فتح بين هجوم دحلان على القيادة وردود المركزية
ياسر الزعاترة
غريبة حركة فتح، لا من حيث تحولاتها؛ من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، إلى التنازل عن ذلك الجزء من فلسطين الذي تأسست لكي تحرره، وصولا إلى التفاوض على الجزء المتبقي، والاستعداد للتنازل عن شيء منه، مع التنازل العملي عن عودة اللاجئين، بل غريبة لجهة الاستعداد الذي يبديه أعضاؤها في تغيير ولائهم من زعيم إلى زعيم آخر؛ كانوا قبل قليل من الوقت يرمونه بتهم تصل حد الخيانة.
قيل الكثير في هذه الظاهرة، بين من اعتبرها تطبيقا للمثل الشعبي «اللي بتجوز أمي بقوللوا يا عمي»، وبين من طبق عليها منطق القبيلة، وحيث يردد العضو فيها مقولة الشاعر «وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد».
في فتح الكثير من الطيبين والمخلصين، ولها إرث نضالي لا ينكره أحد، وفي السجون اليوم أعداد كبيرة من رجالها العظام، وقبلهم فيض من الشهداء، لكن هذا المنطق الذي يسود فيها يبدو غريبا، ليس على حركة، بل على أفراد لا يجد كثير منهم (لا نعمم بطبيعة الحال)، حرجا في الهتاف لزعيم كانوا يقولون فيه قبل قليل من الوقت ما لم يقله مالك في الخمر، لمجرد أنه أصبح الزعيم، في حين يعلم الجميع أن التوازنات التي جاءت به محدودة الصلة بإرادة الشعب، وكذا كوادر الحركة، إذ أكثرها ذات بعد خارجي.
نتذكر ذلك كله بين يدي وصلة الردح الجديدة بين محمد دحلان من جهة، وبين قيادة فتح من جهة أخرى، والتي اعتبرت تصريحات الأول مسّا بالقائد العام لفتح والمنظمة والسلطة وقوات الثورة!!
قبل أن ننقل فقرات من وصلة الردح، ينبغي أن نذكر بأن دحلان، وإن كان مطرودا من حركة فتح، إلا أنه أكثر تأثيرا على فرعها في قطاع غزة من عباس ومن اللجنة المركزية، وهذا معلوم للجميع، وكل ذلك بسبب العلاقات الشخصية والمال وسوى ذلك. وللتذكير أيضا، فمحمود عباس الذي تهتف له فتح اليوم كان حتى اغتيال ياسر عرفات يسمى «كرزاي فلسطين» من قبل الكوادر أنفسهم، وكان متآمرا أيضا على الزعيم الرمز (عرفات)، تماما كما إن دحلان متآمر اليوم على الرئيس القائد عباس، مع فارق أن لدحلان حضورا في فرع الحركة في القطاع، بينما لم يكن لعباس حضور يومها لا في الضفة ولا في القطاع.
تعالوا نسمع، من دون أن نذهب بعيدا في تحليل سبب الهجمة الجديدة لدحلان، وما إن كانت بسبب رفض عباس المصالحة معه، أو لأسباب أخرى، ليس من بينها دون شك الحرص على القضية التي يضيعها الطرف الآخر، لأن مسار الطرفين السياسي لا يختلف كثيرا، بل يتطابق من الناحية العملية، لولا المزايدة التي تقتضيها المعركة.
مما قاله دحلان، وقد قال الكثير مما يمكن الرجوع إليه إن الرئيس «قد صمم فريق المفاوضات، لا ليفاوض حول استرداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، وإنما ليحظى بدعم أمريكي وإسرائيلي، يخدم بقاء مشروع دائرة فلسطينية ضيقة، تتعامل مع السلطة بمكوناتها كبقرة حلوب، تدر ثروات وتحقق مصالح أنانية، بعيدا عن أي اعتبار لتضحيات الفلسطينيين وآمالهم».
«لقد بات مألوفا أن يملأ فريق المفاوضات حقائبه بجملة مطالبات، تتعلق باستجداء تسهيلات من الإسرائيليين، لصالح شركات وشخصيات لا همَّ لها سوى كنز مزيد من الأموال، مع خلو رصيدها الوطني من أي نضال أو تضحيات، فيقبل المفاوض الإسرائيلي بنقل هذه المطالبات للجهات المعنية».
«قيادة السلطة أضعف من أن توافق أو ترفض طلبا إسرائيليا، لذلك فإن الأمر يتعدى موافقة الفريق الفلسطيني على استمرار بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة، بل صارت تلتزم بعض أجهزة السلطة بتهيئة الظروف للبناء الاستيطاني، عبر تأمين محيط المواقع والبؤر الاستيطانية، ومحاولة تفريغ عوامل التعبئة والشحن داخل الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية، كيلا يشعر المستوطن الإسرائيلي بتهديد يطال مستقبله (..) وهذا يضاف الى تقاعس السلطة عن تحمل مسؤولياتها نحو المواطنين، فتركتهم نهبا للفقر والحاجة، ودفعت ببعضهم ليعمل بتشييد المستوطنات، بدل أن يكون شريكا في مواجهة شعبية لمناهضة الاحتلال، وهو يرى قيادته ترفض حتى مناقشة خيار الانتفاضة الشعبية غير المسلحة».
«على حركة فتح أن تتبنى الشراكة مع المجموع الوطني، لإعادة القضية الى القبلة السديدة، وتمنع التجار من بيع الأرض والقضية، وتسعى بجدية لتشكيل لجنة تقصي، تعمل على استجواب فريق المفاوضات حول كل ما أثير ويثار». انتهى الاقتباس من كلام دحلان.
مركزية حركة فتح ردت بدورها مشيرة إلى أن «التزامن في الهجوم على الأخ الرئيس محمود عباس بين ليبرمان من جهة ودحلان من جهة أخرى، يؤكد على استمرار الأخير بنهجه التآمري ضد الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية».
وقالت: إن «ما جاء على لسان المدعو دحلان وتطاوله على القيادة الفلسطينية وعلى المفاوض الفلسطيني، وما رافق ذلك من مهاترات وادعاءات كاذبة تؤكد أن المدعو صاحب مشروع تآمري».
وأضافت أن دحلان تم طرده من حركة فتح بسبب «مسؤوليته المباشرة عن اغتيال العديد من كوادر حركة فتح في قطاع غزة»، و»سوء استغلاله لمنصبه حيث أنه قام بجمع ملايين الدولارات بشكل غير قانوني وغير شرعي لحسابه الخاص». كما اتهمته بـ»التآمر والاستقواء على شعبنا بعناصر خارجية لإفشال إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس»، معلنة أنها «تحتفظ بحقها في استمرار ملاحقته قانونيا».
في السياقين ثمة تشكيك وتخوين لا تخطئه العين، فأين حركة فتح من ذلك كله، وكيف تراه كوادرها ممن ينحازون لهذا الفريق أو ذاك؟ هل هذه هي حركة فتح، أم أنها مختطفة، وتستحق أن يتسعيدها الشرفاء من أبنائها لكي تعود حركة تحرر في خدمة الشعب الفلسطيني وقضيته؟!
ياسر الزعاترة
غريبة حركة فتح، لا من حيث تحولاتها؛ من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، إلى التنازل عن ذلك الجزء من فلسطين الذي تأسست لكي تحرره، وصولا إلى التفاوض على الجزء المتبقي، والاستعداد للتنازل عن شيء منه، مع التنازل العملي عن عودة اللاجئين، بل غريبة لجهة الاستعداد الذي يبديه أعضاؤها في تغيير ولائهم من زعيم إلى زعيم آخر؛ كانوا قبل قليل من الوقت يرمونه بتهم تصل حد الخيانة.
قيل الكثير في هذه الظاهرة، بين من اعتبرها تطبيقا للمثل الشعبي «اللي بتجوز أمي بقوللوا يا عمي»، وبين من طبق عليها منطق القبيلة، وحيث يردد العضو فيها مقولة الشاعر «وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت، وإن ترشد غزية أرشد».
في فتح الكثير من الطيبين والمخلصين، ولها إرث نضالي لا ينكره أحد، وفي السجون اليوم أعداد كبيرة من رجالها العظام، وقبلهم فيض من الشهداء، لكن هذا المنطق الذي يسود فيها يبدو غريبا، ليس على حركة، بل على أفراد لا يجد كثير منهم (لا نعمم بطبيعة الحال)، حرجا في الهتاف لزعيم كانوا يقولون فيه قبل قليل من الوقت ما لم يقله مالك في الخمر، لمجرد أنه أصبح الزعيم، في حين يعلم الجميع أن التوازنات التي جاءت به محدودة الصلة بإرادة الشعب، وكذا كوادر الحركة، إذ أكثرها ذات بعد خارجي.
نتذكر ذلك كله بين يدي وصلة الردح الجديدة بين محمد دحلان من جهة، وبين قيادة فتح من جهة أخرى، والتي اعتبرت تصريحات الأول مسّا بالقائد العام لفتح والمنظمة والسلطة وقوات الثورة!!
قبل أن ننقل فقرات من وصلة الردح، ينبغي أن نذكر بأن دحلان، وإن كان مطرودا من حركة فتح، إلا أنه أكثر تأثيرا على فرعها في قطاع غزة من عباس ومن اللجنة المركزية، وهذا معلوم للجميع، وكل ذلك بسبب العلاقات الشخصية والمال وسوى ذلك. وللتذكير أيضا، فمحمود عباس الذي تهتف له فتح اليوم كان حتى اغتيال ياسر عرفات يسمى «كرزاي فلسطين» من قبل الكوادر أنفسهم، وكان متآمرا أيضا على الزعيم الرمز (عرفات)، تماما كما إن دحلان متآمر اليوم على الرئيس القائد عباس، مع فارق أن لدحلان حضورا في فرع الحركة في القطاع، بينما لم يكن لعباس حضور يومها لا في الضفة ولا في القطاع.
تعالوا نسمع، من دون أن نذهب بعيدا في تحليل سبب الهجمة الجديدة لدحلان، وما إن كانت بسبب رفض عباس المصالحة معه، أو لأسباب أخرى، ليس من بينها دون شك الحرص على القضية التي يضيعها الطرف الآخر، لأن مسار الطرفين السياسي لا يختلف كثيرا، بل يتطابق من الناحية العملية، لولا المزايدة التي تقتضيها المعركة.
مما قاله دحلان، وقد قال الكثير مما يمكن الرجوع إليه إن الرئيس «قد صمم فريق المفاوضات، لا ليفاوض حول استرداد الحقوق الفلسطينية المسلوبة، وإنما ليحظى بدعم أمريكي وإسرائيلي، يخدم بقاء مشروع دائرة فلسطينية ضيقة، تتعامل مع السلطة بمكوناتها كبقرة حلوب، تدر ثروات وتحقق مصالح أنانية، بعيدا عن أي اعتبار لتضحيات الفلسطينيين وآمالهم».
«لقد بات مألوفا أن يملأ فريق المفاوضات حقائبه بجملة مطالبات، تتعلق باستجداء تسهيلات من الإسرائيليين، لصالح شركات وشخصيات لا همَّ لها سوى كنز مزيد من الأموال، مع خلو رصيدها الوطني من أي نضال أو تضحيات، فيقبل المفاوض الإسرائيلي بنقل هذه المطالبات للجهات المعنية».
«قيادة السلطة أضعف من أن توافق أو ترفض طلبا إسرائيليا، لذلك فإن الأمر يتعدى موافقة الفريق الفلسطيني على استمرار بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة، بل صارت تلتزم بعض أجهزة السلطة بتهيئة الظروف للبناء الاستيطاني، عبر تأمين محيط المواقع والبؤر الاستيطانية، ومحاولة تفريغ عوامل التعبئة والشحن داخل الجماهير الفلسطينية في الضفة الغربية، كيلا يشعر المستوطن الإسرائيلي بتهديد يطال مستقبله (..) وهذا يضاف الى تقاعس السلطة عن تحمل مسؤولياتها نحو المواطنين، فتركتهم نهبا للفقر والحاجة، ودفعت ببعضهم ليعمل بتشييد المستوطنات، بدل أن يكون شريكا في مواجهة شعبية لمناهضة الاحتلال، وهو يرى قيادته ترفض حتى مناقشة خيار الانتفاضة الشعبية غير المسلحة».
«على حركة فتح أن تتبنى الشراكة مع المجموع الوطني، لإعادة القضية الى القبلة السديدة، وتمنع التجار من بيع الأرض والقضية، وتسعى بجدية لتشكيل لجنة تقصي، تعمل على استجواب فريق المفاوضات حول كل ما أثير ويثار». انتهى الاقتباس من كلام دحلان.
مركزية حركة فتح ردت بدورها مشيرة إلى أن «التزامن في الهجوم على الأخ الرئيس محمود عباس بين ليبرمان من جهة ودحلان من جهة أخرى، يؤكد على استمرار الأخير بنهجه التآمري ضد الشعب الفلسطيني وقيادته الوطنية».
وقالت: إن «ما جاء على لسان المدعو دحلان وتطاوله على القيادة الفلسطينية وعلى المفاوض الفلسطيني، وما رافق ذلك من مهاترات وادعاءات كاذبة تؤكد أن المدعو صاحب مشروع تآمري».
وأضافت أن دحلان تم طرده من حركة فتح بسبب «مسؤوليته المباشرة عن اغتيال العديد من كوادر حركة فتح في قطاع غزة»، و»سوء استغلاله لمنصبه حيث أنه قام بجمع ملايين الدولارات بشكل غير قانوني وغير شرعي لحسابه الخاص». كما اتهمته بـ»التآمر والاستقواء على شعبنا بعناصر خارجية لإفشال إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس»، معلنة أنها «تحتفظ بحقها في استمرار ملاحقته قانونيا».
في السياقين ثمة تشكيك وتخوين لا تخطئه العين، فأين حركة فتح من ذلك كله، وكيف تراه كوادرها ممن ينحازون لهذا الفريق أو ذاك؟ هل هذه هي حركة فتح، أم أنها مختطفة، وتستحق أن يتسعيدها الشرفاء من أبنائها لكي تعود حركة تحرر في خدمة الشعب الفلسطيني وقضيته؟!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية