خريف فتح يلفح فياض
علاء الريماوي
يكثر الحديث هذه الايام عن ربيع وصل الضفة يريد رأس فياض وحكومته على شاكلة ما حدث في المحيط العربي، فعلت على شبكات التواصل الاجتماعي شعار " الشعب يريد ".
خلال الايام الماضية وأثناء تجوالي في مدينة رام الله الذي صادف ما يعرف بإضراب وسائل النقل سجلت عيني المجردة قيام زملاء من حركة فتح، ومقربين من أمنها بقيادة هذه الفعليات وتوجيهها مع غياب كامل لاجهزة أمن السلطة.
في ذكريات الأمس وللتذكير لم تحتمل أجهزة الامن عشرات الشبان الذين هتفوا ضد زيارة موفاز للمقاطعة، فنهالت عليهم عصي ولكمات نشرتها كافة وسائل الاعلام المحلية والعالمية.
حديث التغيير الجوهري في سلوك الأمن ومشاركة فتح "حكاية غريبة " وجب الوقوف على تفاصيلها لفهم ما يجري وللتوصل الى حقيقة تفيد في فهم الواقع.
تفاصيل حكاية الاحتجاج على حكومة فياض لم تعد خافية على أحد بواعثها، والتي تأتي في سياق أن اللجنة المركزية حسمت توجهها بخلع سلام فياض من رئاسة الوزراء، حيث بدأت خطواتها العملية قبيل التشكيل الوزاري الأخير و الذي ترافق مع كشف لحجم الفساد في حكومته السابقة مما سهل سحب منصب وزير المالية من الرجل.
الهدوء على جبهة المانحين أغرى فتح التصعيد على فياض بعد مشاكسته ورفضه نقل رسالة الرئيس للكيان وحديثه علنا للإعلام عن المنهجية السياسية الخاطئة التي تديربها فتح في الملفات السياسة الهامة، والتي قد تدفعه لقرار الترشح لانتخابات الرئاسة.
هذا الحديث أسس وساهم لما يعرف بسياسة رفع الغطاء الفتحاوي عن فياض التي قادها عزام الاحمد، توفيق الطيراوي ومنهجها د. محمد اشتيه الذي حرص من خلال بكدار نشر أبحاث وتقارير تناقض المعطيات التي تتحدث عن تنمية في الضفة الغربية.
هذا الحديث صحبه ضخ اعلامي مركز نسف الصورة الخارقة التي بنيت لفياض من خلال فتح و التي وصفته بمعجزة فلسطين ومهديها المنتظر القادم بالدولة في العام 2011.
حديث الدولة والذهاب الى الامم المتحدة، وتنقل الكرسي بحلم الدولة في انحاء الضفة جعل القناعة المجتمعية بحسب استطلاع الرأي الذي قدمه خليل الشقاقي الشهر الماضي يميل لصالح حماس في الانتخابات القادمة.
هذا المعطى نضيف له ما كتب في تقرير لشعبة استخبارات الجيش الصهوني حذر من " تقهقر السلطة وارتفاع غير مسبوق في شعبية حماس " مستند في معلوماته على نشاط استخباري مركز في الضفة الغربية.
مؤشر الاستطلاع خلق حالة من الإرباك في صفوف قيادة فتح التي بدأت تلمس ضجرا في الشارع غير مسبوق مرده للواقع المعيشي الصعب في الضفة الغربية التي تعاني من موجة غلاء طالت كافة المواد الأساسية.
ضجر الشارع لم ينحصر سببه بالواقع الاقتصادي فقط وإنما أضيف له مماراسات السلطة وأمنها التي قسمت المجتمع بين موال أغدق عليه، ومعارض اسقي أصناف العذاب والحرمان و التي فاقت في نعويتها ما حدث في عهد الظلم في الدول العربية المتهاوية، حتى أن الناس باتوا يعيشون مع الفصل الوظيفي، الاقصاء، الاعتقال، الاهانة، الاذلال، المحاصرة، مصادرة الاموال، اغلاق الجمعيات، وقف النشاط السياسي، تكميم الافواه، ملاحقة الاقلام، تفكيك المنظومة الاخلاقية، تسلط الامن على الرقاب العباد، لكن كل ذلك لم يحول بعد صمت الشارع الى ثورة تريد تغيره،وإنما الحقيقة هي أن فتح التي مارست ما سبق من الجرائم ردته إلى مسؤولية فياض، من خلال الثورة عليه ومهاجمته ظانة أن الشعب ينسى جلاده ومانع قوته.
النسيان وصورة الظلم التان تراهن عليهما فتح في تحسين صورتها، غفلة لا تعلم معها أن ما تمسك به كرة نار قد تنفجر في وجهها و قد تسبب خديعتها في حالة فوضى بدأت نذرها في الشمال من خلال موجة اغتيالات وقتل في الشوارع على يد أبناء التنظيم الواحد.
هذا الواقع جعلني أتابع خطاب الرئيس والذي توقعت منه الحديث عن منهجية اصلاح تعيد ترتيب البيت الداخلي، وتعالج خلل الايام الماضية، وتؤسس لمنهجية سياسية تعيد حالة الرسوخ والقناعة في القيادة الفلسطينية التي غادرت وأخشى أن تكون بلا رجعه.
لكن للاسف ظل المنهج القديم يحكم التحرك، ولمست أن فتح تهرب من خريفها الى ربيع تظنه في راس فياض الذي نتوقع رحيله خلال فترة وجيزة لتعود بعدها قبضة الامن المتحكمة والراصدة لكل حراك منتقد وداع للاصلاح والتغير.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية