون بقضية الحريات، أما من يستسلم للواقع فعليه أن ينتظر بقاءه رهينة الاستهداف والملاحقة والاستجواب حتى لو لم يفعل شيئا!
ولو أن شعار الحملة (مش فارقة معي) كان لسان حال غالبية من طالهم الاستهداف، أو نصفهم، أو حتى القليل منهم، لما بلغت عربدة الأجهزة الأمنية حدّ هيمنتها على مشاعر الناس وفرض وصاية ذاتية على سلوكهم وتفكيرهم، ولما تمادت في تسويق انتهاكاتها و(شرعنتها) حتى وهي تنتهك القانون الذي تحتكم إليه!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية