قراءة رقمية
د.عصام شاور
الصورة لا تكذب ولكن الحكم عليها يعتمد على الذوق والهوى، وأحيانا على الحسابات والأرقام، وصور جماهير السرايا جميلة ومعبرة، ولكن إذا أردنا ترجمتها إلى أرقام فإن الأمر يتحول إلى مسألة حسابية محضة، بعيدا عن العواطف والحماس، وبعيدا عن الحسابات السياسية و التقديرات العشوائية.
إذا قيل بأن الحشود في السرايا بلغت مليون ومئتي ألف_ وهذا أكبر رقم سمعته_ فإن ذلك يعني أن كل متر مربع استوعب 35 شخصًا، وهذا أشبه باستضافة 3500 شخص في شقة متوسطة المساحة، وإذا قيل أن العدد هو ثلاثمئة ألف فهذا يعني وقوف 8 أشخاص و" نصف" على كل متر مربع أي أنك استضفت 136 شخصًا في غرفة استقبال مساحتها ( 4مx4م)، فما هو إذن العدد التقريبي والمعقول لما شاهدناه في ساحة السرايا يوم الاحتفال بالانطلاقة 48 لحركة التحرير الوطني الفلسطيني " فتح"؟.
تقع ساحة السرايا على ثلاثة شوارع رئيسة، مساحة أرض السرايا تبلغ 25 ألف متر مربع، أما الشوارع المحيطة بالسرايا من جهاتها الثلاثة فتبلغ مساحتها 9600 متر مربع ، أي أن المساحة الكلية للتجمهر أقل من 35 ألف متر مربع.
في المقابل فإن احتساب الحشود يعتمد على المساحة والكثافة، ففي الطواف حول الكعبة مثلا يمكن أن تصل الكثافة إلى 4 أشخاص لكل متر مربع (جانب الكعبة)، وتكون الحركة صعبة للغاية، ولا يمكن أن تكون كثافة الجماهير في احتفالاتنا شبيهة له وإلا لاختنق الصغار، ولما استطاع شخص التلويح براية أو حتى رفعها، والكثافة المرتفعة في احتفالاتنا تعني شخصين لكل متر مربع، وتهبط الكثافة إلى أقل من ذلك حسب المشهد.
صور مهرجان الانطلاقة عكست اختلافا في الكثافة، ففي مناطق كان الازدحام واضحًا، ومناطق أخرى جانبية كانت قليلة الازدحام، وشاهدنا من يجلس على الأرض وخاصة النساء المسنات، وشاهدنا أطفالًا بعرباتهم، وكذلك هناك المنصة والكثير من المقاعد وممرات لمنظمي الحفل، وغير ذلك من الفراغات التي تظهر في الصور بين الحشود.
لو فرضنا أن نصف المساحة كانت عالية الكثافة (شخصان للمتر المربع)، وربعها (شخص للمتر المربع) والربع الأخير شخص للمترين يصبح العدد لدينا هو : 35000 + 8750 + 4375=48125 أي أن عدد المحتشدين يقارب الـ 50 ألف شخص، ولو فرضنا أن المنطقة جميعها مزدحمة (والصور تقول غير ذلك وهي لا تكذب)، لكان العدد 70 ألفًا، ولو فرضنا أن كثافة المحتشدين في المهرجان أشبه بمن يطوفون حول الكعبة لبلغ الرقم 140 ألفا، ولو افترضنا أيضا أن الشارع الذي يمر من أمام ساحة السرايا امتلأ بالجماهير على طول 2 كم (حتى شاطئ البحر) لوصل العدد إلى 190 ألف، وإذا أردنا أن تتسع ساحة السرايا لمليون شخص علينا مدها إلى شاطئ البحر.
ختامًا فإنني أؤكد أنه لا يجوز الحديث عن مهرجانات مليونية في قطاع غزة سواء في السرايا لحركة "فتح" أو في الكتيبة لحركة "حماس"، والحركتان ما زالتا تحتفظان بجماهيرهما ولا داعي للغرور أو لمراجعة الذات اعتمادًا على الأرقام الفلكية، وعليهما التركيز على خدمة الشعب الفلسطيني والانتصار لحقوقه وقضيته، وأنا أطمئن الحركتين بأن قضية الانتماء الفصائلي عند غالبية أبناء شعبنا لا تتأثر بسهولة، وإلا لظهر " الطرف الثالث" الذي حاول البعض اختلاقه منذ بداية الانقسام.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية