صوتنا غير المسموع ...بقلم : فهمي هويدي

الأحد 05 فبراير 2012

صوتنا غير المسموع

فهمي هويدي
عبر الاتحاد الأوروبي عن قلقه لاعتقال "إسرائيل" لوزير سابق في حكومة حماس وعضو بالمجلس التشريعي الفلسطيني من مقر الصليب الأحمر بالقدس. واحتجت "إسرائيل" في ذلك بأن الرجلين (خالد عرفة وأحمد طوطح) ممنوعان من دخول القدس، إلى جانب الاشتباه في كونها على صلة بحركة حماس (!!) وذكر بيان الاتحاد الأوروبي أن بعثتيه في رام الله والقدس قلقتان أيضاً من اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك ونائبين آخرين من المجلس، واعتبر البيان أن هذه الإجراءات لا تتناسب مع الجهود التي تبذل لإحلال الثقة التي يدعمها الاتحاد الأوروبي، والتي يراد لها أن تمهد لاستئناف مفاوضات السلام بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.

الخبر جيد لكنه يحتاج إلى تصحيح، لأن "إسرائيل" لم تعتقل فقط رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني وأربعة من أعضائه. ولكنها اعتقلت 26 عضواً في المجلس انتخبهم الشعب الفلسطيني، ولم يمنع ذلك "إسرائيل" من إلقائهم في سجونها، في انتهاك فاضح للأعراف الدولية التي توفر الحصانة للنواب المنتخبين.

شجعها على ذلك أن الإجراءات التي اتخذتها قوبلت بصمت من الجميع وتستر من جانب وسائل الإعلام المختلفة. وليس مفهوماً لماذا تحدث بيان الاتحاد الأوروبي عن أربعة نواب فقط إلى جانب رئيس المجلس التشريعي، ولم يشر إلى العدد الحقيقي لنواب المجلس المعتقلين، الأمر الذي فسره البعض بأنه محاولة للتهوين النسبي من شأن الجريمة، استهدفت إبراء ذمة الاتحاد الأوروبي وذر الرماد في العيون.

وهو ما لا أستطيع أن أؤكده، لكني أقول إنه إزاء الصمت المطبق والمريب الذي أحاط بملف النواب المعتقلين. فإن الإعراب عن القلق بسبب اعتقال بعضهم يظل خطوة إلى الأمام. والمثل الدارج يقول إن العَوَر أفضل من العمى.

بمعنى أن ذكر بعض الحقيقة أفضل من تجاهلها بالكامل. وليس لنا أن نحتج على عدم إشارة بيان الاتحاد الأوروبي إلى العدد الحقيقي للنواب المعتقلين، طالما لم نسمع صوت الاحتجاج في العالم العربي لا على اعتقال البعض أو اعتقال الكل. لذلك فإنني لم أسترح لتعليق أحد الزملاء الفلسطينيين على تقرير الاتحاد الأوروبي الذي وصفه بأنه نوع من «النفاق الأوروبي»، الذي نلمس شواهده في العديد من عناوين وملفات القضية الفلسطينية. لكني أزعم أن هذا الوصف إذا كان ينطبق على عموم الموقف الأوروبي، فينبغي أن نستثني التقرير الذي نحن بصدده. إذ من حقنا أن نصحح الرقم الذي أشار إليه التقرير، لكن شعورنا بالاستياء والغضب ينبغي أن يتوجه إلى الأطراف العربية التي تجاهلت الموضوع وسكتت عليه.

منذ توقيع اتفاقيات السلام في كامب ديفيد عام 1979، اطمأنت "إسرائيل" إلى أن مصر انكفأت على ذاتها وخرجت من معادلة الصراع. ومن ثم تعاملت من جانبها مع العالم العربي وكأنه أصبح جثة هامدة لا حول لها ولا قوة، ولا كرامة. شجعها على ذلك أن أغلب الأنظمة العربية القائمة كانت بين منسحب ومتواطئ ومعني برضاء واشنطن. أكثر من العناية بالتعبير عن ضمير شعوبنا وأشواقها. وهي أجواء مارست فيها "إسرائيل" مختلف صور الإذلال والعربدة بحق الفلسطينيين والعرب أجمعين.

هذه الخلفية اختلفت الآن، بعدما ارتفع صوت الشعوب وسقط رموز الطغاة الذين تحكموا في مقدرات الأمة وفشلوا في الدفاع عن حقوقها فضلاً عن كرامتها. لذلك توقعنا أو تمنينا أن يكون للأنظمة الجديدة موقف واضح إزاء الممارسات الإسرائيلية يعبر عن غضب الشعب العربي واحتجاجه، وإذا ترددت في ذلك بعض الحكومات لسبب أو آخر، فإن من غير المفهوم أن تصمت المجالس النيابية التي تم انتخابها، على الأقل في مصر وتونس والمغرب.

أدري أن الحكومات الجديدة تواجه ضغوطاً قوية من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية لكي لا تغير من السياسات الخارجية التي كانت متبعة في الماضي، لكن الامتثال لتلك الضغوط سوف يعد انتكاسة تفرغ الربيع العربي من بعض مضامينه، لأننا اعتبرنا أن استقلال الإرادة والدفاع عن كرامة الشعوب والأوطان على رأس الأهداف التي من أجلها قامت الثورات وأطاحت برموز التبعية والهزيمة.

علماً بأننا لا نتحدث عن اشتباك أو مواجهة في غير أوانها، إنما نتحدث في الوقت الراهن عن موقف شريف يسجله بيان صادر عن مؤسسة تعبر عن الشعب، لا يختلف عن مضمون تقرير الاتحاد الأوروبي في بعض التفاصيل ــ هل هذا كثير علينا؟

صحيفة الشرق القطرية

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية