د. عبد الحق: حالة تناقض في السياسة "الاقتصادية" للسلطة
تعيش الساحة الفلسطينية حالة من التناقضات السياسية والاقتصادية، ففي الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال بمعاقبة الفلسطينيين اقتصاديا بحرمانهم من أموال الضرائب المحتجزة لديه، وابتلاع الأرض ونهب الثروات الاقتصادية، بدا الرد الفلسطيني على ذلك متواضعا، حيث لم يتعد حدود مقاطعة بعض البضائع الاستهلاكية الصهيونية.
وعلى النقيض من ذلك، يسعى رجال أعمال فلسطينيين مدعومين من السلطة بتعميق "التعاون الاقتصادي" مع رجال الأعمال الصهاينة حيث كان آخر نتاج جهودهم هو اجتماع ضم رجال أعمال صهاينة وفلسطينيين وضباط في الارتباط المدني الصهيوني في ميناء أشدود الأسبوع الماضي.
وفي محاولة لفهم التناقض القائم وسبل الخروج منه حاور مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" الخبير الاقتصادي الفلسطيني والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية الدكتور يوسف عبد الحق، الذي اعتبر أن "المسار الفلسطيني يعيش حالة تخبط رغم وضوح المشهد، فالتجربة القصيرة والطويلة تؤكد أن الاحتلال الصهيوني لا يقيم أية قيمة للمواعيد والمعاهدات والاحترام والتقدير لأي فلسطيني، لذلك على الجميع أن يفهم أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني هو المخرج من هذا المأزق".
ويرى عبد الحق أن فقدان البوصلة لدى القيادة الفلسطينية والسلطة هي سبب التخبط والاضطراب، مؤكدا أن التناقض والارتجالية في المواقف فتحت الباب أمام كل ذي مصلحة للاجتهاد، مدعيا أن في اجتهاده مصلحة الوطن والمواطن.
ويقول عبد الحق: "لا يمكن أن نعيش في وطن يتصرف فيه الجميع كما يشاء، وينفق كما يشاء ويقرر كما يشاء، والكل يموت جوعا كما يشاء الاحتلال".
ويضيف عبد الحق "هناك تناقضات في السياسة الفلسطينية، وهناك تناقض صارخ وواضح في السياسة الاقتصادية فمن يريد التخلص من القيود الاقتصادية للاحتلال يجب أن يجلس الى حوار شامل عميق بعيدا عن الطنطنات هنا وهناك، فلا ينسجم مقاطعة بضائع الاحتلال من جهة وتشجيع التطبيع الاقتصادي الذي يقوم به بعض رجال الأعمال من جهة أخرى".
وأكد عبد الحق أن "المال السياسي الذي تدفق على السلطة وبلغ حدود 25 مليار دولار منذ اليوم الأول، دُقّ جدران الخزان؛ وقلنا إن هذه مصيدة، وبعد أن وصلنا إلى الهاوية أصبح من الواجب إعادة بناء برنامج اقتصادي حتى لو حاصروا كل الشعب الفلسطيني؛ نكون قادرين على النضال والصمود".
وحول العلاقات الاقتصادية مع الاحتلال وخاصة تلك التي يحاول بناءها رجال أعمال فلسطينيين بدعم من السلطة يقول عبد الحق: "بعض المقبلين على التعاون الاقتصادي مع الاحتلال ورجال أعماله يظنون أنهم يحققون أمرين؛ أولهما ارسال رسالة أن الشعب الفلسطيني يريد السلام، والأمر الثاني يحققون أرباحا مادية، وعملياً هذا شيء غير منطقي".
ويضيف "الاحتلال لا يحتاج لبراهين أن الشعب الفلسطيني يريد السلام؛ حيث إن هذا الشعب منذ عام 1948 وهو يعاني الأمرّين فلا يمكن أن يطلب غير السلام الذي يعيد له كافة حقوقه المسلوبة".
واعتبر التحجج بدعوى الإقناع بأن الشعب الفلسطيني يريد السلام من قبل المطبعين اقتصاديا مع "إسرائيل" عبثا بمصالح الشعب الفلسطيني وتبديدا للوقت.
وأوضح عبد الحق أن "الاقتصاد الفلسطيني جزء بسيط من الاقتصاد الصهيوني، فالناتج المحلي الفلسطيني لا يتجاوز 8 مليار شيكل، بينما يفوق الناتج المحلي الصهيوني 240 مليار شيكل، وبالتالي الحديث عن التعاون ذر للرماد في العيون، وإنما هي تبعية اقتصادية مطلقة".
وقال عبد الحق: "الأولى برجال الأعمال الفلسطينيين أن يبحثوا عن الربح في المشاريع الاقتصادية الصغيرة أو متناهية الصغر التي يمكن أن تفيد مزارعا أو صانعا أو تاجرا، أما البحث عن الصفقات التجارية مع الاحتلال هو ضربة حظ؛ سيعود بعدها رجال الأعمال إلى وطنهم فيجدون اقتصادهم قد دمر، ووطنهم قد دمر بفعل الاحتلال".
وأضاف "على الجميع أن يفهم أن الاحتلال لا يريد فلسطينيا؛ لا غنيا ولا فقيرا، وهو يريد عبيدا يعملون تحت إمرته، ويخدمون مصالحه الاقتصادية".
ورغم أن رأس المال يسعى إلى الربح الدائم، يرى عبد الحق أن "التعاون الاقتصادي مع الاحتلال لا يحقق ربحا دائما وهو أشبه بالريع القليل، ففي اللحظة التي يتصلب فيها عود الاحتلال ويبتلع الأرض الفلسطينية سيصبح المطبعون مع الاحتلال اقتصاديا شذاذا في الأفاق، ولن يجدوا أرضا يدفنون بها عند موتهم، وسيكون الاحتلال قد ابتلعها".
ويرى أيضا أن "الربح السريع الذي يحققه بعض المطبعون اقتصاديا مع الاحتلال قد يحصلون عليه، ولكنه كمن يعطي شخصا قطعة لحم مسمومة، وفي النهاية سيجدون أنهم في الحضيض لأن الاقتصاد الوطني ككل سينهار، وبالتالي سيفقدون الحامي الأساسي لأموالهم ومصالحهم التجارية".
ويضيف "منذ تاريخ الاستعمار كل من استفاد من أموال الاستعمار كانت استفادته قصيرة، ففي اللحظة التي يتمكن منها الاستعمار أو يخرج يفقد هؤلاء كل ما استفادوا من الأموال والمصالح".
ويرى عبد الحق "إذا كانت السلطة والقيادة تريد حقا دولة مستقلة وحقا فلسطينيا يجب إعادة ترتيب الأوراق كافة، وتحديد المنهج السياسي الذي يحقق للشعب الفلسطيني حقه، وبناء عليه تحديد السياسة الاقتصادية وتحديد وسائل النضال، وتحديد الهيكلية للقيادة والسلطة التي تخدم المنهج السياسي والاقتصادي".
كما يرى أن "الحوار الوطني الشامل والعميق يحمينا من آثار قطع الضرائب وقطع المساعدات، وبالتالي يكون لدينا برنامج متكامل يواجه سياسة الاحتلال، وهذا يتطلب تغيير اجتماعي بإعادة تغيير حياتيه، فلا يجوز للمجتمع الفلسطيني أن يتصور أنه يستطيع أن يواجه كل هذا العدوان وهو يعيش في مستوى استهلاكي واقتصادي وإنفاق أكثر مما يعيشه المجتمع المصري والأردني؛ وهي دول مستقلة، فهذا خارج المنطق وخارج التاريخ".
تعيش الساحة الفلسطينية حالة من التناقضات السياسية والاقتصادية، ففي الوقت الذي يستمر فيه الاحتلال بمعاقبة الفلسطينيين اقتصاديا بحرمانهم من أموال الضرائب المحتجزة لديه، وابتلاع الأرض ونهب الثروات الاقتصادية، بدا الرد الفلسطيني على ذلك متواضعا، حيث لم يتعد حدود مقاطعة بعض البضائع الاستهلاكية الصهيونية.
وعلى النقيض من ذلك، يسعى رجال أعمال فلسطينيين مدعومين من السلطة بتعميق "التعاون الاقتصادي" مع رجال الأعمال الصهاينة حيث كان آخر نتاج جهودهم هو اجتماع ضم رجال أعمال صهاينة وفلسطينيين وضباط في الارتباط المدني الصهيوني في ميناء أشدود الأسبوع الماضي.
وفي محاولة لفهم التناقض القائم وسبل الخروج منه حاور مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" الخبير الاقتصادي الفلسطيني والمحاضر في جامعة النجاح الوطنية الدكتور يوسف عبد الحق، الذي اعتبر أن "المسار الفلسطيني يعيش حالة تخبط رغم وضوح المشهد، فالتجربة القصيرة والطويلة تؤكد أن الاحتلال الصهيوني لا يقيم أية قيمة للمواعيد والمعاهدات والاحترام والتقدير لأي فلسطيني، لذلك على الجميع أن يفهم أن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني هو المخرج من هذا المأزق".
فقدان البوصلة
ويرى عبد الحق أن فقدان البوصلة لدى القيادة الفلسطينية والسلطة هي سبب التخبط والاضطراب، مؤكدا أن التناقض والارتجالية في المواقف فتحت الباب أمام كل ذي مصلحة للاجتهاد، مدعيا أن في اجتهاده مصلحة الوطن والمواطن.
ويقول عبد الحق: "لا يمكن أن نعيش في وطن يتصرف فيه الجميع كما يشاء، وينفق كما يشاء ويقرر كما يشاء، والكل يموت جوعا كما يشاء الاحتلال".
ويضيف عبد الحق "هناك تناقضات في السياسة الفلسطينية، وهناك تناقض صارخ وواضح في السياسة الاقتصادية فمن يريد التخلص من القيود الاقتصادية للاحتلال يجب أن يجلس الى حوار شامل عميق بعيدا عن الطنطنات هنا وهناك، فلا ينسجم مقاطعة بضائع الاحتلال من جهة وتشجيع التطبيع الاقتصادي الذي يقوم به بعض رجال الأعمال من جهة أخرى".
وأكد عبد الحق أن "المال السياسي الذي تدفق على السلطة وبلغ حدود 25 مليار دولار منذ اليوم الأول، دُقّ جدران الخزان؛ وقلنا إن هذه مصيدة، وبعد أن وصلنا إلى الهاوية أصبح من الواجب إعادة بناء برنامج اقتصادي حتى لو حاصروا كل الشعب الفلسطيني؛ نكون قادرين على النضال والصمود".
التطبيع الاقتصادي مهلكة
ويضيف "الاحتلال لا يحتاج لبراهين أن الشعب الفلسطيني يريد السلام؛ حيث إن هذا الشعب منذ عام 1948 وهو يعاني الأمرّين فلا يمكن أن يطلب غير السلام الذي يعيد له كافة حقوقه المسلوبة".
واعتبر التحجج بدعوى الإقناع بأن الشعب الفلسطيني يريد السلام من قبل المطبعين اقتصاديا مع "إسرائيل" عبثا بمصالح الشعب الفلسطيني وتبديدا للوقت.
وأوضح عبد الحق أن "الاقتصاد الفلسطيني جزء بسيط من الاقتصاد الصهيوني، فالناتج المحلي الفلسطيني لا يتجاوز 8 مليار شيكل، بينما يفوق الناتج المحلي الصهيوني 240 مليار شيكل، وبالتالي الحديث عن التعاون ذر للرماد في العيون، وإنما هي تبعية اقتصادية مطلقة".
وقال عبد الحق: "الأولى برجال الأعمال الفلسطينيين أن يبحثوا عن الربح في المشاريع الاقتصادية الصغيرة أو متناهية الصغر التي يمكن أن تفيد مزارعا أو صانعا أو تاجرا، أما البحث عن الصفقات التجارية مع الاحتلال هو ضربة حظ؛ سيعود بعدها رجال الأعمال إلى وطنهم فيجدون اقتصادهم قد دمر، ووطنهم قد دمر بفعل الاحتلال".
وأضاف "على الجميع أن يفهم أن الاحتلال لا يريد فلسطينيا؛ لا غنيا ولا فقيرا، وهو يريد عبيدا يعملون تحت إمرته، ويخدمون مصالحه الاقتصادية".
ورغم أن رأس المال يسعى إلى الربح الدائم، يرى عبد الحق أن "التعاون الاقتصادي مع الاحتلال لا يحقق ربحا دائما وهو أشبه بالريع القليل، ففي اللحظة التي يتصلب فيها عود الاحتلال ويبتلع الأرض الفلسطينية سيصبح المطبعون مع الاحتلال اقتصاديا شذاذا في الأفاق، ولن يجدوا أرضا يدفنون بها عند موتهم، وسيكون الاحتلال قد ابتلعها".
ويرى أيضا أن "الربح السريع الذي يحققه بعض المطبعون اقتصاديا مع الاحتلال قد يحصلون عليه، ولكنه كمن يعطي شخصا قطعة لحم مسمومة، وفي النهاية سيجدون أنهم في الحضيض لأن الاقتصاد الوطني ككل سينهار، وبالتالي سيفقدون الحامي الأساسي لأموالهم ومصالحهم التجارية".
ويضيف "منذ تاريخ الاستعمار كل من استفاد من أموال الاستعمار كانت استفادته قصيرة، ففي اللحظة التي يتمكن منها الاستعمار أو يخرج يفقد هؤلاء كل ما استفادوا من الأموال والمصالح".
المخرج من الأزمة
كما يرى أن "الحوار الوطني الشامل والعميق يحمينا من آثار قطع الضرائب وقطع المساعدات، وبالتالي يكون لدينا برنامج متكامل يواجه سياسة الاحتلال، وهذا يتطلب تغيير اجتماعي بإعادة تغيير حياتيه، فلا يجوز للمجتمع الفلسطيني أن يتصور أنه يستطيع أن يواجه كل هذا العدوان وهو يعيش في مستوى استهلاكي واقتصادي وإنفاق أكثر مما يعيشه المجتمع المصري والأردني؛ وهي دول مستقلة، فهذا خارج المنطق وخارج التاريخ".
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية