ضغوط إيران على مشعل توحد حماس خلفه
د. عدنان أبو عامر وصل تقارب حماس مع إيران ذروته في الفترة الأخيرة، وبدأ الجانبان تحضيراتهما لزيارة خالد مشعل رئيس مكتبها السياسي لطهران أواخر ديسمبر 2014، وفجأة شهدت علاقات الجانبين انتكاسة مفاجئة مع نشر تقارير صحفية من وسائل إعلامية مقربة من حزب الله وإيران، ساهمت بتعكير "مؤقت" لصفو علاقاتهما.
كانت البداية مع صحيفة لبنانية مقربة من حزب الله اعتبرت أن أجندة زيارة مشعل لطهران تتسبب بإعاقة تجدد العلاقة مع حماس، بسبب اشتراطه مقابلة مرشد الثورة "خامنئي" ورئيس الجمهورية "روحاني"، حيث وصفت حماس التقرير السابق بأنه مفبرك ومزور، داعياً للتوقف عن تشويه صورة حماس.
وفي نفس اليوم، نشرت تسريبات في طهران عن شروط إيرانية لإعادة العلاقات مع حماس تتضمن استقالة مشعل من رئاسة الحركة، وأن حماس ليست في وضع يسمح لها بأن تضع شروطاً لكيفية استقبال مشعل في طهران، وتأتي خطورة التقرير الإيراني السابق أنه نشر في موقع تابع للحرس الثوري، ويشرف عليه الجنرال "محسن رضائي" قائد الحرس الثوري الأسبق، ومستشار "خامنئي"، ويعبر عن السياسة الرسمية للدولة.
وعلى عكس ما رغبت به إيران وحلفاؤها باستهداف مشعل عبر الحملة الإعلامية، أكدت حماس عبر عدد من قادتها التفافها حول مشعل، وعدم موافقتها على القفز عنه في سبيل إعادة العلاقة مع طهران، دون دخولها في سجالات إعلامية خشية تدهور العلاقة مع إيران أكثر.
فقد أوضح ناطقون عديدون باسم حماس أن المفتاح الرئيسي لمن يريد إقامة علاقة مع حماس هو مكتبها السياسي، وعلى رأسه مشعل، ما يعني أن الهجوم الإيراني العنيف على مشعل ينقل الأمور بينهما إلى مربعات يصعب التراجع عنها.
وامتد النقاش الصاخب حول الهجمة الإيرانية على مشعل لصفحات التواصل الاجتماعي، وحملت ردود فعل متناقضة بين مؤيدي الجانبين، لكنها عبرت عن استفزاز كوادر حماس مما اعتبروه تدخلاً إيرانياً غير مسبوق في شئونهم الداخلية، ومساساً مرفوضاً بشخص مشعل، حتى لو اختلفوا معه في بعض القضايا.
الصوت الغائب في السجال الإعلامي الأخير بين حماس وإيران، كان كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، التي التزمت الصمت إزاء الحملة على مشعل، وإن كانت الكتائب الجهة الأكثر استفادة من تجدد العلاقات مع طهران لحاجتها للدعم العسكري، لكن من الواضح أنها لن تستلم رصاصة واحدة من أحد دون وجود غطاء كامل من قبل القيادة السياسية للحركة، وعلى رأسها مشعل.
كتائب القسام أحد أجنحة حماس، وليست كل الحركة، وهي بالتالي ملتزمة بما تقرره المؤسسات التنظيمية، وستكون داعمة لأي تقارب مع إيران لمصلحة المقاومة، لكن حرصها على تماسك الحركة وبنيتها التنظيمية ورمزية قيادتها لن يكون محل مساومة من أحد.
التعليق الإيراني الرسمي الأول على هذا التوتر مع حماس جاء من أوساط إيرانية قالت إن ترتيبات زيارة مشعل لطهران هي مسؤولية أصحاب البلد الإيرانيين، وليس مهمة مشعل أن يضع قواعد استقباله، في إشارة للقائه مع "خامنئي وروحاني".
لكن حديث إيران عن الخلاف مع حماس حول أجندة زيارة مشعل لطهران، ولقائه مع المرشد والرئيس أم لا، تنفيه أوساط في حماس، وأكدت أن الجوهر الأساسي لتعثر الزيارة ليس أسباب إجرائية بروتوكولية، على أهميتها، لكنها سياسية، متعلقة برغبة إيران بانتزاع موقف من مشعل حول الملف السوري.
من الواضح أن إيران تريد بصورة واضحة أن تسفر زيارة مشعل التي طال انتظارها عن تراجع في مواقف حماس السابقة، قد تصل الدعم العلني للرئيس بشار الأسد، وهو أمر صعب الحصول في ظل ما تشهده سوريا من دماء نازفة في كل مكان.
هذه الحملة الإعلامية على مشعل تؤكد وجود تيار متنفذ في إيران وحزب الله لا يريد تجديد العلاقات مع حماس، نظراً لوجود حالة من عدم التوافق الداخلي في بيروت وطهران إرضاء للحليف السوري في دمشق المعارض للتقارب مع حماس، أو محاولة تجاوز مشعل في العلاقة معها.
كما أن النقاشات الداخلية في حماس بين غزة وبيروت والدوحة، حيث مراكز صنع القرار في الحركة، تؤكد أن إجراء مقارنة بين المحافظة على تماسك حماس التنظيمي، بزعامة مشعل، أو تجديد تحالفها مع قوى إقليمية، ومنها إيران، فإنها ستفضل المحافظة على الأول، مع عدم الرغبة بالتفريط باكتساب المزيد من العلاقات الخارجية، لكن ذلك يعني بوضوح إرجاء زيارة مشعل إلى طهران حتى إشعار آخر، مع عدم قطع "شعرة معاوية" بينهما.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية