عن الانتفاضة وإرهاصاتها!
لمى خاطر
منذ الحرب الأخيرة على غزة والإعلام منشغل برصد إرهاصات الانتفاضة الثالثة المتوقع اندلاعها في فلسطين، وتحديداً في الضفة الغربية، وقد تزايد رصيد التوقعات بعد استشهاد الأسير عرفات جرادات في سجون الاحتلال، والمواجهات العنيفة التي اندلعت عقب استشهاده وكانت امتداداً لتصاعد التفاعل الشعبي مع قضية الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.
لا نجد من يختلف على حقيقة أن دواعي الانتفاضة الجديدة متوفرة وحاضرة، ليس حديثاً فقط وإنما على مدار السنوات الأخيرة التي تصاعد فيها الاستيطان وتهويد القدس، واعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال، ودون أن تواجه برادع يمثّل الحد الأدنى مما يجب أن تكون عليه مقاومة الاحتلال.
غير أن توفر موجبات الانتفاض لا يبدو كافياً إن لم تتوفر الإرادة في نفوس من سيقع على عاتقهم حمل لواء هذه الانتفاضة باعتبارهم وقودها وعامل استمرارها. ومن جهة أخرى فإن وجود جهة فلسطينية قوية ونافذة تبذل قصارى جهدها لعرقلة الانتفاضة ومواجهة تمدّدها، ومحاصرة إرهاصاتها هو عامل إفشال كبير لها، لأنها قادرة على إجهاضها في مهدها، خصوصاً أن بؤر مواجهة الاحتلال تتركز في مناطق تماس محدودة!
أي أن اندلاع انتفاضة جديدة في ظلّ حكم السلطة الحالية للضفة سيعني أن على المنتفضين أن يواجهوا على جبهتين، الاحتلال والسلطة، وهذه الأخيرة ستظلّ حريصة على ألا تتطور المواجهات باتجاه انتفاضة شاملة ومستمرة، لأن الاحتلال ببساطة لا يمكن أن يغامر بالتفريط بحالة الأمن غير المسبوقة المتحققة على جبهته منذ سنوات، حيث تضطلع السلطة بالدور الأكبر في تكريسها.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى انتفاضة الأقصى، لا بد أن نتذكر بأن الشكل الشعبي لها (أي المواجهة بالحجارة على الحواجز) تركز في شهورها الأولى فقط، ثم ما لبثت أن تحوّلت إلى المواجهة المسلّحة، مما يعني أن الفلسطيني يطمح لتطوير وسائله المقاومة إذا ما استطاع إليها سبيلا، ولا يقبل بأن يظل مفروضاً عليه مواجهة الجندي المسلح بالحجر، وأنه يفعل ذلك فقط حين يتجرد من السلاح كما كان حاله مطلع انتفاضة الحجارة، والتي دخلت أيضا في طور المقاومة المسلحة مطلع التسعينيات، مع عدم توقف شكلها الشعبي، ولكنّ حدته خفّت في سنوات الانتفاضة اللاحقة.
إن من ينشد التحرير لا بدّ أن يضع نصب عينيه تطوير وسائله لمواجهة عدوّه، وأن يوفّر بيئة حاضنة للمقاومة ثقافة وسلوكا، لا طاردة لها، أما من يطالب بأن يظل الاحتجاج على الاحتلال مكتسباً شكلاً سلمياً خالصاً لا يتطور مع مرور الزمن، بل من يرى أن استخدام الحجر من أشكال العنف فهو لا يبحث عن تحرير، بل يفتّش عن مخرج لنبذه ثقافة المقاومة ومبرر لقمعه الأشكال التي يصنفها مضرّة بمصلحة الشعب الفلسطيني، رغم أنها الوحيدة التي أثبتت جدواها على مرّ تاريخ الصراع الفلسطيني، لكن ضريبتها العالية والغالية لا يمكن أن يطيقها مدّعو الوطنية أو من اتخذوها تجارة ووسيلة للتكسّب.
ومع كل ذلك، ما زلنا نثق بأن ثقافة المقاومة التي ارتفع منسوبها في وعي الشارع الفلسطيني مؤخراً لن تلبث أن تترجم نفسها على الأرض، وإن لم تنجح في كسر القبضة الأمنية المشبوهة التي تلاحقها خدمة للاحتلال، فستنجح على الأقلّ في إحداث ثغرة في جدار الجمود والركود، وستنشئ للجيل الجديد مساراً يؤدي من خلاله دوره المنتظر والمتوقع، سواء عبر مواجهات شعبية واسعة تستنزف طاقات جيش الاحتلال، أو عمليات مقاومة مركزة تعيد تصويب الأوضاع المختلة وتفرض معادلات جديدة!
لمى خاطر
منذ الحرب الأخيرة على غزة والإعلام منشغل برصد إرهاصات الانتفاضة الثالثة المتوقع اندلاعها في فلسطين، وتحديداً في الضفة الغربية، وقد تزايد رصيد التوقعات بعد استشهاد الأسير عرفات جرادات في سجون الاحتلال، والمواجهات العنيفة التي اندلعت عقب استشهاده وكانت امتداداً لتصاعد التفاعل الشعبي مع قضية الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال.
لا نجد من يختلف على حقيقة أن دواعي الانتفاضة الجديدة متوفرة وحاضرة، ليس حديثاً فقط وإنما على مدار السنوات الأخيرة التي تصاعد فيها الاستيطان وتهويد القدس، واعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال، ودون أن تواجه برادع يمثّل الحد الأدنى مما يجب أن تكون عليه مقاومة الاحتلال.
غير أن توفر موجبات الانتفاض لا يبدو كافياً إن لم تتوفر الإرادة في نفوس من سيقع على عاتقهم حمل لواء هذه الانتفاضة باعتبارهم وقودها وعامل استمرارها. ومن جهة أخرى فإن وجود جهة فلسطينية قوية ونافذة تبذل قصارى جهدها لعرقلة الانتفاضة ومواجهة تمدّدها، ومحاصرة إرهاصاتها هو عامل إفشال كبير لها، لأنها قادرة على إجهاضها في مهدها، خصوصاً أن بؤر مواجهة الاحتلال تتركز في مناطق تماس محدودة!
أي أن اندلاع انتفاضة جديدة في ظلّ حكم السلطة الحالية للضفة سيعني أن على المنتفضين أن يواجهوا على جبهتين، الاحتلال والسلطة، وهذه الأخيرة ستظلّ حريصة على ألا تتطور المواجهات باتجاه انتفاضة شاملة ومستمرة، لأن الاحتلال ببساطة لا يمكن أن يغامر بالتفريط بحالة الأمن غير المسبوقة المتحققة على جبهته منذ سنوات، حيث تضطلع السلطة بالدور الأكبر في تكريسها.
وإذا عدنا بالذاكرة إلى انتفاضة الأقصى، لا بد أن نتذكر بأن الشكل الشعبي لها (أي المواجهة بالحجارة على الحواجز) تركز في شهورها الأولى فقط، ثم ما لبثت أن تحوّلت إلى المواجهة المسلّحة، مما يعني أن الفلسطيني يطمح لتطوير وسائله المقاومة إذا ما استطاع إليها سبيلا، ولا يقبل بأن يظل مفروضاً عليه مواجهة الجندي المسلح بالحجر، وأنه يفعل ذلك فقط حين يتجرد من السلاح كما كان حاله مطلع انتفاضة الحجارة، والتي دخلت أيضا في طور المقاومة المسلحة مطلع التسعينيات، مع عدم توقف شكلها الشعبي، ولكنّ حدته خفّت في سنوات الانتفاضة اللاحقة.
إن من ينشد التحرير لا بدّ أن يضع نصب عينيه تطوير وسائله لمواجهة عدوّه، وأن يوفّر بيئة حاضنة للمقاومة ثقافة وسلوكا، لا طاردة لها، أما من يطالب بأن يظل الاحتجاج على الاحتلال مكتسباً شكلاً سلمياً خالصاً لا يتطور مع مرور الزمن، بل من يرى أن استخدام الحجر من أشكال العنف فهو لا يبحث عن تحرير، بل يفتّش عن مخرج لنبذه ثقافة المقاومة ومبرر لقمعه الأشكال التي يصنفها مضرّة بمصلحة الشعب الفلسطيني، رغم أنها الوحيدة التي أثبتت جدواها على مرّ تاريخ الصراع الفلسطيني، لكن ضريبتها العالية والغالية لا يمكن أن يطيقها مدّعو الوطنية أو من اتخذوها تجارة ووسيلة للتكسّب.
ومع كل ذلك، ما زلنا نثق بأن ثقافة المقاومة التي ارتفع منسوبها في وعي الشارع الفلسطيني مؤخراً لن تلبث أن تترجم نفسها على الأرض، وإن لم تنجح في كسر القبضة الأمنية المشبوهة التي تلاحقها خدمة للاحتلال، فستنجح على الأقلّ في إحداث ثغرة في جدار الجمود والركود، وستنشئ للجيل الجديد مساراً يؤدي من خلاله دوره المنتظر والمتوقع، سواء عبر مواجهات شعبية واسعة تستنزف طاقات جيش الاحتلال، أو عمليات مقاومة مركزة تعيد تصويب الأوضاع المختلة وتفرض معادلات جديدة!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية