فرحة تعانقها الدمعة
ثامر سباعنة
أقف في زنزانة الانتظار استعدادا لدخول المحكمة، لكن يأتي جندي الاحتلال ليخبرني اني تحولت الى الاعتقال الاداري واني لن اخرج الى المحكمة، لا اخفي شعوري الداخلي بالحزن لأن الاعتقال الاداري هو موت ببطء.
سلمت امري لله ورضيت بقضائه وقدره... بعد حوالي النصف ساعة جاء ضابط احتلال الى باب الزنزانة ليخبرني اني ( شحرور) لم اصدق كلامه واعدت سؤاله : ماذا تقول؟!! فقال لي : انت اليوم راخ تروخ للبيت.
فرحت وسعدت وفرح كل الاخوة الذين يشاركونني الزنزانة..
لم يدم الفرح طويلا، وكأنه قد كتب على شعبنا ان لا تكتمل فرحته، بل ان الدموع و الألم لابد لها من ان تعانق افراحنا وان تشاركنا الاحزان في قمة سعادتنا..
الزنزانه التي نمكث بها وتسمى الأمتناه و تعني غرفة الانتظار، كان باب الزنزانة يحتوي على فتحه صغيرة – حوالي 25 سم x25 سم فقط – ومن هذه الفتحه الصغيرة رأيت ما ادمى قلبي وأحزن روحي، فقد فتح باب الزنزانو المقابلو لنا وكم كانت المفاجأة : لقد كانت الاخت الاسيرة ام النور منى قعدان والأسيرة ام ابراهيم، خرجت الاسيرتان من باب الزنزانة وقد احاطت القيود اقدامهن وأيديهن وأحاط بهن جنود الاحتلال، آه ما اقسى وأوجع هذا المشهد، ما اصعب هذا الموقف، تسمرت امام باب الزنزانة ونسيت كل فرحي وكل سروري وتحررت من عيني دمعة لم استطع منعها من الخروج، عانق الألم فرحي وتوقفت كل الحياة امامي امام ما رأيت.
أم ابراهيم زوجة الاسير بسام السعدي وأم لأسيرين وشهيد، وام النور اسيرة محررة واخت للاسير طارق قعدان،ام النور وام ابراهيم رمز لصمود وبطولة ونضال المرأة الفلسطينية والتي أدت واجبها بتحدٍ وواصلت عطاءها رغم السجن،، فكما الزيتون الرومي ممسك بتراب الأرض يضرب في أعماق التاريخ، ينبت بالخير على مد سني عجاف، تربت ام ابراهيم وام النور ان تكونا مغروسة تضرب جذورها في عمق الزمن، فالوطن عندهن ليس مجرد كلمات بل هو المأوى و المجد والعزة والكرامة وهو الحياة
تقدمت الأختان ام ابراهيم وام النور وانتبهت ام ابراهيم لي وانا اتابعها وعيناي تخالطهما الدموع فرفعت ام ابراهيم يدها المكبلة بالقيد وابتسمت ابتسامة الواثقة الصابرة المحتسبة، ابتسمت رغم كل ما يسكنها من الم ورغم كل القهر الذي يحيط بها... ابتسمت ام ابراهيم ولكني هربت بدموعي بعيدا.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية