مختطف
أ.د يوسف رزقة
الولايات المتحدة الأميركية تختطف الحاكم العربي. الحاكم العربي يختطف الشعب ويختطف إرادته. العالم العربي وفق هذه المعادلة مختطف في حاضره ومستقبله. الحاكم العربي بحاجة إلى شبكة أمان أميركية حتى يستقر كرسيه ويبقى في مكانه، والحاكم يغطي حاجته إلى أميركا بالكرباج والقمع.
أميركا في نظر المهتمين بإدارة الحكم تملك في الوطن العربي ورقتين مهمتين : الأولى شبكة الأمان ، والثانية شبكة المصالح .
أميركا تبتز الحاكم العربي والشعب العربي بالورقتين. يبدو أنه لا يوجد نظام حاكم يمكنه أن يتمرد ويخرج نفسه من دائرة المصالحة وشبكة الأمان. التجارب التاريخية مؤلمة وتقول من يتمرد يجب أن يغادر كرسي الحكم. أميركا لا تحب المتمردين. عبد الناصر هزم، وصدام أعدم ، وياسر عرفات قتل بعد أن فقد ثلاثتهم شبكة الأمان وشبكة المصالح مع أميركا .
القضايا العربية ابتداء من التنمية وانتهاء بالصراع مع (إسرائيل) يديرها النظام العربي في إطار مظلة الود والمصالح مع أميركا . وأميركا تشعر بارتياح لاستجابة القادة العرب لرؤيتها ولرغباتها .
أميركا ديمقراطية وتقاوم الديكتاتورية، لذا فهي تقتسم الأدوار مع الأنظمة العربية الحاكمة. أميركا تقرر !! والأنظمة تستجيب وتسوق !! عملية (الاستجابة والتسويق) تحظى بتغطية إعلامية عربية وتفهم أميركي . التغطية الإعلامية تجتر عادة مفاهيم السيادة والوطنية والقومية والإسلامية والتوازنات الدولية والإقليمية ، والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة . أميركا لا تنظر بقلق لهذا الاجترار الإعلامي الفارغ من المضمون لأنه جزء من عملية التسويق التي تلي عملية الاستجابة أو تهيئ لها .
المصالحة الفلسطينية الداخلية تعطلت بسبب الفيتو الأميركي الإسرائيلي. عملية التسويق الإعلامية حملت حماس المسئولية. حسناً. لنذهب إلى الحصار على غزة . الحصار فرضته (إسرائيل) وأميركا واستجابت له أنظمة عربية. هل نستطيع أحد المجادلة في دور أميركا و(إسرائيل) في فرض الحصار على غزة ؟! وهل يستطيع أحد أن ينكر استجابة الحاكم العربي للإرادة الأميركية والإسرائيلية ؟! (التسويق) العربي للتبعية يتحدث عن التفاهمات الدولية ، والاتفاقات الدولية واتفاقية المعبر ، والسيادة الوطنية ، وغزة المحتلة ، والانقسام والمصالحة ، ولكن الحقيقة تقول: أميركا و(إسرائيل) تقرر ، والأنظمة تستجيب وتسوق .
اليوم الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشعب، تمرد على سياسة (التسويق) ، ودخل إلى لب عملية (المصالح وشبكة الآمان) . الرجل قال في (مجلة المصري اليوم) : "للأسف الرئيس القادم لمصر يحتاج إلى موافقة أميركا ، وعدم اعتراض (إسرائيل)". الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل اهتز قلمه من وقع القنبلة الانشطارية التي ألقاها (الفقي)، فأرسل إلى رئيس تحرير المصري (مجدي الجلاد) يستفسر عن الموضوع بكل أدوات الاستفسار "من متى ؟ وأين ؟ وكيف ، ولماذا ؟" وكان جواب (الفقى) اتهام هيكل بالكراهية ؛ ثم ألقى بتبرير غير مقنع ، إذ عاد إلى ما قدمنا عن (المصالح وشبكة الأمان) ، ما قاله مصطفى الفقي لم يتجاوز فيه الرجل الواقع ، ولكن خطورته تكمن في كشف الغطاء عن الواقع من موقع المسؤولية والاطلاع ، لذا ستبقى لقنبلته موجات ارتدادية . أميركا الإرهابية تختطف منصب الرئيس من الشعب .
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية