شرف التنسيق الأمني
بقلم: د. فايز أبو شمالة
هل التنسيق مع الإسرائيليين والاتصال بهم أمرٌ مشرّفٌ؟ أو هو جريمةٌ يعاقب عليها القانون الوطني؟ في تقديري الشخصي أن الاتصال بالإسرائيليين والتنسيق معهم ليس جريمة، وإنما كبيرة من الكبائر التي لا توبة عنها، ولا غفران لمن يقترفها إن كان فرداً أو تنظيماً، ويجب أن يوضع المتصل بالإسرائيليين في الزاوية، ويتم التحقيق معه بتهمة ارتكاب خيانة عظمى، مثلما كان يحدث في السجون الإسرائيلية مع السجين الذي يضبط وهو يغمز، أو يهمس، أو يلمز مع سجان، وقد تمت تصفية من ثبت تورطه، ولطالما وقف السجين الذي نفذ أمر الإعدام على باب الغرفة مختالاً، وهو يقول للسجان: خذ كلبك الذي ربيته بيننا.
ما سبق من حكم فلسطيني شعبي على المتصل بإسرائيل هو الذي فرض على السيد عزيز دويك رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أن يقف مدافعاً عن شرفه الوطني، وينفي تهمة التنسيق مع مكتب نتانياهو في تل أبيب، لقد ارتعب الرجل من التهمة التي وجهت إليه، ومن النتائج التي ستتمخض عنها عاجلاً أم آجلاً، فهو يعرف حكم الشعب على المنسقين، والمتصلين مع الإسرائيليين، ويعرف أن من نسق فقد هوى من العلياء إلى أسفل سافلين.
فمن الذي حاول أن يلصق تهمة التنسيق بالرجل؟ وهل مطلق الخبر كان بريئاً أم خبيثاً؟ وهل كان هدفه إشغال الرجل بالدفاع عنه نفسه، أم كانت له غاية أخرى؟
في تقديري أن الجهة التي نشرت الخبر هدفت إلى القول: كل الفلسطينيين منسقون، لا شريف في هذا الوطن، التنسيق غايتنا، والتواصل مع الإسرائيليين قبلتنا، ولا تصدقوا ما يقوله البعض، فمن يرفض التنسيق بشكل علني هو في السر منسق رجيم. وهذا الكلام يسرى مفعولة على المقاومة، وعلى ما يردده البعض: لا مقاومة فلسطينية الآن، لقد انكسرت المقاومة بعد الحرب على غزة، وإذا كانت المفاوضات العبثية قد انتهت بعد ثمانية عشر عاماً بالفشل، فإن المقاومة المسلحة قد انتهت إلى الفشل، والدليل هو منع إطلاق الصواريخ من غزة الذي يعتبر انكفاءً على المقاومة، وهدنة مجانية لإسرائيل.
إن ما يقال عن المقاومة ليس صحيحاً، لأن الصمت المؤقت عن محاربة إسرائيل لا يعني كسر البندقية، والدليل على ذلك هو حركة السفن الفرنسية والأمريكية التي تراقب أعالي البحار، وما تسمعه آذاننا من تدريبات على إطلاق الرصاص في قطاع غزة، ليظل التنسيق مع الإسرائيليين بشقيه السياسي والأمني أكثر من جريمة، وقد مشيت شخصياً في مسيرات تأبين الشهداء في مدينة خان يونس منذ سنة 2001، وأنا أرفع يافطة، كتب عليها شعار "لا للتنسيق الأمني" لأعبر بشكل حضاري عن رأيي بالتنسيق، وأحذرً في حينه من استحالة الجمع بين التنسيق الأمني وبين المقاومة الوطنية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية