متى تتحرك الضفة؟!
خالد معالي
سؤال حير الجميع، واختلف المحللون حول أسباب عدم التحرك من قبل أهالي الضفة الغربية، في الوقت الذي كانت فيه القدس مشتعلة وما زالت، وإن كانت المواجهات قد خفت حدتها بعض الشيء؛ ومن قبل ذلك عدم حراك الضفة بالمستوى المطلوب خلال الحرب العدوانية على غزة "العصف المأكول"؛ والتي راح ضحيتها قرابة 2200 شهيد من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ.
لو أمعنا النظر في المرحلة الحالية والوضع المعاش في الضفة الغربية؛ فإنه لا يمكن التجاوز والقفز عن وجود قوة فلسطينية وحركة لها شعبيتها وجماهيرها، تمسك بزمام القوة والسيطرة على مجمل المشهد العام في الضفة؛ وهي حركة فتح؛ ففتح لا تريد حراكا حقيقيا فعالا ضد الاحتلال في هذه المرحلة؛ فتقديرها للمرحلة الحالية أن موازين القوى لا تسمح بمواجهة مسلحة وعنيفة مع الاحتلال، ولا مكان للتضحيات المجانية بدون نتيجة بحسب تقييمها، والممكن فقط؛ هو مقاومة سلمية شعبية في مناطق متعددة ومحددة سلفاً؛ كما يحصل كل أسبوع بعد صلاة الجمعة في كل من نعلين والنبي صالح والمعصرة وغيرها.
ولعل من أسباب عدم حراك الضفة الغربية هو التزام السلطة باتفاقية أوسلو، الموقعة مع الاحتلال في عام 1993، حيث تنص على أن يقوم الجانب الفلسطيني بحفظ الأمن ومنع تنفيذ هجمات؛ وهو الأمر الذي ما زالت السلطة ملتزمة به؛ فيما كانت الانتفاضة الأولى والثانية تجري بمشاركة حركة فتح ودعمها.
ما يجري أحيانا من عمليات فردية أو فعاليات جماهيرية ضد الاحتلال تتم بطريقة عفوية دون توجيه من أحد، وفي غياب قيادة موحدة، ويدلل على ذلك أن أغلب الفعاليات والمسيرات تتم بدعوات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن البيانات الرسمية والموحدة لمجموع القوى الفلسطينية الفاعلة؛ وهو ما يضعف ديمومتها واستمرارها؛ فالعمل غير المنظم وغير المدروس سرعان ما يتوقف.
ما حدث ويحدث في القدس واستمرار الاستيطان أمر خطير يستدعي الحراك؛ ولكن الحراك الجماهيري ضعيف وباهت وبالكاد يُرى؛ بسبب الانقسام الذي بات مسمار جحا, والذي من المفروض أنه انتهى بتشكيل حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله ستة أشهر؛ فالأصل في العلاقة مع المحتل هي المقاومة؛ وليس التعايش؛ فالاتفاقيات بعد 20 عاما وما تمخض عنها من تنسيق وغيره؛ لم يقنع "نتنياهو" حتى الآن بحسن نوايا الفلسطينيين.
ما لم تحصل مصالحة حقيقية، ليتم الانتباه للقضايا الوطنية الفلسطينية الكبرى والتفرغ لها؛ فإنه من الصعب أن تحصل انتفاضة ثالثة؛ لأن خيار حركة فتح والسلطة ما زال عند رفض المقاومة المسلحة للاحتلال.
والملاحظ أنه خلال الانتفاضتين كانت بوصلة الفصائل وخاصة أكبر فصيلين -حماس وفتح- موجهة نحو المقاومة ورفض الاحتلال، فيما تجلت القيادة في الانتفاضة الثانية فيما سمي لجان التنسيق الوطنية والإسلامية في المحافظات، أما اليوم فإن الهوة بين الفصائل لا تسمح بمثل هذا التنسيق، ومن أراد أن يغير الواقع عليه أن يفهم مكوناته ومؤثراته أولاً وأخيراً.
كما لا يمكن القفز عن نتائج الانقسام الفلسطيني عام 2007, وما نتج عنه حتى الآن من قلة وزعزعة الثقة وتحديداً بين حركتي فتح وحماس؛ فأصل العلاقة يجب أن تكون أن الوطن يسعُ الجميع، وبناؤه وتحريره يحتاج جهود وطاقات الجميع دون هدرها.
يمكن وصف الحراك الباهت في الضفة بأنه مجرد ردود فعل هنا وهناك، ونشاطات وفعاليات ومظاهرات واعتصامات محدودة، لا يوجد ما يكفل توسعها أو استمرارها في ظل رفض وغياب حركة فتح عن الساحة، ليصل البعض لنتيجة أنه لا يمكن إشعال الضفة بدون موافقة حركة فتح، التي ترى أن الوقت لم يحن لذلك.
في الخلاصة يمكن أن تحصل انتفاضة ثالثة في إحدى الحالتين التاليتين: الأولى قناعة حركة فتح بصفتها القوة المسيطرة في الضفة بأن لا جدوى مع الاحتلال غير المقاومة المسلحة؛ وهو أمر يبدو ليس قريباً ولم تصل له بعد؛ في ظل المعطيات الحالية؛ والثانية, في حالة وصول الاحتقان والغضب الجماهيري إلى مستوى لا يمكن السيطرة عليه؛ وهو الأقرب للتوقعات، وهو أيضاً ما لم يحصل حتى الآن.
خالد معالي
سؤال حير الجميع، واختلف المحللون حول أسباب عدم التحرك من قبل أهالي الضفة الغربية، في الوقت الذي كانت فيه القدس مشتعلة وما زالت، وإن كانت المواجهات قد خفت حدتها بعض الشيء؛ ومن قبل ذلك عدم حراك الضفة بالمستوى المطلوب خلال الحرب العدوانية على غزة "العصف المأكول"؛ والتي راح ضحيتها قرابة 2200 شهيد من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ.
لو أمعنا النظر في المرحلة الحالية والوضع المعاش في الضفة الغربية؛ فإنه لا يمكن التجاوز والقفز عن وجود قوة فلسطينية وحركة لها شعبيتها وجماهيرها، تمسك بزمام القوة والسيطرة على مجمل المشهد العام في الضفة؛ وهي حركة فتح؛ ففتح لا تريد حراكا حقيقيا فعالا ضد الاحتلال في هذه المرحلة؛ فتقديرها للمرحلة الحالية أن موازين القوى لا تسمح بمواجهة مسلحة وعنيفة مع الاحتلال، ولا مكان للتضحيات المجانية بدون نتيجة بحسب تقييمها، والممكن فقط؛ هو مقاومة سلمية شعبية في مناطق متعددة ومحددة سلفاً؛ كما يحصل كل أسبوع بعد صلاة الجمعة في كل من نعلين والنبي صالح والمعصرة وغيرها.
ولعل من أسباب عدم حراك الضفة الغربية هو التزام السلطة باتفاقية أوسلو، الموقعة مع الاحتلال في عام 1993، حيث تنص على أن يقوم الجانب الفلسطيني بحفظ الأمن ومنع تنفيذ هجمات؛ وهو الأمر الذي ما زالت السلطة ملتزمة به؛ فيما كانت الانتفاضة الأولى والثانية تجري بمشاركة حركة فتح ودعمها.
ما يجري أحيانا من عمليات فردية أو فعاليات جماهيرية ضد الاحتلال تتم بطريقة عفوية دون توجيه من أحد، وفي غياب قيادة موحدة، ويدلل على ذلك أن أغلب الفعاليات والمسيرات تتم بدعوات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، بعيدا عن البيانات الرسمية والموحدة لمجموع القوى الفلسطينية الفاعلة؛ وهو ما يضعف ديمومتها واستمرارها؛ فالعمل غير المنظم وغير المدروس سرعان ما يتوقف.
ما حدث ويحدث في القدس واستمرار الاستيطان أمر خطير يستدعي الحراك؛ ولكن الحراك الجماهيري ضعيف وباهت وبالكاد يُرى؛ بسبب الانقسام الذي بات مسمار جحا, والذي من المفروض أنه انتهى بتشكيل حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله ستة أشهر؛ فالأصل في العلاقة مع المحتل هي المقاومة؛ وليس التعايش؛ فالاتفاقيات بعد 20 عاما وما تمخض عنها من تنسيق وغيره؛ لم يقنع "نتنياهو" حتى الآن بحسن نوايا الفلسطينيين.
ما لم تحصل مصالحة حقيقية، ليتم الانتباه للقضايا الوطنية الفلسطينية الكبرى والتفرغ لها؛ فإنه من الصعب أن تحصل انتفاضة ثالثة؛ لأن خيار حركة فتح والسلطة ما زال عند رفض المقاومة المسلحة للاحتلال.
والملاحظ أنه خلال الانتفاضتين كانت بوصلة الفصائل وخاصة أكبر فصيلين -حماس وفتح- موجهة نحو المقاومة ورفض الاحتلال، فيما تجلت القيادة في الانتفاضة الثانية فيما سمي لجان التنسيق الوطنية والإسلامية في المحافظات، أما اليوم فإن الهوة بين الفصائل لا تسمح بمثل هذا التنسيق، ومن أراد أن يغير الواقع عليه أن يفهم مكوناته ومؤثراته أولاً وأخيراً.
كما لا يمكن القفز عن نتائج الانقسام الفلسطيني عام 2007, وما نتج عنه حتى الآن من قلة وزعزعة الثقة وتحديداً بين حركتي فتح وحماس؛ فأصل العلاقة يجب أن تكون أن الوطن يسعُ الجميع، وبناؤه وتحريره يحتاج جهود وطاقات الجميع دون هدرها.
يمكن وصف الحراك الباهت في الضفة بأنه مجرد ردود فعل هنا وهناك، ونشاطات وفعاليات ومظاهرات واعتصامات محدودة، لا يوجد ما يكفل توسعها أو استمرارها في ظل رفض وغياب حركة فتح عن الساحة، ليصل البعض لنتيجة أنه لا يمكن إشعال الضفة بدون موافقة حركة فتح، التي ترى أن الوقت لم يحن لذلك.
في الخلاصة يمكن أن تحصل انتفاضة ثالثة في إحدى الحالتين التاليتين: الأولى قناعة حركة فتح بصفتها القوة المسيطرة في الضفة بأن لا جدوى مع الاحتلال غير المقاومة المسلحة؛ وهو أمر يبدو ليس قريباً ولم تصل له بعد؛ في ظل المعطيات الحالية؛ والثانية, في حالة وصول الاحتقان والغضب الجماهيري إلى مستوى لا يمكن السيطرة عليه؛ وهو الأقرب للتوقعات، وهو أيضاً ما لم يحصل حتى الآن.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية