رسالة الى المستوطن الذي قتل في نابلس
عدنان حمارشة
رسالة إلى المستوطن بن يوسف ليفنات الذي قتل في أرضنا الفلسطينية
أتحدث إليك باسمي وباسم أولادي وزوجتي وأمي لأني لا املك حق الحديث عن كل الفلسطينيين
بداية اسمح لي بعد أن انحني لك لأنه لا يعقل أن لا انحني لك بعد كل هذه الاتفاقيات المبرمة بين حكومتنا وحكومتكم واسمح لي أن استميحك عذرا لما فعله ذاك الشرطي بكم أنت ورفاقك في ذاك اليوم حيث دخلتم أرضكم المزروعة في وسط العالم في بقعه اسمها فلسطين ارض أجدادكم وإبائكم .أجدادك الذين جاؤوا من إفريقيا وأوروبا وروسيا ومن أقطار الأرض كلها. ونستميحك عذرا طبعا إن تطاولنا عليكم أحيانا وقلنا أن هذه أرضنا وملك يميننا . فلا حق لنا في هذه الأرض التي عشنا فيها منذ الأزل ونزل فيها قرانا بأنها أرضا إسلامية وتناقل العدو قبل الصديق صدق القول بأنها أرضا فلسطينية
نعتذر عن كل ذلك
كما نعتذر عن الرصاص الذي قتل إيمان حجو على أرضكم، اعتذر لكم على دموع أبيها وأمها فهي دموع قد أذابت صلابتكم
اعتذر لكم عن موت عبير إسكافي التي ماتت بعد أن منعها الضابط على أبواب سجن النقب من زيارة والدها ففرق قلبها وشهقت..اعتذر لك عنها لأنها قد تكون شهقت شهقة الموت بصوت عال قد تكون أزعجتكم وانتم تنبشون تحت أسوار الأقصى
اعتذر لك أيها اليهودي المولود في إفريقيا أو روسيا أو هولندا أو في أي بقعة من بقاع الأرض اعتذر لك لأننا ولدنا هنا ولم نولد مثلك هناك.. اعتذر لك عن حقنا في هذي الأرض.. لكن ها أنت ترى كم نحاول جاهدين لإرضائك وتزييف كل حروف التاريخ لتكون هذه أرضك.. لكني اشك أننا سننجح في ذلك..
أنت تعلم معي ايها السيد الميت برصاص الشرطي الفلسطيني أني لن أوفيك حقك بالاعتذار ..فنحن فعلنا وفعلنا وفعلنا..
لكن يكفيك أني لا أنام الليل أنا وأهلي ونحن نفكر كيف نعتذر لك لان أخي المهندس الشهيد ذهب إلى تركيا وتعلم هناك ليرجع إلى وطنه ليساعد أباه وأمه العجوزين وعندما عاد وبعد شهر فقط تناولته رصاصة الحب من جنودك ونحن بالطبع نعلم أنها ليس إلا رصاصة لم يكن منها القصد القتل الوحشي والهمجي الذي لا يرضى عنه حيوان ناهيك عن الإنسان..نعم اعلم أنها ليست إلا رصاصة ليست بقصد القتل والدليل على ذلك معي فلا تخف أن يتهمك احد... الدليل أن الرصاصة أطلقت من مسافة متر واحد من بندقية إليه م 16 وجاءت مباشرة في منتصف الجبهة..وهذا بلا شك دليل على أن الرصاصة طائشة
أعتذر لك لأني غلبتكم في الحياة السابقة حيث جعلتكم تنهمكون باعتقالي أكثر من سبع مرات والأولى في اللحظة التي استشهد فيها أخي.. وبعدها بعشرة أيام جاء احد ضباطك في الشين بيت إلى بيت أبي وقال له حسنا يا أبا عمر سنجعل فرحتك ثلاث فرحات الأولى استشهاد عمر والثانية حكم عدنان بالمؤبد والثالثة إننا سنهدم بيتكم .. طبعا هنا يجب إن أسجل أعظم آيات الشكر والعرفان لكم جميعا فقد أعطيتم الوالد الفرصة ليموت وهو واقف بالشارع على بعد عشرين مترا من مكان استشهاد ابنه... سامحه الله فقد مات لأنه لم يتحمل ضغط وهول المفاجأة عليه بأن ابنه وابنه الآخر وبيته ..كل شيء سيزول .. ووقع على الأرض شهيدا .. عيناه لا زالت شاخصة كأني أراها
تقول: لا يا أبنائي إنا كنت هرما ومت هؤلاء لا دخل لهم في موتي
وطبعا أنا اصدق رواية عيني أبي التي لم أرهما
كل شيء يصب في صالحكم
كل الإنسانية يجب أن تشهد بأنكم المظلومون ونحن الظالمون على طول المدى
لكن؟؟؟؟ حتى وان لم يشهد لكم أحد فتأكدوا أني وأمي سنشهد بأنكم الصالحون
فانتم قد أبعدتموني عنها أكثر من عشر سنوات طبعا السبب معروف: حتى يزداد شوقها لي كما الأمهات الأخر أمهات السبعين ألف أسير الذين تم اعتقالهم خلال السنوات الماضية!
ولا تنسى أيضا السنوات الست التي قضيتها في الاعتقال الإداري.. وخلالها كبر عمر وكبرت ليلى وذهبوا إلى الجامعة بعد أن تركتهم أطفالا يلاعبونني ويتضاحكون من حولي
اشكر لك إعطائي القوة حتى اصمد كل هذه السني واخرج لأراهم مرة أخرى
أيها السيد المقتول برصاص شرطي فلسطيني:
اعتذر لك لأني سجنت ست سنوات بغير ذنب
اعتذر لك لان ابني الصغير لم يعرفني عندما خرجت
اعتذر لك عن دموعي ودموع زوجتي التي وشحت وجه الأرض بها
اعتذر لك عن أطفال غزة الذين قتلوا بقنبلة لا يعرف اسمها تزن طنا تزن مئة ضعف وزن الأطفال الذين استشهدوا هناك
أما لماذا اعتذر عنهم؟ فلأنه كان من الأولى لهم أن يعلموا بالغيب وأنكم ستقصفون هذه الامكنة ويبتعدوا عنها حتى لا يموتوا وبالتالي يسببوا الإحراج لكم
أيها السيد :
أيضا اعتذر لشعبكم لأنا لا زلنا أحياءً ونقاتل
اعتذر لشعبكم العظيم لأننا أعظم منه
اعتذر لقتلاكم لأنهم في جهنم الحمراء الخالدة وشهداؤنا في جنان خضراء يانعة
اعتذر لقادتكم لأنهم اجبروا على قتل عشرات الآلاف منا وما زلنا....وسنبقى
سنبقى بعد القمح وسنابله...سنبقى بعد الزيتون وبيدره
سنبقى حتى لو ما بقى احد منا.. سنبقى
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية