غزة والهجوم المحتمل، والجدل بشأنه
لمى خاطر
تنقسم الآراء بشأن توقّع هجوم لنظام الانقلاب المصري على غزة، بين متوقّع ومستبعِد، وبين مطالبٍ المقاومةَ وكتائب القسام بضبط النفس، وداعٍ إلى الرد على من يبدأ غزة بعدوانه، بغض النظر عن هويته.
وبداية، ففي المرحلة الحالية لا يصحّ التهوين من التهديد أو تفسيره على محمل واحد فقط يستبعد حدوثه، لأسباب تبدو منطقية لطارحها، لكنها لن تكون واردةً أبداً في اعتبارات نظام مجرم اعتدى على شعبه وقتل آلافاً منه ونفّذ مجازر في سيناء، ثم دمّر مدينة رفح المصرية بهدف إقامة منطقة عازلة بين حدوده وغزة، ثم نفّذ مؤخراً سلسلة هجمات على ليبيا، وحصدت أرواح عشرات المدنيين.
إنما ينبغي استنفاذ جميع الجهود السياسية لمنع عدوان السيسي على غزة والتحذير من مآلاته، ولكن إن وقع الاعتداء، لا بدّ أن يكون الردّ حاضراً ومُعدّاً ومدروسا.
بعض العقلاء يزيّنون لمحاسن عدم الرد من باب ضرورة إبقاء البوصلة منضبطة تجاه الاحتلال، وهو رأي رغم ما فيه من وجاهة إلا أنه لا يجيب على سؤال: ماذا لو توسع العدوان حتى تجريد المقاومة من سلاحها وضرب منشآتها؟ أي مقاومة تلك يمكن أن تنهض بعدها لتضرب الاحتلال وتستأنف مسيرتها؟ وماذا سيغني عنها انضباطها السابق حينها؟ وبماذا ستفيدها نصيحة (منع الإعلام من استغلال ردّها لتشويه صورتها) بعد أن تفقد عتادها وتُنهك قواها؟
من يعتقد أن السكوت عن عدوان السيسي ينبغي أن يكون مقدماً على رد العدوان حتى لو تسبب عدوانه بتدمير المقاومة، نحيله لواقع الضفة الغربية لرؤية حجم الكوارث التي جلبها غياب السلاح وتصفية كوادر المقاومة، فالمعركة مع الاحتلال يلزمها سلاح وليس أُمنيات ونظريات صماء حول إنهاء الاحتلال بأدوات أخرى.
من جهة أخرى، مهم أن تعي حماس بأن السيسي لا يريد توجيه ضربة محدودة لها بل تحطيم قوتها العسكرية، لذلك فالتهاون سيجلب كوارث أضعاف ما سيجلبه رد العدوان، فقوة حماس يدركها الصهاينة كما كل أدواتهم في المنطقة، خصوصا أنها باتت الوحيدة التي تواجه الكيان في ظل تحول حركات كانت محسوبة على المقاومة إلى بيادق في أيدي المجرمين والطغاة في المنطقة العربية.
التهديد الذي تتعرض له غزة لا يحتمل النصائح المبنية على الرغائب، بل تقدير الخطر المترتب على الهجوم كما ينبغي، ذلك أنه من الطبيعي أن يضرب الاحتلال غزة بذراع الانقلاب في مصر كون ضرباته هو ستجلب تعاطفاً كاسحاً لحركة حماس من كل أحرار العالم، كما حدث خلال الحرب الأخيرة، بينما هجوم الجيش المصري سيتم تأويله من قبل كثير من المدلّسين بأنه نابع من اختلاف نظام الانقلاب مع تنظيم الإخوان وخلفية حماس الإخوانية، أضف لذلك أنه من الطبيعي أن تكون حماس هي واجهة هذا العدوان وليس غيرها من الفصائل، لأن ضرب حماس مبرراته جاهزة ويلوكها ويعتنقها كثير من أوغاد الأمة ومنافقيها، إضافة إلى أن ضرب رأس الحربة سيضعف جميع تشكيلاتها الأصغر، لاسيما وأن هذه التشكيلات والفصائل استفادت من دعم حماس للمقاومة وإسنادها عمليةَ تسليحها وتنمية عتادها وخبراتها في غزة، وهو أمر ما كان ليكون لو أن سلطة عباس هي الحاكمة في غزة، ومجددا نستشهد بوضع الضفة والمجزرة بحق المقاومة فيها والتي أضعفت حماس كما أضعفت غيرها من الفصائل المعتنقة منهج المقاومة، حتى تلك التي لا تعدّ خصماً لحركة فتح.
ومهم أيضا أن تعي حماس بأن التهاون في رد العدوان عليها سيحول غزة تلقائيا إلى حاضنة لتنظيم الدولة، خصوصا إن أدى العدوان إلى تهشيم قوة المقاومة، لأن إملاءات الظلم المطلق مع الامتناع عن التعامل معه بالدفاع عن النفس سينقل الأشدّاء من العناصر مباشرة من مربع القهر إلى مربع العنف المطلق، وهو أمر ينبغي التمعّن بمآلاته جيدا.
التعامل مع من يستهدف المقاومة لذاتها لا ينبغي أن يختلف عن التعامل مع المحتل الذي يحاربها للسبب ذاته، فالنوايا الحسنة لا مكان لها في معادلة القوة، وكما يقول الشاعر:
" إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا.. فما حيلة المضطر إلا ركوبها"
كلنا ثقة بكتائب القسام وبصوابية رؤيتها، لأن قادتها وجندها تشكلت هممهم وعزائمهم في خنادق المقاومة والجهاد، وكثيراً ما يبصر المجاهد ما لا يبصره غيره، مثلما أنه يدرك خطر تحطيم القوة كما لا يدركه غيره، ومن عرف طعم العزة في ظلّ البنادق لن يسمح لأية قوّة في الأرض بأن تجرّده إياها، مهما كلّف الأمر.
لمى خاطر
تنقسم الآراء بشأن توقّع هجوم لنظام الانقلاب المصري على غزة، بين متوقّع ومستبعِد، وبين مطالبٍ المقاومةَ وكتائب القسام بضبط النفس، وداعٍ إلى الرد على من يبدأ غزة بعدوانه، بغض النظر عن هويته.
وبداية، ففي المرحلة الحالية لا يصحّ التهوين من التهديد أو تفسيره على محمل واحد فقط يستبعد حدوثه، لأسباب تبدو منطقية لطارحها، لكنها لن تكون واردةً أبداً في اعتبارات نظام مجرم اعتدى على شعبه وقتل آلافاً منه ونفّذ مجازر في سيناء، ثم دمّر مدينة رفح المصرية بهدف إقامة منطقة عازلة بين حدوده وغزة، ثم نفّذ مؤخراً سلسلة هجمات على ليبيا، وحصدت أرواح عشرات المدنيين.
إنما ينبغي استنفاذ جميع الجهود السياسية لمنع عدوان السيسي على غزة والتحذير من مآلاته، ولكن إن وقع الاعتداء، لا بدّ أن يكون الردّ حاضراً ومُعدّاً ومدروسا.
بعض العقلاء يزيّنون لمحاسن عدم الرد من باب ضرورة إبقاء البوصلة منضبطة تجاه الاحتلال، وهو رأي رغم ما فيه من وجاهة إلا أنه لا يجيب على سؤال: ماذا لو توسع العدوان حتى تجريد المقاومة من سلاحها وضرب منشآتها؟ أي مقاومة تلك يمكن أن تنهض بعدها لتضرب الاحتلال وتستأنف مسيرتها؟ وماذا سيغني عنها انضباطها السابق حينها؟ وبماذا ستفيدها نصيحة (منع الإعلام من استغلال ردّها لتشويه صورتها) بعد أن تفقد عتادها وتُنهك قواها؟
من يعتقد أن السكوت عن عدوان السيسي ينبغي أن يكون مقدماً على رد العدوان حتى لو تسبب عدوانه بتدمير المقاومة، نحيله لواقع الضفة الغربية لرؤية حجم الكوارث التي جلبها غياب السلاح وتصفية كوادر المقاومة، فالمعركة مع الاحتلال يلزمها سلاح وليس أُمنيات ونظريات صماء حول إنهاء الاحتلال بأدوات أخرى.
من جهة أخرى، مهم أن تعي حماس بأن السيسي لا يريد توجيه ضربة محدودة لها بل تحطيم قوتها العسكرية، لذلك فالتهاون سيجلب كوارث أضعاف ما سيجلبه رد العدوان، فقوة حماس يدركها الصهاينة كما كل أدواتهم في المنطقة، خصوصا أنها باتت الوحيدة التي تواجه الكيان في ظل تحول حركات كانت محسوبة على المقاومة إلى بيادق في أيدي المجرمين والطغاة في المنطقة العربية.
التهديد الذي تتعرض له غزة لا يحتمل النصائح المبنية على الرغائب، بل تقدير الخطر المترتب على الهجوم كما ينبغي، ذلك أنه من الطبيعي أن يضرب الاحتلال غزة بذراع الانقلاب في مصر كون ضرباته هو ستجلب تعاطفاً كاسحاً لحركة حماس من كل أحرار العالم، كما حدث خلال الحرب الأخيرة، بينما هجوم الجيش المصري سيتم تأويله من قبل كثير من المدلّسين بأنه نابع من اختلاف نظام الانقلاب مع تنظيم الإخوان وخلفية حماس الإخوانية، أضف لذلك أنه من الطبيعي أن تكون حماس هي واجهة هذا العدوان وليس غيرها من الفصائل، لأن ضرب حماس مبرراته جاهزة ويلوكها ويعتنقها كثير من أوغاد الأمة ومنافقيها، إضافة إلى أن ضرب رأس الحربة سيضعف جميع تشكيلاتها الأصغر، لاسيما وأن هذه التشكيلات والفصائل استفادت من دعم حماس للمقاومة وإسنادها عمليةَ تسليحها وتنمية عتادها وخبراتها في غزة، وهو أمر ما كان ليكون لو أن سلطة عباس هي الحاكمة في غزة، ومجددا نستشهد بوضع الضفة والمجزرة بحق المقاومة فيها والتي أضعفت حماس كما أضعفت غيرها من الفصائل المعتنقة منهج المقاومة، حتى تلك التي لا تعدّ خصماً لحركة فتح.
ومهم أيضا أن تعي حماس بأن التهاون في رد العدوان عليها سيحول غزة تلقائيا إلى حاضنة لتنظيم الدولة، خصوصا إن أدى العدوان إلى تهشيم قوة المقاومة، لأن إملاءات الظلم المطلق مع الامتناع عن التعامل معه بالدفاع عن النفس سينقل الأشدّاء من العناصر مباشرة من مربع القهر إلى مربع العنف المطلق، وهو أمر ينبغي التمعّن بمآلاته جيدا.
التعامل مع من يستهدف المقاومة لذاتها لا ينبغي أن يختلف عن التعامل مع المحتل الذي يحاربها للسبب ذاته، فالنوايا الحسنة لا مكان لها في معادلة القوة، وكما يقول الشاعر:
" إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا.. فما حيلة المضطر إلا ركوبها"
كلنا ثقة بكتائب القسام وبصوابية رؤيتها، لأن قادتها وجندها تشكلت هممهم وعزائمهم في خنادق المقاومة والجهاد، وكثيراً ما يبصر المجاهد ما لا يبصره غيره، مثلما أنه يدرك خطر تحطيم القوة كما لا يدركه غيره، ومن عرف طعم العزة في ظلّ البنادق لن يسمح لأية قوّة في الأرض بأن تجرّده إياها، مهما كلّف الأمر.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية