عن عمليات المقاومة الفردية في القدس والضفة
لمى خاطر
أثار تحوّل عمليات المقاومة الفردية لظاهرة مقاومة في القدس والضفة الغربية مؤخراً موجة تحليل واهتمام، حاولَت أن تقف على أسبابها وأبعادها، إضافة على تساؤلات عن دور العمل المسلح الصادر عن الفصائل الفلسطينية أو تراجعه في هذه المرحلة.
ولعل الأمر يتطلب أولاً فحصاً لملامحها والسمات المشتركة بينها، إذ رغم أنها نُفّذت بدافع فردي، إلا أن غالبية منفذيها ينحدرون من تنظيمات مقاومة (حماس والجهاد تحديدا)، وسبق أن كانوا معتقلين في سجون الاحتلال، وهو ما يعني أن عملهم لم يكن فورة دم آنية، بل ترتب على قناعة وفهم لأهمية وجدوى العمل المسلح الذي يوقع خسائر مباشرة في صفوف الاحتلال، أي أن حالة التعبئة المعنوية لديهم لم تكن وليدة اللحظة، وكلّ ما في الأمر أن الانتهاكات الصهيونية الأخيرة ساهمت في تفجير طاقتهم المختزنة إلى فعل مباشر، وإلى عمليات يمكن القول إنها ناجحة بدرجة كبيرة لأنها أوقعت خسائر في صفوف جيش الاحتلال ومستوطنيه، ثم ساهمت إلى درجة ما في الحدّ من هجمة المحتل وتغوّله على المسجد الأقصى، رغم عدم انتفاء الخطر عنه.
هذا الملامح المشتركة تنقلنا إلى نتيجة أخرى، وهي أن هذه العمليات جاءت كتطور يتلاءم مع واقع الضفة الغربية والقدس، أي واقع العمل المسلّح المنظّم الذي مني بانتكاسة كبيرة ومتلاحقة منذ عملية السور الواقي عام 2002، حيث عمل الاحتلال على توجيه ضربات متلاحقة لخلايا المقاومة وتنظيماتها، فتم اعتقال كوادر جميع الصفوف الأولى للتنظيمات المقاومة، وطال الاستهداف جميع مستوياتها حتى الدعوية والطلابية والإغاثية. ثم كانت هجمة السلطة المركزة منذ عام 2007، والتي فكّكت بالتعاون مع الاحتلال جميع هياكل المقاومة وتنظيماتها، وفرضت قيوداً كبيرة على موارد السلاح والمال، حتى تم تجفيف منابعهما وحظر جميع أشكال العمل التنظيمي، خصوصاً لحركة حماس.
فواقع الحال مع هذه العمليات أنها أقلّ عرضة للانكشاف، كونها ترتكز على خلية أحادية، قوامها شخص واحد، هو المخطط والمنفّذ، والذي يختار الزمان والمكان، وهو يعني أن فرص نجاحها عالية، وتبعاتها لا تطال استهداف عدة أشخاص فاعلين، خصوصاً إذا ما عملنا أن كثيراً من الخلايا العسكرية المنظمة في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة تم إجهاضها وهي في مرحلة الإعداد وقبل نجاحها في تنفيذ عمليات، وذلك نتيجة للمراقبة والملاحقة المستمرة من قبل الاحتلال والسلطة للعناصر ذات الخلفية العسكرية أو المتوقع إقدامها على تنفيذ عمل مسلّح.
ولذلك؛ لا يبدو مهماً كثيراً هنا التوقف باستغراب عند هذه الظاهرة من العمل المسلّح، أو التهوين من آثارها وإمكانات تطورها، لمجرد أنها مثّلت شكلاً مختلفاً عن المعهود، ولكونها جاءت متتالية وبدا أنها ستكون الشكل الأكثر اعتماداً لمواجهة الاحتلال على المدى المنظور.
المهم هنا، في هذه العمليات البطولية، الحاصلة في بيئة يندر فيها السلاح، ويصعب الحصول عليه، أنها تشي بتحرر الإرادة لدى قطاع من جيل الشباب الفلسطيني، وحين يحصل هذا سيكون ممكناً تحرر العقل من قيود المرحلة، والإبداع على الصعيد المقاوم، وتجاوز المنعطفات الصعبة، وقيود العجز وحواجزه، لينفسح الأفق أمام إبداعات مفاجئة ومستمرة وناجعة، فردية أو منظمة، ويصعب احتواؤها بإجراءات أمنية استئصالية، كما كان يحدث في الغالب.
لمى خاطر
أثار تحوّل عمليات المقاومة الفردية لظاهرة مقاومة في القدس والضفة الغربية مؤخراً موجة تحليل واهتمام، حاولَت أن تقف على أسبابها وأبعادها، إضافة على تساؤلات عن دور العمل المسلح الصادر عن الفصائل الفلسطينية أو تراجعه في هذه المرحلة.
ولعل الأمر يتطلب أولاً فحصاً لملامحها والسمات المشتركة بينها، إذ رغم أنها نُفّذت بدافع فردي، إلا أن غالبية منفذيها ينحدرون من تنظيمات مقاومة (حماس والجهاد تحديدا)، وسبق أن كانوا معتقلين في سجون الاحتلال، وهو ما يعني أن عملهم لم يكن فورة دم آنية، بل ترتب على قناعة وفهم لأهمية وجدوى العمل المسلح الذي يوقع خسائر مباشرة في صفوف الاحتلال، أي أن حالة التعبئة المعنوية لديهم لم تكن وليدة اللحظة، وكلّ ما في الأمر أن الانتهاكات الصهيونية الأخيرة ساهمت في تفجير طاقتهم المختزنة إلى فعل مباشر، وإلى عمليات يمكن القول إنها ناجحة بدرجة كبيرة لأنها أوقعت خسائر في صفوف جيش الاحتلال ومستوطنيه، ثم ساهمت إلى درجة ما في الحدّ من هجمة المحتل وتغوّله على المسجد الأقصى، رغم عدم انتفاء الخطر عنه.
هذا الملامح المشتركة تنقلنا إلى نتيجة أخرى، وهي أن هذه العمليات جاءت كتطور يتلاءم مع واقع الضفة الغربية والقدس، أي واقع العمل المسلّح المنظّم الذي مني بانتكاسة كبيرة ومتلاحقة منذ عملية السور الواقي عام 2002، حيث عمل الاحتلال على توجيه ضربات متلاحقة لخلايا المقاومة وتنظيماتها، فتم اعتقال كوادر جميع الصفوف الأولى للتنظيمات المقاومة، وطال الاستهداف جميع مستوياتها حتى الدعوية والطلابية والإغاثية. ثم كانت هجمة السلطة المركزة منذ عام 2007، والتي فكّكت بالتعاون مع الاحتلال جميع هياكل المقاومة وتنظيماتها، وفرضت قيوداً كبيرة على موارد السلاح والمال، حتى تم تجفيف منابعهما وحظر جميع أشكال العمل التنظيمي، خصوصاً لحركة حماس.
فواقع الحال مع هذه العمليات أنها أقلّ عرضة للانكشاف، كونها ترتكز على خلية أحادية، قوامها شخص واحد، هو المخطط والمنفّذ، والذي يختار الزمان والمكان، وهو يعني أن فرص نجاحها عالية، وتبعاتها لا تطال استهداف عدة أشخاص فاعلين، خصوصاً إذا ما عملنا أن كثيراً من الخلايا العسكرية المنظمة في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة تم إجهاضها وهي في مرحلة الإعداد وقبل نجاحها في تنفيذ عمليات، وذلك نتيجة للمراقبة والملاحقة المستمرة من قبل الاحتلال والسلطة للعناصر ذات الخلفية العسكرية أو المتوقع إقدامها على تنفيذ عمل مسلّح.
ولذلك؛ لا يبدو مهماً كثيراً هنا التوقف باستغراب عند هذه الظاهرة من العمل المسلّح، أو التهوين من آثارها وإمكانات تطورها، لمجرد أنها مثّلت شكلاً مختلفاً عن المعهود، ولكونها جاءت متتالية وبدا أنها ستكون الشكل الأكثر اعتماداً لمواجهة الاحتلال على المدى المنظور.
المهم هنا، في هذه العمليات البطولية، الحاصلة في بيئة يندر فيها السلاح، ويصعب الحصول عليه، أنها تشي بتحرر الإرادة لدى قطاع من جيل الشباب الفلسطيني، وحين يحصل هذا سيكون ممكناً تحرر العقل من قيود المرحلة، والإبداع على الصعيد المقاوم، وتجاوز المنعطفات الصعبة، وقيود العجز وحواجزه، لينفسح الأفق أمام إبداعات مفاجئة ومستمرة وناجعة، فردية أو منظمة، ويصعب احتواؤها بإجراءات أمنية استئصالية، كما كان يحدث في الغالب.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية