مزاد التصريحات! ... بقلم : لمى خاطر

الإثنين 30 ديسمبر 2013

مزاد التصريحات!

لمى خاطر

لعلّها المرة الأولى التي يحتشد فيها ذلك العدد من النسخ الكربونية لناطقي ما يُسمى بفصائل المنظمة، وعلى رأسهم حركة فتح، لإدانة ارتباط حماس بجماعة الإخوان المسلمين، ومطالبتها بفكّ هذا الارتباط لكي تصبح حركة تحرر وطني، (يستثنى من ذلك الجبهة الشعبية التي أصدرت لاحقاً بياناً استدراكياً عقب تصريح رديء لأحد ناطقيها)!

المسلّي في الموضوع أن قراءة تلك التصريحات التي عرضتها إحدى الوكالات في تقرير واحد سيفيدك في تذكّر أسماء كل الفصائل الفلسطينية، حتى تلك التي لا تسعفك ذاكرتك في استحضار آخر مرة قرأت فيها اسمها، ثم تكتشف أن لدينا كفلسطينيين ثراءً كبيراً في أسماء الفصائل وعددها، وكذا في مدى الثقة التي يتمتّع بها ناطق باسم فصيل مجهري وهو يقرر أنّ على حماس أن تعيد النظر في مرجعيتها الإخوانية إن أرادت أن تصنّف كفصيل وطني!

هكذا إذن؛ يجتمع أرباب مشاريع بيع فلسطين، مع ممثلي اليسار (صاحب الامتداد الخارجي)، مع حفنة من المجاهيل وطنياً، في صعيد واحد، وتذوب خلافاتهم أمام الخطر المحدق بمشروع تحرير فلسطين، والمتمثّل بعلاقة حماس الفكرية بتنظيم الإخوان المسلمين!

ولا يسع المرء الاستغراب وقد ظهرت هذه القضية الآن على الساحة، لتشغل نفراً رديئاً وانتهازياً من السياسيين، ومن خلفه حفنة من المأجورين عديمي الحياء (الوطني والأخلاقي)، الذين انشغلوا بالتنظير للفكرة والتحريض على حماس و(ارتباطاتها) وتصدير هذه القضية للواجهات الإعلامية، بهدف خلق حالة من الرأي العام ترى في الحركة مكوّناً غير وطني، يستتبعها نشوء وتنامي موجة كراهية عميقة داخل المجتمع، على غرار ما حدث في بلدان أخرى أهمّها مصر!

هذا الهدف المأمول من تلك الحملة الرخيصة قد لا يجد له صدى فعلياً على أرض الواقع، لكنّ السكوت عنها وتمريرها بحجة وعي الجمهور وثقته بحركة حماس التي عاين فعلها في إطار مشروع التحرر لا يصحّ كذلك، والأهم من إصدار التصريحات المنكرة والمستهجنة، أن تعي حماس حقيقة خصومها على الساحة، وألا تبالغ في التعويل على إمكانيات تلاقٍ واسعة مع بعضهم، لأن من يسمح لنفسه بنفي وطنيتك وإنكار تضحياتك الهائلة في مجالي المقاومة والتصدي لمشاريع التصفية سيسهل عليه في أي وقت أن يبرر إقصاءك بدموية وشطبك من الوجود إن أُتيح له ذلك. والأمر ذاته ينطبق على من يغلّب عقده الأيديولوجية على اتفاقك السياسي معه، فيبدو أقرب إلى من يختلف معهم سياسياً منك، ويبدو مستعداً لأن يغفر لهم خطاياهم أو يتناساها أو يقلل من فداحتها مقابل تمتين الجبهة المناوئة لك.

ليس مطلوباً من حماس أن تتقوقع على ذاتها ولا أن تهدم جسور الثقة مع الآخرين (إن كان هناك ما تبقى منها أصلا)، لكنّها مطالبة بأن تتصدى بعناد لكل محاولات حشرها في خانة الدفاع عن الذات، وألا تُسرف في إحسان الظنّ بمن يتحيّن الفرص لطعنها في ظهرها، لأن تلك الحملات المشبوهة تصبّ في الهدف ذاته الذي يعمل عليه الاحتلال عبر ملاحقته الحركة وإبقائها معزولة ومدموغة بالإرهاب، ليسوّغ كل إجراءات الحصار والتضييق والضربات المتواصلة لبنائها وعناصرها!

لن أتحدث حول الأولويات التي كان ينبغي أن تبصرها فصائل المنظمة، وتحديداً الفصائل التي تدّعي انحيازها للمقاومة، لأنني أدرك أنها أصغر وأقلّ تأثيراً من أن تملك إحداث بصمة في أي شأن أو قضية، فهي – وكما هو حال غالبية تشكيلات أحزاب اليسار والعلمانية العربية- تقول ما لا تفعل، ولا تفعل ما يستحقّ التقدير أو يسهم في إنجاز تقدّم من أي نوع.

غير أنه لا بدّ من تذكيرها بأن حماس في فلسطين أنموذج إخواني مختلف، لأنه متقدّم عملياً على التجارب الإخوانية الأخرى، بل كان على الدوام رافعة للحركة الإسلامية العالمية، فالحركة التي بدأت مواجهة الاحتلال من العدم ودون إسناد خارجي، ثم راكمت تجربتها الجهادية إلى أن غدت قوّة المقاومة الأولى وحاضنتها الأهم، هذه الحركة لن تسلّم رقبتها للقطاء السياسة ولن تتراجع رهبة أمام طوفان أمنياتهم الخرقاء، حتى لو كانت الدبابة الصهيونية رهان بعضهم الوحيد لكسر شوكة الحركة وإنهاك قوامها وتجريدها من قوّتها!

ومن لا يُضيره أن يقف على أرضية الاحتلال ذاتها سيكون بإمكانه أن ينتعش وينتشي لبعض الوقت، ولكن عليه في المقابل أن يحجز مكاناً أبديّاً على لائحة العار السوداء وألا يتوقع تجاوز خطيئته مع مرور الأيام وتوالي المراحل!
جبل يدعى حماس
سأموت ولكن لن ارحل
يا رب انت العالم
يوم تجثو كل أمّــة
علم .. مقاومة .. حرية

الشبكات الاجتماعية

تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية

القائمة البريدية