سلطة رام الله وخيارات الوحدة والمقاومة
بقلم: فارس عبد الله
بعد خطاب نتانياهو الذي كان بمثابة ضربة مميتة , في مشروع التسوية انتظرنا رداً يكون على مستوى التحدي الذي أطلقه نتانياهو , يصدر عن قيادة سلطة رام الله والتي تتبني التسوية , كخيار استراتيجي ووحيد في التعامل مع الكيان الصهيوني , في حين التزم رئيس المنظمة السيد أبو مازن الصمت , حيال ما صدر عن نتانياهو من إستراتيجية واضحة المعالم , في نفي وعدم اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني , إلا أن ما صدر عن أركان السلطة لا يعدو كونه ردة فعل انفعالية بعد صدمة شديدة , نبيل أبو ردينة مستشار السيد عباس , يقول رداً على خطاب نتانياهو أنه " نسف كل مبادرات السلام والحل " , ويضيف أن سياسات نتانياهو "لن تؤدي إلى أي حل ، وعلى الإدارة الأميركية أن تأخذ مسؤولياتها تجاه هذه القضية" , وهروباً من المسؤولية يقول أبو ردينة "أن كلام نتانياهو "تحد واضح للإدارة الأميركية , وللمواقف الفلسطينية والدولية والعربية والإسلامية" كما أن كبير المفاوضين , في السلطة صائب عريقات قال خلال رده " أن الخطاب جاء كصفعة للرئيس الأميركي باراك أوباما، داعيا الأخير إلى تحديد موقفه من الخطاب "بأن يعامل نتانياهو كرئيس وزراء فوق القانون أو إلزامه بمتطلبات عملية السلام وفق خطة خارطة الطريق للسلام".
أن تهرب قيادة السلطة برام الله من مواجهة , الخطاب المتطرف لرئيس حكومة العدو الصهيوني , يسقط منها ما تبقى من شرعية مدعاة , حول تمثيل الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه , وأن اللاموقف الذي تعيشه سلطة رام الله حيال المواقف الصهيونية المعلنة اتجاه عملية التسوية , وشروطها الجديدة التي تنسف الحق الفلسطيني هو عبارة عن حالة ضعف وانكسار , بعد خسارة فريق التسوية الرهان على خيار التفاوض , الذي لم يعد الاستمرار فيه مجدياً بعد تجارب عديدة , أثبتت أن الكيان الصهيوني لن يسلم بالحقوق الوطنية , من خلال عملية تفاوضية مجردة من عوامل المقاومة الشعبية العارمة والعمل المسلح المقاوم , الذي لا يغفل ولا يتم تجاهله في أي تجربة تحررية .
لماذا هذا التأخير في إعلان المواقف الواضحة من سلطة رام الله , وفريق التسوية حول ما جاء به نتانياهو ؟! من مواقف معلنة وليست بالجديدة في الفكر الصهيوني حول رؤية العدو , للدولة الفلسطينية ولحق العودة , وماذا ينتظر هذا الفريق بعد هذا التعنت الواضح من قبل الحكومة الصهيونية ؟! وهل بالفعل أن خطاب نتانياهو هو صفعة لاوباما , الذي أثنى على الخطاب كما قال صائب عريقات ؟! ولماذا لا يكون هذا الخطاب صفعة لكل الواهمين والمخدوعين بخيار التسوية , وعلى رأسهم عباس وعريقات وعرب الاعتلال لعلهم بهذه الصفعة يستفيقون من هذا الوهم ؟! وما هي الخيارات أمام فريق التسوية بعد ترحيب أمريكيا والاتحاد الأوربي بخطاب نتانياهو ؟! .
قلنا في مقال سابق أن خطاب نتانياهو , ما كان سيأتي بهذا الموقف الغير مبالي بالحقوق الفلسطينية , إلا من خلال أداء ومواقف السلطة السياسي والتفاوضي, والتي أخضعت كل شئ للتفاوض , ولم يكن لدى المفاوض قاموس للثوابت الفلسطينية , التي لا يجوز الاقتراب منها تفاوضياً , بل يجب على العدو أن يسعي إلى تحقيقها مرغماً , ولكن العملية التفاوضية كانت تسير وفقاً لمصالح مجموعة من القيادات , بعيداً على الحسابات الوطنية وهذا ما يفسر الانفراد من قبل طرفاً فلسطينياً بخيارات التفاوض , دون الرجوع للشعب الفلسطيني وفصائل لمناقشة أي اتفاقية أو تفاهم مع الكيان الصهيوني , وهذا ما يؤكد أن خيار التفاوض خارج الإجماع الفلسطيني , وعليه يتطلب من فريق التسوية الرجوع عنه إلى حضن الجماهير التي تعلم جيداً , طريقة استرجاع الحقوق ورسم الكرامة , على جبين الوطن التي تسيجه وتحميه بأشلائها ودمائها .
بعد ما وصلت إليه عملية التسوية ,لم يتبقى أمام فريقها الذي يستعصى بجزء من الوطن تحت حراسة المحتل الصهيوني , إلا أن يعلن طلاقاً بائناً مع التنسيق الأمني وان يوقف حملات قمع المقاومة واعتقال المقاومين , ويقع على سلطة رام الله وحركة فتح أن تحدد خيارتها باتجاه تسريع انجاز الوحدة الفلسطينية , وتشكيل حكومة وحدة قوية تواجه التحديات التي تستهدف القضية الفلسطينية , وان أي تأخير من قبل سلطة رام الله في انجاز الوحدة , هو ارتهان للخارج في انتظار مواقف جديدة قد تحدث ليونة في الموقف الصهيوني.
وعلى السلطة وأجهزتها الأمنية بعد أن اتضحت لها , خيارات العدو اتجاه التسوية أن تنزع من رقبتها , أي التزامات أمنية وان تعمل على استعادة القيادة في الأجهزة الأمنية للفلسطيني الوطني , وأن تطرد الجنرال دايتون من الضفة المحتلة , والذي استخف بعناصر الأمن بالضفة من خلال مصطلح " الفلسطيني الجديد" , فهل يسمح العقلاء والأحرار في الأجهزة الأمنية لدايتون أن يجعل منهم حراس لأمن الصهاينة ؟! وإذا تطلب واجب الحفاظ على القضية أن تزول سلطة الوهم , فلتكن العودة إلى سلطة الجماهير التي كان لها تجربتها الثورية المميزة , بالحفاظ على المجتمع أمنياً في الانتفاضة الأولى.
لقد أثبت الشعب الفلسطيني في مراحل مختلفة ,أنه متقدم عن قياداته في المواقف التاريخية ولحظاتها العصيبة ,وان الواقع في الضفة التي تشهد الهجوم الصهيوني الأوسع , من ناحية الاعتقالات والمداهمات والحواجز والاستيطان وتهويد القدس , لن يترك مجالاً أمام الجماهير إلا أن تتقدم في ساحة العمل الميداني , وأن تقف تلك الجماهير بكل اقتدار لقيادة الفعل الشعبي , لمواجهة العدو الصهيوني في طريق انتفاضة الشعب القادمة ,فهل تقف السلطة وأجهزتها في صف القامعين لثورة الشعب ؟! , أم أنها سوف تنحاز للثوار والشعب بعد فقدان خيارات التسوية أخر موجة من بريقها الخداع , لم يبقي أمام سلطة رام الله من خيارات إلا الوحدة والمقاومة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية