ضحايا الترامال ... بقلم : حسام الدجني

الإثنين 17 يونيو 2013

ضحايا الترامال

حسام الدجني

أعلنت وزارة الداخلية والأمن الوطني عن الحملة الوطنية لمكافحة الترامال، وبهذه المناسبة أعيد نشر مقال ضحايا الترامال، الذي كتبته في مارس 2010 بعد الاطلاع المباشر على ضحايا الترامال، لعله يحمل رسائل مباشرة لمن يتعاطى هذه العقاقير المدمرة، وأترككم مع المقال.

يوم أمس خرجت ومجموعة من أصدقائي لزيارة أحد أصدقاء الطفولة بعد أن علمنا أنه يعاني من مرض ويعيش أوضاعاً نفسية وصحية واجتماعية بالغة السوء.

عندما دخلنا شقة المريض واكتفي باسمه الأول (ماجد)، نظر إلينا وهو جالس على سرير المرض، وانهارت دموعه، فحاولنا جاهدين أن ندخل أجواء من الفرح على الجلسة، وأن نخفف عنه ونشد من عزيمته، ولكن دون جدوى، استمر ماجد بالبكاء، فسألته لماذا تبكي؟ فأجاب: أتمنى أن أكون مثلكم تمرحون وتفرحون وتحبون وتأكلون وتشربون، فأنا والله أصبحت كالحائط، لا فائدة لي في المجتمع.

صديقي ماجد هو خريج إحدى الكليات العسكرية، وهو شاب عسكري رياضي.

فسألته ماذا حصل لك يا ماجد؟ وهل راجعت الطبيب؟

فتحدث بصوت خافت وقال: لعنة الله على الترامال، وعلى من يتاجر بالترامال، كنت أتعاطى الترامال، وكنت أشعر بمتعه عند التعاطي، وظننت أنه علاج للألم والإرهاق والملل الذي أعاني منه في حياتي اليومية.

واليوم أنا مصاب بقرحة في المعدة وألم في الأمعاء، وصداع مزمن، وإسهال أصفر اللون وبشكل شبه دائم، وأنا اليوم أعمل جاهداً على الامتناع عن التعاطي، ويساعدني إخواني وأبي في هذا الموضوع، وأتمنى من الله أن يشفيني، وأعود كما كنت في السابق، لعنة الله على صديق السوء! وتنهد ماجد، وسالت دموعه وهو ينظر إلينا، فحالنا كحال باقي المجتمع الفلسطيني، حيث أخذ الحوار شكلاً آخر وهو عن كيفية الحد من الترامال؟ وما هي مسئوليات الحكومة الفلسطينية ؟ وأين التثقيف والتوعية؟ وما هو الحكم الشرعي لذلك؟.

هذه الأسئلة دفعتني إلى كتابة المقال والعمل على وضع إجابات من خلال التواصل مع من يهمه الأمر، فكان الاتصال الأول على ضابط رفيع في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات طلب عدم الكشف عن اسمه، وسألته عن أداء الادارة في محاربة آفة الترامال وعن عقوبة تاجر ومتعاطي الترامال؟.

فأجاب: إن الادارة العامة لمكافحة المخدرات لم تدخر جهداً في محاربة الاتجار في الترامال، على الرغم من صعوبة الحد من التهريب، كونه عقارا طبيا يستخدم في مستشفياتنا وعياداتنا ويباع في صيدلياتنا، وأيضاً كثرة الأنفاق التي من الصعب مراقبة العمل فيها بشكل محكم، ويعتمد الضبط على معلومات محددة.

ويضيف الضابط أن أهم معيق لمحاربة الترامال هو القانون الفلسطيني، فالقانون يصنف الترامال بالجنحة، حيث يمكث تاجر الترامال من 48 ساعة وحتى أسبوع وتفرج عنه النيابة العامة بكفالة مالية.

أما المتعاطي فيمكث 48 ساعة في الحجز ومن ثم يغادر إلى بيته.

انتهت مكالمتي مع الضابط وأنا أستذكر صديقي ماجد وأقول إن المجلس التشريعي الفلسطيني بكل ألوانه السياسية يتحمل المسئولية عن حياة مئات بل آلاف الشباب الذين يتعاطون هذا العقار.

بعدها رفعت سماعة الهاتف واتصلت على فضيلة الشيخ الدكتور وائل الزرد وسألته عن حكم تعاطي الترامال؟ فأجابني: " من القواعد المحكمة في الاسلام لا ضرر ولا ضرار، ولقد ثبت علمياً أن عقار الترامال في حال أخذ بدون وصفة طبية له ضرر على جسم الانسان، من هنا ليس ببعيد إطلاق القول في تحريم هذه الادوية إن أخذت بغير وصفة طبية".

انتهت المكالمة مع الدكتور وائل وخلصت إلى أن تعاطي الترامال بدون وصفة طبية حرام شرعاً.

الجانب الشرعي حسم الظاهرة، ولكن الخلل هنا في جانبين:

أولاً: الجانب القانوني:

على المجلس التشريعي والنائب العام، العمل على سن قانون جديد، يتعامل مع الترامال على أنه جناية وليس جنحة، وتشديد العقوبات على المتاجرين فيه، وعلى المتعاطين، لأن أعز ما نملك هو الإنسان الفلسطيني، فاعتقد أن هناك مخططات لتخدير الشباب الفلسطيني وتدميرهم من خلال السموم التي يتم تهريبها من هنا وهناك، فعلى الحكومة والمجلس التشريعي أن يتحملا مسئولياتهم تجاه الشباب الفلسطيني.

ثانياً: الجانب الاجتماعي:

يجب أن نرسخ مفهوم أن تعاطي الترامال هو منبوذ اجتماعياً، وأن نعمل على توعية الجماهير بخطر هذا العقار على صحة وعقل الانسان الفلسطيني، فلا ينبغي الانتظار حتى نرى أكثر من ماجد في مجتمعنا، فنحن بحاجة إلى جهود الجميع لأننا ما زلنا تحت الاحتلال .
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية