مرسي وسط عش الدّبابير! ... بقلم: صلاح حميدة

الأحد 02 ديسمبر 2012

مرسي وسط عش الدّبابير!

صلاح حميدة

عندما حصل الانقلاب على نتائج الانتخابات التشريعيّة الجزائريّة بداية التسعينيات من القرن الماضي، كنت طالباً في الجامعة وكان أستاذي قد عمل في الجزائر لسنوات طويلة، فسأله الطلبة عن دوافع الجيش للانقلاب؟ فقال باختصار:- ( الإسلاميون حملوا شعار من أين لك هذا؟) وهذه هي كلمة السّر للانقلاب عليهم.

دولة الفساد التي تعشعش في مصر انتفضت ضد الرئيس المنتخب بعد أن فشلت في منعه من الوصول لسدة الحكم، وقامت بعمل منظّم لتدمير المؤسسات المنتخبة، وتسعى للإجهاز على ما تبقّى منها. و أكثر ما يثير التّساؤل، ما هو سر هذا التحرك المحموم بعد إقالة النائب العام الذي كان يشكل الضمانة لحماية كل القتلة والفاسدين.

رجال أعمال فاسدين لهم ملفات ضريبية واستيلاء على أموال وأراضي الدّولة بالغش والاحتيال، اشتروا القطاع العام بثمن بخس، وأكلوا حقوق النّاس واستنزفوا موارد الدولة، وباعوا سيادتها في سوق السياسة الدّولية، وجرّوا مصر لأرذل المواقع بعيداً عن دورها الرّيادي الطبيعي.

رجال سياسة وأمن وعسكر فاسدون ومأجورون يقودهم انتفاعهم من الحالة السّابقة والتي باتت في نهاية مراحلها، وأدركوا أنّ رقابهم على المقصلة، فإعادة التحقيق والمحاكمات في قضايا القتل والفساد ستصلهم جميعاً، وإقالة النائب العام الفاسد ووضع نائب عام نزيه وصارم أرعبهم، وبالتالي فهذه مرحلة حياة أو موت بالنّسبة لهم.

عدد من القضاة المصريين تمّ تعيينهم بإشارة من جهاز أمن الدّولة وبعض حاشية مبارك، وتمّ إفساد هذا القطاع بشكل ممنهج عبر تحكم السياسيين وأجهزة الأمن بهم، ومن كان يرضى بما يُملَى عليه يُرَقَّى ومن يرفض يجد نفسه في الخارج، وزاد الفساد حتى استخدم أحدهم سلطاته في سجن الناس ومصادرة أراضيهم، وهو الآن يتصدّر الحرب على النّظام الجديد، ومن أسوأ ما تمّ بحق هذا القطاع هو إعارة القضاة للعمل كمستشارين لشركات ورجال أعمال بعد دوامهم، وبالتالي أصبحوا تبعاً لهذا القطاع الفاسد في المجتمع، وعندما يعمل القاضي لدى رجل اعمال فاسد فسيحكم لصالح هذا الفاسد وينفذ ما يريد، وهذا المنهج يسير على من عينهم من السياسيين أو الأمنيين، أو من كان يمسك عليهم جنحة أو فساد أخلاقي أو مالي، ولم يتردد أحد القضاة الفاسدين بتهديد مجلس القضاء علانيةً إن وقفوا مع الرّئيس!!.

مملكة البلطجية تنتفض بكل قوتها للإطاحة بالتجربة الديمقراطية والتآمر عليها، وقد أدرك هؤلاء الناس أنّ الطلاق وقع بينهم وبين النّظام بأركانه السياسية والأمنيّة والاقتصادية، وأنّ عصراً جديداً بدأ يتشكّل، وبالتالي تقاطعت مصالح هؤلاء معاً للهجوم على مقرّات الإخوان وحرقها وقتل من فيها، بهدف إثارة البلبلة واستدعاء انقلاب عسكري حسب ما ألمح بعضهم من الّذين يدّعون أنّهم من دعاة الدّولة المدنيّة، فإذا كانت السلطات كلها بيد مستبدّ عسكري فاسد فلا بأس أن تكون مفتوحة بلا تقييد، أمّا أن يكون جزءاً منها بيد من انتخبه الشّعب لينفّذ مشيئته فيصبح فرعونا ودكتاتورا، فرعون على مزاجهم لا مشكلة، أمّا رئيس منتخب يريد إنهاء المرحلة الانتقالية وحماية المؤسسات المنتخبة ليعبر بالبلد من حالة الفوضى إلى الاستقرار فهذا ممنوع ويجب إجهاض مسعاه بأي ثمن.

الساسة المعارضون للإخوان يجتمعون على التّصدي لهم ولإفشال تجربتهم بأي ثمن، وهم أنواع، فبعضهم مستاء من خسارته للانتخابات أمام الاخوان، ويريد الحكم بأي ثمن، ويعارض من أجل المعارضة والإفشال فقط، حيث ذكر أحد أعضاء تأسيسية الدستور:- ( أنّ بعض هؤلاء يقترح الاقتراح ونوافق له عليه، وبعد إقراره يعترض عليه؟!) إذن الهدف هو عرقلة عمل التأسيسيّة وليس تقويم أخطاء في طريقة عملها أو ما تناقشه من قضايا. أمّا الصّنف الآخر فهم المأجورون من أطراف خارجية، وبعضهم من جماعة مبارك، وبعضهم من الّذين يلبسون قناع المعارضة، فتجد أحدهم يقطع الحدود ليلتقي بأكثر المستوطنين اليهود عنصرية ( رامي ليفي) في فلسطين ويجتمع به، ويجتمع مع مجرمة الحرب وعاهرة الموساد تسيفي ليفني قبل إثارة القلاقل في مصر بأيّام قليلة، وآخر يستنجد بالأمريكان والأوروبيين علانيةً وعبر الإعلام، ويزيدنا من شعر الخيانة بيتاً بأن يصرح لصحيفة دير شبيجل بأنّ الانسحاب من التأسيسية نابع من أنّ الاسلاميين ( لا يؤمنون بالهولوكوست) فمن وجهة نظر هذا الصّهيوني أنّ من يصيغ دستورا ومن يحكم مصر يجب أن يكون مؤمناً اعتقاداً بالصّهيونيّة عبر الإيمان بالهولوكوست، فلا يهم أن لا يؤمن من يصيغ الدستور بالله، ولكن المهم أن يكون مؤمناً بالهولوكوست؟!.

بعض المعارضين يوجد عندهم إرث ضد الاسلاميين وحالة من الشّك بهم، وبعضهم يمتهن معارضة الجميع، فيعارض الحاكم حتى يذهب ثم لا يلبث أن ينتفض معارضاً التالي، وهؤلاء للأسف مصابون بمرض المعارضة ولا يعرف الخروج من هذه الحالة المرضية ويبقى يعيشها طوال الوقت.

تقاتل كل تلك الأطراف عمليّة التّغيير الحاصلة الآن في مصر، ولا يريدون أن يقرّ الدستور الّذي شارك أغلبهم في إعداده، ويأملون بأن يُسقطوا الخيار الشعبي الانتخابي عبر الفوضى والفلتان الأمني والقتل والحرق، ولذلك لا خيار أمام من يحكمون مصر إلا بإنفاذ الإرادة الشعبية عبر التصويت باستفتاء شعبي على الدّستور، وسيحكم الشعب المصري بنفسه على هذا الخلاف، فما دام هؤلاء يتدثّرون بما يقولون إنّه الإرادة الشّعبيّة، فالخيار فقط للشّعب عبر صندوق الاقتراع.

جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية