شرعنة التضييق على الأسرى وأطفال فلسطين
لا يفتأ كيان الاحتلال يضيق على الأسرى الفلسطينيين المناهضين لوجوده وكيانه وإجرامه بحق الشعب الفلسطيني، في وقت لا يجد هؤلاء الأسرى أي معين أو ناصر سوى الله (عز وجل)، وبعد أن حار الاحتلال في مواجهة أساليب الأسرى الفلسطينيين المبتدعة والجديدة في مقاومته، ومحاولة إيصال صوتهم وقضيتهم إلى الرأي العام؛ ها هو اليوم يشرعن تعذيبهم والتضييق عليهم بالقانون الذي يتقن الاحتلال التلاعب به لمصلحة أجندته العنصرية فحسب.
المبادرات الإسرائيلية التشريعية من أقطاب الحكومة الجديدة تتواصل؛ بهدف ضرب حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتشديد إجراءات محاكماتهم والتحقيق معهم، إذ أعد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان مذكرة مقترح قانون ينص على إلغاء عمليات توثيق التحقيق بالصوت والصورة مع الأسرى الفلسطينيين والعرب، ومن المقرر أن تصدق اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على هذا المقترح في جلستها القادمة.
يمنح هذا التعديل بعد إقراره الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة حرية كبيرة في التحقيق مع الأسرى وانتهاك حقوقهم، من دون أن يكون هناك أي توثيق لحالات انتهاك الحقوق أو التعذيب في أثناء التحقيق. وهذا الإجراء خطوة أخرى نحو تضييق مساحة حقوق الإنسان في كيان الاحتلال، خاصة في حالات اعتقال واختطاف شخصيات عربية، كما حدث مع مصطفى ديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، اللذين اختطفهما الاحتلال من لبنان عام 1994م، وقد تمكن ديراني لاحقًا بعد تحريره في صفقة تبادل مع "حزب الله" أن يثبت اعتمادًا على توثيق جلسات التحقيق تعذيبه نفسيًّا وجسديًّا.
تسعى حكومة الاحتلال عمليًّا من وراء المقترح الجديد إلى إخفاء أي دليل على عمليات تعذيب أو انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك حتى لا يطعن بصحة الاعترافات المنتزعة من الأسرى، حكومة الاحتلال الرابعة برئاسة بنيامين نتنياهو باشرت نشاطها التشريعي بالتصديق مبدئيًّا على قانونين اثنين لطرحهما على (الكنيست)، هما: الأسرى الفلسطينيون وأطفال الحجارة، وتلك خطوة أولى لإرضاء اليمين.
ويأتي هذا التصديق المبدئي بإقرار اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في أول جلسة لها مواصلة تشريع قانون تشديد العقوبة على راشقي الحجارة وفرض عقوبة تصل إلى السجن (20 سنة)، بإلغاء الحاجة لإثبات وجود نية مسبقة لدى راشقي الحجارة بإلحاق الضرر بأفراد وعناصر الشرطة.
وينص القانون الجديد الذي قدمته إلى (الكنيست) السابق وزيرة القضاء الحالية أيليت شاكيد على أنه لا حاجة لإثبات النية المسبقة لضمان إدانة راشقي الحجارة بالنية المسبقة لفرض الحد الأقصى من العقوبة من جهة، وإضافة بند جديد للقانون يعد كل رشق للحجارة أو أي غرض باتجاه سيارة أو عنصر من عناصر الشرطة اعتداء خطيرًا على أفراد الشرطة خلال تأديتهم لعملهم.
هذا التعديل يرمي إلى "سد الثغرة" في القانون الإسرائيلي الحالي، الذي يشترط إثبات وجود النية المسبقة لدى راشقي الحجارة، وهي "الثغرة" التي تضع عراقيل أمام فرض عقوبات صارمة على أطفال الحجارة، وخاصة في ضوء التصعيد الذي كان في العام الماضي بعمليات رشق الحجارة، ومحاولات الاحتلال لمواجهة هذا النوع من المقاومة، خاصة من قِبل أطفال القدس المحتلة.
وأقرّت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع أيضًا اقتراح قانون جديد أعدته وزيرة القضاء الجديدة أيضًا لطرحه على (الكنيست)، يحظر على الأسرى الفلسطينيين استخدام الهاتف في السجن، ويمنعهم من الاتصال بأهاليهم ومحاميهم، بدعوى منع نقلهم لمعلومات أو تعليمات لعناصر المقاومة خارج السجن.
ومع أن شاكيد تترأس اللجنة الوزارية للتشريع كونها وزيرة القضاء تبين مع عقد أول جلسة للجنة أن نتنياهو قد استخلص العبر من تجربة الحكومة السابقة، وعين سبعة وزراء من حزب (ليكود) في اللجنة المذكورة، ما يضمن له أغلبية مؤكدة في اللجنة، تحول دون اتخاذ قرارات أو التصديق على مشاريع يعارضها، أو إحباط مقترحات قوانين يسعى لتشريعها، كما حدث في الحكومة السابقة، عندما استغلت ليفني صلاحياتها رئيسة للجنة، وأرجأت أكثر من مرة جلسة التصديق على قانون القومية اليهودية.
وبفضل التركيبة الجديدة للجنة الوزارية للتشريع، والاتفاقيات الائتلافية سيتمكن نتنياهو من فرض موقفه، بشأن وجوب تصويت كل شركاء الحكومة مع القوانين، التي يدعمها، ومعارضة أي قوانين لا يراها مناسبة.
ويعني هذا _بحسب تحليل لصحيفة (هآرتس) الإسرائيلية_ أن عملية التشريع للقوانين في ظل حكومة الاحتلال الحالية ستكون مجرد إجراءات شكلية، إذ سيحدد نتنياهو عن طريق اللجنة الوزارية للتشريع القوانين التي سيكون على أعضاء الائتلاف الحكومي مجتمعين (61) تأييدها وتمريرها، مقابل القوانين التي سيكون عليهم معارضتها، ما يعني في واقع الحال أن المعارضة الإسرائيلية لن تتمكن من تمرير أي قانون يعارضه نتنياهو.
حال أسرى وأطفال فلسطين لا يخفى على أحد، لكن شرعنة التضييق عليهم وملاحقتهم والتنكيل بهم تأتي في وقت لا يجرؤ أحد على مواجهة تصلب حكومة نتنياهو أو مواجهتها داخليًّا أو خارجيًّا، وسط زهو يعتريه بإمكانية تمرير أي قانون يريده، ليبقى "الرأي العام" ميدان المبارزة الوحيد الذي يمكن فيه تفعيل قضية الأسرى وأطفال الحجارة.
هشام منور
لا يفتأ كيان الاحتلال يضيق على الأسرى الفلسطينيين المناهضين لوجوده وكيانه وإجرامه بحق الشعب الفلسطيني، في وقت لا يجد هؤلاء الأسرى أي معين أو ناصر سوى الله (عز وجل)، وبعد أن حار الاحتلال في مواجهة أساليب الأسرى الفلسطينيين المبتدعة والجديدة في مقاومته، ومحاولة إيصال صوتهم وقضيتهم إلى الرأي العام؛ ها هو اليوم يشرعن تعذيبهم والتضييق عليهم بالقانون الذي يتقن الاحتلال التلاعب به لمصلحة أجندته العنصرية فحسب.
المبادرات الإسرائيلية التشريعية من أقطاب الحكومة الجديدة تتواصل؛ بهدف ضرب حقوق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، وتشديد إجراءات محاكماتهم والتحقيق معهم، إذ أعد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان مذكرة مقترح قانون ينص على إلغاء عمليات توثيق التحقيق بالصوت والصورة مع الأسرى الفلسطينيين والعرب، ومن المقرر أن تصدق اللجنة الوزارية لشؤون التشريع على هذا المقترح في جلستها القادمة.
يمنح هذا التعديل بعد إقراره الشرطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية المختلفة حرية كبيرة في التحقيق مع الأسرى وانتهاك حقوقهم، من دون أن يكون هناك أي توثيق لحالات انتهاك الحقوق أو التعذيب في أثناء التحقيق. وهذا الإجراء خطوة أخرى نحو تضييق مساحة حقوق الإنسان في كيان الاحتلال، خاصة في حالات اعتقال واختطاف شخصيات عربية، كما حدث مع مصطفى ديراني والشيخ عبد الكريم عبيد، اللذين اختطفهما الاحتلال من لبنان عام 1994م، وقد تمكن ديراني لاحقًا بعد تحريره في صفقة تبادل مع "حزب الله" أن يثبت اعتمادًا على توثيق جلسات التحقيق تعذيبه نفسيًّا وجسديًّا.
تسعى حكومة الاحتلال عمليًّا من وراء المقترح الجديد إلى إخفاء أي دليل على عمليات تعذيب أو انتهاكات لحقوق الإنسان، وذلك حتى لا يطعن بصحة الاعترافات المنتزعة من الأسرى، حكومة الاحتلال الرابعة برئاسة بنيامين نتنياهو باشرت نشاطها التشريعي بالتصديق مبدئيًّا على قانونين اثنين لطرحهما على (الكنيست)، هما: الأسرى الفلسطينيون وأطفال الحجارة، وتلك خطوة أولى لإرضاء اليمين.
ويأتي هذا التصديق المبدئي بإقرار اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في أول جلسة لها مواصلة تشريع قانون تشديد العقوبة على راشقي الحجارة وفرض عقوبة تصل إلى السجن (20 سنة)، بإلغاء الحاجة لإثبات وجود نية مسبقة لدى راشقي الحجارة بإلحاق الضرر بأفراد وعناصر الشرطة.
وينص القانون الجديد الذي قدمته إلى (الكنيست) السابق وزيرة القضاء الحالية أيليت شاكيد على أنه لا حاجة لإثبات النية المسبقة لضمان إدانة راشقي الحجارة بالنية المسبقة لفرض الحد الأقصى من العقوبة من جهة، وإضافة بند جديد للقانون يعد كل رشق للحجارة أو أي غرض باتجاه سيارة أو عنصر من عناصر الشرطة اعتداء خطيرًا على أفراد الشرطة خلال تأديتهم لعملهم.
هذا التعديل يرمي إلى "سد الثغرة" في القانون الإسرائيلي الحالي، الذي يشترط إثبات وجود النية المسبقة لدى راشقي الحجارة، وهي "الثغرة" التي تضع عراقيل أمام فرض عقوبات صارمة على أطفال الحجارة، وخاصة في ضوء التصعيد الذي كان في العام الماضي بعمليات رشق الحجارة، ومحاولات الاحتلال لمواجهة هذا النوع من المقاومة، خاصة من قِبل أطفال القدس المحتلة.
وأقرّت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع أيضًا اقتراح قانون جديد أعدته وزيرة القضاء الجديدة أيضًا لطرحه على (الكنيست)، يحظر على الأسرى الفلسطينيين استخدام الهاتف في السجن، ويمنعهم من الاتصال بأهاليهم ومحاميهم، بدعوى منع نقلهم لمعلومات أو تعليمات لعناصر المقاومة خارج السجن.
ومع أن شاكيد تترأس اللجنة الوزارية للتشريع كونها وزيرة القضاء تبين مع عقد أول جلسة للجنة أن نتنياهو قد استخلص العبر من تجربة الحكومة السابقة، وعين سبعة وزراء من حزب (ليكود) في اللجنة المذكورة، ما يضمن له أغلبية مؤكدة في اللجنة، تحول دون اتخاذ قرارات أو التصديق على مشاريع يعارضها، أو إحباط مقترحات قوانين يسعى لتشريعها، كما حدث في الحكومة السابقة، عندما استغلت ليفني صلاحياتها رئيسة للجنة، وأرجأت أكثر من مرة جلسة التصديق على قانون القومية اليهودية.
وبفضل التركيبة الجديدة للجنة الوزارية للتشريع، والاتفاقيات الائتلافية سيتمكن نتنياهو من فرض موقفه، بشأن وجوب تصويت كل شركاء الحكومة مع القوانين، التي يدعمها، ومعارضة أي قوانين لا يراها مناسبة.
ويعني هذا _بحسب تحليل لصحيفة (هآرتس) الإسرائيلية_ أن عملية التشريع للقوانين في ظل حكومة الاحتلال الحالية ستكون مجرد إجراءات شكلية، إذ سيحدد نتنياهو عن طريق اللجنة الوزارية للتشريع القوانين التي سيكون على أعضاء الائتلاف الحكومي مجتمعين (61) تأييدها وتمريرها، مقابل القوانين التي سيكون عليهم معارضتها، ما يعني في واقع الحال أن المعارضة الإسرائيلية لن تتمكن من تمرير أي قانون يعارضه نتنياهو.
حال أسرى وأطفال فلسطين لا يخفى على أحد، لكن شرعنة التضييق عليهم وملاحقتهم والتنكيل بهم تأتي في وقت لا يجرؤ أحد على مواجهة تصلب حكومة نتنياهو أو مواجهتها داخليًّا أو خارجيًّا، وسط زهو يعتريه بإمكانية تمرير أي قانون يريده، ليبقى "الرأي العام" ميدان المبارزة الوحيد الذي يمكن فيه تفعيل قضية الأسرى وأطفال الحجارة.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية