علاقة الميزانيّة العسكريّة للجيش الإسرائيلي بالتهديدات الأمنيّة ... بقلم :د. عدنان أبو عامر

الإثنين 11 مارس 2013

علاقة الميزانيّة العسكريّة للجيش الإسرائيلي بالتهديدات الأمنيّة

د. عدنان أبو عامر

تعيش الأوساط الإسرائيلية حالة من الشد والجذب قبيل إقرار الميزانية العامة، في ظل استقطاب حاد بين وزارتي المالية والحرب، حيث تسعى كل منهما لتكون الميزانية في صالحها، ففي حين ترى الأولى أن ميزانية الجيش مبالغ فيها، تعتقد الأخيرة أن ما تعيشه "إسرائيل" من تهديدات يتطلب منها المحافظة على حد أقصى من الموازنة.

ومع ذلك، ترى محافل أخرى أن الجيش الإسرائيلي يستعدّ لحروب لن تقع في المنطقة، في إشارة لتخويف القيادة العسكريّة من أنّ تقليص ميزانية الدفاع أمر خطير، لأنه سيضر ضرراً شديداً بالاستعداد للتهديدات المتزايدة، لأن "الفحص السطحي" يُبين أنه يمكن، بل ويجب تقليص ميزانيّة الدفاع، لأن ذلك لن يضر باستعداد الجيش لتهديدات المستقبل.

وبالاستناد إلى معطيات عسكريّة، تشير إلى أنّ الجيش يملك أكثر من 3100 دبابة و8 آلاف ناقلة جنود مدرعة، وصنع 1600 دبابة قبل 30 سنة، و220 منها عمرها 50 سنة! كما اشترى قليلاً من ناقلات الجنود المدرعة قبل عقود كثيرة.

ونقلت محافل عسكريّة في وزارة الحرب وهيئة الأركان اعترافها بأنه لا يوجد أي سيناريو حرب في المستقبل في حدود "إسرائيل" سيُحتاج في إطارها، أو يُستعمل هذا الحشد العظيم من دبابات الجيش، فلم تعد احتمالات معارك المدرعات كتلك التي ميزت حربي "الأيام الستة ويوم الغفران" موجودة، في ظل العوامل التالية:
• الجيش السوري أخذ يُسحَق، ولم يعد الآن قوة قتاليّة يجب أخذها في الحسبان.

• سيكون الجيش المصريّ مشغولاً في السنين القادمة بشؤون الدولة الداخليّة، واحتمالات أن تبادر مصر لحرب أقل من ضعيفة، وحتى لو استقر رأيها على البدء بحرب فإن قواتها المدرعة ستحتاج لقطع شبه جزيرة سيناء، إضافة إلى أنه في هذه الحال سيُستعمل سلاح الجو الصهيونيّ للقضاء على صفوف المدرعات المتقدمة شرقاً.

• لم يعد الجيش العراقي يشكل تهديداً لـ"إسرائيل"، وانتقضت عُرى "الجبهة الشرقية" واختفت، وهي الجبهة التي كان الجيش يستعد لمواجهتها قبل أكثر من 20 سنة.

لذلك كله، لا يوجد أي تسويغ للاستمرار في الإبقاء على آلاف الدبابات والتسلح في المستقبل بدبابات كثيرة أخرى باهظة الكلفة، ما يعني تفعيل أجهزة الرقابة والإشراف على الجيش، الذي يطمح للتسلح بمنظومات سلاح كثيرة قدر المستطاع.

وفي حين تنجح الرقابة في "الحد من شهوة" الجيش للتسلح، فلن يتكرر هذا في المستقبل، لكن تهرب الكنيست، المفترض به مراقبة الجيش، من هذه المهمة، يبقي المؤسسة العسكرية هي من تقرر وحدها بنية الجيش العسكريّة، وتسلحه، واستعداده العمليّاتي.

في المقابل، فإنه سيبقى ينفق أموالاً كثيرة في إعطاء أجوبة على كل أنواع التهديدات في جميع المستويات، دونما صلة باحتمال تحققها، بحيث تصبح الميزانيّة الأمنيّة ضخمة جداً، وتأخذ تكبر في كل سنة، رغم أنّ هناك تغيّراً في صورة التهديدات لـ"إسرائيل" في العقدين الأخيرين بقدر كبير، ويبدو أنّ الجيش سيضطر في المستقبل القريب لأن يواجه في الأساس تهديدين رئيسين هما عمليات حرب عصابات، وإطلاق صواريخ مائلة المسار.

مع العلم أن الاعتقاد السائد في "إسرائيل" يرى بأن احتمال حرب أخرى لجيوش دول المنطقة قد طُوي تماماً تقريباً، لكن هذا لا يعوق الجيش عن الاستمرار في بناء قوته لمواجهة سيناريوهات تشبه حروباً كـ"يوم الغفران"، وأنّ الجيش اليوم كبير جداً، ومسلح بمنظومات قتال باهظة الكلفة جداً، ترمي للرد على تهديدات تعترف الاستخبارات العسكريّة بأن احتمالات تحققها منخفضة جداً.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية