د. يوسف رزقة
القصة الجريمة من بدايتها وحتى نهايتها اختراع من تخطيط الموساد الإسرائيلي، الذي ربما تمكن من اختراق بعض الجماعات في سيناء أو الذي يمتلك خلايا نائمة في سيناء يحركها وقت الحاجة لتحقيق أهداف محددة، في ظروف دقيقة.
القصة بدأت بالقتل الذريع لعدد 16 جنديًا مصريًا، وهو قتل يحمل بصمات إسرائيلية واضحة بغض النظر عن هوية القاتل الحقيقية. قتل هذا العدد الكبير يستهدف إحكام لعبة الوصول إلى النتائج السياسية التي من أجلها كانت هذه العملية. العملية لم تكن تستهدف القتل فحسب، بل القتل كان هو الوسيلة لتحقيق أهداف سياسية كبيرة على الساحة المصرية وعلى الساحة الفلسطينية في آن واحد.
ونهاية القصة التي تحكي قصف الآلية التي استولى عليها القتلة وهي علامة على ضلوع (إسرائيل) في وضع نهاية للقصة لتحقيق الاتهام لعناصر فلسطينية بزعم أن الهدف من القتل هو الاستيلاء على الآلية واقتحام موقع إسرائيلي بها. (إسرائيل) التي قتلت بزعمها من في الآلية المستولى عليها ساعدت في إخفاء الجريمة، وحرق المعلومات التي يمكن أن توصلنا إلى الحقيقة.
لا جريمة بلا مستفيد!! والمستفيد الأول والوحيد من جريمة قتل المصريين هي (إسرائيل). غزة لا تستفيد من مقتل الجنود المصريين. بل إن غزة هي أول المتضررين بعد الضحايا الشهداء ولا نزكيهم على الله من جريمة القتل. مصر متضررة وغزة متضررة والمستفيد الوحيد هو (إسرائيل). في البحث عن خيوط الجريمة عادة يبحث المحققون عن المستفيد، وعن صاحب المصلحة. وصاحب المصلحة الوحيد هنا هو (إسرائيل).
الاستنتاجات السهلة عادة مضللة، وتعبر عن موقف عاطفي، لذا من الخطأ الربط بين عملية القتل والأنفاق، والزعم بأن المهاجمين الملثمين تسللوا من غزة إلى سيناء من خلال الأنفاق. إن هذه الاستنتاجات السهلة والسريعة التي ذهب إليها الإعلام متأثرة بما نشرته مواقع إسرائيلية تستهدف إخفاء الجريمة، وتضليل المحققين، وتحريض الرأي العام المصري على غزة.
العملية التي تمت معقدة، وسريعة، وتحكي قصة مؤامرة اختارت المكان والزمان بعناية فائقة، وحرصت على إخفاء معالم الجريمة الحقيقية، وتجهيز المتهم البريء المزيف وإلصاق التهمة به.
(إسرائيل) التي حضرت مسرح الجريمة قبل أيام من خلال الطلب إلى رعاياها بعدم التواجد في سناء، هي (إسرائيل) التي تزعم أن سيناء تعاني من فراغ أمني، وأنها أصحبت ملاذًا آمنًا للجماعات المسلحة والإرهاب العالمي، وهي (إسرائيل) التي تحرض أمريكا على مصر، وهي (إسرائيل) التي ترفض التغيير الثوري الديمقراطي في مصر، وترفض زيارة رئيس الوزراء إسماعيل هنية إلى القاهرة ولقاء الرئيس محمد مرسي، والمسئولين المصريين، وترفض تحسن العلاقات مع قطاع غزة، وهي (إسرائيل) التي تريد استبقاء حصار غزة وتشديد الحصار عليه، ومحاصرة أي خطوة إيجابية يمكن أن يقوم بها الرئيس محمد مرسي تجاه غزة.
إن تعمق فصول الجريمة، ونتائجها، وزمانها، ومكانها، والسناريو الذي أخرجت فيه، تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن (إسرائيل) والخلايا العاملة بإمرتها هي المستفيد الأول والوحيد والأخير من هذه الجريمة، وتضع غزة في موقع المتهم الذي يصدر العبث والخلل الأمني إلى مصر.
(إسرائيل) تملك التخطيط والتنفيذ، والتضليل الإعلامي، ولكنها لن تنجح هذه المرة في تحقيق مصالحها من خلال الجريمة والدم، لأن في مصر رئيسا جديدا، ووعيا جديدا، ولن تمر المؤامرة على القيادات المصرية.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية