فلسطين وحدها يغيبها النسيان!
خالد وليد محمود
طرحت الثورات العربية تأطيرًا جديدًا في فهم مجريات الصراع العربي-الإسرائيلي ومنه قضية فلسطين التي تقع في مركزية هذا الصراع.فالتغييرات الواسعة التي تشهدها المنطقة، بعد عقود من أنظمة حكم استمرت دون انقطاع، تفتح الطريق إلى إعادة بناء منظومة العلاقات الإقليمية في المنطقة بشكل مختلف عما كان سائدا في السابق. فالثورات العربية لم تغير أنظمة حكم سياسية ولم تضع التحول الديموقراطي وكيفية إدارة الدول العربية على مائدة البحث والحوار والمراجعة فحسب، بل هيأت الظروف أمام مسارات إقليمية مفتوحة على الجديد.
هذه التحولات التي فرضتها الثورات العربية شكلت منعطفاًإستراتيجياً أثر على معادلة الصراع في المنطقة وجعل ما كان في الأمس مسلّما به ليصبح اليوم خارج حسابات التاريخ والجغرافيا. وفلسطين وحدها يغيّبها النسيان ويقضم قضيّتها الجمود والانهزام والانحدار. القضية الفلسطينية كانت ولا تزال جوهر الصراع في الشرق الأوسط، هي في قلب مشكلات العالم. هي قبل كل شيء قضية محقّة. قضية شعب سلبت أرضه وهُجّر من دياره. تضحيات جسام قدّمها أهل فلسطين وعشّاق فلسطين في كل أرجاء الأرض. بذل الكثير على مذبح هذه القضية، وحيكت المؤامرات عليها من الخارج ومن الداخل، من الصديق ومن العدوّ. كثر يتحمّلون مسؤولية ما تعرّضت له فلسطين وتتعرّض؛ لكن جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية يقع على عاتق القيادة الفلسطينية نفسها.
*** يعد سراً تراجع مكانة القضية الفلسطينية على الأجندة العربية والدولية منذ انطلاقة الربيع العربي، فالشعارات التي رفعها المتظاهرون خاصة فيالثورات المصرية والتونسية والليبية واليمنية والسورية كانت عبارة عن شعارات وهتافات تعبر عن مطالب داخلية وطنية ولا يوجد لها صبغة أيديولوجية، إذ لم ترفع يافطات تنادي بتحرير فلسطين ولا بشعارات معادية لأمريكا أو (إسرائيل) فالمطالب كانت وطنية بحتة تندرج في إطار الإصلاح السياسيوالديمقراطي وهو ما استغلته (إسرائيل) فعمدت إلى رفع وتيرة الاستيطان وتهويد القدس والأقصى.لقد غابت فلسطين والقدس عن الميادين والشوارع العربية منذ انطلاقة الربيع، وهو غياب غير مبرر، وغير مقبول، ويشير إلى تراجع القضية الفلسطينية عن أجندة هذه الثورات وعن أولوياتها.
وهذا يتطلب من الجميع العمل على عودة القضية إلى المكانة التي تستحق، وما يتطلّب أولاً وأخيراً، وقبل أي شيء آخر، إحداث تغييرات في بينة الطبقة السياسية وبناء استراتيجية وطنية واضحة المعالم ومحددة الأطر تعيد القضية إلى صدارة اهتمام الشعوب العربية والإسلامية قبل أن تجهز عليها سكين الجلاد الصهيوني. فقد آن الأوان أن ينهض العرب بمسؤولياتهم وتتصدى الشعوب للعدوان الصهيونيالعنصري قبل فوات الأوان.
إن الظروف الخطيرة والدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، تفرض على الطرفين في القيادات الفلسطينية، و الأحزاب والفصائل تحقيق المصالحة الوطنية كسبيل وحيد للجم الاحتلال، وإنقاذ المشروع الفلسطيني من المأزق الذي وصل إليه، والعمل بكل الطرقلإحياءالمصالحة الفلسطينية التي دخلت مرحلة الموت الاكلينيكي.. وأي تأخير أو التفاف على هذا الهدف النبيل يصب في صالح المشاريع الصهيونية الاحتلالية!
في هذا السياق انقل حرفيًا ما قاله الدكتور عزمي بشارة على صفحته في الفيس بوك، كلمات اختصربها الكثير، ليس فقط قضية فلسطين وإنما كل القضايا العربية العادلة، إذ يقول:" يتيمة أنت أيتها القضية. إذا استعبد أحد شعبه ونهب بلده فما ذلك إلا لقضايا، أو حتى من أجل القضية؛ وإذا ارتكب مارق جرائم قتل، واغتصب نساء الضحايا، أقسم أغلظ الإيمان أنه تخلص من أعداء القضايا التي يخدمها. حين تنهب البلاد يهتف السارقون باسمك. وكلما خان خائن شعبه ادعى أنه لتطييب خاطرك. وإذا أعمت أحدهم شهوة السلطة وارتكب المجازر من أجلها، قال إنه تحمل وزر إذلال شعبه المتآمر عليه، أي عليك، من أجلك. حتى من حالف من خانك فعل ذلك من أجلك؛ ومن خانك، فإنه إذا كان الآن في المكان الصحيح يكون قد خانك أيضا من أجلك. يتيمة أنت أيتها القضية على كثرة الحريصين عليك. بعضهم لا يذكر اسمك الحقيقي، وبعضهم نسي من أنت، وماذا تكونين. وأنت نفسك خائنة أيتها القضية إذا ذكّرت الناس بنفسك، بذاتك العينية.
فأنت لا يجوز أن تكوني أنت. وظيفتك أن تشغلي مكان تأنيب الضمير فلا يشعر الناس بغياب الأخير؛ تكمن مهمتك في أن تُستخدمي بدلا عن الحقيقة، وأن تكوني طيّعة في تغطية الجشع والطمع والفساد وشهوة السلطة، وحتى الطائفية. أعرفت كم أنت مهمة؟ لا أعتقد أنك تدركين. أنت أكثر أهمية منك، ولذلك فأنت بذاتك لست مهمة. أعرفت كم أنت لست ذات علاقة، وكم أنت غير مهمة. يتيمة أنت أيتها القضية، بل أيتها القضايا، ليس لأن أهلك قد فارقوا الحياة، بل لكثرة "أهلك" الأحياء.
خالد وليد محمود
طرحت الثورات العربية تأطيرًا جديدًا في فهم مجريات الصراع العربي-الإسرائيلي ومنه قضية فلسطين التي تقع في مركزية هذا الصراع.فالتغييرات الواسعة التي تشهدها المنطقة، بعد عقود من أنظمة حكم استمرت دون انقطاع، تفتح الطريق إلى إعادة بناء منظومة العلاقات الإقليمية في المنطقة بشكل مختلف عما كان سائدا في السابق. فالثورات العربية لم تغير أنظمة حكم سياسية ولم تضع التحول الديموقراطي وكيفية إدارة الدول العربية على مائدة البحث والحوار والمراجعة فحسب، بل هيأت الظروف أمام مسارات إقليمية مفتوحة على الجديد.
هذه التحولات التي فرضتها الثورات العربية شكلت منعطفاًإستراتيجياً أثر على معادلة الصراع في المنطقة وجعل ما كان في الأمس مسلّما به ليصبح اليوم خارج حسابات التاريخ والجغرافيا. وفلسطين وحدها يغيّبها النسيان ويقضم قضيّتها الجمود والانهزام والانحدار. القضية الفلسطينية كانت ولا تزال جوهر الصراع في الشرق الأوسط، هي في قلب مشكلات العالم. هي قبل كل شيء قضية محقّة. قضية شعب سلبت أرضه وهُجّر من دياره. تضحيات جسام قدّمها أهل فلسطين وعشّاق فلسطين في كل أرجاء الأرض. بذل الكثير على مذبح هذه القضية، وحيكت المؤامرات عليها من الخارج ومن الداخل، من الصديق ومن العدوّ. كثر يتحمّلون مسؤولية ما تعرّضت له فلسطين وتتعرّض؛ لكن جزءاً كبيراً من هذه المسؤولية يقع على عاتق القيادة الفلسطينية نفسها.
*** يعد سراً تراجع مكانة القضية الفلسطينية على الأجندة العربية والدولية منذ انطلاقة الربيع العربي، فالشعارات التي رفعها المتظاهرون خاصة فيالثورات المصرية والتونسية والليبية واليمنية والسورية كانت عبارة عن شعارات وهتافات تعبر عن مطالب داخلية وطنية ولا يوجد لها صبغة أيديولوجية، إذ لم ترفع يافطات تنادي بتحرير فلسطين ولا بشعارات معادية لأمريكا أو (إسرائيل) فالمطالب كانت وطنية بحتة تندرج في إطار الإصلاح السياسيوالديمقراطي وهو ما استغلته (إسرائيل) فعمدت إلى رفع وتيرة الاستيطان وتهويد القدس والأقصى.لقد غابت فلسطين والقدس عن الميادين والشوارع العربية منذ انطلاقة الربيع، وهو غياب غير مبرر، وغير مقبول، ويشير إلى تراجع القضية الفلسطينية عن أجندة هذه الثورات وعن أولوياتها.
وهذا يتطلب من الجميع العمل على عودة القضية إلى المكانة التي تستحق، وما يتطلّب أولاً وأخيراً، وقبل أي شيء آخر، إحداث تغييرات في بينة الطبقة السياسية وبناء استراتيجية وطنية واضحة المعالم ومحددة الأطر تعيد القضية إلى صدارة اهتمام الشعوب العربية والإسلامية قبل أن تجهز عليها سكين الجلاد الصهيوني. فقد آن الأوان أن ينهض العرب بمسؤولياتهم وتتصدى الشعوب للعدوان الصهيونيالعنصري قبل فوات الأوان.
إن الظروف الخطيرة والدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية، تفرض على الطرفين في القيادات الفلسطينية، و الأحزاب والفصائل تحقيق المصالحة الوطنية كسبيل وحيد للجم الاحتلال، وإنقاذ المشروع الفلسطيني من المأزق الذي وصل إليه، والعمل بكل الطرقلإحياءالمصالحة الفلسطينية التي دخلت مرحلة الموت الاكلينيكي.. وأي تأخير أو التفاف على هذا الهدف النبيل يصب في صالح المشاريع الصهيونية الاحتلالية!
في هذا السياق انقل حرفيًا ما قاله الدكتور عزمي بشارة على صفحته في الفيس بوك، كلمات اختصربها الكثير، ليس فقط قضية فلسطين وإنما كل القضايا العربية العادلة، إذ يقول:" يتيمة أنت أيتها القضية. إذا استعبد أحد شعبه ونهب بلده فما ذلك إلا لقضايا، أو حتى من أجل القضية؛ وإذا ارتكب مارق جرائم قتل، واغتصب نساء الضحايا، أقسم أغلظ الإيمان أنه تخلص من أعداء القضايا التي يخدمها. حين تنهب البلاد يهتف السارقون باسمك. وكلما خان خائن شعبه ادعى أنه لتطييب خاطرك. وإذا أعمت أحدهم شهوة السلطة وارتكب المجازر من أجلها، قال إنه تحمل وزر إذلال شعبه المتآمر عليه، أي عليك، من أجلك. حتى من حالف من خانك فعل ذلك من أجلك؛ ومن خانك، فإنه إذا كان الآن في المكان الصحيح يكون قد خانك أيضا من أجلك. يتيمة أنت أيتها القضية على كثرة الحريصين عليك. بعضهم لا يذكر اسمك الحقيقي، وبعضهم نسي من أنت، وماذا تكونين. وأنت نفسك خائنة أيتها القضية إذا ذكّرت الناس بنفسك، بذاتك العينية.
فأنت لا يجوز أن تكوني أنت. وظيفتك أن تشغلي مكان تأنيب الضمير فلا يشعر الناس بغياب الأخير؛ تكمن مهمتك في أن تُستخدمي بدلا عن الحقيقة، وأن تكوني طيّعة في تغطية الجشع والطمع والفساد وشهوة السلطة، وحتى الطائفية. أعرفت كم أنت مهمة؟ لا أعتقد أنك تدركين. أنت أكثر أهمية منك، ولذلك فأنت بذاتك لست مهمة. أعرفت كم أنت لست ذات علاقة، وكم أنت غير مهمة. يتيمة أنت أيتها القضية، بل أيتها القضايا، ليس لأن أهلك قد فارقوا الحياة، بل لكثرة "أهلك" الأحياء.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية