لا وطنية بغير تكاليف ... بقلم : د. يوسف رزقة

الجمعة 06 فبراير 2015

لا وطنية بغير تكاليف

د. يوسف رزقة

اللعب على الحبلين لم يعد ممكنا في عالم الاتصالات السريع، ووسائل الإعلام الجديد. إن من أهم ما يميز وسائل الإعلام الجديد وتقنية الاتصالات هو سرعة انتشار الخبر بشكل مذهل جدا، ولعل سرعة الاتصال وسرعة التحقق كانت قاصمة الظهر لمن يحاول اللعب على الحبلين، وإعطاء كل طرف من الطرفين الوجه الذي يرضيه.

قبل يومين, وبالتحديد في ٤/٢ من الشهر الجاري, نشرت صحيفة فلسطين خبرا عن نبيل شعث عضو مركزية حركة فتح يرفض فيه قرار محكمة الأمور المستعجلة باعتبار كتائب القسام تنظيما إرهابيا. وقال: إن القسام فريق نضالي فلسطيني, ودعا إلى تكليف محامٍ للاستئناف وإسقاط الحكم. ( وهذا موقف جيد).

بدورها رحبت حركة حماس بتصريحات نبيل شعث، لأنها التقت مع تصريحات الإجماع الفصائلي الفلسطيني في بيان رفض قرار المحكمة، لأنه حكم سياسي بامتياز، ويفتقر إلى الموضوعية وإلى الأدلة. لقد استغربت بعض الشخصيات شجاعة الدكتور شعث في تصريحه، لأنه تفرد به بين رجال عباس ورجال السلطة بشكل عام، وقالوا: إن الدكتور أكثر وعيا بالمصالح الفلسطينية، وأكثر ثقافة من غيره، من بطانة الرئيس التي تقبلت الحكم بالصمت كتقبل البكر عند الزواج؟!.

لم يصدر عباس تعليقا يرفض فيه الحكم، أو ينتقده، وما كان أحد يتوقع منه موقفا كهذا، لذا اكتسب تصريح شعث أهمية ، ولكن الإعجاب بموقف نبيل شعث لم يلبث في الفضاء السياسي طويلا، وتبخر بسرعة، بعد أن نقلت عنه وكالة وفا الإخبارية أنه ينفي رفضه لقرار المحكمة المصرية آنف الذكر؟! وهو نفي مثير للأسف والسخرية، إذ إن النفي يعني بالمخالفة القبول بالحكم، وبهذا يعود نبيل شعث مع كل الاحترام إلى الحظيرة التي تجمع بطانة الرئيس عباس، ليسجل التاريخ الفلسطيني أنه لا أحد من بطانة عباس مع المقاومة، أو قل ليس أحد منهم مع العدالة، ومع حرية الرأي.

كان يمكن لشعث أن يبقى على موقفه الأول ليسجل في دفتر فتح والسلطة رأيا مخالفا لبطانة عباس، قد تحتاجه فتح يوما ما، غير أن الرجل ربما تعرض لمراجعات من السلطة ، ومراجعات مصرية، وربما خشي على مصالحه عند الطرفين، فأسرع إلى نفي ما قاله وصرح به في لحظة من الحرية الفردية، وتجلياتها التي تغزو النفس بين لحظة وأخرى؟!

نحن فيما نعرض له في المقال أمام موقفين: أحدهما يعبر عن مقاربة وطنية فلسطينية بحتة، والآخر يعبر عن مقاربة مسكونة بالمصلحة التي ترتبط بمصر من ناحية، وبعباس من ناحية أخرى، ونحن لا ندري حقاً أين يقف الدكتور نبيل شعث الآن بعد النفي، وهو ربما يتطوع لاحقا بتوضيح موقفه إن رغب، مع أن حماس والقسام لا ينتظران موقفه.
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية