مشعل: سنفعل المستحيل من أجل أسرانا
قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل "إنَّ حماس ستفعل وستبذل المستحيل من أجل الأسرى، كما أنَّها ستفعل المستحيل من أجل القدس والأقصى، ومن أجل حق العودة، والأرض الفلسطينية كلّ الأرض، ومن أجل عزَّة الأمَّة"، داعياً إلى تعزيز الثقة بأنَّ الضفة المحتلة قادمة على طريق المقاومة والجهاد.
وجدَّد مشعل تأكيده على أنَّ حركته تمدّ يدها إلى الإخوة في حركة فتح وجميع القوى والفصائل من أجل خدمة القضية الفلسطينية، موضحاً أنَّ المصالحة الفلسطينية جزء منها، والمقاومة جزء منها، والتمسك بالأرض والثوابت والحقوق جزء منها، والتضامن مع الأمَّة جزء منها في مقاومة المحتل الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها مشعل مساء الخميس الماضي، في مهرجان نظّمه الأسرى المبعدون إلى دولة قطر بعنوان: "يوم الأسير لا أقلَّ من التحرير"، وقد حضره أعضاء من قيادة الحركة بالإضافة إلى الأسرى المحرَّرين، والعشرات من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في العاصمة القطرية الدوحة.
ودعا مشعل في كلمته التي نشرها المكتب الإعلامي لحركة حماس اليوم السبت، إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني على نظام سياسي واحد وقيادة واحدة، وتقوية الجبهة الفلسطينية الداخلية في وجه العدو، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنَّ القرار السياسي ليس ملكاً لأحد بعينه، إنَّما مسؤولية الجميع.
وتابع مشعل: "لن تعجزنا "إسرائيل"، وإنَّ النفاق الدولي والتواطؤ والخذلان، وأقرب الناس إلينا لن يعجزونا، وإن شاء الله كما طردنا العدو من قطاع غزَّة مع مستوطنيه، سنطردهم من الضفة ومن القدس، ومن كل شبر من أرضنا من النهر إلى البحر، ومن الشمال إلى الجنوب، نعم هذا هو الطريق".
الحرية تُنتزع
وأوضح مشعل أنَّ الحديث عن الأسرى هو حديث عن فلسطين وعن القدس وعن حق العودة، وعن الجهاد والمقاومة، وهو حديث عن عزّة الأمَّة، موضحاً أنَّ الحرية تُنتزع انتزاعاً بأعمال عظيمة.
وشدّد مشعل على التمسك بالثوابت والحقوق والأرض دون مساومة أو تفريط، والأخذ من الوسائل أفعلها وأصحّها وأنجعها وأقدرها على تحقيق الغايات، وعلى رأسها الجهاد والمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة.
وقال مشعل: "المجاهدون الأبطال هم في سبيل الله، ومن أجل تحرير فلسطين، واستعادة حريتها، ومن أجل القدس والأقصى، ومن أجل الاستقلال الحقيقي، ومن أجل عودة الشعب إلى أرض الوطن".
أضحوكة المفاوضات
ووصف مشعل المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي "بالأضحوكة والخديعة" التي تجري شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة"، مؤكّداً أن الشعب أمام صراع وأمام قضية وأهداف كبرى.
وأضاف: "إذا كانت موازين القوى المختلة لا تسمح بالمقاومة كما يقولون، فمن باب أولى أن لا تسمح بالمفاوضات، وهذا منطق العاجزين، ومن الذين يتهرّبون من مسؤولياتهم".
نص الكلمة كاملاً
وفيما يلي النَّص الكامل للكلمة التي ألقاها الأخ القائد خالد مشعل في يوم الأسير الفلسطيني، كما نشرها المكتب الإعلامي لحركة (حماس):
حديثنا عن يوم الأسير، والأسرى هو حديث عن القدس، ومن أجل القدس تحرَّك الأبطال، وتحرَّك المجاهدون، فكان الأسرى وهم يعلمون مصيرهم، لكنَّ القدس غالية والأقصى غالٍ، فالحديث عن الأسرى هو حديث عن شعب عظيم نصفه تحت الاحتلال ونصفه في الشتات، ويعاني قسوة الحرمان.
فالأسرى ومعهم الشهداء والجرحى والمجاهدون انطلقوا من أجل شعب فلسطين، وأن يعيش حرّاً بدون احتلال ولا وصاية ولا قمع ولا سلطة قسرية ولا شتات عن الوطن.
وحينما نتحدَّث عن يوم الأسير والأسرى، فنختصر ذلك في المقاومة؛ الذين انطلقوا على طريق الجهاد والمقاومة، ومنهم من لقي ربَّه شهيداً في سبيله، ومنهم من ينتظر ويده على الزناد من أبطال القسَّام والأجنحة العسكرية الفلسطينية، ومنهم من غُيِّب في السجون الصهيونية وغير الصهيونية، ومنهم من يعاني ولا يزال يعاني من إعاقته.
فالمجاهدون الأبطال هم في سبيل الله، ومن أجل تحرير فلسطين، واستعادة حرياتها، ومن أجل القدس والأقصى، ومن أجل الاستقلال الحقيقي، ومن أجل عودة الشعب إلى أرض الوطن، وانطلق المجاهدون على طريق البندقية والنضال والجهاد، فتوزَّع هؤلاء الأبطال بين شهيد، وأسير، وجريح، ومنهم ينتظر وما بدَّلوا تبديلاً.
فالحديث عن هؤلاء الأبطال "الأسرى" ليس مجرَّد واجب تجاه شريحة عزيزة غالية علينا، وإن كان بالفعل واجباً، باختصار الحديث عن الأسرى هو حديث عن فلسطين وعن القدس وعن حق العودة، وهو حديث عن الجهاد والمقاومة، وهو حديث عن عزّة الأمَّة.
ويوم 17 نيسان الذي يصادف يوم الأسير، تتعانق هذه الذكرى مع ذكرى استشهاد أسد فلسطين الدكتور المجاهد عبد العزيز الرنتيسي، ومع ذكرى استشهاد خليل الوزير "أبو جهاد"، رحم الله جميع الشهداء.
قامتان كبيرتان في سماء الوطن فلسطين، وفي تاريخ النضال الوطني، لأنَّ أرواح الشهداء والأسرى والمجاهدين وأرواح الجرحى، وكل هؤلاء الأبطال في سرب واحد ومشروع واحد، إنْ شاء الله.
أمَّا الكلمة الثانية، فنقول:" إنَّ الطريق إلى تحرير الأسرى مسؤولية وطنية تضامنية عظيمة، ونستطيع الحديث عن دور حماس، ونقول " كما حُرّر من سبق، سيُحرَّر بالركب وسينعم الله عليهم بالحرية القريبة من بقي خلف السجون، إنْ شاء الله.
فأرقامُ الأسرى تعتصر الفؤاد بعروقنا وبأرواحنا وبدمائنا، فكل واحد خلفه قصة، وكل قصة تجتاح بيتاً وعشيرة وقرية ومخيماً ومدينة، وتجتاح الفلسطينيين والعرب وأحرار من العالم شاركوا في مسيرة المقاومة الفلسطينية منذ عقودها الطويلة، وعلينا أن نعمل المستحيل من أجلهم أخذاً بنهج القرآن وبسنة نبيّنا محمَّد صلَّى الله عليه وسلّم وبما قاله العلماء الأجلاء، وبما فعله المسلمون في تاريخهم؛ فالأسرى في تاريخ الأمَّة قيمة عظيمة نجتمع عليها من أجل فكّ أسرهم.
وحماس ستفعل المستحيل من أجل الأسرى، كما أنها ستفعل المستحيل من أجل القدس والأقصى، ومن أجل حق العودة، والأرض الفلسطينية كل الأرض، ومن أجل عزّة الأمَّة.
وفي ظل المخاض الفلسطيني العسر والتعنّت الصهيوني ليس في مسار المفاوضات، ففلسطين وقضيتنا أكبر من كلّ تفاوض، إنّما التعنّت الصهيوني في الاحتلال والاستيطان والقتل، وفي الأسر والتشريد، وفي الإبعاد، وفي إحراق الأرض، وتخريب المزروعات، وفي التعدّي على الأقصى المبارك وتدنيس المقدسات.
إنَّ الجريمة الصهيونية التي نُعاني منها منذ عقود طويلة قبل 48م وبعدها تتطلّب منّا نحن كشعب فلسطين موقفاً موحَّداً يكون من أهدافه تحرير الأسرى، وهي لوحة من المسؤولية والواجب والمشروع، وكل فلسطيني وفلسطينية، وعربي وعربية وكل مسلم ومسلمة وكل حرٍّ في العالم، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا كفلسطينيين، ونضع في اللَّوحة مجموعة الأهداف الكبرى، ليس كحمساوي، وإنما كفلسطيني، ومعي من أمتي ومن أكسبهم من أحرار العالم، وتكون هذه اللوحة مرسومة بتحرير فلسطين والأرض والتخلّص من الاحتلال وطرد المستوطنين وتحرير وتطهير القدس والأقصى، وإعادة الشعب إلى الوطن، والإفراج عن الأسرى، والوفاء للشهداء والرعاية للجرحى والدعم والإسناد للمجاهدين بالمال والسلاح والتكنولوجيا، وتثبيت شعبنا، وأهل القدس في القدس، ورعاية الناس في مخيماتهم إلى أن يعودوا إلى أرض الوطن؛ هذه هي لوحتنا العظيم، وكيف لنا أن نحقّقها !؟ " بتوحيد صفنا الوطني" وهي رسالة أقولها للجميع، وليس فقط لأنَّ المفاوضات قد تعثرت، وإن بقيت الأضحوكة والخديعة تجري شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة، وإن بقيت طبخة الحصا على النار المضلّلة وعلى الإعلام المضلّل، أننساق خلفها، ولا نتوحّد ؟!
ومن حيث إنَّنا أصحاب وطن علينا أن نتوحّد، فكيف إذا كنّا أمام صراع وأمام قضية وأهداف كبرى، ولذلك هذه فرصة الشعب الفلسطيني عليه الآتي:
أولاً : أن ننهي الانقسام وننجز المصالحة ويتم توحيد الصف الفلسطيني على نظام سياسي واحد وقيادة واحدة، وأن نكون بذلك جبهة داخلية قوية موحّدة في وجه العدو، بشراكة، وتلاحم، وتفاهم، وبتحمّل معاً للمسؤولية.
ثانياً : أن ندير قرارنا الفلسطيني معاً، ولا ينفرد به أحد؛ فالقرار السياسي ليس ملكاً لأحد بعينه بل هو مسؤوليتنا جميعاً.
وثالثاً : أن نتعظ بما جرى ونأخذ أحسن ما في تاريخنا من بطولة وتضحيات وإنجازات وعبر ودلائل وننفي عنّا أسوأ ما في هذا التاريخ، ولا يصلح ما في طريقنا، وأن نعتمد استراتيجية وطنية واحدة تحدّد الأهداف والوسائل والتكتيك وعلى رأس هذه الاستراتيجية أمران: التمسك بالثوابت والحقوق والأرض دون مساومة أو تفريط. والأمر الثاني: أن نأخذ من الوسائل أفعلها وأصحّها وأنجعها وأقدرها على تحقيق الغايات، وعلى رأسها الجهاد والمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة، وكل أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني والجماهيري، وغير ذلك من أشكال النضال.
هذا هو الطريق؛ أن نتفق على الأهداف ونتمسك بالحقوق والثوابت وأن ندير قرارنا، وأن نبني استراتيجية فاعلة، وأن يكون على رأس أدواتها الجهاد والمقاومة، وسنكون أقدر على تحقيق مشروعنا الوطني، وأن نفرج عن أسرانا وأسيراتنا، فإنَّ عهد هؤلاء في أعناقنا، وأن نبذل المستحيل من أجلهم، وإذا كانت كتائب القسَّام قد أفلحت وستفلح، إن شاء الله، فكيف إذا تظافرت جهود شعبنا العظيم، مدعومة بجهود أمتنا العربية والإسلامية.
الكلمة الأخيرة: قبل أيام كان هناك إضراب لثلة مباركة من أسرانا في سجون العدو، وبفضل من الله وصلابة هؤلاء الأبطال أثمرت عن تحقيق هدف جزئي، لكنَّه مهم؛ أن يخرج قائدان عزيزان من إخواننا الأبطال الأسرى من عزلهم الانفرادي، القائد إبراهيم حامد، والقائد ضرار أبو سيسي وصورهم هنا في الاحتفال، لكنَّهم في قلوبنا، وضمن مشروعتنا بالإفراج عنهم، بإذن الله.
ما الدلالة في هذا الحدث البسيط أيّها الإخوة، وهل غاية الأسير أن يخرج من العزل أم هي الخطوة الأولى، أم هي بعض حقه، ومن حقه الطبيعي أن يخرج من السجن، إن شاء الله، لكن أيّها الإخوة والأخوات الدلالة والعبرة هنا، أنَّنا نستطيع ببعض العمل والجهد والإرادة وبكثير من التصميم أن نصنع أشياء كثيرة، قد نعجز عن تحقيق الأهداف الكبرى في زمن قصير؛ ولكننا قادرون على إنجاز أهداف كثيرة تتراكم لتحقّق الهدف الكبير، وحياتنا مثقلة بالضغوط وبالظلم وخذلان من القريب والبعيد والطعن من الظهر، وبنفاق المجتمع الدولي؛ لكن ذلك لا يبرّر العجز، ولا الاستسلام.
وإنَّ الذين يحتجون بموازين القوى أنَّها لا تصلح للمقاومة، وأنَّ ظروفنا اليوم في الضفة الغربية مثلاً لا تصلح لاستئناف المقاومة، لأنَّ ظرفنا قاصم وقاصم، وإذا كانت موازين القوى المختلة لا تسمح بالمقاومة، فمن باب أولى أن لا تسمح بالمفاوضات، وهذا منطق العاجزين، ومن الذين يتهرّبون من مسؤولياتهم.
أيُّ ميزان قوى كان متاحاً للشهيد عزّ الدين القسَّام حين أطلق ثورته الأولى، أيُّ ميزان قوى كان يستند إليه وهو في أحراش يعبد، أيّ ميزان قوى كان يستند عليه عبد القادر الحسيني حينما قاتل في جبل المكبر وهو يرى أرض فلسطيني تقضم وتسرق وتضييع أمام الجيوش الرسمية آنذاك، أيّ ميزان قوى كان يسند إليه حسن البنا حينما أرسل الجاهدون المتطوّعون من أبناء مصر العزيزة ليقاتلوا إلى جانب الشعب الفلسطيني عام 1948، أيّ ميزان قوى الذي كان يستند إليه ياسر عرفات وإخوانه في قيادات فتح حينما أطلقوا رصاصتهم الأولى عام 65 وبعد ذلك الجبهات والفصائل الفلسطينية المختلفة، وحينما أطلق فتحي الشقاقي " رحمه الله" شرارة حركة الجهاد الإسلامي، أيُّ ميزان قوى كان يستند إليه الشيخ أحمد ياسين، هذا الرجل القعيد المشلول جسداً، لكنه المنطلق إرادة وإيماناً حينما أطلق مشروعه الأول، واشترى السلاح عامي 82 و83 ليودع السجن بعد ذلك، ومن ثمَّ ليطلق مع إخوانه في غزَّة والضفة والخارج مشروع حماس المبارك عام 87، وأيُّ ميزان قوى كان يستند إليه مصنّعو القسَّام حينما فكّروا تصنيع الصواريخ في غزّة ليس فقط لتواجه للعدو الصهيوني، بل وتصمد في حربين كبيرتين على أهلنا في غزة.
وأيُّ ميزان قوى كان يسمح لمحمد الضيف " حفظه الله"، وأحمد الجعبري "رحمه الله"، ومعهم إخوانهم حينما قرروا أن يصمدوا في تلك الحربين، وأن يضربوا تل أبيب " تل الربيع المحتلة"، والتي عجز غيرنا أن يضربها من جيوش، أي ميزان قوى كان يستند إليه الشهيد المجاهد حمزة أبو الهيجا حينما جدد روح المقاومة من مخيم جنين العزة والكرامة، وأي ميزان قوى كان يستند إليه أبطال حاجز ترقوميا في الخليل، وإن شاء الله كبشائر نعزز الثقة لدينا أن الضفة قادمة على طريق.
وإنَّنا أيها الإخوة والأخوات محتاجون في ذكرى يوم الأسير أن نستحضر هذه المعاني، وهذا الإنجاز الذي حققه إخوانا الأسرى ومن قبل سامر العيساوي وغيره، وإنَّ الحرية تنتزع انتزاعاً بأعمال عظيمة بدأناها في غزة والضفة والـ 48، وانطلقت الثورة من مخيمات الشتات من قبل وتتراكم الأعمال لتصبح طوفان يحرق الاحتلال، وأول الغيث قطر ثمَّ ينهمر.
والقرآن الكريم أيَّها الإخوة والأخوات حدَّد الرسالة وبسَّط المعاني ولم يتحدَّث عن موازين قوى، وإنَّما تحدَّث عن حق وعن واجب وعن إرادة وإيمان، وأذكر موضوعين في كتاب الله .. {أذن للذين يقاتلون بأنَّهم ظلموا، وإنَّ الله على نصرهم لقدير}، فالجهاد والمقاومة والدفاع عن النفس لا يحتاج إلى فلسفة طويلة، والموضع الثاني في كتاب الله {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا إنَّهم لا يعجزون}، وماذا نفعل:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة}.
إنَّ "إسرائيل" لن تعجزنا، وإنَّ النفاق الدولي والتواطؤ والخذلان، وأقرب الناس إلينا لن يعجزونا، وإنَّ الذين يتجرّأون على المقاومة ويتسافهون عليها ويكيلون لها الاتهامات ويصفونها بالحمق وبغير التعقل، وبدل أن يدعموها ويساندوها يطعنون بظهرها؛ إنَّ هؤلاء لا يفعلون شيئاً، والمقاومة هي الطريق البديهي، ولن تعجزنا "إسرائيل"، بل نحن سنعجزها بإذن الله، وقد أعدت الثورة الفلسطينية وكتائبها المقاتلة ما استطاعت من قوَّة فانتصرت في مواقع كثيرة، فأعدت ملحمة في مخيم جنين، وطردت شارون ومستوطنيه من غزّة، وفرضت وقف إطلاق النار على قادة العدو في حربين متتاليتين على غزّة، وأسرت شاليط، وأجبرت العدو الإفراج عن 1027 من أبطالنا، واستطاعت هذه المقاومة تحقيق الكثير الكثير، وإنَّ شاء الله كما طردنا العدو من غزَّة مع مستوطنيه، سنطردهم من الضفة ومن القدس ومن كل شبر من أرضنا من النهر إلى البحر ومن الشمال إلى الجنوب، وهذا هو الطريق أيّها الإخوة، خطوة على خطوة ، تضحية على تضحية ، إنجاز على إنجاز، وتضامن على تضامن، ونفس الرّجال يُحيي الرجال.
وحماس تمدّ يدها إلى إخوانها في حركة فتح وجميع القوى والفصائل أننا نسير في خطوات جادة من أجل خدمة قضيتنا الفلسطينية، والمصالحة جزء منها، والمقاومة جزء منها، والتمسك بالأرض والثوابت والحقوق جزء منها، التضامن مع الأمَّة جزء منها، وأن نكون مع أمتنا يداً واحدة في مقاومة المحتل الصهيوني، ونتمنّى من هذه الأمَّة العظيمة أن تخرج من محنها وأن تتوقف جراحها، وأن تتوحَّد صفوفها.
جزى الله دولة قطر خير الجزاء، بارك الله فيكم يا أسرانا الأعزّاء الذين حرّركم الله رغم أنف العدو، ونحن وإيّاكم معاً، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل "إنَّ حماس ستفعل وستبذل المستحيل من أجل الأسرى، كما أنَّها ستفعل المستحيل من أجل القدس والأقصى، ومن أجل حق العودة، والأرض الفلسطينية كلّ الأرض، ومن أجل عزَّة الأمَّة"، داعياً إلى تعزيز الثقة بأنَّ الضفة المحتلة قادمة على طريق المقاومة والجهاد.
وجدَّد مشعل تأكيده على أنَّ حركته تمدّ يدها إلى الإخوة في حركة فتح وجميع القوى والفصائل من أجل خدمة القضية الفلسطينية، موضحاً أنَّ المصالحة الفلسطينية جزء منها، والمقاومة جزء منها، والتمسك بالأرض والثوابت والحقوق جزء منها، والتضامن مع الأمَّة جزء منها في مقاومة المحتل الإسرائيلي.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها مشعل مساء الخميس الماضي، في مهرجان نظّمه الأسرى المبعدون إلى دولة قطر بعنوان: "يوم الأسير لا أقلَّ من التحرير"، وقد حضره أعضاء من قيادة الحركة بالإضافة إلى الأسرى المحرَّرين، والعشرات من أبناء الشعب الفلسطيني المقيمين في العاصمة القطرية الدوحة.
ودعا مشعل في كلمته التي نشرها المكتب الإعلامي لحركة حماس اليوم السبت، إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني على نظام سياسي واحد وقيادة واحدة، وتقوية الجبهة الفلسطينية الداخلية في وجه العدو، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنَّ القرار السياسي ليس ملكاً لأحد بعينه، إنَّما مسؤولية الجميع.
وتابع مشعل: "لن تعجزنا "إسرائيل"، وإنَّ النفاق الدولي والتواطؤ والخذلان، وأقرب الناس إلينا لن يعجزونا، وإن شاء الله كما طردنا العدو من قطاع غزَّة مع مستوطنيه، سنطردهم من الضفة ومن القدس، ومن كل شبر من أرضنا من النهر إلى البحر، ومن الشمال إلى الجنوب، نعم هذا هو الطريق".
الحرية تُنتزع
وأوضح مشعل أنَّ الحديث عن الأسرى هو حديث عن فلسطين وعن القدس وعن حق العودة، وعن الجهاد والمقاومة، وهو حديث عن عزّة الأمَّة، موضحاً أنَّ الحرية تُنتزع انتزاعاً بأعمال عظيمة.
وشدّد مشعل على التمسك بالثوابت والحقوق والأرض دون مساومة أو تفريط، والأخذ من الوسائل أفعلها وأصحّها وأنجعها وأقدرها على تحقيق الغايات، وعلى رأسها الجهاد والمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة.
وقال مشعل: "المجاهدون الأبطال هم في سبيل الله، ومن أجل تحرير فلسطين، واستعادة حريتها، ومن أجل القدس والأقصى، ومن أجل الاستقلال الحقيقي، ومن أجل عودة الشعب إلى أرض الوطن".
أضحوكة المفاوضات
ووصف مشعل المفاوضات الجارية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي "بالأضحوكة والخديعة" التي تجري شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة"، مؤكّداً أن الشعب أمام صراع وأمام قضية وأهداف كبرى.
وأضاف: "إذا كانت موازين القوى المختلة لا تسمح بالمقاومة كما يقولون، فمن باب أولى أن لا تسمح بالمفاوضات، وهذا منطق العاجزين، ومن الذين يتهرّبون من مسؤولياتهم".
نص الكلمة كاملاً
وفيما يلي النَّص الكامل للكلمة التي ألقاها الأخ القائد خالد مشعل في يوم الأسير الفلسطيني، كما نشرها المكتب الإعلامي لحركة (حماس):
حديثنا عن يوم الأسير، والأسرى هو حديث عن القدس، ومن أجل القدس تحرَّك الأبطال، وتحرَّك المجاهدون، فكان الأسرى وهم يعلمون مصيرهم، لكنَّ القدس غالية والأقصى غالٍ، فالحديث عن الأسرى هو حديث عن شعب عظيم نصفه تحت الاحتلال ونصفه في الشتات، ويعاني قسوة الحرمان.
فالأسرى ومعهم الشهداء والجرحى والمجاهدون انطلقوا من أجل شعب فلسطين، وأن يعيش حرّاً بدون احتلال ولا وصاية ولا قمع ولا سلطة قسرية ولا شتات عن الوطن.
وحينما نتحدَّث عن يوم الأسير والأسرى، فنختصر ذلك في المقاومة؛ الذين انطلقوا على طريق الجهاد والمقاومة، ومنهم من لقي ربَّه شهيداً في سبيله، ومنهم من ينتظر ويده على الزناد من أبطال القسَّام والأجنحة العسكرية الفلسطينية، ومنهم من غُيِّب في السجون الصهيونية وغير الصهيونية، ومنهم من يعاني ولا يزال يعاني من إعاقته.
فالمجاهدون الأبطال هم في سبيل الله، ومن أجل تحرير فلسطين، واستعادة حرياتها، ومن أجل القدس والأقصى، ومن أجل الاستقلال الحقيقي، ومن أجل عودة الشعب إلى أرض الوطن، وانطلق المجاهدون على طريق البندقية والنضال والجهاد، فتوزَّع هؤلاء الأبطال بين شهيد، وأسير، وجريح، ومنهم ينتظر وما بدَّلوا تبديلاً.
فالحديث عن هؤلاء الأبطال "الأسرى" ليس مجرَّد واجب تجاه شريحة عزيزة غالية علينا، وإن كان بالفعل واجباً، باختصار الحديث عن الأسرى هو حديث عن فلسطين وعن القدس وعن حق العودة، وهو حديث عن الجهاد والمقاومة، وهو حديث عن عزّة الأمَّة.
ويوم 17 نيسان الذي يصادف يوم الأسير، تتعانق هذه الذكرى مع ذكرى استشهاد أسد فلسطين الدكتور المجاهد عبد العزيز الرنتيسي، ومع ذكرى استشهاد خليل الوزير "أبو جهاد"، رحم الله جميع الشهداء.
قامتان كبيرتان في سماء الوطن فلسطين، وفي تاريخ النضال الوطني، لأنَّ أرواح الشهداء والأسرى والمجاهدين وأرواح الجرحى، وكل هؤلاء الأبطال في سرب واحد ومشروع واحد، إنْ شاء الله.
أمَّا الكلمة الثانية، فنقول:" إنَّ الطريق إلى تحرير الأسرى مسؤولية وطنية تضامنية عظيمة، ونستطيع الحديث عن دور حماس، ونقول " كما حُرّر من سبق، سيُحرَّر بالركب وسينعم الله عليهم بالحرية القريبة من بقي خلف السجون، إنْ شاء الله.
فأرقامُ الأسرى تعتصر الفؤاد بعروقنا وبأرواحنا وبدمائنا، فكل واحد خلفه قصة، وكل قصة تجتاح بيتاً وعشيرة وقرية ومخيماً ومدينة، وتجتاح الفلسطينيين والعرب وأحرار من العالم شاركوا في مسيرة المقاومة الفلسطينية منذ عقودها الطويلة، وعلينا أن نعمل المستحيل من أجلهم أخذاً بنهج القرآن وبسنة نبيّنا محمَّد صلَّى الله عليه وسلّم وبما قاله العلماء الأجلاء، وبما فعله المسلمون في تاريخهم؛ فالأسرى في تاريخ الأمَّة قيمة عظيمة نجتمع عليها من أجل فكّ أسرهم.
وحماس ستفعل المستحيل من أجل الأسرى، كما أنها ستفعل المستحيل من أجل القدس والأقصى، ومن أجل حق العودة، والأرض الفلسطينية كل الأرض، ومن أجل عزّة الأمَّة.
وفي ظل المخاض الفلسطيني العسر والتعنّت الصهيوني ليس في مسار المفاوضات، ففلسطين وقضيتنا أكبر من كلّ تفاوض، إنّما التعنّت الصهيوني في الاحتلال والاستيطان والقتل، وفي الأسر والتشريد، وفي الإبعاد، وفي إحراق الأرض، وتخريب المزروعات، وفي التعدّي على الأقصى المبارك وتدنيس المقدسات.
إنَّ الجريمة الصهيونية التي نُعاني منها منذ عقود طويلة قبل 48م وبعدها تتطلّب منّا نحن كشعب فلسطين موقفاً موحَّداً يكون من أهدافه تحرير الأسرى، وهي لوحة من المسؤولية والواجب والمشروع، وكل فلسطيني وفلسطينية، وعربي وعربية وكل مسلم ومسلمة وكل حرٍّ في العالم، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا كفلسطينيين، ونضع في اللَّوحة مجموعة الأهداف الكبرى، ليس كحمساوي، وإنما كفلسطيني، ومعي من أمتي ومن أكسبهم من أحرار العالم، وتكون هذه اللوحة مرسومة بتحرير فلسطين والأرض والتخلّص من الاحتلال وطرد المستوطنين وتحرير وتطهير القدس والأقصى، وإعادة الشعب إلى الوطن، والإفراج عن الأسرى، والوفاء للشهداء والرعاية للجرحى والدعم والإسناد للمجاهدين بالمال والسلاح والتكنولوجيا، وتثبيت شعبنا، وأهل القدس في القدس، ورعاية الناس في مخيماتهم إلى أن يعودوا إلى أرض الوطن؛ هذه هي لوحتنا العظيم، وكيف لنا أن نحقّقها !؟ " بتوحيد صفنا الوطني" وهي رسالة أقولها للجميع، وليس فقط لأنَّ المفاوضات قد تعثرت، وإن بقيت الأضحوكة والخديعة تجري شهراً بعد شهر وسنة بعد سنة، وإن بقيت طبخة الحصا على النار المضلّلة وعلى الإعلام المضلّل، أننساق خلفها، ولا نتوحّد ؟!
ومن حيث إنَّنا أصحاب وطن علينا أن نتوحّد، فكيف إذا كنّا أمام صراع وأمام قضية وأهداف كبرى، ولذلك هذه فرصة الشعب الفلسطيني عليه الآتي:
أولاً : أن ننهي الانقسام وننجز المصالحة ويتم توحيد الصف الفلسطيني على نظام سياسي واحد وقيادة واحدة، وأن نكون بذلك جبهة داخلية قوية موحّدة في وجه العدو، بشراكة، وتلاحم، وتفاهم، وبتحمّل معاً للمسؤولية.
ثانياً : أن ندير قرارنا الفلسطيني معاً، ولا ينفرد به أحد؛ فالقرار السياسي ليس ملكاً لأحد بعينه بل هو مسؤوليتنا جميعاً.
وثالثاً : أن نتعظ بما جرى ونأخذ أحسن ما في تاريخنا من بطولة وتضحيات وإنجازات وعبر ودلائل وننفي عنّا أسوأ ما في هذا التاريخ، ولا يصلح ما في طريقنا، وأن نعتمد استراتيجية وطنية واحدة تحدّد الأهداف والوسائل والتكتيك وعلى رأس هذه الاستراتيجية أمران: التمسك بالثوابت والحقوق والأرض دون مساومة أو تفريط. والأمر الثاني: أن نأخذ من الوسائل أفعلها وأصحّها وأنجعها وأقدرها على تحقيق الغايات، وعلى رأسها الجهاد والمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة، وكل أشكال النضال السياسي والدبلوماسي والقانوني والجماهيري، وغير ذلك من أشكال النضال.
هذا هو الطريق؛ أن نتفق على الأهداف ونتمسك بالحقوق والثوابت وأن ندير قرارنا، وأن نبني استراتيجية فاعلة، وأن يكون على رأس أدواتها الجهاد والمقاومة، وسنكون أقدر على تحقيق مشروعنا الوطني، وأن نفرج عن أسرانا وأسيراتنا، فإنَّ عهد هؤلاء في أعناقنا، وأن نبذل المستحيل من أجلهم، وإذا كانت كتائب القسَّام قد أفلحت وستفلح، إن شاء الله، فكيف إذا تظافرت جهود شعبنا العظيم، مدعومة بجهود أمتنا العربية والإسلامية.
الكلمة الأخيرة: قبل أيام كان هناك إضراب لثلة مباركة من أسرانا في سجون العدو، وبفضل من الله وصلابة هؤلاء الأبطال أثمرت عن تحقيق هدف جزئي، لكنَّه مهم؛ أن يخرج قائدان عزيزان من إخواننا الأبطال الأسرى من عزلهم الانفرادي، القائد إبراهيم حامد، والقائد ضرار أبو سيسي وصورهم هنا في الاحتفال، لكنَّهم في قلوبنا، وضمن مشروعتنا بالإفراج عنهم، بإذن الله.
ما الدلالة في هذا الحدث البسيط أيّها الإخوة، وهل غاية الأسير أن يخرج من العزل أم هي الخطوة الأولى، أم هي بعض حقه، ومن حقه الطبيعي أن يخرج من السجن، إن شاء الله، لكن أيّها الإخوة والأخوات الدلالة والعبرة هنا، أنَّنا نستطيع ببعض العمل والجهد والإرادة وبكثير من التصميم أن نصنع أشياء كثيرة، قد نعجز عن تحقيق الأهداف الكبرى في زمن قصير؛ ولكننا قادرون على إنجاز أهداف كثيرة تتراكم لتحقّق الهدف الكبير، وحياتنا مثقلة بالضغوط وبالظلم وخذلان من القريب والبعيد والطعن من الظهر، وبنفاق المجتمع الدولي؛ لكن ذلك لا يبرّر العجز، ولا الاستسلام.
وإنَّ الذين يحتجون بموازين القوى أنَّها لا تصلح للمقاومة، وأنَّ ظروفنا اليوم في الضفة الغربية مثلاً لا تصلح لاستئناف المقاومة، لأنَّ ظرفنا قاصم وقاصم، وإذا كانت موازين القوى المختلة لا تسمح بالمقاومة، فمن باب أولى أن لا تسمح بالمفاوضات، وهذا منطق العاجزين، ومن الذين يتهرّبون من مسؤولياتهم.
أيُّ ميزان قوى كان متاحاً للشهيد عزّ الدين القسَّام حين أطلق ثورته الأولى، أيُّ ميزان قوى كان يستند إليه وهو في أحراش يعبد، أيّ ميزان قوى كان يستند عليه عبد القادر الحسيني حينما قاتل في جبل المكبر وهو يرى أرض فلسطيني تقضم وتسرق وتضييع أمام الجيوش الرسمية آنذاك، أيّ ميزان قوى كان يسند إليه حسن البنا حينما أرسل الجاهدون المتطوّعون من أبناء مصر العزيزة ليقاتلوا إلى جانب الشعب الفلسطيني عام 1948، أيّ ميزان قوى الذي كان يستند إليه ياسر عرفات وإخوانه في قيادات فتح حينما أطلقوا رصاصتهم الأولى عام 65 وبعد ذلك الجبهات والفصائل الفلسطينية المختلفة، وحينما أطلق فتحي الشقاقي " رحمه الله" شرارة حركة الجهاد الإسلامي، أيُّ ميزان قوى كان يستند إليه الشيخ أحمد ياسين، هذا الرجل القعيد المشلول جسداً، لكنه المنطلق إرادة وإيماناً حينما أطلق مشروعه الأول، واشترى السلاح عامي 82 و83 ليودع السجن بعد ذلك، ومن ثمَّ ليطلق مع إخوانه في غزَّة والضفة والخارج مشروع حماس المبارك عام 87، وأيُّ ميزان قوى كان يستند إليه مصنّعو القسَّام حينما فكّروا تصنيع الصواريخ في غزّة ليس فقط لتواجه للعدو الصهيوني، بل وتصمد في حربين كبيرتين على أهلنا في غزة.
وأيُّ ميزان قوى كان يسمح لمحمد الضيف " حفظه الله"، وأحمد الجعبري "رحمه الله"، ومعهم إخوانهم حينما قرروا أن يصمدوا في تلك الحربين، وأن يضربوا تل أبيب " تل الربيع المحتلة"، والتي عجز غيرنا أن يضربها من جيوش، أي ميزان قوى كان يستند إليه الشهيد المجاهد حمزة أبو الهيجا حينما جدد روح المقاومة من مخيم جنين العزة والكرامة، وأي ميزان قوى كان يستند إليه أبطال حاجز ترقوميا في الخليل، وإن شاء الله كبشائر نعزز الثقة لدينا أن الضفة قادمة على طريق.
وإنَّنا أيها الإخوة والأخوات محتاجون في ذكرى يوم الأسير أن نستحضر هذه المعاني، وهذا الإنجاز الذي حققه إخوانا الأسرى ومن قبل سامر العيساوي وغيره، وإنَّ الحرية تنتزع انتزاعاً بأعمال عظيمة بدأناها في غزة والضفة والـ 48، وانطلقت الثورة من مخيمات الشتات من قبل وتتراكم الأعمال لتصبح طوفان يحرق الاحتلال، وأول الغيث قطر ثمَّ ينهمر.
والقرآن الكريم أيَّها الإخوة والأخوات حدَّد الرسالة وبسَّط المعاني ولم يتحدَّث عن موازين قوى، وإنَّما تحدَّث عن حق وعن واجب وعن إرادة وإيمان، وأذكر موضوعين في كتاب الله .. {أذن للذين يقاتلون بأنَّهم ظلموا، وإنَّ الله على نصرهم لقدير}، فالجهاد والمقاومة والدفاع عن النفس لا يحتاج إلى فلسفة طويلة، والموضع الثاني في كتاب الله {ولا يحسبنّ الذين كفروا سبقوا إنَّهم لا يعجزون}، وماذا نفعل:{وأعدوا لهم ما استطعتم من قوّة}.
إنَّ "إسرائيل" لن تعجزنا، وإنَّ النفاق الدولي والتواطؤ والخذلان، وأقرب الناس إلينا لن يعجزونا، وإنَّ الذين يتجرّأون على المقاومة ويتسافهون عليها ويكيلون لها الاتهامات ويصفونها بالحمق وبغير التعقل، وبدل أن يدعموها ويساندوها يطعنون بظهرها؛ إنَّ هؤلاء لا يفعلون شيئاً، والمقاومة هي الطريق البديهي، ولن تعجزنا "إسرائيل"، بل نحن سنعجزها بإذن الله، وقد أعدت الثورة الفلسطينية وكتائبها المقاتلة ما استطاعت من قوَّة فانتصرت في مواقع كثيرة، فأعدت ملحمة في مخيم جنين، وطردت شارون ومستوطنيه من غزّة، وفرضت وقف إطلاق النار على قادة العدو في حربين متتاليتين على غزّة، وأسرت شاليط، وأجبرت العدو الإفراج عن 1027 من أبطالنا، واستطاعت هذه المقاومة تحقيق الكثير الكثير، وإنَّ شاء الله كما طردنا العدو من غزَّة مع مستوطنيه، سنطردهم من الضفة ومن القدس ومن كل شبر من أرضنا من النهر إلى البحر ومن الشمال إلى الجنوب، وهذا هو الطريق أيّها الإخوة، خطوة على خطوة ، تضحية على تضحية ، إنجاز على إنجاز، وتضامن على تضامن، ونفس الرّجال يُحيي الرجال.
وحماس تمدّ يدها إلى إخوانها في حركة فتح وجميع القوى والفصائل أننا نسير في خطوات جادة من أجل خدمة قضيتنا الفلسطينية، والمصالحة جزء منها، والمقاومة جزء منها، والتمسك بالأرض والثوابت والحقوق جزء منها، التضامن مع الأمَّة جزء منها، وأن نكون مع أمتنا يداً واحدة في مقاومة المحتل الصهيوني، ونتمنّى من هذه الأمَّة العظيمة أن تخرج من محنها وأن تتوقف جراحها، وأن تتوحَّد صفوفها.
جزى الله دولة قطر خير الجزاء، بارك الله فيكم يا أسرانا الأعزّاء الذين حرّركم الله رغم أنف العدو، ونحن وإيّاكم معاً، والسَّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الشبكات الاجتماعية
تـابعونا الآن على الشبكات الاجتماعية