قراءة إسرائيلية في الحراك الفلسطيني والإقليمي ...بقلم : عدنان أبو عامر

الأحد 10 نوفمبر 2013

قراءة إسرائيلية في الحراك الفلسطيني والإقليمي

عدنان أبو عامر

تسود الكيان العبري في الآونة الأخيرة تقويمات متلاحقة لمآلات الحراك الحاصل في الإقليم حوله، في ضوء المخاطر المحيطة به من حالة الإحباط التي بدأت تسود الجماهير الفلسطينية بأنه لا يوجد مستقبل، مع إدراك أبعاد استبدال جيل من الشباب الفلسطينيين (70% من الفلسطينيين تحت جيل 35 عامًا)، وهو جيل يرى ظاهرة "الربيع العربي" في الشرق الأوسط، ويلاحظ ضعف السلطة الفلسطينية، ويعاني من الاقتصاد المخنوق تحت الاحتلال.

هذا الجيل يضم نسبة عالية من المثقفين خريجي الجامعات، لكن البطالة في صفوفهم هي الأعلى، فمئات آلاف الشبان المثقفين كبروا تحت الاحتلال ساخطين وغاضبين ومحبطين ودون أمل، ويبحثون عن هدف لتفريغ ذلك، وبات من السهل تخمين ماذا يمكن أن يكون هذا الهدف، كل ذلك يشكل "أبخرة وقود" يتصاعد تركيزها لمستوى تكفي فيه شرارة صغيرة لإحداث انفجار كبير.

وعندما يكون تركيز أبخرة الوقود مرتفعًا؛ فإن الشرارة الصغيرة قد تكون حادث طرق، كما حصل في الانتفاضة الأولى في كانون الأول (ديسمبر) 1987م، عملية ينفذها يهودي ضد فلسطينيين، أو تفريق تظاهرة أطفال وشبان يتورط فيها جندي دون تجربة بإطلاق نار يؤدي إلى استشهاد متظاهرين، أو شائعة تنشر، وإن خروج حشود ضخمة من الفلسطينيين إلى الشوارع (سيناريو) محتمل، وليس مستبعدًا، وطبيعة هذه الأحداث تخرج عن السيطرة.

وهنا يتساءل الإسرائيليون: "هل يمكن الخروج من المسار ذي الاتجاه الواحد الذي يؤدي إلى مواجهات دون نهاية لها؟"، واضعين جملة إجابات تقديرية، من بينها:

1- إستراتيجية "حل الدولتين لشعبين" هي الإستراتيجية التي تقود (إسرائيل)، مع الاعتقاد السائد بأن الجميع قريبون جدًّا من نقطة عدم العودة التي لا يمكن بعدها تحقيق هذا الحل على الأرض؛ لأن أغلب القضايا الجوهرية في الصراع تتركز في الضفة الغربية، والقضايا الأكثر تعقيدًا هي تسوية الأراضي وحق العودة وحل قضية القدس، وخاصة الحرم المقدسي والحدود الشرقية – الأغوار.

2- انقسام السلطة الفلسطينية بين فتح في الضفة الغربية، وحماس في قطاع غزة يعد مشكلة مصيرية في المحادثات، والقدرة على التوصل إلى تسوية نهائية وتامة.

3- الخريطة السياسية الائتلافية الحالية في (إسرائيل) لا تسمح بتطبيق أية تسوية مع الفلسطينيين، وعدم الثقة بين القادة يصعب التوصل إلى تسوية كالتسويات السابقة، والأجواء العامة في الطرفين لا تسمح بالتوصل إلى اتفاق يمكن تطبيقه.

ونظرًا إلى أنّ كل القضايا على الطاولة ثقيلة الوزن ومرتبطة بالحل؛ إن الهدف الأول الذي تسعى إليه دوائر عريضة من الإسرائيليين هو التعايش الذي يشكل البنية التحتية للتوصل لاحقًا إلى "التسوية"، ويجب أن يكون مبنيًّا على أرضية صلبة من المصالح المشتركة لعدد من الدوائر "المعنية"، وهي الدول ذات المصلحة المهمة في حل الصراع مثل: (مصر والأردن والسعودية وإمارات الخليج)، ومنها قطر وتركيا، ودون شك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا ودول أخرى.

الغريب أن هناك مساعي إسرائيلية جادة لإدخال الأردن ومصر بشكل معمق في المفاوضات في مرحلة مبكرة نسبيًّا؛ لأنه سيوفر لـ"أبي مازن" الشرعية العربية المهمة له لاتخاذ قرارات حاسمة، ويتطلب ذلك نسيجًا من المصالح المشتركة خلال المفاوضات، كالأمن والطاقة والمياه والمواصلات والاقتصاد والزراعة، ويترجم إلى سلسلة من الاتفاقيات البعيدة المدى بين اللاعبين، وخلق علاقة تبادلية صحية بينهم.

ينتقل الإسرائيليون في تقديرهم إلى السعودية وتركيا وإمارات الخليج، التي تستطيع أن تدعم اقتصاديًّا وسياسيًّا الحل مع الفلسطينيين الذي يتم التوصل إليه وتثبيته، ثم الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا، وباقي الدول ذات المصلحة الواضحة في حل الصراع، بحيث تخلق محفزات إيجابية، سياسية واقتصادية، لكل الأطراف المعنية بالتوصل إلى تسوية.

ونظرًا إلى أنّ قضية الانقسام بين غزة والضفة لا يمكن حلها في الزمن المنظور، وأغلب القضايا المصيرية في الضفة؛ إن هذا الاتفاق يجب أن يبدأ بالضفة بسلسلة عمليات ملموسة لبناء الثقة في المدة القريبة؛ لخلق أجواء تساعد على التوصل إلى حل، بالنظر إلى أن الجمع بين القيادة الشجاعة، والتفكير الإستراتيجي، وتنسيق التطلعات، وخلق الأمل، والتفكير غير التقليدي، والحوار مع الجمهور في كلا الطرفين؛ من شأنه أن يحدث تحولًا يخرج الاحتلال من المسار الحالي الذي يقود حتمًا إلى الانفجار القادم.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية