طالت الحرب فكانت المفاجآت!
لمى خاطر
لم تكن فقط مفاجآت المقاومة، التي أتعبت ذاكرة استفاقت من نومها الطويل على أرائك الهزيمة لتفتح نوافذها على فعل متصاعد ومفاجئ.. بل كانت كذلك مفاجآت متانة الحلف المصفّق لإسرائيل في حربها، والمشجّع جيشها على الإقدام إلى أن يتحقق حلم صهاينة العرب بإسقاط حماس وإزالة (عرشها).
كان قد تأسس في ذاكرة الأعداء وحلفائهم اعتقاد متهافت بأن حماس في أضعف حالاتها، مستندين إلى توجهها نحو توقيع اتفاق المصالحة والتنازل عن دورها في حكومة غزة، ولعلّها فرصة الآن لتذكّر أكوام التحليلات والتأكيدات السابقة بوجود أزمة عميقة لدى حماس، سياسية ومالية وعسكرية نتيجة حصار نظام الانقلاب المحكم لها، وهو اعتقاد أغرى كثيرين بشحذ سيوفهم وانتظار فرصة القضاء على الحركة بضربة واحدة، انتخابية أو عسكرية، على أمل أن تعود بعدها غزة لاستنساخ تجربة الضفة حين أُخضعت لحكم المتآمرين على المقاومة فأجهضوها وعطلوا حركتها!
ولعلّ حكومة الاحتلال أصيبت بعدوى الوهم من حلفائها ومشجّعيها العرب، فظنّت أنّ حرباً على غزة في هذا التوقيت ستكون (ضربة معلّم) تخلّصها من كابوس المقاومة وحماس في وقت واحد. ولذلك فهي لم تكترث لمغزى بيانات كتائب القسام التحذيرية العديدة التي أطلقتها قبيل الحرب، وأكّدت فيها على الاستعداد الكبير للمعركة، وطول النفس الأكبر، ثم ما لبثت أن ترجمت أقوالها حرفياً بعد امتداد الحرب وتوالي فصولها.
طال أمد الحرب أكثر مما كان متوقّعا.. تصاعد الإرهاب الصهيوني عبر التدمير والمجازر أكثر مما كان متوقّعا، وتعملق ساعد المقاومة أكثر مما كان متوّقعاً أيضا، ففاجأت جمهورها وأنصارها قبل عدوّها، واكتشفت في نفسها ما لم تكن تعلم، وأبصرت جيّداً مواطن توفيق الله ورعايته لمسيرتها، ثم تبيّنت أهمية استثمارها الأعظم، في مقاتليها ورجالها، قبل أدواتها ووسائلها، وفي عقيدتها القتالية قبل حساباتها المادية.
طال أمد الحرب، فكانت كل تلك الأيام فرصة متجددة ليتأكد حضور المقاومة في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين أجمعين، ولينزع كلّ واهم آخر خيط للسراب من عينيه، وهو يشاهد براعةً وفرادةً وتفوّقاً للمجاهدين في الميدان، وكأنه يتعرف على ملامحهم للمرة الأولى، ويعي حقيقة مسارهم بنفسه وبلا تشوّيه أو دعايات مغرضة.
صحيح أن هذه الحرب هي الثالثة على غزة في غضون ثمانية أعوام فقط، لكنّ رسالتها هذه المرة مختلفة؛ فإن كان انتصار (حرب الفرقان) يكمن فقط في الصمود وإفشال أهداف المحتل، وانتصار حرب (حجارة السجيل) في الصواريخ التي وصلت القدس وتل أبيب، فإن رسالة انتصار معركة (العصف المأكول) إضافة إلى ذلك كلّه تكمن في تفوّق المقاومة النوعي، ليس على صعيد مدى الصواريخ وحسب، بل من خلال جميع وسائلها الجديدة التي تعرّف عليها العالم، من حرب الأنفاق والهجوم خلف خطوط العدو، إلى تدمير آلياته على الحدود وإعدام قدرتها على التقدم والاجتياح، وليس انتهاءً بالصناعات القسامية الحربية المتميّزة التي دخلت الحرب بالفعل والصورة، وعاينت جماهير الأمة فعلها، واستخلصت منها دروساً كثيرة.
وأمام براعة المقاومة متعددة الجوانب في هذه الجولة، لا ينبغي الاكتفاء بالمشاهدة والتشجيع والتأييد، بل فهم معادلتها بكل أركانها وأبعادها، ابتداء من اعتمادها على الله ثم على ذاتها، ثم في عدم الرضوخ لإملاءات واقع العجز والحصار والتضييق، ثم بالإصرار على الصمود وسط بحور الدماء، ورفض مقايضة السلاح بالراحة والسلامة، وفوق ذلك كلّه إبقاء الأنظار متركّزة على الهدف البعيد بإنجاز التحرير، دون الاغترار بالمكتسبات الآنية التي يمكن أن تُؤخذ بسهولة إن تحوّلت الأنظار عن ذلك الهدف.
لمى خاطر
لم تكن فقط مفاجآت المقاومة، التي أتعبت ذاكرة استفاقت من نومها الطويل على أرائك الهزيمة لتفتح نوافذها على فعل متصاعد ومفاجئ.. بل كانت كذلك مفاجآت متانة الحلف المصفّق لإسرائيل في حربها، والمشجّع جيشها على الإقدام إلى أن يتحقق حلم صهاينة العرب بإسقاط حماس وإزالة (عرشها).
كان قد تأسس في ذاكرة الأعداء وحلفائهم اعتقاد متهافت بأن حماس في أضعف حالاتها، مستندين إلى توجهها نحو توقيع اتفاق المصالحة والتنازل عن دورها في حكومة غزة، ولعلّها فرصة الآن لتذكّر أكوام التحليلات والتأكيدات السابقة بوجود أزمة عميقة لدى حماس، سياسية ومالية وعسكرية نتيجة حصار نظام الانقلاب المحكم لها، وهو اعتقاد أغرى كثيرين بشحذ سيوفهم وانتظار فرصة القضاء على الحركة بضربة واحدة، انتخابية أو عسكرية، على أمل أن تعود بعدها غزة لاستنساخ تجربة الضفة حين أُخضعت لحكم المتآمرين على المقاومة فأجهضوها وعطلوا حركتها!
ولعلّ حكومة الاحتلال أصيبت بعدوى الوهم من حلفائها ومشجّعيها العرب، فظنّت أنّ حرباً على غزة في هذا التوقيت ستكون (ضربة معلّم) تخلّصها من كابوس المقاومة وحماس في وقت واحد. ولذلك فهي لم تكترث لمغزى بيانات كتائب القسام التحذيرية العديدة التي أطلقتها قبيل الحرب، وأكّدت فيها على الاستعداد الكبير للمعركة، وطول النفس الأكبر، ثم ما لبثت أن ترجمت أقوالها حرفياً بعد امتداد الحرب وتوالي فصولها.
طال أمد الحرب أكثر مما كان متوقّعا.. تصاعد الإرهاب الصهيوني عبر التدمير والمجازر أكثر مما كان متوقّعا، وتعملق ساعد المقاومة أكثر مما كان متوّقعاً أيضا، ففاجأت جمهورها وأنصارها قبل عدوّها، واكتشفت في نفسها ما لم تكن تعلم، وأبصرت جيّداً مواطن توفيق الله ورعايته لمسيرتها، ثم تبيّنت أهمية استثمارها الأعظم، في مقاتليها ورجالها، قبل أدواتها ووسائلها، وفي عقيدتها القتالية قبل حساباتها المادية.
طال أمد الحرب، فكانت كل تلك الأيام فرصة متجددة ليتأكد حضور المقاومة في نفوس الفلسطينيين والعرب والمسلمين أجمعين، ولينزع كلّ واهم آخر خيط للسراب من عينيه، وهو يشاهد براعةً وفرادةً وتفوّقاً للمجاهدين في الميدان، وكأنه يتعرف على ملامحهم للمرة الأولى، ويعي حقيقة مسارهم بنفسه وبلا تشوّيه أو دعايات مغرضة.
صحيح أن هذه الحرب هي الثالثة على غزة في غضون ثمانية أعوام فقط، لكنّ رسالتها هذه المرة مختلفة؛ فإن كان انتصار (حرب الفرقان) يكمن فقط في الصمود وإفشال أهداف المحتل، وانتصار حرب (حجارة السجيل) في الصواريخ التي وصلت القدس وتل أبيب، فإن رسالة انتصار معركة (العصف المأكول) إضافة إلى ذلك كلّه تكمن في تفوّق المقاومة النوعي، ليس على صعيد مدى الصواريخ وحسب، بل من خلال جميع وسائلها الجديدة التي تعرّف عليها العالم، من حرب الأنفاق والهجوم خلف خطوط العدو، إلى تدمير آلياته على الحدود وإعدام قدرتها على التقدم والاجتياح، وليس انتهاءً بالصناعات القسامية الحربية المتميّزة التي دخلت الحرب بالفعل والصورة، وعاينت جماهير الأمة فعلها، واستخلصت منها دروساً كثيرة.
وأمام براعة المقاومة متعددة الجوانب في هذه الجولة، لا ينبغي الاكتفاء بالمشاهدة والتشجيع والتأييد، بل فهم معادلتها بكل أركانها وأبعادها، ابتداء من اعتمادها على الله ثم على ذاتها، ثم في عدم الرضوخ لإملاءات واقع العجز والحصار والتضييق، ثم بالإصرار على الصمود وسط بحور الدماء، ورفض مقايضة السلاح بالراحة والسلامة، وفوق ذلك كلّه إبقاء الأنظار متركّزة على الهدف البعيد بإنجاز التحرير، دون الاغترار بالمكتسبات الآنية التي يمكن أن تُؤخذ بسهولة إن تحوّلت الأنظار عن ذلك الهدف.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية