في ذكرى الفرقان

في ذكرى الفرقان ... أ.د يوسف رزقة

السبت 26 ديسمبر 2009

في ذكرى الفرقان

 

النصر والهزيمة
-1-
إن مفهوم النصر غير مفهوم القتل والتدمير، وإن مفهوم النصر في معركة متكافئة غير مفهومه في معركة غير متكافئة. لقد تمكنت قوات الاحتلال من قتل الكثير وتدمير الكثير، ولا توازن بين خسائر غزة وخسائر (إسرائيل) في هذه الحرب غير المتكافئة، لكن النصر لم يتحقق على الوجه المطلوب، فلم تحقق (إسرائيل) أهدافها السياسية الرئيسة، ولم تتمكن من تحويل الغلبة العسكرية إلى إنجاز سياسي، وظلت المقاومة قائمة، ولديها القدرة الكافية على إطلاق الصواريخ، وظلت عمليات تهريب السلاح مستمرة رغم الإجراءات الأميركية الأوروبية المصرية لمنعها، وما فقدته المقاومة من عساكر ومعدات قليل قياساً بالحجم المذهل للقنابل الملقاة على غزة وما يزيد على ألفي طلعة طيران في اثنين وعشرين يوماً.
 
لقد انتصرت حماس وغزة ولكن ليس بمعنى الهزيمة العسكرية للقوات الغازية، وإنما بمعنى الصمود والصبر في الدفاع عن غزة، و بمعنى إفشال أهداف العدوان، وبقاء الحكومة وحماس في مقعد قيادة الشعب وقيادة المقاومة، وقد سمى القرآن الكريم هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة نصرا ، فقال : " إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم" ( التوبة 40).
 
 وفي الحديث يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط والنفر القليل، ويأتي النبي وليس معه أحد، ولا يعد هذا هزيمة للنبي وإنما هو نصر له ولدين الله رغم قلة الأتباع. إن مفهوم النصر حين ينطلق من قواعد الإيمان غير مفهوم النصر حين ينحصر في مفاهيم مادية ضيقة وإحصاءات رقمية.
 
إن روح الإيمان التي تسكن كل مؤمن تجعله يقول بثقة ويقين: إن حماس والمقاومة الفلسطينية قد حققت للشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية نصرا تعتز به ، رغم ما أصابها من قتل وجراح، وهو نصر ربما يكون مقدمة للنصر الأكبر الذي وعد الله به المؤمنين. أ     ننأـ
 
 "غزة لم تهزم" كما يقول الكاتب السياسي (فهمي هويدي )، "وما حدث في القطاع ليس مأساة ولكنه ملحمة، لكن الهزيمة الحقيقية والمأساة التي يندى لها الجبين هي من نصيب الواقفين على الضفة الأخرى من المنسوبين إلى الأمة العربية، الذين تقاعسوا وولوا الأدبار حين جد الجد، وهم الذين وصفهم القرآن بأنهم " ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون" (التوبة 56).
 
غزة انتصرت رغم الحاسدين والمرجفين. إن مرور عام على غزة عزيزة تحتضن المقاومة وتتحدى الحصار علامة وشاهد كبير على غزة المنتصرة.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية