ذكرى استشهاد الياسين وهدم المسجد الأقصى
سري سمّور
# الثاني والعشرون من آذار(مارس) في السنة الرابعة بعد الألفين للميلاد كان يوما من أيام فلسطين الحزينة؛ فقد تجرّأ شارون على الشيخ أحمد ياسين، وقصفته الطائرات أمريكية الصنع، وبغطاء سياسي أمريكي كامل ليلقى ربه شهيدا، بعد سنوات طويلة من العمل والجهاد والابتلاء، ولم تكن تلك أول محاولة لتصفية الشيخ لكن الله قدّر له أن يحيا حتى أجله المحتوم رغم أنف شارون.
# أما الأعذار فهي واهية؛ فالشيخ الشهيد لم يكن له دور في عمليات المقاومة المسلحة بالمعنى الفيزيائي، وهي الذريعة الصهيونية الدائمة، أما عن زعامته لحركة حماس فكانت معنوية أدبية لا بالمعنى الحرفي التنظيمي، لكن الله أراد أن يتجرّأ أعداء الله على شيخ مقعد مسنّ يعاني العديد من الأمراض، ولا يبصر بعينه اليمنى، وهم لم يترددوا سابقا في سجنه سنوات طويلة...فالله قدّر أن مثله لن يموت على فراشه، بل بصواريخ مروحيات أعدائه، وبعد أدائه صلاة الفجر في المسجد، وفي ذكرى تأسيس حركة الإخوان المسلمين(1928م) التي كان الشيخ زعيم فرعها الفلسطيني...إنه الفلسطيني المهجر عن أرضه(جورة عسقلان) سنة 1948م وهو ليس ابن زعيم أو إقطاعي، ولا ابن عائلة ممتدة ذات نـفوذ؛ ولكنه من رجل آمن بالله، واقتنع بحقوق شعبه، وسمت همّته، وطمح إلى المعالي فأتته راغمة، وأرادوا بقتله محو ذكره وهدم مدرسته وإذلال تلامذته...فخاب بعون الله مسعاهم.
# والحديث عن الإمام الشيخ الشهيد أحمد ياسين طويل بلا شك، ولا يمكن لمقالة كهذه تناول كل ما يتعلق بالشيخ وحياته وجهاده ومواقفه ولمن شاء الاستزادة فهناك كتب ودراسات ومواقع على الإنترنت تتناول هذه الجوانب ومنها:-
http://www.yaseenday.com/
إلا أنني سأتناول سريعا بعضا من ملامح حياة ودعوة الشيخ ياسين، وما تحقق وما هو بالانتظار، وأيضا ما يخص عنوان المقال:-
1) كان الشيخ احمد ياسين صاحب بصيرة حينما أدرك أن دور إخوان فلسطين لا يـقتصر على الجوانب الوعظية والأعمال الخيرية والنشاطات الدعوية التقليدية، على أهميتها، بل يتعداه إلى الجهاد بالسنان مع اللسان، فحرص على اقتناء وتخزين السلاح في النصف الأول من ثمانينيات القرن المنصرم.
2) حين اندلعت انتفاضة الحجارة كان الشيخ يثبت من جديد أنه صاحب بصيرة ورؤية بعيدة حينما أسس حركة المقاومة الإسلامية(حماس) مخالفا بذلك رأي إخوة آخرين، ومحتملا انتقاد بعض من الإخوان المسلمين في الدول العربية، الذين تهيّبوا من تلك الخطوة، بحجة عدم قدرتهم على توفير الدعم الكافي واللازم، فكان رده ذكيا جامعا لا مفرّقا بأنه يتقبل منهم الدعم الذي يقدرون عليه ولو اقتصر على الدعاء؛ واليوم يدرك كل إخوان العالم أهمية حماس في دعوة الإخوان، وأنها الفرع الوحيد ربما الذي حتى خصوم الإخوان العقائديون أو السياسيون أو غيرهم يحترمونه ويستثنونه من حملاتهم، ويتوارون خجلا من تضحيات قادته.
3) كان الشيخ أحمد ياسين حريصا على حشد الجميع لمسيرة تحرير الأرض الفلسطينية، لا سيما بعيد الإفراج عنه من سجون الاحتلال؛ فقد حرص قدر الإمكان على تخفيف التوتر مع فتح والسلطة، بل إنه حضر اجتماعا للمجلس المركزي، في خطوة لافتة آنذاك، وحين زار سورية والتقى حافظ الأسد حاول إبرام مصالحة بين النظام السوري والإخوان المسلمين، مع ما يعرفه بل درّسه لتلامذته من عداء بين الطرفين، ولكنه كان يريد أن ينهي الجميع خلافاتهم أو أن يجمّدوها حتى تحرير فلسطين، وزار الشيخ الكويت وإيران، وفي حلّه وترحاله كان يوجه البوصلة نحو الحق الفلسطيني المغتصب من الكيان الصهيوني، بصوته الواهن ومع مرضه، لكن إرادته وعزيمته ورمزيته جعلت الكل يستمع له وينصت بمهابة وإجلال، وأقام –رحمه الله- الحجة على الأمة بأسرها بحثّها على إنقاذ فلسطين واستعادة المسجد الأقصى...وليس جديدا على الشيخ حرصه على وأد الفتنة ومحاصرتها؛ فحتى على الصعيد الشخصي، أخفى الشيخ أنه كان يتصارع مع أحد زملائه(عبد الله الخطيب) مما سبب له الحادث الذي كان من تبعاته الشلل الذي لازمه والذي بدأت أعراضه بعد أسابيع من الحادث حين كان فتى في الخامسة عشرة من عمره، وكشف عن هذا السرّ بعد عشرات السنين وعلى نطاق ضيق، مخافة وقوع مشكلات بين عائلته وعائلة الخطيب.
4) رحل الشيخ قبل أن يرى أي جزء من فلسطين قد تحرر، أو اندحر الاحتلال عنه، بل إن شارون أراد ألا يكون الشيخ حاضرا حين تتفكك نيتساريم التي وصفها بأن مصيرها مثل مصير «تل أبيب» وما درى أن الشيخ في العلياء ينظر لاندحاره، ولكن مسيرة التحرير توقفت عند اندحار الاحتلال عن قطاع غزة، وتحويله إلى سجن كبير، وتسمين المستوطنات في الضفة وتهويد القدس، فما لهذا جاهد الشيخ ولا سجن ولا قضى شهيدا هو ومن خلفه ومن قبله، ووجب على السائرين على درب الياسين أن يستأنفوا مسيرة التحرير.
5) أما الأسرى فقد أكد الشيخ أنه لا يجوز أن يمكث أي أسير في السجون الصهيونية أكثر من خمس سنوات، كحد أقصى، وهذا ما لم يتحقق، حتى مع صفقة وفاء الأحرار، وملف الأسرى في هذه الأيام في غاية الحساسية والدقة، فوجب الرجوع إلى وصية الشيخ، ومفهوم أنه قصد الاستمرار في عمليات أسر الجنود ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين.
أما ما عنونت به مقالتي هذه عن ارتباط هدم المسجد الأقصى بذكرى استشهاد الشيخ؛ فإننا نلحظ أنه وبعد تسع سنين على تلك الجريمة النكراء تتسارع الهجمات على المسجد الأقصى، ولا يمر يوم دون اقتحامه وتدنيسه من جيش الاحتلال ومستوطنيه، ولكن كل تلك الاعتداءات وكثير منها مصورة لم تـفجّر غضب الأمة، ولا غضب الشعب الفلسطيني، الذي فجّر انتفاضة دامت سنوات بسبب محاولة شارون اقتحام المسجد، ولا يخفى على أحد أن ما يجري هذه الأيام للمسجد الأقصى ومدينة القدس أكبر بل أخطر بكثير من تلك المحاولة، وهذا ما قد يجعلهم يتجرؤون على هدم المسجد الأقصى.
# وقد قرأت مقالا (أورد نصه كاملا في آخر مقالي) كتبه الشهيد د.عبد العزيز الرنتيسي بعيد اغتيال شيخه الياسين، وقبيل لحاقه به شهيدا، فهما رفيقان في الحياة والجهاد والسجون، ورفيقان في الشهادة، بفارق أسابيع قليلة، وبرحمة الله هما رفيقان في جنات عدن، وفي ذلك المقال تحدث الرنتيسي عن ترجيحه أن اليهود سيهدمون المسجد الأقصى بوقت ربما ليس بعيدا.
ويبدو أن الأمة تبلّدت أحاسيسها تجاه فلسطين والأقصى، فلا يحركها عدوان الاحتلال على نسوة مصاطب العلم، أو التدنيس والاستفزاز اليومي المتواصل، فأصبح ارتكاب الاحتلال حماقة بحق المسجد الأقصى قاب قوسين أو أدنى، خاصة في ظل الحكومة الصهيونية الجديدة، والمراهنة على انشغال الأمة بالمسائل والتحديات الداخلية، والله تعالى أعلم.
وفي ذكرى الشيخ القَعيد(بفتح القاف) المُقعِد(بضم الميم وكسر العين) ندعو لأنـفسنا بالرحمة، قبل أن ندعو له، فهو صاحب همة عالية فاقت الأصحاء، وصاحب رؤية شاملة وبصيرة ثاقبة، وهو لا يحمل إجازات علمية، فهو فقط حاصل على التوجيهي، ومدرسته تعلم الأجيال من الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، بل جميع أحرار العالم، وحتى أولئك المهتمين بموضوع التنمية البشرية وبناء الشخصية، فإن أمامهم أنموذجا رائعا ومثاليا يمثله الشيخ الشهيد أحمد ياسين...ولكن الواجب أن يفرح الشيخ وهو في دار الآخرة بتحرير فلسطين ووحدة أبناء شعبه واجتماع كلمة الأمة وتوجيه بوصلتها نحو القدس، لا نحو الخلافات المذهبية والطائـفية والسياسية التي تستنزف الأمة وتطيل عمر الاحتلال.
فيما يلي نص مقال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حول اغتيال الشيخ أحمد ياسين:-
لماذا اغتال الصهاينةُ الشيخَ ؟!
بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
لم أرد في هذا المقال أن أغوص في التحليل السياسي بحثا عن الأسباب التي دفعت اليهود الصهاينة لارتكاب هذه الجريمة النكراء، فهذا أمر قيل فيه الكثير ويمكن أن يقال فيه ما هو أكثر، وأهم ما قيل فيه وما يمكن أن يقال عن دوافع الصهاينة لارتكاب هذه الجريمة النكراء أن القتلة هم من اليهود الذين جُبلوا على سفك الدماء، فقتل المسلمين الذين يأمرون بالقسط جزء لا يتجزأ من شريعتهم التلمودية، بل ومن طقوسهم الدينية (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ)، ولكني أردت في مقالي هذا أن أقلب النظر بحثا عن الحكمة الإلهية من وراء تمكينه سبحانه للصهاينة من دماء الشيخ رحمه الله رحمة واسعة.
فانطلاقا من إيماننا الراسخ أنه لا يجري في ملك الله إلا ما يريد (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)، وأن خيرة الله لعباده المؤمنين خير من خيرتهم لأنفسهم، وأن الأمور قد يظهر في نهايتها من الخير ما يناقض ما بدا في مطالعها من شر (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، فإنني على ثقة أن هناك حكمة إلهية من وراء ما حدث تنحصر – والله أعلم - في مكر الله بيهود (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ) ونصر الله لعباده المؤمنين(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وفي إطار ما نؤمن به من حكمة ربانية فيما جرى يبرز السؤال الذي نحاول الإجابة عليه: لماذا مكَّن الله سبحانه اليهود من مرادهم في النيل من حياة الشيخ رغم أنه أفشلهم في محاولتهم السابقة؟ أنا واثق أن الحكمة من وراء ذلك لا يعلمها إلا الله جل في علاه، ولكننا نجتهد عل وعسى أن يفتح الله علينا، فينير عقولنا لبلوغ بعض من حكمته فيما حدث، فالأمر أولا وأخيرا بيده وحده (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
ومن أجل ذلك وضعت بعض النقاط التي شرح الله صدري إليها آملا أن أكون قد اقتربت من الصواب، والسؤال الأول لماذا قدر الله للصهاينة في هذه المرة أن ينالوا من حياة الشيخ بينما أفشلهم في المحاولة السابقة؟
- ما من شك أن أجل الشيخ قد انقضى )فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(، فلم يشأ الله لهذا الشيخ المجاهد إلا أن تتوج حياته التي قضاها في سبيل الله بوسام الشهادة فاتخذه شهيدا )وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء(، وأعظم الشهادة أن تأتي بغدر من قتلة الأنبياء عليهم السلام، ولقد كنت أرى كطبيب أن صحة الشيخ في الأيام الأخيرة كانت في تدهور مستمر، لدرجة أنني كنت أشعر في قرارة نفسي بقلق شديد على حياة الشيخ وقد أسررت إلى بعض الإخوة بقلقي هذا، وهذا الشعور كان قد انتاب العديد من الإخوة القريبين من الشيخ أيضا، وشاركني في ذلك الدكتور محمود الزهار الذي راعه ما رأى من ضيق في التنفس كان يعاني منها الشيخ، بينما لم تكن صحة الشيخ في أي وقت سابق على هذه الدرجة من الخطورة وإن كان المرض دوما ملازما له، ولذلك كان لابد أن يكون الفشل نصيب المحاولة الأولى لأنه كان لازال في عمر الشيخ بقية.
- لقد كان مع الشيخ في المرة السابقة بعض الإخوة من القيادة، مما شكل فرصة للعدو أن يغتال الشيخ ثم يختبئ وراء الأباطيل زاعما أن الشيخ لم يكن مستهدفا ولكن وجوده مع المستهدفين قد أدى إلى استشهاده، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى امتصاص ردة الفعل المحلية والإقليمية والدولية وتخفيفها خاصة في ظل التغطية الأمريكية على الجرائم الصهيونية، ومن شأنه أيضا أن يساعد الصهاينة على الإفلات من عار استهداف رجل على كرسيه المتحرك، وإن كان هذا الصنف من البشر لا يكترث كثيرا بأي عار يمكن أن يلحق به، إلا أنهم يحاولون دائما تغليف جرائمهم بثوب التبرير للتدليس على الناس، فكان فشل المحاولة السابقة ضروريا إذن حتى لا يتحقق لهم ما يريدون، وأما نجاحهم في هذه المرة فقد فوت عليهم الفرصة لإخفاء حقيقتهم، فنزعت منهم هوية الانتماء للصنف البشري، فجريمة من هذا النوع لا يمكن لبشر أن يقترفوها، وهذا مما لا شك فيه سيؤدي إلى إساءة وجوههم على المستوى الدولي، وقد بدا ذلك واضحا بردة الفعل غير المسبوقة على مستوى العالم.
وأقول مجيبا على السؤال الثاني: لماذا مكنهم الله من الشيخ إذن؟
- علينا ألا ننسى أنه لابد من القضاء على نفوذ هذا الصنف من الوحوش البشرية، وذلك حماية للعالم مما قد ينشر هذا العفن البشري فيه من فساد، وقد بين سبحانه أن فساد اليهود يعم الأرض )لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ(، ولذلك جعل الله إذلالهم والتسليط عليهم إحدى سننه التي لا تتبدل )وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ(، والتسليط عليهم لابد أن يسبقه تحريض المسلَّطين حتى لا يبقى في قلوبهم شيء من الرحمة وهم يقومون بواجبهم المقدس في تطهير العالم من دنس هؤلاء الأشرار، ومن هنا وقع الصهاينة في فخ مكر الله بهم إذ تمت الجريمة بدرجة عالية من البشاعة أثارت غضبا عارما على مستوى الكرة الأرضية )فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا(، وعلى ما يبدو أن الذي سيسوم هؤلاء القتلة سوء العذاب في هذه المرة هم المسلمون، فجاءت الجريمة مستفزة للمسلمين بقوة، ومستنهضة لهممهم، وهذا ما يجعلني أرجح أن هؤلاء الصهاينة سيمكنهم الله من هدم المسجد الأقصى في المستقبل - ربما غير البعيد - وذلك زيادة في تحريض الأمة واستنهاضها ضدهم.
- لم يعد سرا أن هناك مخططات تصفوية للقضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، وهناك للأسف الشديد من يسيل لعابه كي يعطى دورا في التصفية أملا في تحقيق حضورا لنفسه في بيئة ترفضه، وهذا الصنف من أبناء الأمة موجود على طول وعرض الخارطة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وإن أحداثا من هذا الحجم كفيلة بالفعل التراكمي أن تزيد من عزلة وإقصاء هؤلاء المنافقين، وبالتالي تقليص مخاطرهم، وإضعاف قدرتهم على التصدي للنهوض المتسارع على مستوى الأمة، وهؤلاء المنافقون كانوا دائما يدا على أمتهم لصالح الصهاينة الأعداء، وجرائم من هذا الوزن كفيلة أن تضعهم في دائرة الاتهام والتهميش، مما يضعف دورهم الهدام فينعكس ذلك سلبا على قدرة العدو على المواجهة وبالتالي على تنفيذ مخططاته.
- إن اغتيال الشيخ وفر جوا مناسبا لتصعيد المقاومة دون أن ينهار التماسك الفلسطيني الذي يشكل أهم مقومات النصر في معركة الوجود التي يخوضها شعبنا ببسالة نادرة.
- بل أستطيع القول أن دماء الشيخ الطاهرة قد وحدت الصف الفلسطيني على اختلاف شيعه السياسية على خيار المقاومة، ليصبح الخيار الوحيد لكل الفصائل الفلسطينية بإذن الله تعالى.
رحم الله شيخنا كانت حياته بفضل الله خيرا للمسلمين، وكذلك كان استشهاده.
(انتهى نص مقال الرنتيسي رحمه الله)
سري سمّور
# الثاني والعشرون من آذار(مارس) في السنة الرابعة بعد الألفين للميلاد كان يوما من أيام فلسطين الحزينة؛ فقد تجرّأ شارون على الشيخ أحمد ياسين، وقصفته الطائرات أمريكية الصنع، وبغطاء سياسي أمريكي كامل ليلقى ربه شهيدا، بعد سنوات طويلة من العمل والجهاد والابتلاء، ولم تكن تلك أول محاولة لتصفية الشيخ لكن الله قدّر له أن يحيا حتى أجله المحتوم رغم أنف شارون.
# أما الأعذار فهي واهية؛ فالشيخ الشهيد لم يكن له دور في عمليات المقاومة المسلحة بالمعنى الفيزيائي، وهي الذريعة الصهيونية الدائمة، أما عن زعامته لحركة حماس فكانت معنوية أدبية لا بالمعنى الحرفي التنظيمي، لكن الله أراد أن يتجرّأ أعداء الله على شيخ مقعد مسنّ يعاني العديد من الأمراض، ولا يبصر بعينه اليمنى، وهم لم يترددوا سابقا في سجنه سنوات طويلة...فالله قدّر أن مثله لن يموت على فراشه، بل بصواريخ مروحيات أعدائه، وبعد أدائه صلاة الفجر في المسجد، وفي ذكرى تأسيس حركة الإخوان المسلمين(1928م) التي كان الشيخ زعيم فرعها الفلسطيني...إنه الفلسطيني المهجر عن أرضه(جورة عسقلان) سنة 1948م وهو ليس ابن زعيم أو إقطاعي، ولا ابن عائلة ممتدة ذات نـفوذ؛ ولكنه من رجل آمن بالله، واقتنع بحقوق شعبه، وسمت همّته، وطمح إلى المعالي فأتته راغمة، وأرادوا بقتله محو ذكره وهدم مدرسته وإذلال تلامذته...فخاب بعون الله مسعاهم.
# والحديث عن الإمام الشيخ الشهيد أحمد ياسين طويل بلا شك، ولا يمكن لمقالة كهذه تناول كل ما يتعلق بالشيخ وحياته وجهاده ومواقفه ولمن شاء الاستزادة فهناك كتب ودراسات ومواقع على الإنترنت تتناول هذه الجوانب ومنها:-
http://www.yaseenday.com/
إلا أنني سأتناول سريعا بعضا من ملامح حياة ودعوة الشيخ ياسين، وما تحقق وما هو بالانتظار، وأيضا ما يخص عنوان المقال:-
1) كان الشيخ احمد ياسين صاحب بصيرة حينما أدرك أن دور إخوان فلسطين لا يـقتصر على الجوانب الوعظية والأعمال الخيرية والنشاطات الدعوية التقليدية، على أهميتها، بل يتعداه إلى الجهاد بالسنان مع اللسان، فحرص على اقتناء وتخزين السلاح في النصف الأول من ثمانينيات القرن المنصرم.
2) حين اندلعت انتفاضة الحجارة كان الشيخ يثبت من جديد أنه صاحب بصيرة ورؤية بعيدة حينما أسس حركة المقاومة الإسلامية(حماس) مخالفا بذلك رأي إخوة آخرين، ومحتملا انتقاد بعض من الإخوان المسلمين في الدول العربية، الذين تهيّبوا من تلك الخطوة، بحجة عدم قدرتهم على توفير الدعم الكافي واللازم، فكان رده ذكيا جامعا لا مفرّقا بأنه يتقبل منهم الدعم الذي يقدرون عليه ولو اقتصر على الدعاء؛ واليوم يدرك كل إخوان العالم أهمية حماس في دعوة الإخوان، وأنها الفرع الوحيد ربما الذي حتى خصوم الإخوان العقائديون أو السياسيون أو غيرهم يحترمونه ويستثنونه من حملاتهم، ويتوارون خجلا من تضحيات قادته.
3) كان الشيخ أحمد ياسين حريصا على حشد الجميع لمسيرة تحرير الأرض الفلسطينية، لا سيما بعيد الإفراج عنه من سجون الاحتلال؛ فقد حرص قدر الإمكان على تخفيف التوتر مع فتح والسلطة، بل إنه حضر اجتماعا للمجلس المركزي، في خطوة لافتة آنذاك، وحين زار سورية والتقى حافظ الأسد حاول إبرام مصالحة بين النظام السوري والإخوان المسلمين، مع ما يعرفه بل درّسه لتلامذته من عداء بين الطرفين، ولكنه كان يريد أن ينهي الجميع خلافاتهم أو أن يجمّدوها حتى تحرير فلسطين، وزار الشيخ الكويت وإيران، وفي حلّه وترحاله كان يوجه البوصلة نحو الحق الفلسطيني المغتصب من الكيان الصهيوني، بصوته الواهن ومع مرضه، لكن إرادته وعزيمته ورمزيته جعلت الكل يستمع له وينصت بمهابة وإجلال، وأقام –رحمه الله- الحجة على الأمة بأسرها بحثّها على إنقاذ فلسطين واستعادة المسجد الأقصى...وليس جديدا على الشيخ حرصه على وأد الفتنة ومحاصرتها؛ فحتى على الصعيد الشخصي، أخفى الشيخ أنه كان يتصارع مع أحد زملائه(عبد الله الخطيب) مما سبب له الحادث الذي كان من تبعاته الشلل الذي لازمه والذي بدأت أعراضه بعد أسابيع من الحادث حين كان فتى في الخامسة عشرة من عمره، وكشف عن هذا السرّ بعد عشرات السنين وعلى نطاق ضيق، مخافة وقوع مشكلات بين عائلته وعائلة الخطيب.
4) رحل الشيخ قبل أن يرى أي جزء من فلسطين قد تحرر، أو اندحر الاحتلال عنه، بل إن شارون أراد ألا يكون الشيخ حاضرا حين تتفكك نيتساريم التي وصفها بأن مصيرها مثل مصير «تل أبيب» وما درى أن الشيخ في العلياء ينظر لاندحاره، ولكن مسيرة التحرير توقفت عند اندحار الاحتلال عن قطاع غزة، وتحويله إلى سجن كبير، وتسمين المستوطنات في الضفة وتهويد القدس، فما لهذا جاهد الشيخ ولا سجن ولا قضى شهيدا هو ومن خلفه ومن قبله، ووجب على السائرين على درب الياسين أن يستأنفوا مسيرة التحرير.
5) أما الأسرى فقد أكد الشيخ أنه لا يجوز أن يمكث أي أسير في السجون الصهيونية أكثر من خمس سنوات، كحد أقصى، وهذا ما لم يتحقق، حتى مع صفقة وفاء الأحرار، وملف الأسرى في هذه الأيام في غاية الحساسية والدقة، فوجب الرجوع إلى وصية الشيخ، ومفهوم أنه قصد الاستمرار في عمليات أسر الجنود ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينيين.
أما ما عنونت به مقالتي هذه عن ارتباط هدم المسجد الأقصى بذكرى استشهاد الشيخ؛ فإننا نلحظ أنه وبعد تسع سنين على تلك الجريمة النكراء تتسارع الهجمات على المسجد الأقصى، ولا يمر يوم دون اقتحامه وتدنيسه من جيش الاحتلال ومستوطنيه، ولكن كل تلك الاعتداءات وكثير منها مصورة لم تـفجّر غضب الأمة، ولا غضب الشعب الفلسطيني، الذي فجّر انتفاضة دامت سنوات بسبب محاولة شارون اقتحام المسجد، ولا يخفى على أحد أن ما يجري هذه الأيام للمسجد الأقصى ومدينة القدس أكبر بل أخطر بكثير من تلك المحاولة، وهذا ما قد يجعلهم يتجرؤون على هدم المسجد الأقصى.
# وقد قرأت مقالا (أورد نصه كاملا في آخر مقالي) كتبه الشهيد د.عبد العزيز الرنتيسي بعيد اغتيال شيخه الياسين، وقبيل لحاقه به شهيدا، فهما رفيقان في الحياة والجهاد والسجون، ورفيقان في الشهادة، بفارق أسابيع قليلة، وبرحمة الله هما رفيقان في جنات عدن، وفي ذلك المقال تحدث الرنتيسي عن ترجيحه أن اليهود سيهدمون المسجد الأقصى بوقت ربما ليس بعيدا.
ويبدو أن الأمة تبلّدت أحاسيسها تجاه فلسطين والأقصى، فلا يحركها عدوان الاحتلال على نسوة مصاطب العلم، أو التدنيس والاستفزاز اليومي المتواصل، فأصبح ارتكاب الاحتلال حماقة بحق المسجد الأقصى قاب قوسين أو أدنى، خاصة في ظل الحكومة الصهيونية الجديدة، والمراهنة على انشغال الأمة بالمسائل والتحديات الداخلية، والله تعالى أعلم.
وفي ذكرى الشيخ القَعيد(بفتح القاف) المُقعِد(بضم الميم وكسر العين) ندعو لأنـفسنا بالرحمة، قبل أن ندعو له، فهو صاحب همة عالية فاقت الأصحاء، وصاحب رؤية شاملة وبصيرة ثاقبة، وهو لا يحمل إجازات علمية، فهو فقط حاصل على التوجيهي، ومدرسته تعلم الأجيال من الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية، بل جميع أحرار العالم، وحتى أولئك المهتمين بموضوع التنمية البشرية وبناء الشخصية، فإن أمامهم أنموذجا رائعا ومثاليا يمثله الشيخ الشهيد أحمد ياسين...ولكن الواجب أن يفرح الشيخ وهو في دار الآخرة بتحرير فلسطين ووحدة أبناء شعبه واجتماع كلمة الأمة وتوجيه بوصلتها نحو القدس، لا نحو الخلافات المذهبية والطائـفية والسياسية التي تستنزف الأمة وتطيل عمر الاحتلال.
فيما يلي نص مقال الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حول اغتيال الشيخ أحمد ياسين:-
لماذا اغتال الصهاينةُ الشيخَ ؟!
بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي
لم أرد في هذا المقال أن أغوص في التحليل السياسي بحثا عن الأسباب التي دفعت اليهود الصهاينة لارتكاب هذه الجريمة النكراء، فهذا أمر قيل فيه الكثير ويمكن أن يقال فيه ما هو أكثر، وأهم ما قيل فيه وما يمكن أن يقال عن دوافع الصهاينة لارتكاب هذه الجريمة النكراء أن القتلة هم من اليهود الذين جُبلوا على سفك الدماء، فقتل المسلمين الذين يأمرون بالقسط جزء لا يتجزأ من شريعتهم التلمودية، بل ومن طقوسهم الدينية (وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ)، ولكني أردت في مقالي هذا أن أقلب النظر بحثا عن الحكمة الإلهية من وراء تمكينه سبحانه للصهاينة من دماء الشيخ رحمه الله رحمة واسعة.
فانطلاقا من إيماننا الراسخ أنه لا يجري في ملك الله إلا ما يريد (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ)، وأن خيرة الله لعباده المؤمنين خير من خيرتهم لأنفسهم، وأن الأمور قد يظهر في نهايتها من الخير ما يناقض ما بدا في مطالعها من شر (فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)، فإنني على ثقة أن هناك حكمة إلهية من وراء ما حدث تنحصر – والله أعلم - في مكر الله بيهود (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ) ونصر الله لعباده المؤمنين(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)، وفي إطار ما نؤمن به من حكمة ربانية فيما جرى يبرز السؤال الذي نحاول الإجابة عليه: لماذا مكَّن الله سبحانه اليهود من مرادهم في النيل من حياة الشيخ رغم أنه أفشلهم في محاولتهم السابقة؟ أنا واثق أن الحكمة من وراء ذلك لا يعلمها إلا الله جل في علاه، ولكننا نجتهد عل وعسى أن يفتح الله علينا، فينير عقولنا لبلوغ بعض من حكمته فيما حدث، فالأمر أولا وأخيرا بيده وحده (وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ).
ومن أجل ذلك وضعت بعض النقاط التي شرح الله صدري إليها آملا أن أكون قد اقتربت من الصواب، والسؤال الأول لماذا قدر الله للصهاينة في هذه المرة أن ينالوا من حياة الشيخ بينما أفشلهم في المحاولة السابقة؟
- ما من شك أن أجل الشيخ قد انقضى )فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ(، فلم يشأ الله لهذا الشيخ المجاهد إلا أن تتوج حياته التي قضاها في سبيل الله بوسام الشهادة فاتخذه شهيدا )وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء(، وأعظم الشهادة أن تأتي بغدر من قتلة الأنبياء عليهم السلام، ولقد كنت أرى كطبيب أن صحة الشيخ في الأيام الأخيرة كانت في تدهور مستمر، لدرجة أنني كنت أشعر في قرارة نفسي بقلق شديد على حياة الشيخ وقد أسررت إلى بعض الإخوة بقلقي هذا، وهذا الشعور كان قد انتاب العديد من الإخوة القريبين من الشيخ أيضا، وشاركني في ذلك الدكتور محمود الزهار الذي راعه ما رأى من ضيق في التنفس كان يعاني منها الشيخ، بينما لم تكن صحة الشيخ في أي وقت سابق على هذه الدرجة من الخطورة وإن كان المرض دوما ملازما له، ولذلك كان لابد أن يكون الفشل نصيب المحاولة الأولى لأنه كان لازال في عمر الشيخ بقية.
- لقد كان مع الشيخ في المرة السابقة بعض الإخوة من القيادة، مما شكل فرصة للعدو أن يغتال الشيخ ثم يختبئ وراء الأباطيل زاعما أن الشيخ لم يكن مستهدفا ولكن وجوده مع المستهدفين قد أدى إلى استشهاده، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى امتصاص ردة الفعل المحلية والإقليمية والدولية وتخفيفها خاصة في ظل التغطية الأمريكية على الجرائم الصهيونية، ومن شأنه أيضا أن يساعد الصهاينة على الإفلات من عار استهداف رجل على كرسيه المتحرك، وإن كان هذا الصنف من البشر لا يكترث كثيرا بأي عار يمكن أن يلحق به، إلا أنهم يحاولون دائما تغليف جرائمهم بثوب التبرير للتدليس على الناس، فكان فشل المحاولة السابقة ضروريا إذن حتى لا يتحقق لهم ما يريدون، وأما نجاحهم في هذه المرة فقد فوت عليهم الفرصة لإخفاء حقيقتهم، فنزعت منهم هوية الانتماء للصنف البشري، فجريمة من هذا النوع لا يمكن لبشر أن يقترفوها، وهذا مما لا شك فيه سيؤدي إلى إساءة وجوههم على المستوى الدولي، وقد بدا ذلك واضحا بردة الفعل غير المسبوقة على مستوى العالم.
وأقول مجيبا على السؤال الثاني: لماذا مكنهم الله من الشيخ إذن؟
- علينا ألا ننسى أنه لابد من القضاء على نفوذ هذا الصنف من الوحوش البشرية، وذلك حماية للعالم مما قد ينشر هذا العفن البشري فيه من فساد، وقد بين سبحانه أن فساد اليهود يعم الأرض )لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ(، ولذلك جعل الله إذلالهم والتسليط عليهم إحدى سننه التي لا تتبدل )وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ(، والتسليط عليهم لابد أن يسبقه تحريض المسلَّطين حتى لا يبقى في قلوبهم شيء من الرحمة وهم يقومون بواجبهم المقدس في تطهير العالم من دنس هؤلاء الأشرار، ومن هنا وقع الصهاينة في فخ مكر الله بهم إذ تمت الجريمة بدرجة عالية من البشاعة أثارت غضبا عارما على مستوى الكرة الأرضية )فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا(، وعلى ما يبدو أن الذي سيسوم هؤلاء القتلة سوء العذاب في هذه المرة هم المسلمون، فجاءت الجريمة مستفزة للمسلمين بقوة، ومستنهضة لهممهم، وهذا ما يجعلني أرجح أن هؤلاء الصهاينة سيمكنهم الله من هدم المسجد الأقصى في المستقبل - ربما غير البعيد - وذلك زيادة في تحريض الأمة واستنهاضها ضدهم.
- لم يعد سرا أن هناك مخططات تصفوية للقضية الفلسطينية والوجود الفلسطيني، وهناك للأسف الشديد من يسيل لعابه كي يعطى دورا في التصفية أملا في تحقيق حضورا لنفسه في بيئة ترفضه، وهذا الصنف من أبناء الأمة موجود على طول وعرض الخارطة الفلسطينية والعربية والإسلامية، وإن أحداثا من هذا الحجم كفيلة بالفعل التراكمي أن تزيد من عزلة وإقصاء هؤلاء المنافقين، وبالتالي تقليص مخاطرهم، وإضعاف قدرتهم على التصدي للنهوض المتسارع على مستوى الأمة، وهؤلاء المنافقون كانوا دائما يدا على أمتهم لصالح الصهاينة الأعداء، وجرائم من هذا الوزن كفيلة أن تضعهم في دائرة الاتهام والتهميش، مما يضعف دورهم الهدام فينعكس ذلك سلبا على قدرة العدو على المواجهة وبالتالي على تنفيذ مخططاته.
- إن اغتيال الشيخ وفر جوا مناسبا لتصعيد المقاومة دون أن ينهار التماسك الفلسطيني الذي يشكل أهم مقومات النصر في معركة الوجود التي يخوضها شعبنا ببسالة نادرة.
- بل أستطيع القول أن دماء الشيخ الطاهرة قد وحدت الصف الفلسطيني على اختلاف شيعه السياسية على خيار المقاومة، ليصبح الخيار الوحيد لكل الفصائل الفلسطينية بإذن الله تعالى.
رحم الله شيخنا كانت حياته بفضل الله خيرا للمسلمين، وكذلك كان استشهاده.
(انتهى نص مقال الرنتيسي رحمه الله)
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية