لا رهان إلا على وحدة الصف
مصطفى الصواف
دولة الاغتصاب الصهيوني تلقت العديد من التهاني من قبل عدد من الزعماء العرب في ذكرى اغتصاب فلسطين، وتشريد أهلها، على اعتبار أن دولة الاغتصاب حقيقة واقعة، فلا غرابة إذن مما تحدث به خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، من مطلب من قبل بعض القادة العرب للاعتراف بـ(إسرائيل) إذا أرادت حماس المصالحة الفلسطينية، ورفع الحصار وإعادة إعمار غزة.
هذا الشرط العربي، أو بالأحرى الشرط الصهيوني والأمريكي الذي يحمله بعض الزعماء العرب ويريدون من حماس الموافقة عليه، دليل واضح على أن من يحاصر الشعب الفلسطيني ليس (إسرائيل) وأمريكا والاتحاد الأوروبي فحسب، بل العرب عنصر أساس في الحصار المفروض على قطاع غزة، وأن العرب الذين يشترطون الاعتراف بـ(إسرائيل) هم من يعطلون المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وهم من يمنع صرف المليارات الأربعة التي أقرت لإعادة إعمار قطاع غزة.
هذه التهنئة لدولة الاغتصاب في ذكرى مجازرها بحق الفلسطينيين واغتصاب أرضهم وطردهم واستمرار قتلهم، هي دليل واضح على أن بعض الزعماء العرب غير مؤتمنين على القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني ويجب أن يكون التعامل معهم ليس من الفلسطينيين فحسب بل ومن كل عربي حر غيور ومسلم مؤمن بأن فلسطين أرض وقف إسلامي.
ويجب أن لا يعطوا في الملف الفلسطيني أي صلاحية وأن لا يشاركوا في أي وساطة أو مصالحة بين الفلسطينيين لأنهم لا ينطلقون من مصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه إنما ينطلقون من تحقيق مصالحهم الذاتية على حساب مصالح الشعب الفلسطيني بدليل هذا الشرط الذي لو تحقق فسيكونون أمناء في حمل وتطبيق الأجندة الإسرائيلية الأمريكية المطلوب منهم أن يعملوا عليها حتى ينالوا الرضا الصهيوني الأمريكي لينالوا تثبيتاً على كرسيهم ويحصلوا على الدعم الأمريكي.
كلام مشعل في مؤتمر الأسرى الذي عقد في دمشق في يوم الأسير الفلسطيني، أكده محمد حسين هيكل، عندما قال إن الأجندة المطروحة على الساحة هي الأجندة الإسرائيلية، وأكد أيضا على أن من يحاصر الفلسطينيين ليس (إسرائيل) لوحدها بل العرب (الشيء المؤلم هو أن من حاصر الفلسطينيين وجوعهم هم العرب أنفسهم) هذا ما قاله هيكل.
في ظل هذه الحقائق ماذا ننتظر نحن الفلسطينيين من هكذا زعماء عرب؟ هل نضع قضيتنا بين أيديهم، ولو وضعناها هل هم مؤتمنون عليها وهم يعترفون بدولة الاحتلال ويهنئونها على اغتصاب فلسطين؟ وهل هؤلاء يمكن لهم أن يكونوا وسطاء محايدين لجسر الهوة بين الفلسطينيين حال خلافهم كما هو حادث اليوم من انقسام فلسطيني فلسطيني؟
نقولها ونكرر قولها: إن هذه الوساطات كما نرى غير مؤتمنة، بل هي من يعمق هذه الانقسامات وهي من تعطل المصالحة، لأنهم يريدون مصالحة فلسطينية وموقف فلسطيني وفق الأجندة الإسرائيلية التي يحملونها، وعليه علينا أن نلتفت إلى أنفسنا وأن نعود إلى رشدنا.
فالموقف العربي محبط وغير قادر على نصرة الحق الفلسطيني وقد قدمنا لذلك من خلال التهاني التي قدمت للاحتلال في مناسبة اغتصاب فلسطين، واعتراف بالاحتلال على أرض الشعب الفلسطيني، لن يتغير الحال طالما بقينا على ما نحن عليه من نزاع وخلاف وارتهان على هذا وذاك، فلا العرب يرجى منهم لأنهم باتوا يقومون بدور وظيفي، ولا أمريكا والغرب يمكن لهم أن ينصفوا الشعب الفلسطيني وهو على حالة من الخلاف والانقسام.
لذلك من الضروري أن نسعى جاهدين للعودة إلى ثوابتنا التي يمكن لها أن توحدنا، ووحدتنا هذه يمكن لها أن تكون واحدة من أدوات القوة لنا، والتي على أساسها يمكن أن ننطلق نحو التغيير، أو التعديل في المواقف، لأن هذه الوحدة تجعلنا أكثر صلابة وتماسكا وقدرة على المواجهة، هذه الوحدة قد تضع نهاية لمحاولات العرب تجاوز حقوقنا ودفعنا نحو التنازل عنها.
من يملك القدرة على وضع حد لهذا الانحدار العربي وهذا الانحياز الدولي هو وحدة صفنا الفلسطيني، والتي بها نواجه، اليوم أكدناها وبالأمس أكدها الأسرى في جلبوع ومن قبل في عوفر، وغزة تؤكدها، المطلوب أن تؤكدها الضفة الغربية وترمي عن كاهلها التنسيق الأمني والوهم والتفاوض، وتطلق سراح المعتقلين وتعيد افتتاح المؤسسات، وتعود إلى وحدة الصف على قاعدة حقوق وثوابت شعبنا، فلم يعد هناك ما يمكن الرهان عليه غير وحدة الصف الفلسطيني.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية