قضايا لا تقبل التقسيط
د. يوسف رزقة
في تقدير موقف لافت للنظر تقول صحيفة الغارديان البريطانية :(إن الوضع في مصر يسير من سيء إلى أسوأ ، قائد الجيش لا يستطيع احتواء المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية والطلابية، ورأت الصحيفة أن المجتمع المصري ينقسم انقساما حادا، حيث انقسم الشعب إلى موالين وخونة، وفي هذا الإطار استهجنت الانقسام الذي ورد في خطاب المفتي السابق محمد جمعة الذي ألقاه أمام قادة الجيش في حضور الفريق السيسي، حيث طلب من الجيش أن يضرب بالمليان ، وقال: يجب أن نطهر مدينتنا من الأوباش، متهما المتظاهرين ورافضي الانقلاب بأنهم خوارج ، وبأنهم لا يستحقون مصريتنا) . وهو خطاب تعرض للنقد وتفنيد من العلماء وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي، وعلماء الأزهر، وطالب بعضهم بمحاكمة علي جمعة.
هذه الصورة التي رسمتها الغارديان تقديرا للموقف في مصر تكاد تكون الموقف الذي يجتمع عليه المصري والعربي والأجنبي، بل إن شخصيات عديدة شاركت في الانقلاب أو أيدته ،لديها الموقف نفسه، لا سيما أن مصر تعيش اليوم المائة بعد الانقلاب.
إن مائة يوم من الاحتجاجات كافية للخروج بالنتيجة التي خرجت بها الغارديان البريطانية، وهي مائة يوم غير عادية لأنها مسكونة بالقتل والاعتقالات وتكميم الإعلام والحرمان من الحريات، وتوظيف النيابة بتلفيق التهم لرافضي الانقلاب.
هذه الصورة جعلت بعض المحللين يجزم بفشل الانقلاب لأنه يرى أنه لا يوجد في التاريخ ( انقلاب بالتقسيط ) ، وأن الانقلاب إما أن ينجح خلال ٤٨ ساعة في السيطرة على الدولة والشعب وإما لا. وما يقوله التاريخ له مصداقية لا تخص الحالة المصرية ، بل تخص الحالات المماثلة عامة ، حيث لا يذكر التاريخ نجاحا بالتقسيط لأي من الانقلابات التي عرفها التاريخ ، غير أن حالة التقسيط تكون أكثر دماء وقتلا ، وأكثر اعتقالات للمعارضين ، والأكثر تفكيكا للمجتمع، والنتيجة الحتمية هي إما الفشل الكامل ، أو الوصول إلى حلول وسط على قاعده سياسية بالعودة إلى الآليات الشرعية.
ويبدو أن إدارة أوباما تدرك أن احتواء الموقف بالقوة بات مستحيلا حتى مع القتل والاعتقال، ولهذا اتخذت قرارا بوقف جزء كبير ومهم من المساعدات الأمريكية إلى الجيش المصري. إنها خطوة ذات مغزى ، رغم أن أمريكا لا تسمي ما حدث في مصر بالانقلاب صراحة، لأسباب تتعلق بالقانون الأمريكي وبمصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
إن ثقة الدول الخارجية بالحالة المصرية الراهنة ، هي فرع من ثقة المواطن المصري ( بالدولة و بالجيش، وبالداخلية، وبالقضاء، وبالاقتصاد) ، وهنا يشكو رجل الشارع المصري من الأسعار التي لا تكاد تتوقف عن الزيادة ، الأمر الذي يعني أن الوعود التى أطلقها الفريق السيسي كمبررات للانقلاب لم تعد مقنعة البتة، وصار الشعب يترحم على حكم محمد مرسي، ولم يعد مرسي ذلك الرئيس الفاشل كما صوره الإعلام الفاسد، بل صار الرئيس الأكثر نجاحاً ليس منذ ثورة ٢٥ يناير ، بل الأكثر نجاحاً على مدى عقود، وهو صاحب الرؤية والبرنامج المنقذ لمصر من أزماتها.
إن مصر بحاجة ماسة إلى الإسراع في معالجة أوضاعها الداخلية بيدها ، لا بيد الخارج ، وبرؤية سياسية، لا بعصا أمنية، حيث فشلت الحلول الأمنية في كل الحالات المشابهة، ومصر ليست بدعاً بين الدول لكي ينجح فيها انقلاب لم يستطع الاستقرار على مدى مائة يوم حتى الآن .
باب الحلول السياسية أوسع الأبواب وأكثرها فائدة، وباب الأمن ضيق، ولا فائدة منه، وإذا كانت مصر قد أبرمت حلاً سياسياً مع (إسرائيل) وهي الدولة العدو، فهي أقدر ، بل وأحوج إلى إبرام اتفاق سياسي مع الشعب، ومع رافضي الانقلاب. وحل المشكلة اليوم، أفضل وأيسر من حلها غداً.
د. يوسف رزقة
في تقدير موقف لافت للنظر تقول صحيفة الغارديان البريطانية :(إن الوضع في مصر يسير من سيء إلى أسوأ ، قائد الجيش لا يستطيع احتواء المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية والطلابية، ورأت الصحيفة أن المجتمع المصري ينقسم انقساما حادا، حيث انقسم الشعب إلى موالين وخونة، وفي هذا الإطار استهجنت الانقسام الذي ورد في خطاب المفتي السابق محمد جمعة الذي ألقاه أمام قادة الجيش في حضور الفريق السيسي، حيث طلب من الجيش أن يضرب بالمليان ، وقال: يجب أن نطهر مدينتنا من الأوباش، متهما المتظاهرين ورافضي الانقلاب بأنهم خوارج ، وبأنهم لا يستحقون مصريتنا) . وهو خطاب تعرض للنقد وتفنيد من العلماء وعلى رأسهم الدكتور يوسف القرضاوي، وعلماء الأزهر، وطالب بعضهم بمحاكمة علي جمعة.
هذه الصورة التي رسمتها الغارديان تقديرا للموقف في مصر تكاد تكون الموقف الذي يجتمع عليه المصري والعربي والأجنبي، بل إن شخصيات عديدة شاركت في الانقلاب أو أيدته ،لديها الموقف نفسه، لا سيما أن مصر تعيش اليوم المائة بعد الانقلاب.
إن مائة يوم من الاحتجاجات كافية للخروج بالنتيجة التي خرجت بها الغارديان البريطانية، وهي مائة يوم غير عادية لأنها مسكونة بالقتل والاعتقالات وتكميم الإعلام والحرمان من الحريات، وتوظيف النيابة بتلفيق التهم لرافضي الانقلاب.
هذه الصورة جعلت بعض المحللين يجزم بفشل الانقلاب لأنه يرى أنه لا يوجد في التاريخ ( انقلاب بالتقسيط ) ، وأن الانقلاب إما أن ينجح خلال ٤٨ ساعة في السيطرة على الدولة والشعب وإما لا. وما يقوله التاريخ له مصداقية لا تخص الحالة المصرية ، بل تخص الحالات المماثلة عامة ، حيث لا يذكر التاريخ نجاحا بالتقسيط لأي من الانقلابات التي عرفها التاريخ ، غير أن حالة التقسيط تكون أكثر دماء وقتلا ، وأكثر اعتقالات للمعارضين ، والأكثر تفكيكا للمجتمع، والنتيجة الحتمية هي إما الفشل الكامل ، أو الوصول إلى حلول وسط على قاعده سياسية بالعودة إلى الآليات الشرعية.
ويبدو أن إدارة أوباما تدرك أن احتواء الموقف بالقوة بات مستحيلا حتى مع القتل والاعتقال، ولهذا اتخذت قرارا بوقف جزء كبير ومهم من المساعدات الأمريكية إلى الجيش المصري. إنها خطوة ذات مغزى ، رغم أن أمريكا لا تسمي ما حدث في مصر بالانقلاب صراحة، لأسباب تتعلق بالقانون الأمريكي وبمصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة.
إن ثقة الدول الخارجية بالحالة المصرية الراهنة ، هي فرع من ثقة المواطن المصري ( بالدولة و بالجيش، وبالداخلية، وبالقضاء، وبالاقتصاد) ، وهنا يشكو رجل الشارع المصري من الأسعار التي لا تكاد تتوقف عن الزيادة ، الأمر الذي يعني أن الوعود التى أطلقها الفريق السيسي كمبررات للانقلاب لم تعد مقنعة البتة، وصار الشعب يترحم على حكم محمد مرسي، ولم يعد مرسي ذلك الرئيس الفاشل كما صوره الإعلام الفاسد، بل صار الرئيس الأكثر نجاحاً ليس منذ ثورة ٢٥ يناير ، بل الأكثر نجاحاً على مدى عقود، وهو صاحب الرؤية والبرنامج المنقذ لمصر من أزماتها.
إن مصر بحاجة ماسة إلى الإسراع في معالجة أوضاعها الداخلية بيدها ، لا بيد الخارج ، وبرؤية سياسية، لا بعصا أمنية، حيث فشلت الحلول الأمنية في كل الحالات المشابهة، ومصر ليست بدعاً بين الدول لكي ينجح فيها انقلاب لم يستطع الاستقرار على مدى مائة يوم حتى الآن .
باب الحلول السياسية أوسع الأبواب وأكثرها فائدة، وباب الأمن ضيق، ولا فائدة منه، وإذا كانت مصر قد أبرمت حلاً سياسياً مع (إسرائيل) وهي الدولة العدو، فهي أقدر ، بل وأحوج إلى إبرام اتفاق سياسي مع الشعب، ومع رافضي الانقلاب. وحل المشكلة اليوم، أفضل وأيسر من حلها غداً.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية