سلام كيري - نتنياهو الاقتصادي
ياسر الزعاترة
بحسب، رويترز، فقد تحدث جون كيري في دافوس البحر الميت عن خطة لتحفيز النمو الفلسطيني تصل كلفتها إلى أربعة مليارات دولار في استثمارات خاصة، من دون الكشف عن الجهة التي ستوفر المبلغ. ورسم صورة لتحقيق الرخاء في الضفة الغربية؛ قد يمتد إلى الكيان الصهيوني والأردن.
وقال كيري إن مجموعة تعمل تحت إشراف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من أجل تحديد الفرص في مجالات السياحة والتشييد والطاقة والزراعة وصناعات التكنولوجيا المتطورة في الأراضي الفلسطينية.
وتشير دراستهم المبدأية إلى أن الناتج الإجمالي المحلي الفلسطيني قد يرتفع بنحو 50 في المئة خلال ثلاث سنوات مع تراجع البطالة بما يقرب من الثلثين لتصل إلى 8 في المئة وارتفاع الأجور بما يصل إلى 40 في المئة.
ولأنه يدرك ما تثيره الخطة المشار إليها من أسئلة (دعك من إمكانية تحققها فعلا)، فقد أوضح كيري أن رؤيته لتحقيق نهضة اقتصادية ليست خطوة بديلة عن المفاوضات؛ يستحق التوقف من أجل قراءة هذا الموقف الذي يأتي بعد جملة من اللقاءات التي عقدها كيري منذ تسلمه لمنصب وزير الخارجية.
من المؤكد أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية بالنسبة للولايات المتحدة التي تتجه نحو الصين وحوض الباسفيكي، لكن الهواجس الإسرائيلية تظل أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، إذ أن الإصغاء إليها دائما وأبدا هو مطلب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي لا يمكن تجاهله، في ظل سيطرته الواسعة على الكونغرس بجمهورييه وديمقراطييه.
على هذه الخلفية تأتي تحركات كيري المستمرة، والتي تركز على عودة المفاوضات، والأهم على تكريس الواقع الجديد في الضفة الغربية على نحو لا يؤدي إلى “انتكاسة” تتمثل في انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة تستلهم أجواء الربيع العربي، وتهدد ما تحقق من إنجازات للاحتلال خلال السنوات السبع الماضية، لاسيما الإنجاز الأمني الذي منح الصهاينة أمنا لم يحصلوا على مثله منذ عقود؛ إذا استثنينا جولتي المواجهة مع حماس في قطاع غزة.
من الواضح أن كيري، وبعد جملة اللقاءات التي عقدها مع قادة الاحتلال قد توصل إلى نتيجة مفادها أن أية مفاوضات لا يمكن أن تؤدي إلى حل نهائي بسبب بؤس العرض الإسرائيلي، وأنه لا بد من تبني الرؤية الإسرائيلية القائمة على السلام الاقتصادي أو الحل الانتقالي بعيد المدى أو الدولة المؤقتة. ولكي يمر هذا الحل لا بد من تهيئة الأجواء في الضفة الغربية عبر إشغالها بأسئلة التنمية والاستثمار والرواتب، وهذا هو بالضبط ما اشتغل عليه توني بلير منذ سنوات، إلى جانب المسار الأمني الذي بدأه دايتون (تغير الأخير، وجاء مايكل مولر، ثم ثالث جديد، وبقي توني بلير!!).
من هنا، فإن إشغال الفلسطينيين بهذا المسار لا بد له من حوافز اقتصادية، يبدو أنه سيكون لبعض العرب فيها دور ما، لاسيما أولئك الذي أقاموا قنصلية سرية لإسرائيل، وربما آخرون أيضا، لكن النتيجة أننا إزاء تكريس لمسار واحد ووحيد هو مسار السلام الاقتصادي، مع “حوافز” محدودة أخرى (من بينها الإفراج عن معتقلين)، بصرف النظر عن استمراره دون مفاوضات، أم تكريسه عبر التفاوض، وصولا إلى دولة الجدار الأمني التي ستغدو في حالة نزاع حدودي مع جارتها، بخاصة إذا حصلت تاليا على اعتراف بعضويتها (الكاملة) في الأمم المتحدة بعد أن حصلت على عضوية بصفة مراقب العام الماضي.
هذه هي خلاصة ما يفهمه المراقب من حديث كيري في دافوس (البحر الميت)، وأي كلام آخر سيكون بلا قيمة أو معنى، لاسيما أن كبير المفاوضين ورئيسه وكل من وقفوا خلف تنازلات مريعة فضحتها وثائق التفاوض ورفضها أولمرت وليفني يدركون تماما أن نتنياهو لن يقبل بذات العرض، فضلا عن أن يقدم لهم ما سبق أن عرضه عليهم باراك وكلينتون في كامب ديفيد 2000.
هل سيقبل الشعب الفلسطيني بذلك؟ وهل ستتم مصالحة على قاعدة بائسة كهذه؟ هذا هو السؤال المطروح، وفي اعتقادنا أن هذا الهرم الفاسد لن يلبث أن يُهدم بيد الشعب الفلسطيني الذي لو أراد مجرد العيش، لما كان في حاجة لذلك المسلسل الطويل من التضحيات طوال عقود.
سينتهي هذا المخطط، ومعه من يقفون خلفه، أكان بعد شهور، أم بعد سنوات، وسيعود الشعب الفلسطيني إلى ذاته وقضيته معلنا إطلاق مقاومة جديدة تستنزف العدو وتفرض عليه التنازلات، وصولا إلى تفكيك مشروعه، ولو بعد حين.
ياسر الزعاترة
بحسب، رويترز، فقد تحدث جون كيري في دافوس البحر الميت عن خطة لتحفيز النمو الفلسطيني تصل كلفتها إلى أربعة مليارات دولار في استثمارات خاصة، من دون الكشف عن الجهة التي ستوفر المبلغ. ورسم صورة لتحقيق الرخاء في الضفة الغربية؛ قد يمتد إلى الكيان الصهيوني والأردن.
وقال كيري إن مجموعة تعمل تحت إشراف رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من أجل تحديد الفرص في مجالات السياحة والتشييد والطاقة والزراعة وصناعات التكنولوجيا المتطورة في الأراضي الفلسطينية.
وتشير دراستهم المبدأية إلى أن الناتج الإجمالي المحلي الفلسطيني قد يرتفع بنحو 50 في المئة خلال ثلاث سنوات مع تراجع البطالة بما يقرب من الثلثين لتصل إلى 8 في المئة وارتفاع الأجور بما يصل إلى 40 في المئة.
ولأنه يدرك ما تثيره الخطة المشار إليها من أسئلة (دعك من إمكانية تحققها فعلا)، فقد أوضح كيري أن رؤيته لتحقيق نهضة اقتصادية ليست خطوة بديلة عن المفاوضات؛ يستحق التوقف من أجل قراءة هذا الموقف الذي يأتي بعد جملة من اللقاءات التي عقدها كيري منذ تسلمه لمنصب وزير الخارجية.
من المؤكد أن الشرق الأوسط لم يعد أولوية بالنسبة للولايات المتحدة التي تتجه نحو الصين وحوض الباسفيكي، لكن الهواجس الإسرائيلية تظل أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، إذ أن الإصغاء إليها دائما وأبدا هو مطلب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الذي لا يمكن تجاهله، في ظل سيطرته الواسعة على الكونغرس بجمهورييه وديمقراطييه.
على هذه الخلفية تأتي تحركات كيري المستمرة، والتي تركز على عودة المفاوضات، والأهم على تكريس الواقع الجديد في الضفة الغربية على نحو لا يؤدي إلى “انتكاسة” تتمثل في انتفاضة جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة تستلهم أجواء الربيع العربي، وتهدد ما تحقق من إنجازات للاحتلال خلال السنوات السبع الماضية، لاسيما الإنجاز الأمني الذي منح الصهاينة أمنا لم يحصلوا على مثله منذ عقود؛ إذا استثنينا جولتي المواجهة مع حماس في قطاع غزة.
من الواضح أن كيري، وبعد جملة اللقاءات التي عقدها مع قادة الاحتلال قد توصل إلى نتيجة مفادها أن أية مفاوضات لا يمكن أن تؤدي إلى حل نهائي بسبب بؤس العرض الإسرائيلي، وأنه لا بد من تبني الرؤية الإسرائيلية القائمة على السلام الاقتصادي أو الحل الانتقالي بعيد المدى أو الدولة المؤقتة. ولكي يمر هذا الحل لا بد من تهيئة الأجواء في الضفة الغربية عبر إشغالها بأسئلة التنمية والاستثمار والرواتب، وهذا هو بالضبط ما اشتغل عليه توني بلير منذ سنوات، إلى جانب المسار الأمني الذي بدأه دايتون (تغير الأخير، وجاء مايكل مولر، ثم ثالث جديد، وبقي توني بلير!!).
من هنا، فإن إشغال الفلسطينيين بهذا المسار لا بد له من حوافز اقتصادية، يبدو أنه سيكون لبعض العرب فيها دور ما، لاسيما أولئك الذي أقاموا قنصلية سرية لإسرائيل، وربما آخرون أيضا، لكن النتيجة أننا إزاء تكريس لمسار واحد ووحيد هو مسار السلام الاقتصادي، مع “حوافز” محدودة أخرى (من بينها الإفراج عن معتقلين)، بصرف النظر عن استمراره دون مفاوضات، أم تكريسه عبر التفاوض، وصولا إلى دولة الجدار الأمني التي ستغدو في حالة نزاع حدودي مع جارتها، بخاصة إذا حصلت تاليا على اعتراف بعضويتها (الكاملة) في الأمم المتحدة بعد أن حصلت على عضوية بصفة مراقب العام الماضي.
هذه هي خلاصة ما يفهمه المراقب من حديث كيري في دافوس (البحر الميت)، وأي كلام آخر سيكون بلا قيمة أو معنى، لاسيما أن كبير المفاوضين ورئيسه وكل من وقفوا خلف تنازلات مريعة فضحتها وثائق التفاوض ورفضها أولمرت وليفني يدركون تماما أن نتنياهو لن يقبل بذات العرض، فضلا عن أن يقدم لهم ما سبق أن عرضه عليهم باراك وكلينتون في كامب ديفيد 2000.
هل سيقبل الشعب الفلسطيني بذلك؟ وهل ستتم مصالحة على قاعدة بائسة كهذه؟ هذا هو السؤال المطروح، وفي اعتقادنا أن هذا الهرم الفاسد لن يلبث أن يُهدم بيد الشعب الفلسطيني الذي لو أراد مجرد العيش، لما كان في حاجة لذلك المسلسل الطويل من التضحيات طوال عقود.
سينتهي هذا المخطط، ومعه من يقفون خلفه، أكان بعد شهور، أم بعد سنوات، وسيعود الشعب الفلسطيني إلى ذاته وقضيته معلنا إطلاق مقاومة جديدة تستنزف العدو وتفرض عليه التنازلات، وصولا إلى تفكيك مشروعه، ولو بعد حين.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية