لا أريد أن يشتاق لي الأقصى
د.ديمة طارق طهبوب
هل ارتفع ضغطي أم نزل؟ أتسارع قلبي أم هبطت دقاته؟ أهذه دموع الفرح أم الحزن؟ أهي صبابة العشق أم دفق الأسى؟ أهذا اسمي أم أني أتخيل؟ أهذه حقيقة ام أحلام يقظة؟ كل هذه التساؤلات ماجت بي و أنا أرى لأول مرة قبل عامين صورة ارسلتها احدى اخواتي باسمي مكتوبا على لوحة تقول "ديمة طهبوب الأقصى يشتاق لك" و في خلفية الصورة تبدو قبة الصخرة المشرفة!
و كأنها كانت أعظم هدية أهديت الي فقد كان الحب من طرف واحد قبلها، مني للأقصى، و لكنه لا يدري بي، لا يدري بالولع و الأحلام، مجرد نكرة أنا بالنسبة له، و هو روح مقدسة مباركة بأمر الله و مفتاح الخلود، و اليوم وصل اسمي عنده و في ساحاته ايذانا ببدء التعارف لعله يرضى بي في صفوف خلصائه و خدامه، معرفة كانت مجبولة بأول نشأتي من يوم أن وعيت حبه و أنا أردد لأهله:
خذوا قلبا تحجر كالحديد
خذوه و ارجموا كل اليهود
خذوا روحي تظللكم جميعا
فما عاشت ترفرف من بعيد
خذوا عيني عل فتاً أغرا
غدى أعمى فيبصر من جديد
خذوا مني اليدين لعل كسرا
يعيق يدي فدائي فريد
و لكن مضت بعدها سنين و الحب من طرف واحد فالحب للأقصى لا يمكن أن يكون حالة وجدانية فقط، الوصل مع الأقصى لا يكون الا ببذل من النفس مهرا لدوام المحبة و عمق المودة، بهذا جرى سجل الخالدين في الأقصى فعودوه، و هو لذلك أهل، أن يملك عليهم حياتهم ثم يغدق عليهم من نعم القرب و الارتباط و الخلود ببوابة السماء.
و جاءت اللوحة باسمي تعلن اشتياق الاقصى لي و تبعتها لوحات أخرى و لكنها كانت تفاقم حالة حب متعاظمة لم يعد يشفيها ولا يكفيها سوى حل واحد الالتقاء مع الحبيب و هو حر طليق فإن لم يكن فمتابعة ما بقي من الحياة لتحقيق ذلك.
كانت لي معالم على الطريق أن أرى أمهات المؤمنين و الصحابيات و ربات الفهم و الحجى يتجهن الى المسجد الاقصى ادراكا لعظمته الدينية و أفضاله الدنيوية و طلبا للسان صدق في الآخرين تعرف به صاحبة الفضل فيبقى اسمها يتردد على الدوام في الأقصى و يبقى أثر العمل محفوظا بحفظ الله و ما هذه الا دلالة القبول ممن قدس و بارك المكان سبحانه و تعالى.
أم سلمة وجبت لها الجنة و لكن أشواقها الروحية حملتها للقاء الأقصى لتهل بالعمرة منه فتجب لها الجنة و تغفر ذنوبها مرة أخرى فتدخل في سجل خلود آخر و أوائل سبقن الى الإهلال بالعمرة من المسجد الأقصى، السيدة ميمونة أقلقها حال الأقصى فطلبت فتوى فيه لتطلق بسؤالها واهتمامها باب البعث و البذل و الهدية للمسجد الأقصى بزيت يختلف بحسب العصور و الهدف منه ان يبقى المسجد مضاءً في موقعه ليضيء على الأمة من فيوض البركة.
سارة و زوجة سيدنا داود لم تجلسا في البيت بعد رفع قواعد المسجد بل خرجن مع أزواجهن لإقامة الشعائر و لإطلاق درب النساء و تعزيز وجودهن، الملكة العظيمة بلقيس بوصف القرآن قادتها حكمتها لإشهار اسلامها هناك أيضا، امرأة عمران الكاملة من أسرة مصطفاة نذرت ابنتها للقدس، عصمت الدين خاتون تزوجت صلاح الدين لتجمع تحت لوائه مصر و الشام لعيون تحرير القدس، أما الغنية و سيدة الأعمال من عصر المماليك *** يكن همها لوائح احصاء و تصنيف الاغنياء و ان تحرز فيها موقعا او حتى تورثها لمن بعدها كانت معنية ان تترك بصمتها بكامل قرارها قصرا كبيرا منيفا ليكون حضنا لطائفة من أحب خلق الله اليه و هم الأيتام و كأنها تقول الأقصى سيكون الأم و الأب لكل فاقد و جبرا لكل مكسور.
هؤلاء نساء كن قلقات بمصيرهن، كن حريصات أن يكن أعلاما و قدوات في الخير، هؤلاء النساء لم يشتق لهن الأقصى حتى بعد مماتهن فهن و ان غبن جسدا فما زالت ارواحهن و اياديهن البيضاء راسخة في المكان و المكان يُعرف بهن و هن به.
هؤلاء النساء اخترن المسجد الأقصى عن علم و رغبة و تضحية و قدمن كل ما يلزم و لم يرضين ان يغني عنهن أحد في هذه العلاقة الخصوصية مع الأقصى ليرسلن رسالة لكل امرأة من بعدهن ان المرأة حالة قائمة بذاتها و مطلوبة تقدمتها و أساسي وجودها دون انتظار من يبادر او يقدم عنها
و هذا يقودنا الى السؤال الأهم لأنفسنا من الذين يكتفون بالحالة الشعورية التي لا تقدم او تؤخر لوحدها في جنب المسجد الاقصى و الحفاظ عليه و لا تكال في ميزان دنيا و لا آخرة فالكل يمكن ان يدعي المحبة و الوصل و لكن المسجد الاقصى لا يقر لهم بذلك
المسجد الأقصى يشهد لهؤلاء النساء عند الله و الله خير شهيد و أوقافهن بأسمائهن صكوك تقدمة بين يدي الله الذي تفضل بها أصلا عليهن و هذا سبيل مجد الدنيا و الآخرة رسمنه للنساء فهل من متبعة و مقتدية؟!
لا نريد أن يشتاق الأقصى لنا، نريد ان نكون دائما حاضرين في الأقصى بعملنا و سعينا لعل الله يأذن بعد تقدمة العمل مشفوعا بشوق القلب و الدعاء أن يجمع الله الشتيتين بعدما ظنا ان لا تلاقيا، فيكون لنا بصحبة جند الفتح مثل تحقيق أمنية معاذ ان لا نموت الا و قد رأينا النصر و صلينا ركعتي الفتح المسنونة التي تعطل أداؤها في الأمة منذ زمن.
د.ديمة طارق طهبوب
هل ارتفع ضغطي أم نزل؟ أتسارع قلبي أم هبطت دقاته؟ أهذه دموع الفرح أم الحزن؟ أهي صبابة العشق أم دفق الأسى؟ أهذا اسمي أم أني أتخيل؟ أهذه حقيقة ام أحلام يقظة؟ كل هذه التساؤلات ماجت بي و أنا أرى لأول مرة قبل عامين صورة ارسلتها احدى اخواتي باسمي مكتوبا على لوحة تقول "ديمة طهبوب الأقصى يشتاق لك" و في خلفية الصورة تبدو قبة الصخرة المشرفة!
و كأنها كانت أعظم هدية أهديت الي فقد كان الحب من طرف واحد قبلها، مني للأقصى، و لكنه لا يدري بي، لا يدري بالولع و الأحلام، مجرد نكرة أنا بالنسبة له، و هو روح مقدسة مباركة بأمر الله و مفتاح الخلود، و اليوم وصل اسمي عنده و في ساحاته ايذانا ببدء التعارف لعله يرضى بي في صفوف خلصائه و خدامه، معرفة كانت مجبولة بأول نشأتي من يوم أن وعيت حبه و أنا أردد لأهله:
خذوا قلبا تحجر كالحديد
خذوه و ارجموا كل اليهود
خذوا روحي تظللكم جميعا
فما عاشت ترفرف من بعيد
خذوا عيني عل فتاً أغرا
غدى أعمى فيبصر من جديد
خذوا مني اليدين لعل كسرا
يعيق يدي فدائي فريد
و لكن مضت بعدها سنين و الحب من طرف واحد فالحب للأقصى لا يمكن أن يكون حالة وجدانية فقط، الوصل مع الأقصى لا يكون الا ببذل من النفس مهرا لدوام المحبة و عمق المودة، بهذا جرى سجل الخالدين في الأقصى فعودوه، و هو لذلك أهل، أن يملك عليهم حياتهم ثم يغدق عليهم من نعم القرب و الارتباط و الخلود ببوابة السماء.
و جاءت اللوحة باسمي تعلن اشتياق الاقصى لي و تبعتها لوحات أخرى و لكنها كانت تفاقم حالة حب متعاظمة لم يعد يشفيها ولا يكفيها سوى حل واحد الالتقاء مع الحبيب و هو حر طليق فإن لم يكن فمتابعة ما بقي من الحياة لتحقيق ذلك.
كانت لي معالم على الطريق أن أرى أمهات المؤمنين و الصحابيات و ربات الفهم و الحجى يتجهن الى المسجد الاقصى ادراكا لعظمته الدينية و أفضاله الدنيوية و طلبا للسان صدق في الآخرين تعرف به صاحبة الفضل فيبقى اسمها يتردد على الدوام في الأقصى و يبقى أثر العمل محفوظا بحفظ الله و ما هذه الا دلالة القبول ممن قدس و بارك المكان سبحانه و تعالى.
أم سلمة وجبت لها الجنة و لكن أشواقها الروحية حملتها للقاء الأقصى لتهل بالعمرة منه فتجب لها الجنة و تغفر ذنوبها مرة أخرى فتدخل في سجل خلود آخر و أوائل سبقن الى الإهلال بالعمرة من المسجد الأقصى، السيدة ميمونة أقلقها حال الأقصى فطلبت فتوى فيه لتطلق بسؤالها واهتمامها باب البعث و البذل و الهدية للمسجد الأقصى بزيت يختلف بحسب العصور و الهدف منه ان يبقى المسجد مضاءً في موقعه ليضيء على الأمة من فيوض البركة.
سارة و زوجة سيدنا داود لم تجلسا في البيت بعد رفع قواعد المسجد بل خرجن مع أزواجهن لإقامة الشعائر و لإطلاق درب النساء و تعزيز وجودهن، الملكة العظيمة بلقيس بوصف القرآن قادتها حكمتها لإشهار اسلامها هناك أيضا، امرأة عمران الكاملة من أسرة مصطفاة نذرت ابنتها للقدس، عصمت الدين خاتون تزوجت صلاح الدين لتجمع تحت لوائه مصر و الشام لعيون تحرير القدس، أما الغنية و سيدة الأعمال من عصر المماليك *** يكن همها لوائح احصاء و تصنيف الاغنياء و ان تحرز فيها موقعا او حتى تورثها لمن بعدها كانت معنية ان تترك بصمتها بكامل قرارها قصرا كبيرا منيفا ليكون حضنا لطائفة من أحب خلق الله اليه و هم الأيتام و كأنها تقول الأقصى سيكون الأم و الأب لكل فاقد و جبرا لكل مكسور.
هؤلاء نساء كن قلقات بمصيرهن، كن حريصات أن يكن أعلاما و قدوات في الخير، هؤلاء النساء لم يشتق لهن الأقصى حتى بعد مماتهن فهن و ان غبن جسدا فما زالت ارواحهن و اياديهن البيضاء راسخة في المكان و المكان يُعرف بهن و هن به.
هؤلاء النساء اخترن المسجد الأقصى عن علم و رغبة و تضحية و قدمن كل ما يلزم و لم يرضين ان يغني عنهن أحد في هذه العلاقة الخصوصية مع الأقصى ليرسلن رسالة لكل امرأة من بعدهن ان المرأة حالة قائمة بذاتها و مطلوبة تقدمتها و أساسي وجودها دون انتظار من يبادر او يقدم عنها
و هذا يقودنا الى السؤال الأهم لأنفسنا من الذين يكتفون بالحالة الشعورية التي لا تقدم او تؤخر لوحدها في جنب المسجد الاقصى و الحفاظ عليه و لا تكال في ميزان دنيا و لا آخرة فالكل يمكن ان يدعي المحبة و الوصل و لكن المسجد الاقصى لا يقر لهم بذلك
المسجد الأقصى يشهد لهؤلاء النساء عند الله و الله خير شهيد و أوقافهن بأسمائهن صكوك تقدمة بين يدي الله الذي تفضل بها أصلا عليهن و هذا سبيل مجد الدنيا و الآخرة رسمنه للنساء فهل من متبعة و مقتدية؟!
لا نريد أن يشتاق الأقصى لنا، نريد ان نكون دائما حاضرين في الأقصى بعملنا و سعينا لعل الله يأذن بعد تقدمة العمل مشفوعا بشوق القلب و الدعاء أن يجمع الله الشتيتين بعدما ظنا ان لا تلاقيا، فيكون لنا بصحبة جند الفتح مثل تحقيق أمنية معاذ ان لا نموت الا و قد رأينا النصر و صلينا ركعتي الفتح المسنونة التي تعطل أداؤها في الأمة منذ زمن.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية