فتح وفن تصدير الأزمات!
لمى خاطر
لم يكن سرّا ولا توقّعاً الحديث عن أزمة الخلافات الطاحنة بين تياري عباس ودحلان في غزة، فالاتهامات المبادلة بين الرجلين على فضاء الإعلام سابقاً لم تأت من فراغ، ومعروف أنه سيكون لها ما بعدها من تداعيات، وأن تكون غزة لا الضفة هي ساحة تصفية الحسابات الأمثل، كون دحلان لا يحظى بمؤيدين يجاهرون بالولاء له في الضفة، في ظل سطوة عباس، بينما هو يموّل قطاعاً عريضاً من فتح في غزة.
حركة فتح التي استقالت من جميع مهماتها الوطنية، تبدو متفرغة تماماً لمقارعة خصمها وعدوها الوحيد وهو حركة حماس، فسارعت لاتهامها بتفجيرات غزة رغم علمها أن حماس قادرة على طرح ألف حجة لتبرير منع فتح من إقامة مهرجانها، ثم حمّلتها مسؤولية إلغاء المهرجان، رغم أن فتح من اتخذت القرار وليس حماس، فيما غابت عن الواجهة كل مسلكيات تيار دحلان الأخيرة في غزة وما كان يعدّه أنصاره يوم المهرجان، وما حدث قبله، وهم الذين سبق أن كانوا من أهم عوامل افتعال الفوضى في غزة ثم انتهاج التصفيات الدموية ضد خصومهم، وحتى ضد مخالفيهم داخل فتح، وهو ما تسبب بوصول الأمور في غزة نحو مرحلة الحسم عام 2007.
ورغم أن خروج قادة وازنين في حركة فتح لتصدير أزمتهم باتجاه حماس هو من علامات قلة المروءة وغياب الوازع الوطني، إلا أن هذا يبدو طبيعياً ومتوقعاً من حركة اختلطت لديها الأولويات، لتتقدم المصالح والاعتبارات الحزبية والإقصائية، إلى جانب رغبتها المحمومة في تشويه حماس وتجريدها من مكتسباتها المعنوية بفعل صمودها وتضحياتها الكبيرة خلال الحرب، وهو ما جعل التيار المقابل لحماس الواقف في خندق التسوية وإنكار المقاومة يبدو عارياً ومكروهاً ومحل انتقاد شديد من عموم الجمهور الفلسطيني.
ولعل فتح هنا تراهن على قصر ذاكرة الناس، وعلى إمكانية تضليل العوام فيما يتعلق بموضوع الخلاف مع حماس، بحيث يتم فهمه على غير حقيقته وبعيداً عن دوافعه الأساسية، ففتح تنتعش ويعلو صوتها في ظل خلافاتها مع حماس، لكنها تتراجع ويصيبها الجمود في أوقات المقاومة ومواجهة الاحتلال، نظراً لأن حماس تقوم بالعبء الأكبر في هذا الجانب، وتدفع أثماناً وتضحياتٍ باهظة لا ينكرها عاقل، ولا تدع مجالاً للمزايدات الرخيصة على الحركة.
مطلوب من حماس دائما، ألا تسمح لفتح بجرّها لمربّعها، أي المربع الذي تتقن فيه فتح المزايدات وامتهان التضليل وتمييع القضية، لأن غاية المفلس المثلى أن يساوي الناس بينه وبين خصمه الناجح والمتقدّم عليه، لكن حماس في المقابل عليها أن توضّح الحقائق للناس كما هي بعيداً عن المجاملات المكرورة، وأن تردّ كل المشكلات إلى أصولها ومسبباتها الحقيقية، وألا تبذل وقتاً غير مفيد في الدفاع العبثي عن خياراتها لأنها ليست في موضع اتهام. وثمة قضايا كثيرة، في غزة والضفة والقدس تشكّل الآن أولوية بالنسبة لحركة حماس، أهمها الإعمار ورفع الحصار في غزة وتفعيل المقاومة في الضفة والدفاع عن الأقصى في القدس، ولا بدّ لبوصلة جمهورها أن تظلّ منضبطة بهذا الاتجاه، وأن تُفشل كل محاولات حرف المسار التي يجتهد المفلسون والعاطلون عن العمل الوطني في تعزيزها وإدامتها.
لمى خاطر
لم يكن سرّا ولا توقّعاً الحديث عن أزمة الخلافات الطاحنة بين تياري عباس ودحلان في غزة، فالاتهامات المبادلة بين الرجلين على فضاء الإعلام سابقاً لم تأت من فراغ، ومعروف أنه سيكون لها ما بعدها من تداعيات، وأن تكون غزة لا الضفة هي ساحة تصفية الحسابات الأمثل، كون دحلان لا يحظى بمؤيدين يجاهرون بالولاء له في الضفة، في ظل سطوة عباس، بينما هو يموّل قطاعاً عريضاً من فتح في غزة.
حركة فتح التي استقالت من جميع مهماتها الوطنية، تبدو متفرغة تماماً لمقارعة خصمها وعدوها الوحيد وهو حركة حماس، فسارعت لاتهامها بتفجيرات غزة رغم علمها أن حماس قادرة على طرح ألف حجة لتبرير منع فتح من إقامة مهرجانها، ثم حمّلتها مسؤولية إلغاء المهرجان، رغم أن فتح من اتخذت القرار وليس حماس، فيما غابت عن الواجهة كل مسلكيات تيار دحلان الأخيرة في غزة وما كان يعدّه أنصاره يوم المهرجان، وما حدث قبله، وهم الذين سبق أن كانوا من أهم عوامل افتعال الفوضى في غزة ثم انتهاج التصفيات الدموية ضد خصومهم، وحتى ضد مخالفيهم داخل فتح، وهو ما تسبب بوصول الأمور في غزة نحو مرحلة الحسم عام 2007.
ورغم أن خروج قادة وازنين في حركة فتح لتصدير أزمتهم باتجاه حماس هو من علامات قلة المروءة وغياب الوازع الوطني، إلا أن هذا يبدو طبيعياً ومتوقعاً من حركة اختلطت لديها الأولويات، لتتقدم المصالح والاعتبارات الحزبية والإقصائية، إلى جانب رغبتها المحمومة في تشويه حماس وتجريدها من مكتسباتها المعنوية بفعل صمودها وتضحياتها الكبيرة خلال الحرب، وهو ما جعل التيار المقابل لحماس الواقف في خندق التسوية وإنكار المقاومة يبدو عارياً ومكروهاً ومحل انتقاد شديد من عموم الجمهور الفلسطيني.
ولعل فتح هنا تراهن على قصر ذاكرة الناس، وعلى إمكانية تضليل العوام فيما يتعلق بموضوع الخلاف مع حماس، بحيث يتم فهمه على غير حقيقته وبعيداً عن دوافعه الأساسية، ففتح تنتعش ويعلو صوتها في ظل خلافاتها مع حماس، لكنها تتراجع ويصيبها الجمود في أوقات المقاومة ومواجهة الاحتلال، نظراً لأن حماس تقوم بالعبء الأكبر في هذا الجانب، وتدفع أثماناً وتضحياتٍ باهظة لا ينكرها عاقل، ولا تدع مجالاً للمزايدات الرخيصة على الحركة.
مطلوب من حماس دائما، ألا تسمح لفتح بجرّها لمربّعها، أي المربع الذي تتقن فيه فتح المزايدات وامتهان التضليل وتمييع القضية، لأن غاية المفلس المثلى أن يساوي الناس بينه وبين خصمه الناجح والمتقدّم عليه، لكن حماس في المقابل عليها أن توضّح الحقائق للناس كما هي بعيداً عن المجاملات المكرورة، وأن تردّ كل المشكلات إلى أصولها ومسبباتها الحقيقية، وألا تبذل وقتاً غير مفيد في الدفاع العبثي عن خياراتها لأنها ليست في موضع اتهام. وثمة قضايا كثيرة، في غزة والضفة والقدس تشكّل الآن أولوية بالنسبة لحركة حماس، أهمها الإعمار ورفع الحصار في غزة وتفعيل المقاومة في الضفة والدفاع عن الأقصى في القدس، ولا بدّ لبوصلة جمهورها أن تظلّ منضبطة بهذا الاتجاه، وأن تُفشل كل محاولات حرف المسار التي يجتهد المفلسون والعاطلون عن العمل الوطني في تعزيزها وإدامتها.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية