عن وفد المنظمة القادم لغزة.. رؤية أخرى
حازم قاسم
كأن غزة دولة مجاورة تعلن منظمة التحرير الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس عن إرسالها لوفد لبحث مشاكلها، وتبدو المنظمة كمن يقدم خدمة لغزة لمجرد أنه ينوي زيارتها، وتبدأ الاشتراطات الفارغة والمبررات الواهية التي تمهد لإلغاء الزيارات.
المشكلة الأساس أن وفد المنظمة وضع نفسه مقابل أهل غزة وفصائل المقاومة، واصطفَّ إلى جانب الرئيس عباس في حربه المفتوحة على فكر المقاومة وممارستها، وخضعت هذه الفصائل لابتزاز الرئيس لجهة عدم صرف مخصصاتها في حال معارضتها لأي من توجهاته السياسية المرتعشة مع الاحتلال، أو سياسته الخارجية المترددة، أو إدارته للشأن الفلسطيني القائمة على الاستبداد وإدامة الانقسام.
كما أن للمشكلة جانبا آخر، هو عدم واقعية تعريف المنظمة لذاتها، فهي قبل أن تحدد موقع غزة ومقاومتها من القضية الفلسطينية، عليها أن تعيد تعريف نفسها من جديد، أو أن تلتزم هي بما تعلنه من أنها منظمة تحرير، وأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فكونها منظمة لتحرير فلسطين، هذا يعني أنها تتبنى خيار المقاومة الشاملة والمتواصلة، وتدعمه بالمال، والسلاح، والغطاء الشرعي، والدبلوماسي، والسياسي، وأن تسخر علاقاتها مع الدول الإقليمية لدعم هذا الخيار وتعزيزه، إلا أن الواقع عكس ذلك تماماً، فالمنظمة وخاصة عمودها الفقري حركة فتح برئاسة محمود عباس تعادي المقاومة تماماً، وتقصُرُها على أسلوب هزيل وضعيف لا جدوى من ورائه، أما موقفها من قوى المقاومة الأخرى، وخاصة حركتَيْ حماس والجهاد الإسلامي، فهو معروف ومعلن، فعباس -الذي يرأس المنظمة- دائم المهاجمة للمقاومة، ولأدواتها، ولقيادتها، بل ويحرض القوى الإقليمية و(إسرائيل) على محاربتها وحصارها.
أما عن تمثيلها للشعب الفلسطيني، فالأمر لا يعدو كونه ادعاءً فارغاً لا أساس له من الصحة، فقوى رئيسة في الشعب الفلسطيني غير ممثلة في مؤسسات المنظمة المختلفة، فحركة حماس التي حصلت على غالبية كبيرة في آخر انتخابات للمجلس التشريعي، غير موجودة في المنظمة، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي، وأصبحت المؤسسات التابعة للمنظمة هياكل فارغة، أو تابعة لحركة فتح حصرياً.
وما يزيد من سوء وضع المنظمة، هو تجمع عوامل تآكل الشرعية عليها، حتى تكاد تصبح غير شرعية، كما أن الزمن فعل فعله في ضعف فاعليته القيادية، فمثلاً: فقد الأداء السياسي للمنظمة ومخرجاتها أي إجماع وطني عليها، فالقطاعات العريضة من الشعب الفلسطيني ما زالت تلتف حول خيار المقاومة، مثلما كشفت الحرب الأخيرة على قطاع غزة، بينما ما زال أقوى المواقف للمنظمة هو التهديد بوقف التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال الصهيوني! وبالأصل فقد حصلت المنظمة على شرعيتها تاريخياً من تبنيها لخيار العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وما زاد من اهتزاز شرعية المنظمة، هو تصاعد القوى المعارضة لسياستها، فحركة حماس التي طرحت نهجاً مخالفاً للمنظمة، حصلت على شرعية جماهيرية عريضة، وتمت ترجمة هذا الزخم الجماهيري إلى شرعية دستورية وقانونية، بعد نجاحها في انتخابات المجلس التشريعي، وحصولها على أصوات الغالبية من المشاركين في الانتخابات، وفي المقابل، انحسرت شعبية المنظمة، بعد أن فشلت بقوة في تحقيق أي من الأهداف العامة التي أعلنتها غداة تشكيلها، وهو عامل إضافي لتآكل شرعيتها.
مجمل هذه الأمور تحتم على المنظمة أن تعرف موقعها الحقيقي من حركة التحرر الفلسطيني، والتوقف عن ادعاء تمثيلها للشعب الفلسطيني، وأن ترفع وصايتها المزيفة عنه، وأن تتعامل باحترام مع غزة ومقاومتها، وأن تتوقف عن التعامل الدُّونِي مع حركة حماس التي سحبت بساط الشرعية من تحت أرجل المنظمة بفعلها المقاوم القوي، وبالتالي أن تنطلق قيادة المنظمة في تفكيرها وسلوكها من أن قطاع غزة هو طليعة العمل الوطني، وأنه بقعة محررة من الاحتلال، وينبغي أن يأخذ موقعه في الحراك الوطني، وأن يحصل على ما يستحق من الاهتمام من الكل الفلسطيني، وعلى وفد المنظمة القادم إلى قطاع غزة أن يدرك ذلك قبل قدومه إليه.
حازم قاسم
كأن غزة دولة مجاورة تعلن منظمة التحرير الفلسطينية التي يترأسها محمود عباس عن إرسالها لوفد لبحث مشاكلها، وتبدو المنظمة كمن يقدم خدمة لغزة لمجرد أنه ينوي زيارتها، وتبدأ الاشتراطات الفارغة والمبررات الواهية التي تمهد لإلغاء الزيارات.
المشكلة الأساس أن وفد المنظمة وضع نفسه مقابل أهل غزة وفصائل المقاومة، واصطفَّ إلى جانب الرئيس عباس في حربه المفتوحة على فكر المقاومة وممارستها، وخضعت هذه الفصائل لابتزاز الرئيس لجهة عدم صرف مخصصاتها في حال معارضتها لأي من توجهاته السياسية المرتعشة مع الاحتلال، أو سياسته الخارجية المترددة، أو إدارته للشأن الفلسطيني القائمة على الاستبداد وإدامة الانقسام.
كما أن للمشكلة جانبا آخر، هو عدم واقعية تعريف المنظمة لذاتها، فهي قبل أن تحدد موقع غزة ومقاومتها من القضية الفلسطينية، عليها أن تعيد تعريف نفسها من جديد، أو أن تلتزم هي بما تعلنه من أنها منظمة تحرير، وأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فكونها منظمة لتحرير فلسطين، هذا يعني أنها تتبنى خيار المقاومة الشاملة والمتواصلة، وتدعمه بالمال، والسلاح، والغطاء الشرعي، والدبلوماسي، والسياسي، وأن تسخر علاقاتها مع الدول الإقليمية لدعم هذا الخيار وتعزيزه، إلا أن الواقع عكس ذلك تماماً، فالمنظمة وخاصة عمودها الفقري حركة فتح برئاسة محمود عباس تعادي المقاومة تماماً، وتقصُرُها على أسلوب هزيل وضعيف لا جدوى من ورائه، أما موقفها من قوى المقاومة الأخرى، وخاصة حركتَيْ حماس والجهاد الإسلامي، فهو معروف ومعلن، فعباس -الذي يرأس المنظمة- دائم المهاجمة للمقاومة، ولأدواتها، ولقيادتها، بل ويحرض القوى الإقليمية و(إسرائيل) على محاربتها وحصارها.
أما عن تمثيلها للشعب الفلسطيني، فالأمر لا يعدو كونه ادعاءً فارغاً لا أساس له من الصحة، فقوى رئيسة في الشعب الفلسطيني غير ممثلة في مؤسسات المنظمة المختلفة، فحركة حماس التي حصلت على غالبية كبيرة في آخر انتخابات للمجلس التشريعي، غير موجودة في المنظمة، وكذلك الأمر بالنسبة لحركة الجهاد الإسلامي، وأصبحت المؤسسات التابعة للمنظمة هياكل فارغة، أو تابعة لحركة فتح حصرياً.
وما يزيد من سوء وضع المنظمة، هو تجمع عوامل تآكل الشرعية عليها، حتى تكاد تصبح غير شرعية، كما أن الزمن فعل فعله في ضعف فاعليته القيادية، فمثلاً: فقد الأداء السياسي للمنظمة ومخرجاتها أي إجماع وطني عليها، فالقطاعات العريضة من الشعب الفلسطيني ما زالت تلتف حول خيار المقاومة، مثلما كشفت الحرب الأخيرة على قطاع غزة، بينما ما زال أقوى المواقف للمنظمة هو التهديد بوقف التنسيق الأمني مع جيش الاحتلال الصهيوني! وبالأصل فقد حصلت المنظمة على شرعيتها تاريخياً من تبنيها لخيار العمل المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وما زاد من اهتزاز شرعية المنظمة، هو تصاعد القوى المعارضة لسياستها، فحركة حماس التي طرحت نهجاً مخالفاً للمنظمة، حصلت على شرعية جماهيرية عريضة، وتمت ترجمة هذا الزخم الجماهيري إلى شرعية دستورية وقانونية، بعد نجاحها في انتخابات المجلس التشريعي، وحصولها على أصوات الغالبية من المشاركين في الانتخابات، وفي المقابل، انحسرت شعبية المنظمة، بعد أن فشلت بقوة في تحقيق أي من الأهداف العامة التي أعلنتها غداة تشكيلها، وهو عامل إضافي لتآكل شرعيتها.
مجمل هذه الأمور تحتم على المنظمة أن تعرف موقعها الحقيقي من حركة التحرر الفلسطيني، والتوقف عن ادعاء تمثيلها للشعب الفلسطيني، وأن ترفع وصايتها المزيفة عنه، وأن تتعامل باحترام مع غزة ومقاومتها، وأن تتوقف عن التعامل الدُّونِي مع حركة حماس التي سحبت بساط الشرعية من تحت أرجل المنظمة بفعلها المقاوم القوي، وبالتالي أن تنطلق قيادة المنظمة في تفكيرها وسلوكها من أن قطاع غزة هو طليعة العمل الوطني، وأنه بقعة محررة من الاحتلال، وينبغي أن يأخذ موقعه في الحراك الوطني، وأن يحصل على ما يستحق من الاهتمام من الكل الفلسطيني، وعلى وفد المنظمة القادم إلى قطاع غزة أن يدرك ذلك قبل قدومه إليه.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية