عرس ملتزم وأعراض برسم البيع
د. ديمة طهبوب
طبقات فوق طبقات فوق طبقات من القماش الأبيض وكأن الفستان استنفذ كل القماش في البلد!
عروس لا يظهر منها سوى كفيها ولا حتى وجهها وتكاد تقع على وجهها لانعدام الرؤية من الخمار ومن ثقل الفستان المتقن التفصيل وكأنه قلعة لا تسمح للضوء ولا للهواء بالنفاذ!
ابنة التسعة عشر عاما، من عائلة معروفة تم انتقاؤها لأصلها وأخلاقها، عذراء وقد تم التأكد من عذريتها وسيرتها وكما يقول المثل "ما باسها إلاّ أمه"، صحتها جيدة وعائلتها معروفة بالإنجاب وتم إجراء الفحوصات اللازمة لها.
العرس على الأصول والدين، لا اختلاط بين الرجال والنساء، بل يفصل بينهما ستار، لا مسخرة ولا غناء ولا رقص، والحضور الذين كانوا 25 ألف شخصا متدينين ومحافظين.
العرس في المدينة المقدسة، القدس، صاحبة البركة والتاريخ، لتحلّ البركة على العروسين ولإثبات الملكية والأحقية،
قد يظن البعض أنّ العرس عرس عربي أو إسلامي أو عن قصة من التاريخ، حيث كان الناس أكثر التزاما بالعادات والتقاليد إن لم يكن بالدين، ولكنه ليس كذلك، إنّه عرس لطائفة يهودية متشددة تعرف بطائفة الهسدك Hasidic ولحفيد حاخام الطائفة ابن الثمانية عشر سنة الذي سيرث من بعد جده.
"إسرائيل" واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط وربيبة أمريكا، أم الديمقراطية في العالم، يتمسك فيها مواطنوها بدينهم وتقاليدهم دون أن ينعتهم أحد بالتشدد أو التخلف أو التزمت! ودون أن تجبرهم الأمم المتحدة على توقيع الاتفاقيات الأممية التي تهدم الأسرة والأخلاق تحت ستار التنوير والتطور والعولمة.
العروس ابنة 19 والعريس يصغرها بعام! لم يتحدث أحد عن التخلف والحيوانية وقلة العقل! لم يقل أحد يا للرجعية! دفنوا حالهم بالحيا! لم يقل أحد أين خبرتهم؟ لم يقل أحد هذا ليس زواجا هذا لعبة بيت بيوت!
صمت العالم وصمت أصحاب الألسنة الحداد والأقلام المسنونة واكتفت إحدى الصحف الغربية بالتعليق "بدا العرس كأنه مشهد من لوحة قديمة" فلا أحد يستطيع أن يفتح فاهه حتى لا يتهم بمعاداة السامية ولو كان المشهد أكثر فظاعة وتطرفا.
في بلادنا المشكلة مشكلتين لأن الأعراس الملتزمة، مُسخت ولم تعد تختلف كثيرا عن غيرها وهذه تحتاج مقالا وحدها، أمّا المشكلة الثانية فمن تدخل الخارج وما يريد المجتمع الدولي أن يفرضه علينا في مجال الأسرة والمرأة والطفل ويتعاون معه للأسف عملاء من الداخل!
وفي الوقت الذي يحرص فيه أعداؤنا على الزواج المبكر ويتعمدون ذلك لأجل الإنجاب والاستمرارية ويرونها عبادة مقدسة، فمعظم الدول العربية رفعت بالقانون أو في اتجاه رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، بل وتعتبر المنظمات النسوية العربية الزواج قبل ذلك اغتصابا للقاصرات، وهذا كله تطبيق لأجندة اتفاقية السيداو ومؤتمرات السكان وبكين التي تهدف صراحة إلى الحد من الزواج المبكر بالقانون وتنفير الناس منه اجتماعيا بوصفه بالاغتصاب والعنف ضد لأنثى، وبالمقابل الترويج لثقافة "جسدي ملكي your body is your own» وهذه تشمل تدريب الفتيات في سن البلوغ على استخدام موانع الحمل ونشر ثقافة مجتمعية عن طريق الإعلام الترويجي والدعايات لما يعرف بالجنس الآمن «safe sex»، وما دعايات تنظيم الأسرة التي تركز على الحبة السحرية وتستخدم حتى الأطفال في الترويج لها إلاّ تطبيق مبطّن لهذه الأجندة وزرع للقبول لها بحيث تصبح شيئا عاديا ومتداولا ومقبولا على الملأ في المجتمع، وكذلك توفير وسائل المنع بأسعار رمزية، وعلى المدى البعيد إباحة الإجهاض للفتيات في السن الصغيرة وتسميته بالإجهاض الآمن، وتغيير ثقافة المجتمع عن العذرية وما يسمى بالعفة!
ولم يتوقف الأمر هنا، فسيداو تعتبر كل اختلاف بين الرجل والمرأة على أساس الجنس تمييزا، فمثلا الحجاب المفروض على الإناث في الإسلام يعدّ تمييزا ولذا يجب إزالته أو تحجيب الرجال حتى يتساوى الجنسان، كما وتطالب بالمساواة في المواريث، وبإلغاء العدة للمرأة والتعدد للرجل أو إقرارهما للجنسين! وحق المرأة في الزواج مدنيا من كتابي، وإلغاء قوامة الرجل في الأسرة واختصاص المرأة بوظائف الأمومة وإلغاء ضرورة استئذان الزوج عند السفر أو الخروج أو العمل ومعظم الدول العربية قد وقّعت على أغلب بنود سيداو مع بعض التحفظات البسيطة التي يجب رفعها مع المدة وتحصيل القبول الشعبي لها لأن المعاهدة يجب أن تؤخذ كلها ولا يمكن أن تتجزأ، وقد رفع الأردن قبل سنوات التحفظ عن المادة 15 التي تخصّ حق المرأة في السفر وتغيير مكان الإقامة دون الرجوع إلى الولي، ورفع بقية التحفظات مسألة وقت إذا لم يقف الشعب بالمرصاد، وبينما "إسرائيل" وأمريكا لم توقعا على سيداو فإنّ معظم الدول العربية قد وقّعت عليها وتنفيذها جار ومرتبط بالمساعدات التي لا تستغني عنها بعض الدول العربية مهما كانت الكوارث الاجتماعية التي يخلفها تطبيق هكذا معاهدات.
العدو يتمسك بدينه وأخلاقه ومبادئه لأنه يدرك أنّ هذه هي الفيصل في المعركة القادمة، بينما نحن نبيع مبادئنا وأعراضنا الأغلى منها مقابل حفنة دولارات! والمسؤولية شخصية كل واحد في بيته بالتربية واجتماعية بتكوين حالة وعي ورفض شعبي تضغط على الحكومات المفرطة.
لقد هزمنا فعلا عندما أصبح كل شيء برسم البيع، فهلا وقفة جادة تقول "أعراضنا ليست للبي".
د. ديمة طهبوب
طبقات فوق طبقات فوق طبقات من القماش الأبيض وكأن الفستان استنفذ كل القماش في البلد!
عروس لا يظهر منها سوى كفيها ولا حتى وجهها وتكاد تقع على وجهها لانعدام الرؤية من الخمار ومن ثقل الفستان المتقن التفصيل وكأنه قلعة لا تسمح للضوء ولا للهواء بالنفاذ!
ابنة التسعة عشر عاما، من عائلة معروفة تم انتقاؤها لأصلها وأخلاقها، عذراء وقد تم التأكد من عذريتها وسيرتها وكما يقول المثل "ما باسها إلاّ أمه"، صحتها جيدة وعائلتها معروفة بالإنجاب وتم إجراء الفحوصات اللازمة لها.
العرس على الأصول والدين، لا اختلاط بين الرجال والنساء، بل يفصل بينهما ستار، لا مسخرة ولا غناء ولا رقص، والحضور الذين كانوا 25 ألف شخصا متدينين ومحافظين.
العرس في المدينة المقدسة، القدس، صاحبة البركة والتاريخ، لتحلّ البركة على العروسين ولإثبات الملكية والأحقية،
قد يظن البعض أنّ العرس عرس عربي أو إسلامي أو عن قصة من التاريخ، حيث كان الناس أكثر التزاما بالعادات والتقاليد إن لم يكن بالدين، ولكنه ليس كذلك، إنّه عرس لطائفة يهودية متشددة تعرف بطائفة الهسدك Hasidic ولحفيد حاخام الطائفة ابن الثمانية عشر سنة الذي سيرث من بعد جده.
"إسرائيل" واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط وربيبة أمريكا، أم الديمقراطية في العالم، يتمسك فيها مواطنوها بدينهم وتقاليدهم دون أن ينعتهم أحد بالتشدد أو التخلف أو التزمت! ودون أن تجبرهم الأمم المتحدة على توقيع الاتفاقيات الأممية التي تهدم الأسرة والأخلاق تحت ستار التنوير والتطور والعولمة.
العروس ابنة 19 والعريس يصغرها بعام! لم يتحدث أحد عن التخلف والحيوانية وقلة العقل! لم يقل أحد يا للرجعية! دفنوا حالهم بالحيا! لم يقل أحد أين خبرتهم؟ لم يقل أحد هذا ليس زواجا هذا لعبة بيت بيوت!
صمت العالم وصمت أصحاب الألسنة الحداد والأقلام المسنونة واكتفت إحدى الصحف الغربية بالتعليق "بدا العرس كأنه مشهد من لوحة قديمة" فلا أحد يستطيع أن يفتح فاهه حتى لا يتهم بمعاداة السامية ولو كان المشهد أكثر فظاعة وتطرفا.
في بلادنا المشكلة مشكلتين لأن الأعراس الملتزمة، مُسخت ولم تعد تختلف كثيرا عن غيرها وهذه تحتاج مقالا وحدها، أمّا المشكلة الثانية فمن تدخل الخارج وما يريد المجتمع الدولي أن يفرضه علينا في مجال الأسرة والمرأة والطفل ويتعاون معه للأسف عملاء من الداخل!
وفي الوقت الذي يحرص فيه أعداؤنا على الزواج المبكر ويتعمدون ذلك لأجل الإنجاب والاستمرارية ويرونها عبادة مقدسة، فمعظم الدول العربية رفعت بالقانون أو في اتجاه رفع سن الزواج إلى الثامنة عشرة، بل وتعتبر المنظمات النسوية العربية الزواج قبل ذلك اغتصابا للقاصرات، وهذا كله تطبيق لأجندة اتفاقية السيداو ومؤتمرات السكان وبكين التي تهدف صراحة إلى الحد من الزواج المبكر بالقانون وتنفير الناس منه اجتماعيا بوصفه بالاغتصاب والعنف ضد لأنثى، وبالمقابل الترويج لثقافة "جسدي ملكي your body is your own» وهذه تشمل تدريب الفتيات في سن البلوغ على استخدام موانع الحمل ونشر ثقافة مجتمعية عن طريق الإعلام الترويجي والدعايات لما يعرف بالجنس الآمن «safe sex»، وما دعايات تنظيم الأسرة التي تركز على الحبة السحرية وتستخدم حتى الأطفال في الترويج لها إلاّ تطبيق مبطّن لهذه الأجندة وزرع للقبول لها بحيث تصبح شيئا عاديا ومتداولا ومقبولا على الملأ في المجتمع، وكذلك توفير وسائل المنع بأسعار رمزية، وعلى المدى البعيد إباحة الإجهاض للفتيات في السن الصغيرة وتسميته بالإجهاض الآمن، وتغيير ثقافة المجتمع عن العذرية وما يسمى بالعفة!
ولم يتوقف الأمر هنا، فسيداو تعتبر كل اختلاف بين الرجل والمرأة على أساس الجنس تمييزا، فمثلا الحجاب المفروض على الإناث في الإسلام يعدّ تمييزا ولذا يجب إزالته أو تحجيب الرجال حتى يتساوى الجنسان، كما وتطالب بالمساواة في المواريث، وبإلغاء العدة للمرأة والتعدد للرجل أو إقرارهما للجنسين! وحق المرأة في الزواج مدنيا من كتابي، وإلغاء قوامة الرجل في الأسرة واختصاص المرأة بوظائف الأمومة وإلغاء ضرورة استئذان الزوج عند السفر أو الخروج أو العمل ومعظم الدول العربية قد وقّعت على أغلب بنود سيداو مع بعض التحفظات البسيطة التي يجب رفعها مع المدة وتحصيل القبول الشعبي لها لأن المعاهدة يجب أن تؤخذ كلها ولا يمكن أن تتجزأ، وقد رفع الأردن قبل سنوات التحفظ عن المادة 15 التي تخصّ حق المرأة في السفر وتغيير مكان الإقامة دون الرجوع إلى الولي، ورفع بقية التحفظات مسألة وقت إذا لم يقف الشعب بالمرصاد، وبينما "إسرائيل" وأمريكا لم توقعا على سيداو فإنّ معظم الدول العربية قد وقّعت عليها وتنفيذها جار ومرتبط بالمساعدات التي لا تستغني عنها بعض الدول العربية مهما كانت الكوارث الاجتماعية التي يخلفها تطبيق هكذا معاهدات.
العدو يتمسك بدينه وأخلاقه ومبادئه لأنه يدرك أنّ هذه هي الفيصل في المعركة القادمة، بينما نحن نبيع مبادئنا وأعراضنا الأغلى منها مقابل حفنة دولارات! والمسؤولية شخصية كل واحد في بيته بالتربية واجتماعية بتكوين حالة وعي ورفض شعبي تضغط على الحكومات المفرطة.
لقد هزمنا فعلا عندما أصبح كل شيء برسم البيع، فهلا وقفة جادة تقول "أعراضنا ليست للبي".
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية