شاكر: فلسطينيو أوروبا دخلوا مرحلة "الإفصاح العلني" عن قضيتهم
اختتم مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر أعماله في العاصمة الألمانية برلين بنجاح، رغم حملة شرسة شنّها مؤيدو الاحتلال ضده. وقد شارك في المؤتمر عشرون ألف فلسطيني حسب المنظمين، وخمسة عشر ألفاً حسب مصادر الشرطة الألمانية، ضمن وفود جاءت من عموم القارة الأوروبية.
وقد رأى مراقبون أنّ هذا المؤتمر يمثل محطة مهمة في مسيرة الشتات الفلسطيني في أوروبا والعالم، بل وفي مسار القضية الفلسطينية ككل.
ولاستكشاف أبعاد هذا الحدث الكبير، حاور "المركز الفلسطيني للإعلام" على هامش أعمال المؤتمر، الأستاذ حسام شاكر، الخبير في الشؤون الأوروبية، وصاحب أعمال عدة عن الشؤون الفلسطينية الأوروبية، في مقابلة أضاءت جوانب متعددة لهذا الحدث.
وفي ما يلي نص المقابلة:
* كيف تصف لنا المشهد في برلين، مع انعقاد مؤتمر يرفع لافتة العودة؟
حسام شاكر: لا يمكن لانعقاد كهذا إلاّ أن يكون حدثاً تاريخياً، في معناه ومغزاه ومؤشراته. فلسطينيون من أجيال ثلاثة، تجمّعوا في برلين قادمين من منافيهم في أرجاء القارة الأوروبية، عشرون ألفاً جاؤوا في سيول بشرية على نفقة كل واحد منهم ليقولوا: نحن هنا، ولن يضيع حقنا.
لعلّ الجانب الأهمّ في الصورة أنّ هذا يتواصل للعام الثالث عشر على التوالي عبر محطات أوروبية متعددة، وهذه رسالة استمرارية وتطوّر.
* كيف ترى أهمية الانعقاد في المنظور التاريخي؟
عندما انطلق الترويج لاحتلال فلسطين قبل أكثر من قرن، كانت الرواية الصهيونية وحدها في الميدان الأوروبي. وظلّ الحديث يجري لاحقاً عن فلسطين وليس مع فلسطين. لم يكن المشروع الصهيوني مصمماً بطريقة تحتمل وجود الشعب الفلسطيني في الصورة. وحتى اليوم لا يجرؤ أي مسؤول "إسرائيلي" على استعمال مصطلح الشعب الفلسطيني، فهم يتحدثون في أفضل الأحوال عن فلسطينيين وحسب.
كان في حسبانهم وقت النكبة أنّ فلسطين بقضيتها وشعبها ستصبح بحلول عام ٢٠١٥ ضمن ذاكرة قرن مضى، وأنّ التاريخ قد انتهى في فلسطين لصالح واقع جديد فرضه الاحتلال.
لكن ما حدث هو إعجاز بمقاييس قضايا الشعوب، فمفاتيح البيوت الفلسطينية تعلو بشكل متزايد من أوروبا أيضاً، فهل توقع مؤسس الحركة الصهيونية (تيودور هرتزل) هذا المشهد؟ وهل كان سيخوض المشروع لو علم مآلاته؟
فلسطين تصنع الحدث اليوم، وقضيتها حيّة، وشعبها فاعل وحاضر في مركز الصورة. مزيد من "الإسرائيليين" يعودون إلى أوروبا التي تعلو فيها أصوات الفلسطينيين للمطالبة بحق العودة إلى فلسطين. نحن نشهد تحوّلاً وتراكمات ذات مغزى بالمعنى التاريخي.
* ما هي مجالات التطوّر التي طرأت على مشهد فلسطينيي أوروبا كما يمكن ملاحظتها من خلال مؤتمرهم الثالث عشر؟
مؤشرات التطوّر متصاعدة في مجالات متعددة، كمياً ونوعياً. نجد منها مثلا مزيداً من المؤسسات والتشكيلات تنشأ، تنوّعاً واسعاً في صور التعبير عن الحضور وعن القضية، تنويعاً في مجالات العمل ومساراته وعدم الاكتفاء بالشكل العام التقليدي، بل يتم الاتجاه نحو التخصصية في الأعمال. كما نرى تطوّراً في مساهمة النساء والفتيات في المسيرة، الاتجاه نحو التشبيك القاري على مستوى أوروبا وعدم الاقتصار على النشاط المحلي في المدن والدول الأوروبية كل على حدة.
نجد أيضاً تطوّراً في الخطاب ونموّاً في جودة الأداء.
التواجد الفلسطيني
اختتم مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر أعماله في العاصمة الألمانية برلين بنجاح، رغم حملة شرسة شنّها مؤيدو الاحتلال ضده. وقد شارك في المؤتمر عشرون ألف فلسطيني حسب المنظمين، وخمسة عشر ألفاً حسب مصادر الشرطة الألمانية، ضمن وفود جاءت من عموم القارة الأوروبية.
وقد رأى مراقبون أنّ هذا المؤتمر يمثل محطة مهمة في مسيرة الشتات الفلسطيني في أوروبا والعالم، بل وفي مسار القضية الفلسطينية ككل.
ولاستكشاف أبعاد هذا الحدث الكبير، حاور "المركز الفلسطيني للإعلام" على هامش أعمال المؤتمر، الأستاذ حسام شاكر، الخبير في الشؤون الأوروبية، وصاحب أعمال عدة عن الشؤون الفلسطينية الأوروبية، في مقابلة أضاءت جوانب متعددة لهذا الحدث.
وفي ما يلي نص المقابلة:
* كيف تصف لنا المشهد في برلين، مع انعقاد مؤتمر يرفع لافتة العودة؟
حسام شاكر: لا يمكن لانعقاد كهذا إلاّ أن يكون حدثاً تاريخياً، في معناه ومغزاه ومؤشراته. فلسطينيون من أجيال ثلاثة، تجمّعوا في برلين قادمين من منافيهم في أرجاء القارة الأوروبية، عشرون ألفاً جاؤوا في سيول بشرية على نفقة كل واحد منهم ليقولوا: نحن هنا، ولن يضيع حقنا.
لعلّ الجانب الأهمّ في الصورة أنّ هذا يتواصل للعام الثالث عشر على التوالي عبر محطات أوروبية متعددة، وهذه رسالة استمرارية وتطوّر.
* كيف ترى أهمية الانعقاد في المنظور التاريخي؟
عندما انطلق الترويج لاحتلال فلسطين قبل أكثر من قرن، كانت الرواية الصهيونية وحدها في الميدان الأوروبي. وظلّ الحديث يجري لاحقاً عن فلسطين وليس مع فلسطين. لم يكن المشروع الصهيوني مصمماً بطريقة تحتمل وجود الشعب الفلسطيني في الصورة. وحتى اليوم لا يجرؤ أي مسؤول "إسرائيلي" على استعمال مصطلح الشعب الفلسطيني، فهم يتحدثون في أفضل الأحوال عن فلسطينيين وحسب.
كان في حسبانهم وقت النكبة أنّ فلسطين بقضيتها وشعبها ستصبح بحلول عام ٢٠١٥ ضمن ذاكرة قرن مضى، وأنّ التاريخ قد انتهى في فلسطين لصالح واقع جديد فرضه الاحتلال.
لكن ما حدث هو إعجاز بمقاييس قضايا الشعوب، فمفاتيح البيوت الفلسطينية تعلو بشكل متزايد من أوروبا أيضاً، فهل توقع مؤسس الحركة الصهيونية (تيودور هرتزل) هذا المشهد؟ وهل كان سيخوض المشروع لو علم مآلاته؟
فلسطين تصنع الحدث اليوم، وقضيتها حيّة، وشعبها فاعل وحاضر في مركز الصورة. مزيد من "الإسرائيليين" يعودون إلى أوروبا التي تعلو فيها أصوات الفلسطينيين للمطالبة بحق العودة إلى فلسطين. نحن نشهد تحوّلاً وتراكمات ذات مغزى بالمعنى التاريخي.
* ما هي مجالات التطوّر التي طرأت على مشهد فلسطينيي أوروبا كما يمكن ملاحظتها من خلال مؤتمرهم الثالث عشر؟
مؤشرات التطوّر متصاعدة في مجالات متعددة، كمياً ونوعياً. نجد منها مثلا مزيداً من المؤسسات والتشكيلات تنشأ، تنوّعاً واسعاً في صور التعبير عن الحضور وعن القضية، تنويعاً في مجالات العمل ومساراته وعدم الاكتفاء بالشكل العام التقليدي، بل يتم الاتجاه نحو التخصصية في الأعمال. كما نرى تطوّراً في مساهمة النساء والفتيات في المسيرة، الاتجاه نحو التشبيك القاري على مستوى أوروبا وعدم الاقتصار على النشاط المحلي في المدن والدول الأوروبية كل على حدة.
نجد أيضاً تطوّراً في الخطاب ونموّاً في جودة الأداء.
التواجد الفلسطيني
* حسناً، وماذا عن التطوّر العددي للشتات الفلسطيني في أوروبا؟
من الناحية العددية، هناك نمو ديموغرافي متصاعد للوجود الفلسطيني في أوروبا يقترب من حاجز ثلث مليون نسمة. يجري هذا بتأثير النمو الطبيعي في الأسرة الفلسطينية الذي يزيد بوضوح عن المتوسط العام في البلدان الأوروبية التي يعيشون فيها. ولكنّ الأهمّ هي موجة النزوح الفلسطيني من سورية، والتي دفعت حتى الآن بنحو خمسين ألف فلسطيني إلى القارة الأوروبية خلال سنتين، ومن المرجّح أن يتضاعف هذا العدد خلال سنة واحدة تقريباً.
* ما أهمية أن يكون الفلسطينيون حاضرين في أوروبا خاصة مع وجود مزيد من الأوروبيين المتضامنين مع فلسطين؟
الفلسطينيون في أوروبا هم شهود الإثبات على النكبة وعلى الاحتلال. فحضور الإنسان الفلسطيني في المشهد الأوروبي يستحضر معه سؤالاً جوهرياً: لماذا هو هنا وما هي قصته؟ المثير في القصة أنّ الفلسطينيين في المنافي الأوروبية دخلوا مرحلة الإفصاح العلني عن روايتهم باللغات الأوروبية كافة، وهي رواية عندما تأتي من الضحية مباشرة، فإنّ وقعها سيكون عميقاً وطويل الأمد.
بالطبع، فإنّ الوجود الفلسطيني في أوروبا يؤكد حيوية هذه القضية، ويبرهن على سقوط المراهنات على تلاشي القضية مع تعاقب الأجيال، فالفلسطينيون ينشأون في البيئات الأوروبية وهم أكثر تصميماً على انتزاع حقهم.
* وماذا يعنيه هذا في معادلة التفاعل مع قضية فلسطين؟
هذا يعني أنّ دوائر التفاعل تتعاظم في حجمها وفعاليتها، فهناك دائرة الفلسطينيين، وهناك دائرة الوجود الأوروبي من خلفية عربية ومسلمة، وهي تعمل ضمن نسيج مجتمعاتها الأوروبية وتعبِّر عن روح الانتماء إلى فلسطين أيضاً. ثم نجد دائرة التفاعل مع القضية من عموم المجتمعات الأوروبية على تنوّع مشاربها ولغاتها، وهو تفاعل تجاوز فكرة التعاطف أو التضامن التقليدي إلى تبني هذه القضية والعمل لأجلها.
هذه دوائر تتفاعل في ما بينها، ويبقى للحضور الفلسطيني المباشر في البيئة أثره في إنعاش التفاعل. ولنا أن نتصوّر ما سيكون عليه الحال لو كان فلسطينيو أوروبا قد تخلّوا عن قضيتهم ولم يحملوها، لكن ما يشاهده الجميع هو نموذج باهر حقاً لشعب يعيد استجماع قواه وحشد صفوفه وتطوير أدواته من المنافي البعيدة، ويتمسك بالعودة حتى بعد سبعة عقود على النكبة.
* تم شنّ حملة شعواء ضد المؤتمر، فماذا تلاحظ فيها؟
عندما يسعى بعضهم لإحباط الانعقاد ويفشلون، أو عندما يحاولون استفزاز المؤتمر ولا ينجحون في توليد ردود أفعال متشنجة أو في توتير أجواء المؤتمر، فإنّ هذا يعني إخفاق الحملة.
النتيجة التي رآها الجميع أنّ مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر افتتح أعماله في الزمان والمكان المقررين، واختتم أعماله بنجاح وفي أجواء مفعمة بالأمل.
ما يلفت الانتباه، أنه مقابل أعلام الاحتلال القليلة التي رفعها المتظاهرون الذين حرَّضوا ضد المؤتمر، ارتفعت آلاف الأعلام الفلسطينية. لم يتمكن مؤيدو الاحتلال من حشد أكثر من سبعين شخصاً ولمدة ساعتين فقط، وهذا في برلين بالذات التي يعيش فيها عشرات الآلاف من الشباب "الإسرائيلي" الوافد حديثاً من فلسطين، بينما تمكنت فلسطين من حشد أكثر من عشرين ألف شخص وعلى مدار يوم كامل يطالبون بحقهم في العودة. هذه رسالة لا يمكن تجاهلها. والخلاصة التي أثبتها السجال، أنّ عهد الاستفراد بالوعي العام في ألمانيا وأوروبا قد انتهى إلى غير رجعة، فمن يستطيع تجاهل فلسطين بعد اليوم؟!.
من الناحية العددية، هناك نمو ديموغرافي متصاعد للوجود الفلسطيني في أوروبا يقترب من حاجز ثلث مليون نسمة. يجري هذا بتأثير النمو الطبيعي في الأسرة الفلسطينية الذي يزيد بوضوح عن المتوسط العام في البلدان الأوروبية التي يعيشون فيها. ولكنّ الأهمّ هي موجة النزوح الفلسطيني من سورية، والتي دفعت حتى الآن بنحو خمسين ألف فلسطيني إلى القارة الأوروبية خلال سنتين، ومن المرجّح أن يتضاعف هذا العدد خلال سنة واحدة تقريباً.
* ما أهمية أن يكون الفلسطينيون حاضرين في أوروبا خاصة مع وجود مزيد من الأوروبيين المتضامنين مع فلسطين؟
الفلسطينيون في أوروبا هم شهود الإثبات على النكبة وعلى الاحتلال. فحضور الإنسان الفلسطيني في المشهد الأوروبي يستحضر معه سؤالاً جوهرياً: لماذا هو هنا وما هي قصته؟ المثير في القصة أنّ الفلسطينيين في المنافي الأوروبية دخلوا مرحلة الإفصاح العلني عن روايتهم باللغات الأوروبية كافة، وهي رواية عندما تأتي من الضحية مباشرة، فإنّ وقعها سيكون عميقاً وطويل الأمد.
بالطبع، فإنّ الوجود الفلسطيني في أوروبا يؤكد حيوية هذه القضية، ويبرهن على سقوط المراهنات على تلاشي القضية مع تعاقب الأجيال، فالفلسطينيون ينشأون في البيئات الأوروبية وهم أكثر تصميماً على انتزاع حقهم.
* وماذا يعنيه هذا في معادلة التفاعل مع قضية فلسطين؟
هذا يعني أنّ دوائر التفاعل تتعاظم في حجمها وفعاليتها، فهناك دائرة الفلسطينيين، وهناك دائرة الوجود الأوروبي من خلفية عربية ومسلمة، وهي تعمل ضمن نسيج مجتمعاتها الأوروبية وتعبِّر عن روح الانتماء إلى فلسطين أيضاً. ثم نجد دائرة التفاعل مع القضية من عموم المجتمعات الأوروبية على تنوّع مشاربها ولغاتها، وهو تفاعل تجاوز فكرة التعاطف أو التضامن التقليدي إلى تبني هذه القضية والعمل لأجلها.
هذه دوائر تتفاعل في ما بينها، ويبقى للحضور الفلسطيني المباشر في البيئة أثره في إنعاش التفاعل. ولنا أن نتصوّر ما سيكون عليه الحال لو كان فلسطينيو أوروبا قد تخلّوا عن قضيتهم ولم يحملوها، لكن ما يشاهده الجميع هو نموذج باهر حقاً لشعب يعيد استجماع قواه وحشد صفوفه وتطوير أدواته من المنافي البعيدة، ويتمسك بالعودة حتى بعد سبعة عقود على النكبة.
* تم شنّ حملة شعواء ضد المؤتمر، فماذا تلاحظ فيها؟
عندما يسعى بعضهم لإحباط الانعقاد ويفشلون، أو عندما يحاولون استفزاز المؤتمر ولا ينجحون في توليد ردود أفعال متشنجة أو في توتير أجواء المؤتمر، فإنّ هذا يعني إخفاق الحملة.
النتيجة التي رآها الجميع أنّ مؤتمر فلسطينيي أوروبا الثالث عشر افتتح أعماله في الزمان والمكان المقررين، واختتم أعماله بنجاح وفي أجواء مفعمة بالأمل.
ما يلفت الانتباه، أنه مقابل أعلام الاحتلال القليلة التي رفعها المتظاهرون الذين حرَّضوا ضد المؤتمر، ارتفعت آلاف الأعلام الفلسطينية. لم يتمكن مؤيدو الاحتلال من حشد أكثر من سبعين شخصاً ولمدة ساعتين فقط، وهذا في برلين بالذات التي يعيش فيها عشرات الآلاف من الشباب "الإسرائيلي" الوافد حديثاً من فلسطين، بينما تمكنت فلسطين من حشد أكثر من عشرين ألف شخص وعلى مدار يوم كامل يطالبون بحقهم في العودة. هذه رسالة لا يمكن تجاهلها. والخلاصة التي أثبتها السجال، أنّ عهد الاستفراد بالوعي العام في ألمانيا وأوروبا قد انتهى إلى غير رجعة، فمن يستطيع تجاهل فلسطين بعد اليوم؟!.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية