محمود عيسى .. ثلاثة عشر عاما في العزل الإنفرادي
بقلم :عبد الناصر فروانة
" العزل الإنفرادي ".. يعني احتجاز الأسير بمفرده في ظروف هي الأشد قسوة ، بعيدا عن إخوانه الأسرى ن دون الإحتكاك بهم أو الإلتقاء معهم ، حيث يتم عزل الأسير في زنزانة معتمة ، يغيب عنها ضوء الشمس الطبيعي والهواء النقي بالكامل ، وضيقة جداً لا تتجاوز المترينx متر ونصف ، وبعيدا عن مظاهر الحياة الإجتماعية والإنسانية ، ويخضع غالباً للرقابة الألكترونية ، فيما الاجراءات الاعتقالية استثنائية وفي غاية القسوة ، لأنه مصنف وفقا لإدارة السجون الإسرائيلية بالإنسان الخطير والغير عادي ، ولا يستحق العيش بين زملائه في الغرف والأقسام الطبيعية المتعارف عليها.
وبعد ثلاثة عشر سنة من الألم والمعاناة هي إجمالي عدد السنوات التي قضاها الأسير المقدسي " محمود عيسى " في زنازين العزل الانفرادي ، أجبرت إدارة السجون على إنهاء عزله ونقله بالأمس من زنازين عزل سجن ريمون المجاور لسجن نفحة في صحراء النقب إلى غرف زملائه الأسرى في سجن هداريم القريب من مدينة نتانيا .
ولا شك بأن إنهاء عزل الأسير " محمود " يُعتبر انتصارا للأسرى الذين يخوضون إضرابا عن الطعام منذ السابع عشر من ابريل / نيسان الماضي مطالبين بمجموعة من المطالب من بينها إنهاء عزل مجموعة من زملائهم الأسرى .
" محمود موسى عيسى " .. عميد الأسرى المعزولين وأقدمهم في زنازين العزل الإنفرادي ، يتنسم الهواء ويحقق أمله بالعودة للغرف الجماعية والعيش مع زملائه ، فيما حلمه الكبير بالحرية والإنعتاق من السجن لا يزال يراوده ، والأمل في تحقيقه زاده اليومي .
ولد الأسير " محمود عيسى " في مثل هذا الشهر من عام 1968 في مدينة القدس ، ويعتبر الخامس بين اخوته هو أعزب ، وتقطن عائلته اليوم بضاحية السلام والتي تقع ضمن حدود القدس ، وتوفى والده " أبو محمد " بعد اعتقاله بعامين تقريبا .
وكان قد أعتقل " محمود " في الثالث من يونيو / حزيران عام 1993 ، لقيادته لخلية تنتمي لكتائب الشهيد عز الدين القسام تضم وبالإضافة لقائدها كلا من ( محمود عطون ، ماجد قطيش ، موسى عكاري ) قامت في كانون أول / ديسمبر 1992 بأسر الجندي الإسرائيلي " نسيم طوليدانو " بهدف مبادلته بأسرى وفي مقدمتهم الشيخ أحمد ياسين في اطار صفقة تبادل، وانتهت العملية بمقتله ، وحكم عليه بالسجن المؤبد ثلاث مرات بالإضافة لست وأربعين سنة ، قضى منها تسع عشرة سنة متواصلة متنقلا بين عدة سجون ، منها ثلاث عشرة سنة في زنازين العزل الإنفرادي .
ويضيف فروانة في مقالته : وفي الثامن عشر من تشرين أول / أكتوبر من العام الماضي أطلق سراح أعضاء مجموعته ( محمود ، ماجد ، موسى ) في إطار الدفعة الأولى من صفقة " شاليط " وتم إبعادهم إلى الخارج ، فيما رفضت " إسرائيل " إدراج اسم الأسير " محمود " ضمن الصفقة ليبقى يعاني آلام القيد وقسوة السجان مع مئات من الأسرى القدامى وممن يقضون أحكاما بالسجن المؤبد لمرة أو لمرات ، بانتظار من سيحررهم من السجن الإسرائيلي ...؟
" محمود عيسى " ... أسير فلسطيني من الصعب جدا أن نختزل حياته وبطولاته ببضع كلمات ... لأنه امتلك قوة من التحمل والصبر فاقت كل التوقعات ، وأذهل سجانيه بصموده وثباته ، وتعملق عليهم بشموخه وكبريائه ... ولربما استقدموا خبراء علم النفس ليفسروا لهم مكامن ومصادر قوته وأسباب عدم انهياره رغم كل ما مُورس بحقه من عزل وصنوف مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي ... لأنه نموذج رائع من نماذج الحركة الأسيرة ، ومفخرة لشعبه وللأمة جمعاء .
الأسرى المعزولون .. كانوا يحلمون دائماً بالحرية ، لكنهم اليوم يتمنون العودة فقط لغرف السجن للعيش بين اخوانهم ورفاقهم الأسرى ... ويصّرون ومعهم آلاف الأسرى على أن يتحقق ذلك من خلال اضرابهم عن الطعام الذي بدأوه في السابع عشر من ابريل / نيسان الماضي ..!
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية