عن توحّد العدو وافتراقنا!
لمى خاطر
بعض البكائيات –إن لم يكن أكثرها- على الحال الفلسطينية الراهنة التي ما زالت دون بلوغ حلم التخلّص من الاحتلال تلخّص الداء بعبارة واحدة تقول: (إننا مختلفون متناحرون، لكنهم – أعداءنا- متوحدون ومتّفقون رغم تباين آرائهم السياسية).
وهنا، أجد ما يدفعني دائماً للتمعّن في تفاصيل العبارة علّني أكتشف مدى ملامستها الجوهر أو عومها على سطح الحقيقة، فهل نحن فعلاً كشعب خاضع للاحتلال نخضع أيضاً لخلافات ثانوية عقيمة، أم نختلف على ما يستحقّ ذلك، وتباعد بيننا حسابات السياسة؟ وهل خلافنا في أصله على الوطن أم تحت رايته؟ وهل يجوز مقارنة حال عدوّنا بحالنا، رغم أنه غاصب للأرض ولا يختلف أحد في نظامه السياسي كلّه على حقّ الكيان الصهيوني في اغتصاب فلسطين؟!
يلزمنا في كثير من الأحيان جرعات من الوعي مركّزة لتعيننا على الغوص في تفاصيل الأشياء والظواهر من حولنا، حتى لا نتحوّل مع الزمن –الذي يبدو طويلاً ومريراً كلما طال الاحتلال- إلى آلات تسجيل تردّد عبارات نمطية رثّة، أو تحاول الهروب من إلحاح الأسئلة باتجاه ما يخطر ببالها للوهلة الأولى من معينات على الكلام، التي هي أقرب لوجبات الطعام السريعة منها للرأي النابع من الفكر المستنير!
فإن كان خلافنا مستحقّاً الهجاء؛ أليس الأولى هجاء وإدانة من يبحث عن تسويات تنتقص من الحقوق، ومن يلوذ بالدروب العبثية خوفاً من تأدية ضريبة المواجهة، ومن يتهم المتمسك بحقّه بالمراهقة الوطنية والسياسية، ويحاول إلزام المغرّدين خارج سرب الخضوع على العودة له مرغمين، ورغماً عن إرادة الانبعاث فيهم؟!
وفي المقابل، وعند استقراء خارطة الاختلاف السياسي لدى عدوّنا لا نرى فيها دوائر هيمنة صاخبة تروّج لضرورات التنازل للفلسطيني –صاحب الحق- من أجل السلام ومن أجل استرضاء المجتمع الدولي، وتجميل صورة الذات أمامه. بل نشاهد إجماعاً على إنكار كل ما نراه حقاً لنا، وتوحّداً على التمسّك بقدسنا نحن، وعدم اختلاف على ضرورة اجتثاث كل إرادة فينا مناوئة للمشروع الصهيوني، أو لا زالت ترفع بيرق النضال في دروب المشقّة المفضية إلى بوابة التحرير!
تمنيْتُ وما زلت أتمنى سماع تلك الأصوات العالية في صفوفنا، التي حين تطالب بالوحدة تلحقها بتحديد لشكل وطبيعة تلك الوحدة، أي التي تعيد الاعتبار للحقوق وتُعلي من شأن المقاومة، ولا تقبل المجاملة السياسية على حساب الثوابت، ولا تعترف بالتوافق إن أرهق كاهل المقاوم وأفرغ رصاص كنانته، وصوّر بندقيته قاطعة لطريق التوحّد!
عدوّنا كيان متغطرس، ولأنه اغتصب وطننا بحراب إجرامه، فلا يجوز أن نتوقّع منه اختلافاً على كينونة مشروعه، لكننا نحن مطالبون بألّا نختلف على مشروعنا، أي مشروع التحرير، بل أن نتوافق عليه من جديد، وعلى أن وطناً سلبته الحراب لن ترجعه المفاوضات الخاوية من صدى البنادق، ولا الهامات الراضعة لبان التمويل المشبوه، الذي أسكت فيها صوت النفير بقدر ما أشاع في روحها أبجديات القعود، وحرف أنظارها باتجاه الدروب المتعرجة المفضية إلى السراب.. وحين يصبح الذراع المقاتل سارية لواء وحدتنا، فمن حقّنا جميعاً اتهام ونبذ وشتم من يخرق الإجماع، أو ينكر قداسته الوطنية!
لمى خاطر
بعض البكائيات –إن لم يكن أكثرها- على الحال الفلسطينية الراهنة التي ما زالت دون بلوغ حلم التخلّص من الاحتلال تلخّص الداء بعبارة واحدة تقول: (إننا مختلفون متناحرون، لكنهم – أعداءنا- متوحدون ومتّفقون رغم تباين آرائهم السياسية).
وهنا، أجد ما يدفعني دائماً للتمعّن في تفاصيل العبارة علّني أكتشف مدى ملامستها الجوهر أو عومها على سطح الحقيقة، فهل نحن فعلاً كشعب خاضع للاحتلال نخضع أيضاً لخلافات ثانوية عقيمة، أم نختلف على ما يستحقّ ذلك، وتباعد بيننا حسابات السياسة؟ وهل خلافنا في أصله على الوطن أم تحت رايته؟ وهل يجوز مقارنة حال عدوّنا بحالنا، رغم أنه غاصب للأرض ولا يختلف أحد في نظامه السياسي كلّه على حقّ الكيان الصهيوني في اغتصاب فلسطين؟!
يلزمنا في كثير من الأحيان جرعات من الوعي مركّزة لتعيننا على الغوص في تفاصيل الأشياء والظواهر من حولنا، حتى لا نتحوّل مع الزمن –الذي يبدو طويلاً ومريراً كلما طال الاحتلال- إلى آلات تسجيل تردّد عبارات نمطية رثّة، أو تحاول الهروب من إلحاح الأسئلة باتجاه ما يخطر ببالها للوهلة الأولى من معينات على الكلام، التي هي أقرب لوجبات الطعام السريعة منها للرأي النابع من الفكر المستنير!
فإن كان خلافنا مستحقّاً الهجاء؛ أليس الأولى هجاء وإدانة من يبحث عن تسويات تنتقص من الحقوق، ومن يلوذ بالدروب العبثية خوفاً من تأدية ضريبة المواجهة، ومن يتهم المتمسك بحقّه بالمراهقة الوطنية والسياسية، ويحاول إلزام المغرّدين خارج سرب الخضوع على العودة له مرغمين، ورغماً عن إرادة الانبعاث فيهم؟!
وفي المقابل، وعند استقراء خارطة الاختلاف السياسي لدى عدوّنا لا نرى فيها دوائر هيمنة صاخبة تروّج لضرورات التنازل للفلسطيني –صاحب الحق- من أجل السلام ومن أجل استرضاء المجتمع الدولي، وتجميل صورة الذات أمامه. بل نشاهد إجماعاً على إنكار كل ما نراه حقاً لنا، وتوحّداً على التمسّك بقدسنا نحن، وعدم اختلاف على ضرورة اجتثاث كل إرادة فينا مناوئة للمشروع الصهيوني، أو لا زالت ترفع بيرق النضال في دروب المشقّة المفضية إلى بوابة التحرير!
تمنيْتُ وما زلت أتمنى سماع تلك الأصوات العالية في صفوفنا، التي حين تطالب بالوحدة تلحقها بتحديد لشكل وطبيعة تلك الوحدة، أي التي تعيد الاعتبار للحقوق وتُعلي من شأن المقاومة، ولا تقبل المجاملة السياسية على حساب الثوابت، ولا تعترف بالتوافق إن أرهق كاهل المقاوم وأفرغ رصاص كنانته، وصوّر بندقيته قاطعة لطريق التوحّد!
عدوّنا كيان متغطرس، ولأنه اغتصب وطننا بحراب إجرامه، فلا يجوز أن نتوقّع منه اختلافاً على كينونة مشروعه، لكننا نحن مطالبون بألّا نختلف على مشروعنا، أي مشروع التحرير، بل أن نتوافق عليه من جديد، وعلى أن وطناً سلبته الحراب لن ترجعه المفاوضات الخاوية من صدى البنادق، ولا الهامات الراضعة لبان التمويل المشبوه، الذي أسكت فيها صوت النفير بقدر ما أشاع في روحها أبجديات القعود، وحرف أنظارها باتجاه الدروب المتعرجة المفضية إلى السراب.. وحين يصبح الذراع المقاتل سارية لواء وحدتنا، فمن حقّنا جميعاً اتهام ونبذ وشتم من يخرق الإجماع، أو ينكر قداسته الوطنية!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية