كيف يواجه الأسرى المنخفض الجوي؟ ... بقلم :د. أيمن أبو ناهية

الجمعة 28 نوفمبر 2014

كيف يواجه الأسرى المنخفض الجوي؟




د. أيمن أبو ناهية




لا تزال سلطات الاحتلال تواصل سياسية الاعتقالات في ظل سياسة الصمت وازدواجية المعايير التي يتحلى بها المجتمع الدولي، الذي لم يلزمها بوقف الاعتقالات التعسفية والإجراءات غير الإنسانية التي تمارسها منذ زمن طويل على الأسرى الفلسطينيين في سجونها، وأصبحت بعد انهيار نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تنفرد وحدها بين دول العالم بممارسة سياسة الاعتقال خارج القانون، واحتجاز حرية المعتقلين سنوات دون أن توجه لهم تهمًا محددة، ودون تقديمهم للمحاكمة، وتكتفي بتسويغ استخدامها هذا النوع من الاعتقالات بالاستناد إلى ما تسميه "الاعتقال الإداري" أو "الملف السري".

فخلال الستة والستين عامًا للاحتلال دخل مليون فلسطيني سجون الاحتلال، مددًا بسيطة أو مدى الحياة، وهناك من الأسرى من قضى نحبه في الزنازين وغرف التحقيق الفاشية، من أصحاب المؤبد، أو غيرهم ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا، مع ذلك لم ينل الإحباط من نفسية الأسير الفلسطيني ولم ييأس؛ كونه صاحب الحق في أرض الآباء والأجداد.

لم تكف سلطات الاحتلال عن الاعتقالات التي لا تفرق بين صحفي ومحامٍ وناشط حقوقي وطبيب وعضو مجلس تشريعي، ولا تفرق بين الفئات العمرية كالقصر من الأطفال وكبار السن والمرضى والنساء، فسجون الاحتلال مليئة بكل هذه الفئات، وتمارس بحقهم أبشع ألوان العذاب، منتهكة كل القوانين والأعراف الدولية التي تجرم المعاملة المذلة والمهينة للأسرى، فضلًا عن الوضع المزري للأسرى في سجون الاحتلال في فصل الشتاء القارس، وتسرب مياه الشتاء إلى غرف الأسرى؛ نتيجة الإهمال وعدم الإحساس بالمسؤولية لدى مصلحة السجون؛ فلا يوجد عوازل أو حمايات تمنع تسرب المياه والهواء البارد, فالكثير من السجون غير مهيأة لاستقبال ظروف مناخية قاسية، تتسرب إليها الأمطار من الشبابيك غير المغلقة جيدًا، أو من شقوق في أسقف الغرف، وخاصة في السجون التي أنشئت منذ عشرات السنين، ويعتريها البرد القارس بسبب عدم الإغلاق الجيد للغرف وساحة "الفورة"، الأمر الذي يسبب أذى كبيرًا للأسرى، وخاصة مع نقص الأغطية والملابس ووسائل التدفئة.

وهذا حال معظم السجون إذ لا تتوفر فيها وسائل الحماية من الأمطار الغزيرة والسيول والبرد القارس، وخاصة السجون التي ما زالت قائمة على الخيام كسجن النقب، وأقسام في سجون: (عوفر وشطة وجلبوع)، فأدت الرياح الشديدة في منخفض العام الماضي إلى اقتلاع خيامهم، وبقائهم في العراء تحت المطر ساعات طويلة حتى جاء الاحتلال بخيام بديلة، ويخشون أن يتكرر هذا الأمر خلال المنخفض الذي نعيش فيه هذه الأيام.

ولا تتوافر الأغطية والسرر والفرش اللازمة للأسرى لتقيهم من البرد القارس, فأقل القليل أن تلتزم سلطات الاحتلال بتوفير مستلزمات الأسرى في حال عدم توفير تدفئة في فصل الشتاء، وهو ما نصت عليه القوانين والأعراف الدولية، هذا بخصوص الأسرى البالغين.

أما الأسرى القصر من فئة الأطفال الذين يمثلون نصف الأسرى الفلسطينيين، البالغ عددهم الإجمالي نحو سبعة آلاف أسير؛ فهم لا تسري عليهم قوانين الاعتقال، ويجرم القانون الدولي اعتقالهم أو احتجازهم، ولو يومًا واحدًا، وهذه الفئة من الأطفال وكبار السن والمرضى هم الأكثر معاناة في فصل الشتاء، فما مصيرهم في ظل المنخفضات الجوية التي تضرب البلاد في كل أسبوع؟!

إن أسرنا البواسل الذين يواجهون الآن بصبرهم فصول المعاناة من قبل السجن والسجان قادرون على تحمل فصل الشتاء والبرد القارس والمنخفضات الجوية والرياح والزوابع، مع قلة الملابس والأغطية والإمكانات الوقائية، وعدم توفير سلطات الاحتلال لهم وسائل التدفئة؛ زيادة في المعاناة كي تركعهم وتذلهم، وتنال من عزيمتهم الوطنية وصبرهم، لكن أمام كل هذه المحاولات إن الأسرى بمعنوياتهم العالية ونفوسهم القوية يتغلبون على المنخفض الجوي، بالإمكانات البسيطة، ولا حاجة لتقديم التنازلات.

أقول: يجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا ونبذل كل طاقاتنا على جميع الصعد برفع قضية الأسرى إلى الهيئات والمنظمات الدولية، والمنظمات الإنسانية والحقوقية كافة، وحثهم على تشكيل لجان تحقيق لزيارة الأسرى والاطلاع على أوضاعهم القاسية، والتدخل العاجل لحمايتهم من انتهاكات الاحتلال، وتوفير مستلزماتهم اليومية وأدنى سبل الحياة، وفي مقدمتها الأغطية والملابس التي تقيهم برد الشتاء، هذا أقل ما يمكن عمله حاليًّا لأسرانا البواسل الذين دفعوا حياتهم في سبيل تحرير فلسطين.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية