يستقبل اللبنانيون ذكرى التحرير هذا العام بقلق. فالأزمات العربية المتمثلة في الثورات الاحتجاجية، كما الأزمات الداخلية المتعلقة بتأخير تشكيل الحكومة واستحقاق المحكمة الدولية، «لا تنتهي إلا بحرب شاملة»، ويتوقعون أن تكون حربا لبنانية – إسرائيلية لن تتأخر أكثر من شهر. غير أن تلك الهواجس، تثبت أو تنتفي مع خطاب أمين عام حزب الله حسن نصر الله اليوم الذي سيكون «محطة مفصلية في الترجيحات».
السيناريوهات كثيرة. في الجنوب، يترقب الناس «حربا طاحنة» تشتعل في منتصف شهر يونيو (حزيران) المقبل. هذا الموعد الذي تتناقله ألسن الناس، يعلله الجنوبي محمد فضل الله بالقول: «إن إسرائيل اعتادت على إشعال حروب في فترة الصيف، وتنبئ تحركاتها على الحدود، منذ أزمة مارون الراس قبل 10 أيام، بهذا التوجه».
آخرون، يستندون إلى ما تتناقله وسائل الإعلام عن تحضيرات إسرائيلية في الجولان والمستعمرات المواجهة لجنوب لبنان. ويقول حسن أيوب (41 عاما) إن الحرب «باتت على مسافة قوسين أو أدنى، لأن الجمود في التطورات السياسية، لا يكسر إلا بحرب شاملة تغير وجه المنطقة، أو تعزز أنظمة الحكم».
من الواضح أن التطورات التي تشهدها سوريا، جعلت من كل مواطن جنوبي محللا سياسيا. يتنبأ الجميع بالحرب، وينتظرونها. حتى النساء يعبرن عن مخاوفهن من أزمة إقليمية جديدة، خلافا للسنوات السابقة حيث لم يتوقعن حربا شرسة. وتقول رجاء عليق: «هذه المرة لن نجد وسيلة للهرب، وإذا كنا قد لجأنا في عام 2006 إلى سوريا، فإننا لن نكون قادرين على العودة إليها إذا اشتعلت الحرب، لأن الأخبار تشير إلى حرب شاملة في المنطقة لن تكون سوريا بمنأى عنها».
وسط هذه المخاوف، يحكي البعض عن فترة ما بعد الحرب بصفتها «أمرا محتوما»، ويقول علي فاعور إن «المحظوظ من سيبقى على قيد الحياة، لأن المنطقة مقبلة على فورة في الاستثمارات بعد أن تحدد الحرب مواقع الأطراف السياسية المحلية والإقليمية من المعادلة».
ويجمع هؤلاء على أن هذه التوقعات لا يؤكدها أو ينفيها «إلا خطاب نصر الله اليوم»، إذ يتوقع أن يتطرق إلى قضية الأزمة في سوريا، وإلى خطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما حول التطورات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الحراك الفلسطيني على الحدود مع إسرائيل. وفي بيروت، يذهب لبنانيون آخرون إلى ترجيح أزمة داخلية، شبيهة بأزمة السابع من مايو (أيار) 2008 بغية «وضع حدود للجمود الداخلي على صعيد تشكيل الحكومة، وإنهاء الأزمة المعيشية»، معللين ذلك بالقول: «إن أزمة مشابهة، ستكون نتيجتها اتفاقا بين الأطراف، على غرار اتفاق الدوحة».
هذا السيناريو الآخر، يختلف عليه اللبنانيون حين يطرحون سؤالا: «من سيقاتل من؟»، وهذا ما عبر عنه نزيه (34 عاما) بالقول إن «الأزمة الداخلية ليست صناعة محلية، ولا تحل إلا بإيجاد حلول في المنطقة».
هاجس الحرب، يتملك جميع اللبنانيين، ولا يبدو أن ذكرى التحرير هذا العام ستكون على قياس السنوات الماضية، لأن مسيرة التغيير في الشرق الأوسط انطلقت... ويبدو أن لبنان، ذلك البلد الهش، أرضية خصبة لاحتمالات تنفيس الضغوط الإقليمية على أراضيه.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية