خارطة عباس للتنسيق الأمني ... بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الجمعة 07 فبراير 2014

خارطة عباس للتنسيق الأمني

د. أيمن أبو ناهية

الدعوة التي أطلقها رئيس السلطة محمود عباس لجلب حلف الناتو للأراضي الفلسطينية تمثل استعمارا جديدا يضاف إلى الاحتلال الإسرائيلي، لا بل_إن جاز التعبير_ هو تعزيز له وإشراك هذه القوات الدولية في احتلال بلادنا وإحكام القبضة على شعبنا، لا من اجل حمايتنا كما يدعي عباس لصحيفة الأيام (16/4/2012) بقوله: "عندما يكون لدينا أمن؛ فإن هذا لمصلحتنا؛ والتنسيق الأمني ليس لطرف واحد؛ ولكن أيضا للأرض الفلسطينية؛ ونحن حريصون على التنسيق الأمني؛ لأننا نريد أمن المواطن الفلسطيني؛ وبالتالي فإن ما يقال بهذا الشأن هو برأيي مزايدات رخيصة".

وهذا ما تأكد لنا خلال العشرين عاما الماضية منذ توقيع اتفاقية أوسلو التي لم يتبق منها إلا التنسيق الأمني، فمتى كان التنسيق الأمني مع الاحتلال يخدم مصالحنا؟ ومتى كان حماية لشعبنا من أذى المستوطنين؟ بل العكس فالتنسيق الأمني وجد لحماية الاحتلال ومستوطنيه وملاحقة أبناء شعبنا المقاوم.

عجبت كثيرا من كلام الناطق باسم حركة فتح، فايز أبو عيطة في لقاء تلفزيوني قبل أيام قليلة لقوله إن تسويق ملف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، على أساس أنه تعاون أمني يخدم الاحتلال، أمر مشوه ومرفوض من قبل الذين يسعون إلى تمرير حقائق مشوهة، وتصوير القيادة الفلسطينية أو السلطة الوطنية أنها في خدمة الاحتلال وبشكل مجاني.

وقال أبو عيطة :"إن تسويق التنسيق مع الاحتلال من قبل السلطة الوطنية بهذه الطريقة لا يخدم أحدا ويبدو أنكم تريدون تصوير الشعب الفلسطيني بأن هناك جهة متعاونة مع الاحتلال وهناك جهة تقاوم وتقاتل من أجل حقوق الشعب الفلسطيني، وهذه التصنيفات، تشرذم الشعب وتزيد من حالة عدم الوفاق الموجودة على الساحة الفلسطينية، إن تسويقكم للأمور بهذه الصورة لا يجوز بالمطلق".

نأخذ مثالا حيا واحدا على نموذج من أشكال التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال: المواطن حمزة في تصريح لفلسطين الآن (1/12/2013): "اعتقلني الاحتلال فور الإفراج عني من سجن (جنيد) بنابلس، قبل أن أصل إلى بيتي، "كانت بمثابة الصاعقة بالنسبة لي، لقد أصبت بالصدمة والذهول ولم أصدق ما تشاهده عيناي اللتان سيأكلهما الدود؛ حينما اعتقلتني قوات الاحتلال الإسرائيلي وأثناء التحقيق معي في مركز التحقيق (بتاح تكفا) الاحتلالي وإذا بالمحقق يسألني عن معلومات تم اعتقالي عليها لدى الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وكانت محاور التحقيق على القضية ذاتها، بل عرضوا علينا الإفادات التي تحدثنا بها خلال اعتقالنا لدى جهاز الأمن الوقائي، حيث حُكمت على القضية نفسها عند الاحتلال لمدة 11 شهرا وأفرج عني بعد انتهاء محكوميتي وتابع حمزة -الذي يتناوب الاحتلال اعتقاله مع السلطة-: "الملفت للنظر في القصة أن المحقق كان يرفع سماعة الهاتف أمامي ويتصل بأحد قيادات التحقيق في سجن (جنيد)، ويسألني عن صحة ودقة المعلومات التي أدليت بها هناك، كما يسألني عن فحوى (كيس) تم مصادرته مني من السلطة الفلسطينية".

ماذا نفهم من مثل هذه المشاهد والوقائع؟ هل أن الأمر وصل إلى حد التعامل المؤسساتي للسلطة مع الاحتلال؟ انه التنسيق الأمني الذي تتباهى به السلطة وقادتها الذين يحرفون الكلام عن مواضعه ويبررون أفعالهم المخزية بعبارات غير صحيحة لتبرئة أنفسهم وان ألاعيبهم وأكاذيبهم أصبحت مكشوفة للجميع.

للأسف إن الذين كانوا يتبنون الكفاح المسلح للتحرير استبدلوه بالتنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال وأصبحوا أصدقاء في التآمر على شعبنا وقضيته، وليس عيبا عندهم الافتخار بذلك، ومن نافلة القول إن "شراكة السلطة الفلسطينية لـ(إسرائيل) في الحرب التي تشنها على حركات المقاومة في الضفة الغربية، المتمثلة في التعاون الاستخباري والتنسيق الأمني، ودور أجهزة حكومة رام الله الأمنية الكبير في تجفيف منابع المقاومة الفلسطينية؛ قد أسهمت بشكل واضح في تعزيز مستويات الشعور بالأمن الشخصي والجماعي لدى المستوطنين في الضفة الغربية والقدس، وهو ما أقنع بالتالي جماعات جديدة من اليهود بالقدوم للاستيطان في الضفة الغربية.

وما شجعهم على ذلك أقوال وتصرفات المخلصين للتنسيق الأمني أمثال صائب عريقات لقوله في اجتماع مع ديفد هيل، نائب المبعوث الأميركي لعملية التسوية، في الـ17 من سبتمبر/أيلول 2009- بأن السلطة الفلسطينية "اضطُّرَّت" "لقتل فلسطينيين؛ في سبيل إقامة سلطة البندقية؛ وسيادة القانون؛ وما زِلنا نؤدي ما علينا من التزامات".

لكن التطور الأكثر دراماتيكِية على صعيد التنسيق الأمني؛ حدث بعد أحداث حزيران 2007 في قطاع غزة؛ حيث أصبح التنسيق لا يتم وفقًا للاتفاقيات الكارثية؛ بل بدافع آخر؛ هو الرغبة في الانتقام من حماس وتطور الأمر إلى التعاون في عمليات الاعتقال؛ وإغلاق المؤسسات؛ ومراقبة الأرصدة البنكية؛ إلى جانب كل ما يمثل تضييقاً على جميع حركات المقاومة في الضفة الغربية؛ خاصةً حماس؛ وبذلك تحول التنسيق الأمني إلى شراكة حقيقية.

والسؤال المطروح الآن؛ ماذا عن هذه الأجهزة التي أثبتت كفاءتها في توفير الأمن للاحتلال وقطعان مستوطنيه؛ وكبح جماح المقاومة؟ هل تعتبر أجهزة وطنية؛ يجب البقاء عليها؛ وتحسين قدرتها الأمنية باستمرار في التنسيق الأمني؟ أم أنها أجهزة مرتبطة بالاحتلال أيضا بموجب اتفاقية التنسيق الأمني يجب السكوت عنها؟ كذلك السكوت على جلب قوات حلف الناتو لزيادة ومضاعفة التنسيق الأمني لحراسة الكيان الإسرائيلي والمستوطنات أكثر من السابق؟
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية