لا ترفعوا الراية البيضاء ... بقلم : د. أيمن أبو ناهية

الثلاثاء 12 مارس 2013

لا ترفعوا الراية البيضاء

د. أيمن أبو ناهية

إدارة السجون الإسرائيلية لا تتورع عن ممارسة أعنف أساليب التعذيب والتضييق والحرمان من الحقوق من أجل زيادة معاناة الأسرى الفلسطينيين وتدمير حالتهم النفسية والشخصية بشكل مقصود ومتعمد لتكون رادعاً لغيرها من المشاركة في مقاومة الاحتلال، وقد صعدت إدارة السجون لهجة انتهاكاتها بحق الأسرى في الأيام الأخيرة، وخاصة على صعيد التحقيق والتعذيب حتى درجة الموت، والإهمال الطبي المتعمد، وحرمان الأهل من الزيارات.

ولا تزال تمارس إدارة السجون سياسة اقتحام الغرف في ساعات متأخرة من الليل حيث تعبث في أشيائهم الخاصة، وتقلب محتويات الغرف رأساً على عقب تحت حجج ومبررات واهية لا أساس لها من الصحة كالتفتيش عن أشياء ممنوعة، والسؤال، ماذا يسمح لهم داخل المعتقلات؟ فكل شيء ممنوع ومحرم إدخاله للأسرى. والشيء الصعب والأشد ألما هو اقتحام غرف الأسيرات من قبل وحدات عناصر المخابرات من "الشين بيت" ووحدة "ناحشون" ووحدة "متسادا" المدججين بالسلاح والهراوات، وتدخل مقنعة بشكل وحشي وتمارس الإرهاب في الصراخ والقيود والضرب مصطحبة الكلاب المسعورة المفترسة، والتي لا تحترم خصوصية الأسيرات ولا صون حقوق المرأة، حيث تقوم بعمليات الاقتحام بالقوة وبشكل مفاجئ ومربك ومخيف للأسيرات ومن دون تحذير مسبق، الأمر الذي يجعل الأسيرات لا تتمكن من ستر نفسها على الأقل بوضع غطاء الرأس، وتتركهم مكبلين في العراء طوال ساعات التفتيش التي تمتد من الليل حتى ساعات متأخرة من النهار، كما وتستخدم إدارة السجون أسلوب العزل الانفرادي كعقاب نفسي دائم للأسيرات انتقاماً منهن على صبرهن وصمودهن.

إن الاستسلام لسياسة الاحتلال بالتعامل مع الأسرى الفلسطينيين باعتبارهم سجناء جنائيين، يحتجزون ويحاكمون ويسجنون لارتكابهم مخالفات جنائية وفق القوانين الإسرائيلية، يعطيه الضوء الأخضر لمواصلة جرائمه ضد أسرانا، الذي يرفض التعامل معهم بوصفهم، أو أعداداً منهم، أسرى حرب، وذلك لنزع الصفة النضالية الشرعية عن مشاركتهم في الأعمال القتالية، وحصر صفتهم القانونية بخانة الإرهاب أو المقاتلين غير الشرعيين، بهدف تغير الصورة المشرقة لنضال الأسرى وإضفاء عليهم صفة المجرمين حتى لا يمكن أن تصنف وضعيتهم وفق القانون الدولي، ولكي يسقط عنهم حق أسرى الحرب، وأيضًا كي يبعد عن نفسه كل الشبهات والتزامات القانونية بحقهم، وهذا من شأنه أيضًا إطلاق يده في شرعنة التعذيب والقتل والنفي للأسرى كيفما يشاء، دون محاسبة.

أيها الأسرى أنتم الشرفاء وأن أساليب الاحتلال ساقطة وستشرق بإذن الله عليكم شمس الحرية عاجلاً أم آجلًا، وسيعلم القاصي والداني أنكم مظلومون وأنكم على حق وستنصرون ولو بعد حين بصمودكم وصبركم بأمعائكم الخاوية على طريقة الرسول () الذي كلما اشتد عليه الجوع ربط على معدته حجرا، والكل يعرف ما قيمة الحجر في عرفنا، وكم هو مكروه في عرف الاحتلال، فعليكم أن ترفعوا رؤوسكم وهاماتكم عالية، ولا ترفعوا الراية البيضاء ولا تستسلموا للسجن والسجان حتى تتحقق مطالبكم ومطالب شعبكم الذي ينتظر عودتكم بصيد ثمين، عملًا بمقوله الفروق (رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين) "لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا لا عبيدا".

لقد ذكرت في مقالات سابقة أننا مقصرون بحق أسرانا، مهما قدمنا من مبادرات ومواقف تضامنية لمساندهم ولو أنها مطلوبة وواجب علينا، لكن تبقى هذه الأنشطة والفعاليات التضامنية تراوح مكانها لا جدوى منها لطالما أننا لم نستخدمها كورقة ضغط لمحاسبة الاحتلال قانونيا، فلماذا لا نبحث عن مطالب جدية بوضعية أسرى الحرب لأسرانا، مع أن القانون الدولي الإنساني واضح وصريح وفيه من المداخل الكثير مما يدحض المزاعم والتفسيرات الإسرائيلية بهذا الخصوص، بدءاً بإثبات وضعية النزاع المسلح الدولي والاحتلال العسكري، ثم انطباق ونفاذ نصوص القانون الدولي الإنساني والإلزام القانوني للاحتلال الإسرائيلي بها، وصولاً إلى تأكيد صفة المقاتلين الشرعيين على أسرانا وتوفر شروط أسرى الحرب فيهم، مما يتيح لنا المجال في مقارعة (إسرائيل) جدياً بالدليل والبرهان القاطع في هذه القضية. كما أن موضوع الاعتقال الإداري الذي تنتهجه (إسرائيل) بشكل تعسفي يرقى إلى مصاف العقاب الجماعي، يفتح المجال واسعاً أمام إدانة قانونية مؤكدة لـ(إسرائيل) في انتهاكها وتحريفها جوهر القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان لما يخدم توجهاتها ومصالحها.

ذلك عدا موضوع السجون والمعتقلات وما يمكننا إثباته من خلال دراسة أوضاعها والممارسات الإسرائيلية فيها، ففي ذلك أطروحات ممكنة لإدانة (إسرائيل) ومحاسبة المسئولين فيها عن هذه القضايا أمام المحافل القانونية. لذا المطلوب الآن الاقتناع بجدوى السلاح القانوني في المعركة الإنسانية النضالية للأسرى الفلسطينيين ضد المحتل، فالسبيل متاح أيضاً للارتقاء بهذا السلاح إلى ما قد يؤرق العدو عبر هيئات القضاء والقانون الدوليين.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية