فتح.. (نيو لوك)

فتح.. (نيو لوك) ... بقلم د. ابراهيم حمامي

الأحد 02 أغسطس 2009

فتح.. (نيو لوك) ...

بقلم د. ابراهيم حمامي

حركة تحرير وطني مودرن، تقليعة جديدة ترسّخها فتح بثوبها وشكلها ومكياجها الجديد، صرعة غير مسبوقة في تاريخ حركات التحرر، ارتماء في أحضان العدو باسم المقاومة والنضال، تنسيق مع المحتل تحت شعار الطريق إلى الدولة، تنازل كامل عن الحقوق، والعنوان: المصلحة الوطنية، تخلٍ عن كل مقومات العزة والشرف، والعذر: واقعية سياسية، وأخيرًا ضرب تاريخ الحركة بالكامل والهدف الإصلاح.

 فتح "نيو لوك"، على خطى من اختطفوها وحرفوها عن تاريخها ومبادئها، من حوَّلوها إلى حركة تآمر وتخاذل وخنوع، "نيو لوك" الذي بشر به دحلان في لقائه الأخير مع صحيفة (الشرق الأوسط) بتاريخ 25/07/2009م؛ حين قال: "المؤتمر سيشكِّل انطلاقة جديدة لحركة فتح، ويعيد الاعتبار للعمل السياسي الفلسطيني بطريقة ليس فيها تحريض، فيها محافظة على الثوابت، وفيها في نفس الوقت برنامج سياسي يتلاءم مع الحراك الدولي... المطلوب منا أن نأتي ببرنامج سياسي منطقي وواقعي ومتماسك ويحافظ على الثوابت ويتمسك بها. وأن يكون هذا البرنامج مقبولاً دوليًّا؛ حتى نكون جزءًا من المعادلة الدولية".
 
هذه فتح اليوم بثوبها الجديد:
- حركة تحرير وطني، يعترف زعيمها ويوقع صك الاعتراف بشرعية الغاصب لفلسطين في 9/9/1993م.
- حركة تحرير وطني، حليفها الرئيسي المحتل (شركاء السلام من رابين وحتى نتنياهو).
- حركة تحرير وطني، تعقد مؤتمرها "النضالي المقاوم" بإذن ورعاية وتسهيل العدو الغاصب.
- حركة تحرير وطني، ولا يوجد لديها معايير للعضوية، بل يتحكم بذلك أفراد وحسب الأهواء.
- حركة تحرير وطني، مطلبها الوحيد في الحوار الفلسطيني- الفلسطيني انتزاع الاعتراف شرعية المحتل تحت عناوين مختلفة: (التزامات م. ت. ف، شروط الرباعية، المبادرة العربية، حكومة ببرنامج مقبول دوليًّا، حكومة قادرة على رفع الحصار... إلخ).
- حركة تحرير وطني، تشارك وتحتفل بوثيقة تُسقط حق العودة (وثيقة جنيف- 2003م).
- حركة تحرير وطني، يقبل أحد قياداتها (أحمد قريع) بالمغتصبين في مستوطنات الضفة، مواطنون يساوي بينهم وبين أصحاب الأرض الحقيقيين الصامدين في فلسطين التاريخية والمغتصبة عام 1948م.
- حركة تحرير وطني، يُقتل زعيمها وبتواطؤ داخلي، ولا يتم التحقيق في الأمر.
- حركة تحرير وطني، تُحوّل أحد مؤسسيها إلى شيطان رجيم؛ لأنه طالب بالتحقيق في مقتل زعيمها، وتلتف حول المتهمين في الجريمة.
- حركة تحرير وطني، تتحول لسيف بيد الاحتلال ضد المقاومة والمقاومين، وتصف المقاومة بأبشع الأوصاف: (عبثية، سخيفة، حقيرة.. إلخ).
- حركة تحرير وطني، يتحكم بها فرد فيضرب بعرض الحائط قرارات لجنتها المركزية والتحضيرية.
- حركة تحرير وطني، تستبدل رموزها من "أبو جهاد" لقاطع الطريق سميح المدهون، ومن عرفات للمتمصلح دحلان.
- حركة تحرير وطني، تُهمش كوادرها في الشتات، وتلغي مؤسساتها العاملة في هذا الشأن.
- حركة تحرير وطني، تتحرك بالراتب، وتُنتزع المواقف منها أول كل شهر.
- حركة تحرير وطني، يُدرب أفرادها وعناصرها ضابط أمريكي، و"ليس لمواجهة "إسرائيل""، بحسب وزير داخلية فياض السابق، وكذلك الناطقين باسم أجهزة فتح القمعية في الضفة.
- حركة تحرير وطني، تتبدل فيها المواقف كل لحظة، وكلام الليل يمحوه النهار، قريع من معارض شرس لعقد المؤتمر في الداخل إلى مؤيد ومدافع، وأبو ماهر غنيم من معارض لأوسلو إلى دخول رام الله ببركات أوسلو ونتنياهو.
- حركة تحرير وطني، توضع مقدراتها بيد أفراد وفي حسابات شخصية، كما اتضح من السجالات بين عدلي صادق وأحمد قريع.
- حركة تحرير وطني، يُصوت أعضاؤها على إلغاء بنود الميثاق الوطني "كرامة لعيون كلينتون".
- حركة تحرير وطني، لا يُحاسب فيها أحد على الكوارث التي حلت بها وبشعبنا من الأردن إلى الضفة، مرورًا بهزيمة بيروت ومخازي تونس.
- حركة تحرير وطني، تتحول فيها المفاوضات إلى خيار إستراتيجي وحيد.
- حركة تحرير وطني، وتُشارك المحتل في حصار وتدمير مليونًا ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة.
- حركة تحرير وطني، لا يهمها شيئًا إلا التمثيل والكانية!.
- حركة تحرير وطني، ليس لها اليوم من اسمها نصيب؛ الحركة أصبحت حزب سلطة، والتحرير ذهب أدراج الرياح مع تبني خيار المفاوضات والاعتراف بالمحتل وشرعيته، والوطني غاب وذاب بعد أن تحولت لأداة في يد المحتل، وتعمل بالتنسيق معه وبإذنه، أما الفلسطيني وهي بقية الاسم فلا حول ولا قوة إلا بالله.
 
"شو بدي أتذكر فيك يا سفرجل.. كل عضة بغصة"، مثل شعبي يحضرني وأنا أتابع هذا الانهيار المدوي للحركة التي قادت النضال الوطني لعقود من الزمان، انهيار أخلاقي قبل أن يكون سياسيًّا، ومعنويًّا قبل أن يكون ماديًّا، فإن كان هذا حال من هو خارج الأطر والتنظيمات، فما هو حال أبناء فتح ممن يشاهدون ويشهدون انهيار حركتهم واختطافها بالكامل، خاصة منهم من تجاوز الخمسين أو الستين من العمر، هؤلاء الذين عاشوا مرحلة المقاومة وشعارات التحرر والتحرير؟!!.
 
 هذا الانهيار بدأ منذ زمن طويل، ولنتذكر ما توصل إليه صلاح خلف من نتيجة خطيرة في لحظة "نقد ذاتي"، فقال في كتابه (فلسطيني بلا هوية- ط2 ص247): "مضت ثلاثون سنة على خروج الشعب الفلسطيني، وعشرون سنة على تأسيس فتح، ولا بد لي من الاعتراف، وبعمق المرارة، بأن وضعنا اليوم (1978م) هو أسوأ من الوضع الذي دفعنا عام 1958م إلى إنشاء حركتنا. بل إني أخشى حقًّا أن يكون لا بد من عودٍ على بدء".
 
ولنراجع ما كتبه أيمن اللبدي تحت عنوان "فتح التخريب" في 6/4/2005م، والغريب أن موعد المؤتمر حينها كان أيضًا 4/8، حيث يقول "إذن أين الخطر؟ والجواب: إن الخطر الآن هو ولادة فتح التخريب من عباءة مرحلة التجريب ومن سقطها وتحت سمعها وبصرها، ومسئولية هذا النفر التاريخية في تحويل العملية النضالية إلى الوظيفية والمصلحية وجملة المتقاطع بينها والمبني عليهما، وبالتالي الدفع باتجاه قدرية التجربة في السقوط النهائي في فخ (خصائصية الشريك المطلوب)، بحكم هذه الارتباطات التي سلخت الوجه النضالي وفي بعض الأحيان بشكوك حول الوجه الوطني عن حقيقة هذه المتعاطيات في هذا الجزء الذي بدأ يلعب دورًا خطيرًا يجب الوقوف عنده، ويتجاوز عمليًّا سمات الفساد والإفساد المعروف كجريمة فردية أو شائهة، ظاهرة في التجارب وعملياتها على هامشها الواسع.
 
أما تشكيلات فتح التخريب فمن البديهي أن تكون في عين العدو وعين الإدارة الأمريكية، ربما لم يحن الوقت بعد لإعلان ذلك وتنصيبها إذ لم تنجز فتح التجريب تهيئة المسرح لها بعد (عن غير علمها)، وثمة عدد من الخطوات الضرورية المطلوبة؛ حتى يمكن أن تخرج هذه إلى الساحة فعليًّا وعمليًّا في نسخة ممجوجة لقصة سعد حداد وأنطوان لحد وجميل 17 آيار وتاليًا لكرزاي ومجلس حكم العراق، ليس مفاجئًا الاعتراف بأن ثمة فتح تخريب تضطلع الآن بدور أشبه ما يكون بهذه الأدوار في اتساق مع نماذج أخرى كما سبق، منطلقة من قعر الحل القدري الذي بدأه السادات وأوراقه الـ99، والتي عبّرت عن نفسها في مشاهد تلامذة الشيطان وأبنائه.
 
إن موعد 4 آب من العام الحالي بلا شك هو الاستحقاق الفعلي الذي سيحسم أي وجه لفتح، هو الذي سيطغى في المرحلة القادمة، وبالتالي ما يمكن أن ينشأ عن ذلك من خيارات بما فيها التحوّل إلى حزب سياسي مثلاً أو العودة بالتجربة النضالية إلى مرحلة جديدة، أو حتى الوصول إلى صيغة جديدة بينهما، وهذا الناتج هو المكوّن الحقيقي لما ستكون عليه صورة المشهد السياسي الفلسطيني بالتقاطع مع الأجندة الفلسطينية الخاصة بمنظمة التحرير والفصائل والقوى والمقاومة والسلطة، وبقية تفاصيل هذه المنظومات، فهل يشهد هذا التاريخ مشهدًا زلزاليًّا أم يبقى مجرَّد إمكانية؟!" انتهى الاقتباس.
 
لقد سبق وصرخنا وحذَّرنا من مخطط القضاء على فتح وتاريخها، وها قد وصل المخطط لفصوله الأخيرة، ولم نشهد بعد حراكًا حقيقيًّا فعليًّا على الأرض لاستنقاذ فتح من براثن من يختطفونها، ما زلنا ننتظر الشرفاء والأحرار لتحرير فتح وقرارها، أم أنه سبق السيف العذل؟.
 
 أيام قليلة تفصلنا عن تشييع حركة فتح التي انطلقت في ستينيات القرن الماضي، لنشهد ولادة فتح الجديدة، فتح عبّاس ودحلان، أيام قليلة قبل أن تعود "فتح" إلى "حتف"، وهو ملخص الاسم الحقيقي، أيام قليلة قبل أن نقول كما قال الكاتب تحسين يحيى أبو عاصي (مع تغيير كلمة المقاومة إلى فتح)، "فتح خبر كان منصوبًا بالفتح".
 
لا نامت أعين الجبناء..
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية