تسارعت في الآونة الأخيرة وتيرة الأخبار والتقارير والتوقعات والتكهنات التي تتحدث عن صفقة التبادل المرتقبة بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية ،والتي في غالبيتها تبشر بقرب إتمام الصفقة ، فقال بعضهم بان الصفقة تنتهي خلال أيام معدودة ، وبعضهم ادعى بأنها ستتم بعد عيد الأضحى ، وأخيراً سمعنا من بعض المصادر والتي تلقفتها وسائل الإعلام دون تحفظ، بأن شاليط الآن متواجد في مصر برفقه القيادي في حماس" محمود الزهار" وان هذا الإجراء هو مقدمة لإتمام الصفقة خلال ساعات .
هذا التصعيد الإعلامي في نشر أخبار صفقة التبادل كنا نتمنى أن يرافق قضية الأسرى على الدوام ، كي تبقى طليعة القضايا ، وتضع الجميع أمام مسئولياته في متابعة تلك القضية الحساسة والهامة لدى كافة أبناء شعبنا ، ولكي نستطيع تجنيد اكبر عدد من المتضامنين مع قضيتهم ، وان نفضح سياسات الاحتلال بحقهم ، ولكن هذا لم يحدث ، حيث تأخذ قضية الأسرى طابع الموسمية في التغطية الإعلامية ، فقد تمر أيام أو أسابيع لا تكاد تسمع عن معاناتهم شيئاً ، و إذا ما وقع مكروه لأحد الأسرى ، أو اعتداء في احد السجون ، تجد الإعلام وقد استيقظ من غفوته وبدأ بالاهتمام بتلك القضية وهكذا .
أهالي الأسرى هم أكثر الفئات متابعة لما ينشر في وسائل الإعلام حول الصفقة حيث قلوبهم وعقولهم وعواطفهم ومشاعرهم متعلقة بذلك الأمل بان يحتضنوا عما قريب أبناءهم الذين غابوا قسراً لسنوات طويلة ، وتنتهي فصول المعاناة التي طالما عايشوها جراء اعتقال أبنائهم ، وكما يقول المثل الشعبي "الغريق يتعلق بقشة" لذلك مع انتشار تلك الأخبار التي بشرت أهالي الأسرى بقرب إتمام الصفقة ، رأينا بعض الأهالي من بدأ يجهز مسكنا لابنهم الأسير، وبعضهم قام بتعليق الزينة والاستعداد لإقامة الولائم والأفراح ، وبعضهم ابتعد أكثر من ذلك فقام بتجهيزات الزواج لأبنائهم المقرر الإفراج عنهم ضمن الصفقة ، وغالبيتهم يمر بمرحلة من القلق والتوتر والترقب خشية ألا يكون أبناؤهم ضمن الصفقة ، وهذا له نتائج سيئة للغاية بعد الأمل الكبير الذي غرسته وسائل الإعلام فيهم .
للأسف الشديد فان وسائل الإعلام تعتمد في المقام الأول في الحصول على تلك الأخبار المتعلقة بالصفقة على وسائل إعلام العدو ، وطمعاً في الحصول على السبق والريادة ، تقوم وسائل إعلامنا بإعادة نشر ما يذيعه العدو دون تدقيق أو تمحيص أو استفسار عن مصداقيته ، ودون إدراك لأهداف العدو من وراء نشر هذه الأخبار .
وسائل الإعلام يجب أن تدرك أبعاد تناول أخبار الصفقة على نفسيات الأسرى وذويهم ، وبالأخص على ذويهم حيث أن الأسرى أكثر وعياً لمخططات الاحتلال من وراء نشر هذه الأخبار ، فهم وان كانوا متعلقين بالأمل بالتحرر ولكنهم عقلانيون أكثر من ذويهم الذين يتعاملون مع تلك التصريحات وكأنها حقيقة واقعة .
فيا وسائل الإعلام رأفة بأهالي الأسرى يكفيهم ما هم فيه، يجب أن تكونوا عوناً لهم لا عامل ضغط عليهم ، يجب أن تتحلوا بالمسئولية ولا تحققوا مصالحكم الخاصة على حساب الأسرى وأهلهم ، يجب عليكم تحرى الدقة والواقعية وعدم الانجرار وراء الإعلام الصهيوني ، الذي يهدف من وراء نشر هذه الأخبار، إما الضغط على فصائل المقاومة عبر أهالي الأسرى للإسراع في إتمام الصفقة والتنازل عن بعض الأسماء ، أو يهدف إلى التعرف على ردات فعلنا تجاه هذه التسريبات ، لكي يبلور معها العدو مواقف جديدة لينال من ثباتنا وصمودنا ، أو يهدف لخلط الأوراق وتعميق الانقسام بالحديث عن أسرى من لون سياسي معين يرفض إطلاق سراحهم .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية