لمى خاطر
لا شكّ أنّ أول سؤال سيتبادر لذهن القارئ فور قراءة العنوان هو عن العلاقة ما بين إضراب الأسرى في سجون الاحتلال والمعتقليْن في سجون السلطة في رام الله إسلام حامد وعاطف الصالحي.
وبداية لا بدّ من تعريف بسيط بالأسيرين؛ فهما منفذا عملية ريمونيم القسامية التي استهدفا خلالها مستوطنين صهاينة وأصابا عدداً منهم، بتاريخ 01/09/2010م، ثم تم اعتقالهما لاحقاً من قبل أجهزة السلطة، وانتهى بهما المطاف إلى أن يحكما بالسجن مدة ثلاث سنوات، ثم يحتجزا في زنزانة هي عبارة عن مرحاض سابق (وفق ما ذكر إسلام حامد قبل أشهر في رسالة سربها من سجنه)، حيث كانت ظروف الاحتجاز السيئة هذه دافعاً لهما لإعلان إضراب مفتوح عن الطعام منتصف شهر حزيران من العام الحالي.
وإضرابهما سابقاً عن الطعام ليس دافع استذكارهما الوحيد الآن، مع العلم أنهما أسيران محرران من سجون الاحتلال، ومع العلم أن أسرى آخرين في سجون السلطة (وهم أيضاً أسرى سابقون لدى الاحتلال) سبق وأعلنوا الإضراب عن الطعام في سجون السلطة، في فترات مختلفة خلال العامين الأخيرين، منهما اثنان لا زالا حتى اللحظة مضربان هما جعفر دبابسة المعتقل في سجن أريحا، ورامي أبو سمرة من طولكرم.
لكننا نستذكر اليوم إسلام وعاطف على وجه الخصوص، لأن العملية العسكرية التي نفذاها كانت ترمي (وفق إفادة إسلام وما جاء في رسالته) إلى أسر مغتصبين صهاينة بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال. فكيف يستقيم مع هكذا مآل لحال الأسيرين المجاهدين أن يخرج علينا أي صوت يمثل السلطة أو حركة فتح أو أجهزتها الأمنية مدافعاً عن قضية الأسرى لدى الاحتلال ومطالباً بتحرك العالم وضمائر الأحرار لنصرتهم والعمل على إطلاق سراحهم؟ وكيف لنا أن نصغي لمن يتساءل بحنق وغضب عن دور المقاومة –وتحديداً حماس- في السعي لتحرير الأسرى فيما هو يتجاهل ما يجري لمجاهديها الذين سعوا لذلك عملياً وكان مصيرهم النسيان في زنازين فتح وأجهزتها الأمنية؟!
منطقيا؛ فإن الأولوية الوطنية هي المبادرة لتحرير الأسرى المحررين الذين أعيد اعتقالهم في سجون السلطة، لسبب بسيط هو أن هؤلاء اعتقلوا وحوكموا، بل وعذّب نفر كبير منهم على خلفية التهم ذاتها التي اعتقلوا عليها لدى الاحتلال! ولسبب ثانٍ وهو أن سلطة فتح في الضفة تملك تحرير الأسرى في سجونها، وإنهاء معاناتهم، ثم الكفّ عن المزيد من الاعتقالات العشوائية في صفوف الشريحة ذاتها (أي الأسرى المحررين من سجون الاحتلال)، وإن تجاهلها كلّ هذا الوقت هذه القضية، يضع علامات استفهام على جدية تحركها لنصرة الأسرى لدى الاحتلال، بل ويؤكّد أنها لا تعدو كونها تحركات هدفها إعلامي ودعائي. وعليها في هذه الحالة ألا تتوقع الشكر على مناداتها بتحرير الأسرى ما دامت أجهزتها الأمنية لن تتورع عن اعتقالهم بعد تحررهم من سجون المحتل!
أدرك أن ثمة مخلصين عديدين ممن يعملون في الدوائر الرسمية والشعبية المتعلقة بالأسرى والمحسوبة على حركة فتح، وهؤلاء غالبيتهم أسرى سابقون في سجون الاحتلال، غير أنني أحسب أن هؤلاء مطالبون قبل غيرهم بالتحلي بالقدر المناسب من الشجاعة والوفاء للتضامن مع رفاق قيدهم السابقين المعتقلين حالياً لدى السلطة، والمطالبة ليس فقط بتحريرهم، بل بإنهاء الجريمة المخزية المسماة (الاعتقال السياسي)، خصوصاً وأننا في ظل إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، ما زلنا نطالع يومياً أخبار مداهمات واعتقالات تنفذها الأجهزة الأمنية بحقّ (الأسرى المحررين) في الضفة الغربية، كما نطالع أيضاً أخبار جعفر دبابسة المعتقل في سجن أريحا، ونعدّ أيامه منذ بدء إضرابه عن الطعام تماماً كما نعدّ أيام الأسرى المعزولين في سجون الاحتلال، وكما نتذكر عزل إسلام حامد وعاطف الصالحي وغيرهما ممن ما زالت أجهزة السلطة تجتهد في (مكافأتهم) على مقاومتهم، وعلى مساهمتهم في عملية تحرير الأسرى، ولكن على طريقة (الفلسطيني الجديد) الذي يستوعب مفارقة أن يعتقل بنفسه أسيراً محرراً ومناضلا، ثم يمشي في مسيرة تضامنية مع الأسرى، ويعلي الصوت مطالباً الضمير العالمي بالتحرك لأجلهم!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية