قانون الأسرى الإسرائيلي.. هل ينسف أي أمل بالتفاوض؟ ... بقلم : هشام منور

الإثنين 12 مايو 2014

قانون الأسرى الإسرائيلي.. هل ينسف أي أمل بالتفاوض؟

هشام منور

كما كان متوقعاً, وبسبب مواقف الحكومة الإسرائيلية المتصلبة، وافقت لجنة وزارية إسرائيلية على دعم مشروع لتغيير قانون بشأن صلاحيات الرئيس الإسرائيلي، وهو ما قد يمنع الرؤساء في المستقبل من العفو عن أسرى فلسطينيين متهمين بقتل إسرائيليين. وبموجب الاقتراح، سيتم تخويل المحاكم منع الرئيس الإسرائيلي من العفو عمن أدين بارتكاب جريمة قتل أو تخفيف مدة عقوبته.

النائب إيليت شاكيد من حزب "البيت اليهودي" اليميني هي من تقدمت مع مجموعة من النواب بمشروع تعديل قانون سلطات الرئيس، ولكنه بحاجة إلى التصديق عليه عبر سلسلة من جلسات التصويت في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) قبل أن يصبح قانوناً ما يعني ممارسة مزيد من الضغط على المشهد السياسي الفلسطيني وتهديده بمنع أي فرصة لاستئناف التفاوض بين السلطة والحكومة الإسرائيلية، إن جاز لنا التعبير.

شاكيد, اعتبرت أن الهدف من القانون هو تعديل ما سمته الواقع السخيف الذي يتمثل في إطلاق (إسرائيل) سراح عدد كبير ممن وصفتهم بـ"الإرهابيين" كجزء من اتفاقيات إطلاق سراح الأسرى أو كبوادر دبلوماسية. في وقت رحب وزير الاقتصاد نفتالي بينيت, وهو زعيم حزب البيت اليهودي، بهذا الاقتراح، قائلاً: إن (إسرائيل) فتحت صفحة جديدة في معركتها مع ما سماه "الإرهاب"، مشيرًا إلى أنه عندما يوافق الكنيست على هذا القانون ستنتهي سنوات من الابتزاز وعمليات إطلاق السراح الجماعي لمن وصفهم بـ"الإرهابيين".

الحكومة الإسرائيلية التي وافقت ربما مكرهة تحت وقع الضغوط الأمريكية، على استئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية في يوليو/ تموز 2013 وإطلاق سراح 104 أسرى فلسطينيين اعتقلوا قبل اتفاقات أوسلو (للسلام) في 1993 على أربع دفعات، ما لبثت أن نكثت وعودها كما تنكث العنكبوت غزلها الواهن، فالجولة الأخيرة من المفاوضات انهارت بعد رفض (إسرائيل) الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى الفلسطينيين والمؤلفة من 26 أسيرًا.

قيادات في مركزية "فتح" أكدت أن إقرار اللجنة الوزارية في الكنيست الإسرائيلي، لمشروع قانون يحول دون إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، ويستثنيهم من صفقات تبادل الأسرى، مؤشر على إغلاق الحكومة الإسرائيلية أي أبواب مستقبلية للمفاوضات مع الفلسطينيين. وقال عضو طاقم المفاوضات المستقيل، محمد اشتية: إن "القرار يوضح إيعاز رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى ممثلي الليكود في هذه اللجنة للتصويت على المقترح، وهو يعرف تمامًا أهمية الأسرى بالنسبة للفلسطينيين"، مضيفاً أن "نتنياهو يغلق الباب أمام أي مؤشرات لاستمرار الجهود التفاوضية مع الجانب الفلسطيني، ما يلغي إمكانية القبول بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967".

لكن الحال أن الضربة الإسرائيلية لعملية التفاوض قد يكون مقصوداً بها معاقبة السلطة الفلسطينية وتوجهها أخيراً إلى استكمال ملفات المصالحة مع حركة حماس، وهو ما شكل مخرجاً في الوقت نفسه للحكومة الإسرائيلية من مأزقها الائتلافي بعد تهديد حزب البيت اليهودي نفسه بالانسحاب من الحكومة وفرط عقدها فيما لو تمت الموافقة على إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين.

يعبر القانون عن عقلية الحكومة الإسرائيلية وتوجهاتها التي ترفض رفضاً تاماً، إبرام أي اتفاقية (سلام)، وكيف أنها تعمل على هدم كل محاولات الوصول إلى سلام. فإذا تهرّبت (إسرائيل) من بند واحد يعتبر صغيرًا مقارنة باتفاقيات (السلام)، والمتعلق بإطلاق سراح الأسرى ما قبل اتفاقية أوسلو 1993، رغم أنها تعهدت بالالتزام به أمام الولايات المتحدة، فماذا ننتظر بعد، هل هناك أي إمكانية لاستكمال المفاوضات مع هذه الحكومة؟

القيود والشروط والتصنيفات الـ23 التي أقرتها حكومة الاحتلال، كمعايير للإفراج عن أسرى فلسطينيين، بعد توقيع اتفاق أوسلو، ومنها "عدم الإفراج عن أسرى فلسطينيين من أسرى الحرية من أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية، الذين صنَّفهم الاحتلال بأصحاب الأيدي الملطخة بالدماء، وآخرين تمَّ تصنيفهم جغرافياً، وفق مناطق فلسطين التاريخية، كل هذه القيود سقطت من خلال صفقة "وفاء الأحرار" التي تمت في أكتوبر/ تشرين الأول 2011، في عملية التبادل التي نفذتها حركة "حماس" مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي أطلق سراح أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل الجندي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليط". وهو ما يعني أن هذا المشروع، في حال إقراره عبر الكنيست، سيكون مصيره كغيره من المشاريع والمعايير والضوابط، التي اعتمدتها حكومة الاحتلال، وتحطمت وتكسرت على صخرة صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني.

ويسعى الاحتلال إلى تحقيق أهداف عدة من وراء إقرار هذا القانون في هذا الوقت بالذات، كالبدء بممارسة ضغط على السلطة الفلسطينية للعودة إلى طاولة المفاوضات من دون شروط، من خلال التلويح بورقة الأسرى وإمكانية عدم إطلاق سراحهم للأبد، في حال طبّق القانون على أرض الواقع، لذلك يريد أن يقول للسلطة: إن عليها أن تعود بأقصى سرعة إلى المفاوضات، قبل أن تصبح الأمور خارج سيطرته بالكامل، وإفشال المصالحة الفلسطينية التي تمت بعد يأس السلطة من الاستمرار في لعبة المفاوضات وتمديدها إلى آجال غير مسماة, والمماطلة الإسرائيلية في الالتزام بأي اتفاقات يتم التوصل إليها وفي مقدمتها إيقاف الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية